منذ بداية الحرب، يتكرر انقطاع خدمات الاتصالات والإنترنت عن غزة، مما يزيد عزلة القطاع الفلسطيني المحاصر عن بقية العالم، وفي محاولة لمواجهة ذلك، يخاطر الفنيون العاملون بمجال الاتصالات بحياتهم بشكل مستمر، لتصبح مهمتهم واحدة من أكثر الأعمال أهمية وخطورة، حسب تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية.

ويجوب نحو 50 مهندسا وفنيا في مجموعة الاتصالات الفلسطينية (بالتل)، القطاع لإعادة الخدمة إلى الأحياء التي غرقت في انقطاع التيار الكهربائي لعدة أيام وحتى أسابيع، وفقا لتقرير الصحيفة.

وأدت حملة القصف الإسرائيلية ضد حركة حماس، إلى تدمير البنية التحتية للاتصالات في غزة، عبر تدمير كابلات الألياف الأرضية وإتلاف مراكز البيانات وتفجير أبراج الهواتف المحمولة.

وأثناء محاولة إصلاح البنية التحتية الأساسية لقطاع الاتصالات، يتعرض المهندسون والفنيون إلى مخاطر هائلة، حيث يضطرون في كثير من الأحيان إلى العمل بالقرب من المعارك. 

و"باتل" واحدة من شركتين فلسطينيتين تقدمان خدمات الهاتف الخليوي في قطاع غزة، حيث تعتمد على 3 خطوط اتصالات تمر عبر إسرائيل. 

تدمير بنية الاتصالات.. كيف قُطعت غزة عن العالم؟ تسبب انقطاع التيار الكهربائي وتدمير البنية التحتية لشبكات الاتصالات، في عرقلة القدرة على إجراء مكالمات بسيطة في قطاع غزة، حتى تلك التي يجى منها الاستنجاد بسيارات الإسعاف ما كبح قدرة منظمات الإغاثة على تقديم الخدمات الضرورية لإنقاذ الجرحى من المدنيين.

وأدى انقطاع التيار الكهربائي في جميع أنحاء غزة، إلى إعاقة قدرة الفلسطينيين بشدة على طلب المساعدة، والإبلاغ عن الأحداث الجارية، وتنسيق توصيل المساعدات، والتواصل مع الأصدقاء والعائلة في الخارج. 

وقال طارق بخيت، وهو عامل طبي في أحد أقسام الطوارئ (33 سنة): "خلال الحرب، يمكن أن يكون الفارق بين الحياة والموت مجرد مكالمة هاتفية واحدة". 

ويلقي أحد المسؤولين التنفيذيين في شركة "بالتل" ووزارة الاتصالات التابعة للسلطة الفلسطينية، اللوم في معظم حالات ضعف الاتصال على الغارات الجوية الإسرائيلية والطرق التي تم تجريفها، مما تسبب في أضرار للبنية التحتية فوق وتحت الأرض، حسب "نيويورك تايمز".

لكن المسؤول التنفيذي مأمون فارس، وهو رئيس لجنة الطوارئ في شركة "بالتل" بالقطاع، قال إن إسرائيل "قطعت أيضا الاتصالات في غزة 3 مرات". 

وأضاف أن "بالتل" توصلت إلى هذا الاستنتاج "لأنه تم استعادة الشبكة دون تدخل منها في تلك المناسبات الثلاث". ورفض الجيش الإسرائيلي التعليق لصحيفة "نيويورك تايمز".

وفي منتصف ديسمبر، وجد فريق من الفنيين التابعين لشركة "بالتل" أنفسهم وسط القتال بمدينة خان يونس جنوبي القطاع.

وقال كامل أمسي، وهو أحد المهندسين الذين كانوا ضمن الفريق، إنهم كانوا يحاولون إعادة توصيل كابل مغمور في حفرة مملوءة بالمياه بمدينة خان يونس، عندما اندلعت اشتباكات بين الجيش الإسرائيلي والمسلحين. 

وذكر المهندس البالغ من العمر 52 عاما، أنهم استقلوا على الأرض بينما كان الرصاص يتطاير فوق رؤوسهم، وفق الصحيفة الأميركية.

وقال أمسي إنه بعد نصف ساعة، خرج جندي إسرائيلي من دبابة وطلب من الفنيين الإخلاء باتجاه الشرق، لكن لم يكن هناك طريق لسياراتهم للمرور عبر الحفرة.

وأشار إلى أنهم كانوا قلقين جدا على حياتهم، مما جعلهم يتوجهون غربا حتى هربوا من منطقة القتال.

الـ "eSIM".. تقنية تنجح في إعادة ربط سكان غزة بالعالم يحافظ الشاب خالد المصباح، 19 عاماً، على اتصاله بالعالم الخارجي عبر هاتفه، بعد أن أضحى انقطاع الاتصالات أمرا مألوفا في غزة حيث يعجز سكان القطاع عن التواصل مع العالم الخارجي أو مع بعضهم في ظل استمرار القصف الإسرائيلي وتوسيع عملياته البرية في القطاع.

وفي اليوم التالي، أكمل الفنيون المهمة التي كانت تهدف إلى إعادة خدمة الاتصالات إلى جنوبي غزة، بعد انقطاع التيار الكهربائي لعدة أيام.

وقُتل ما لا يقل عن اثنين من موظفي "بالتل" أثناء العمل، بحسب الشركة ووزارة الاتصالات التابعة للسلطة الفلسطينية. 
وقالت "بالتل" إن "16 شخصا لقوا حتفهم منذ بدء الحرب" في السابع من أكتوبر.

وفي حين أن "بالتل" لا تعرف على وجه التحديد مدى الضرر الذي لحق بأصولها في غزة حتى الآن، فإن فارس قال إن "80 بالمئة من شبكتها كانت غير متصلة بالإنترنت، بما في ذلك جزء كبير يحتاج إلى الاستبدال". 

وتوقع أن يستغرق إصلاح الشبكة بالكامل "سنوات"، مشيرا إلى أن الإصلاح "سيعتمد على وتيرة عملية إعادة الإعمار الأوسع".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: انقطاع التیار الکهربائی فی غزة

إقرأ أيضاً:

سلامتك يا غزة

بغض النظر عن تفاصيل ومضامين الاتفاق بين حماس والكيان الصهيوني، رغم أهميتها، يبقى أن توقف ماكينة القتل في غزة خبرا سعيدا لكل عربي شعر بالإحباط والعجز تجاه يوميات الموت الغزاوية، التي نكّلت بضمائرنا وعقولنا، ونحن نشاهد كيف يجري طحن نساء غزة وأطفالها بأقدام الغول الصهيوني الذي استأسد نتيجة فارق القوّة المذهل الذي أمّنته تكنولوجيا الحضارة الغربية وإنجازاتها العنصرية، لدرجة أن دونالد ترامب، الذي لم تفقأ عيونه عشرات آلاف القتلى الغزاويين، توعّد غزة بالويل والثبور ما لم يتم الإفراج عن عشرات الرهائن الإسرائيليين قبل تسلمه السلطة في العشرين من الشهر الجاري.

انتهى الجزء النشط من حرب غزة، وثمة أمل كبير أن يتوقف عداد القتل، لكن ينتظر أهل غزة استحقاقات داهمة ومؤلمة، إذ عدا عن البحث عن عشرات آلاف المفقودين تحت الردم، القطاع بأكمله بات ركاما، هناك عشرات آلاف الجرحى يحتاج أغلبهم لأنواع من العلاج لا تتوفر في غزة، نظرا للنقص الهائل في الإمكانيات الطبية بعد تدمير الجزء الأكبر من القطاع الطبي. وبالإضافة لتأمين أساسيات العيش وضرورات الحياة الملحة، فإن البنى التحتية في القطاع لم تعد موجودة أصلا لتسيير حياة أكثر من مليونيين يعيشون في القطاع، فلا بُنى الإنتاج يمكن تشغيلها بعد تدمير الورش والمصانع وحتى زوارق صيد السمك، ولا بنى التعليم (المدارس والمعاهد والجامعات) ستكون قادرة على العودة إلى أوضاع ما قبل 7 تشرين الأول/ أكتوبر ما يضع مصير مئات آلاف الطلاب في خطر.

لا شيء اليوم يعلو على هدف إعادة الإعمار وإزالة آثار الحرب المدمرة، وهو سؤال لاهث يبحث عن إجابات، من نوع كيف تتم إعادة بناء القطاع، وكيف يُصار إلى إطلاق ديناميات الحياة من جديد
لا تشبه الحرب التي شنتها إسرائيل على غزة، أي من مثيلاتها في التاريخ المعاصر، كل الحروب، بما فيها الحروب العالمية، الأولى والثانية، كانت تشهد فترات توقف وخفض في التصعيد، لأسباب عسكرية، مثل نقص الذخائر، والحاجة لإعادة تقييم الموقف العسكري، وبناء بنك أهداف جديد، كما أن الفعالية العسكرية كانت تنخفض بطبيعة الحال نتيجة المساحات الواسعة التي تتشكل منها نطاقات الحروب، مثل مساحة أوروبا في الحرب العالمية الأولى والثانية، ومساحة فيتنام في الحرب الفيتنامية، أو كوريا في الحرب الكورية.

فقط في غزة، وبالنظر لصغر مساحتها وضيق نطاقها، كانت فعالية الآلة العسكرية مضاعفة بشكل كبير، باستخدام أحدث تقنيات الأسلحة الفتاكة ذات القدرة التدميرية العالية، والتي أنتجتها المصانع الأمريكية بالأصل للعمل ضمن حروب كبرى ضد دول بأحجام الصين أو روسيا، أو معهما معا، وهو ما تكشفه النتائج الكارثية التي خلفتها على القطاع، دون وجود أي رادع أخلاقي أو قانوني يمنع قادة الصهاينة من ارتكاب هذا الكم الهائل من الدمار والقتل العشوائي.

لا شيء اليوم يعلو على هدف إعادة الإعمار وإزالة آثار الحرب المدمرة، وهو سؤال لاهث يبحث عن إجابات، من نوع كيف تتم إعادة بناء القطاع، وكيف يُصار إلى إطلاق ديناميات الحياة من جديد، من المعلوم أن أهل غزة سبق وأن عانوا، على الأقل خلال العقد الأخير من ويلات الحروب الإسرائيلية التي خلفت الدمار والقتل، وكانوا دائما بحجم التحدي، أعادوا بناء ما دمّرته الحروب، وبلسموا جراحات ذوي الشهداء، عبر تماسكهم الاجتماعي ووحدتهم الوطنية.

من المؤكد أن الحرب شكلت أهم درس، خاضه الغزاوي بدمه ولحمه، وتعلم منها أشياء كثيرة عن الحرب والسياسة وإدارة الصراعات والمفاوضات مع العدو، وهذا الأمر سينعكس حكما على أداء القادة المحليين، بمختلف انتماءاتهم وتوجهاتهم، كما سينعكس في نشاط وسلوك منظمات المجتمع المدني، والأهم في مطالب وتوقعات المجتمع المحلي
ورغم أن الجرح هذه المرة أكثر غورا وأعمق أثرا، إلا أن المطلوب من أهل غزة إنتاج الاستجابات المناسبة لتجاوز هذه الأوضاع الصعبة، وفرحهم بنهاية الحرب مؤشر مهم على عزمهم إيجاد مقاربات تخرجهم من أزمة ما بعد الحرب ومحاولة تجاوز آثارها المدمرة ولملمة جراحها. لقد جبلت سنوات الحصار والحرب على القطاع أهله على الصبر والسعي إلى تغيير الواقع رغم صعوباته وتعقيداته الهائلة.

من المؤكد أن الحرب شكلت أهم درس، خاضه الغزاوي بدمه ولحمه، وتعلم منها أشياء كثيرة عن الحرب والسياسة وإدارة الصراعات والمفاوضات مع العدو، وهذا الأمر سينعكس حكما على أداء القادة المحليين، بمختلف انتماءاتهم وتوجهاتهم، كما سينعكس في نشاط وسلوك منظمات المجتمع المدني، والأهم في مطالب وتوقعات المجتمع المحلي، ما يضع من هم في مواقع القرار والقيادة أمام تحديات كبيرة، تتطلب منهم تطوير أدائهم ليتناسب وحجم تلك التوقعات، سواء على المستويات السياسية أو الخدمية، في مجتمع يحتاج لكل شيء، كما يحتاج للإداري الكفء والقيادي الرشيد والمهني الماهر.

لغزة الفرح بعد أن ذوّب الحزن القلوب وتراكبت الهموم والمخاوف وتراكمت الأحزان، سلامتك يا غزة سلامة أهلك الطيبين والصابرين، يليق بك الفرح مثلما تليق بك الحرية.

x.com/ghazidahman1

مقالات مشابهة

  • عضو «الشئون العربية» بـ«النواب»: دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ خطوة لإعمار غزة
  • سلامتك يا غزة
  • «الصحة العالمية»: 10 مليارات دولار تكلفة إعادة بناء القطاع الطبي بغزة
  • الصحة العالمية: 10 مليارات دولار تكلفة إعادة بناء القطاع الطبي بغزة
  • إعادة إعمار غزة .. التحدي الكبير و معضلة لن تنتهي بانتهاء الحرب
  • إعادة إعمار غزة.. التحدي الكبير بعد اتفاق وقف إطلاق النار
  • أحمد موسى: 5 آلاف شركة مصرية قادرة على إعادة الإعمار في أي دولة بالعالم
  • «النقل» تؤكد أهمية الممرات اللوجستية التي يجري تنفيذها لربط مناطق الإنتاج بالمواني
  • أفراح في غزة| مصر تنجح في ملف المفاوضات.. وخبير: الدولة الوحيدة التي حافظت على القضية
  • صفقة غزة.. مصر وقطر والأمم المتحدة يشرفون على إعادة إعمار القطاع