عميرة أيسر: إيران في منظمة شنغهاي متحدية العقوبات والهيمنة الأمريكية
تاريخ النشر: 24th, July 2023 GMT
عميرة أيسر تعتبر إيران واحدة من أقوى الدول في منطقة الشرق الأوسط وأصلبها نظاماً، إذ قررت تحدي العنجهية والهيمنة الأمريكية منذ اندلاع الثورة الإيرانية المباركة سنة 1979م، التي أسقطت شاه إيران واستطاع نظامها الصمود رغم كل الدسائس والمؤامرات والأزمات التي تعرضت لها من طرف الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني وداعميهم في المنطقة، الذين يكنون العداء الاستراتيجي لطهران نظراً لأنها الداعم الأساسي للمقاومة، ضدّ الاستعمار الغربي لدول الشرق الأوسط، فايران ونظراً لأنها تعيش في محيط جيواستراتيجي متقلب و متوتر وخطر، وموازين القوى فيه غير ثابتة، فإنها لجأت لتكوين تحالفات خارج نطاقها الجغرافي والاقليمي مع دول تتبنى نفس وجهة نظرها في القضايا الإقليمية والدولية، وتربطها معها مصالح مشتركة، وتريد التخلص من الهيمنة والغطرسة والامبريالية الصهيوأمريكية، فالتطورات الحاصلة في منطقة القوقاز ووسط أسيا ودخول العديد من الدول الإقليمية القوية كتركيا في تكتلات وتفاهمات ثنائية مع المحور الغربي، دفع إيران للبحث عن إيجاد دور مركزي لها في الإقليم، عن طريق الانضمام لتكتلات عالمية ودولية وقارية قوية، وخاصة في المجال التجاري والاقتصادي والأمني، لذلك فإن القيادة السّياسية في طهران قد قررت الاتجاه شرقاً باتجاه الصين والهند وروسيا، وتوقيع اتفاقيات استراتيجية بعيدة المدى وتشمل جميع الميادين رغبة منها في أن تكون أحد الأعمدة الرئيسية المؤثرة في صناعة الاقتصاد البديل للاقتصاد الرأسمالي الممثل في أمريكا والمنظومة الأطلسية الغربية، ومنظمة شنغهاي تعتبر واحدة من أهم وأقوى التكتلات الاقتصادية والأمنية القارية، التي تنافس منظمة أسيان والاتحاد الأوروبي، من حيث الأهمية والتأثير الاقتصادي والمالي والنفوذ السّياسي الكبير، وتضم العديد من الدول ذات التوجه الاستقلالي في المنظومة العالمية كالصين والهند و كازاخستان وقرغيزستان و روسيا وباكستان وطاجكستان وأوزباكستان وإيران، ودول تمتلك صفة عضو مراقب كأفغانستان وتم أنشاؤها في مدينة شنغهاي الصينية بتاريخ 15 يونيو/ حزيران عام 2001م، ومنذ انشاءها ركزت جهودها على قضايا الأمن الإقليمي، و الحركات الانفصالية القومية و التطرف الديني، كما أن التنمية الإقليمية باتت من أهم أولوياتها.
كما ذكر موقع bbc Newsعربي، بتاريخ 15 سبتمبر/أيلول 2022م، في مقال بعنوان(“منظمة شنغهاي للتعاون، هل هي أداة روسيا والصين لمواجهة الهيمنة الغربية ؟”) فايران التي تستهدفها الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل بشكل متكرر، وتحاول دائماً جعلها دولة ضعيفة ومهزومة ومفككة عن طريق محاولة إشعال ثورات داخلية ضدها تأتي لإسقاط الحكم المناوئ للسّياسات الأمريكية، والمدافع عن حقها في امتلاك التكنولوجيا النووية، قد قطعت أشواطاً كبيرة في تطوير وتحديث ترسانتها العسكرية، أصبحت شريكاً مهماً لروسيا في الحرب على أوكرانيا من خلال تزويدها بالعديد من الأسلحة والمعدات العسكرية التي كان لها أثر بالغ في تغيير موازين القوى على الأرض وفي كثير من مناطق الاشتباك، والصراع بين الجانبين، فالمحاولات المتكررة من قبل واشنطن لشيطنة النظام الايراني وتأليب الرأي العام العالمي ضدّه، والدعم اللامحدود المقدم من طرفها لكل الجماعات الإرهابية في النطاق الجغرافي لإيران، والشعور المتنامي لدى الإيرانيين بأن أمريكا تضيق عليهم عن طريق استعمال سياسية الخناق الاستراتيجي، وذلك عن طريق إقامة مجموعة من القواعد العسكرية الدائمة لها في المحيط الإقليمي لإيران، كل هذه الأسباب دفعت إيران للانضمام للدول السّاعية لإيجاد نظام دولي عادل ومتوازن، تستطيع من خلاله أن تكون دولة مؤثرة في العلاقات الدولية، فتعدد مراكز الإدارة للأزمات الدولية تجعل حلها يتم بشكل أسرع وبأقل تكفلة مادية ومعنوية على عكس النظام الحالي الذي ترك عدة أزمات دولية دون حل لعشرات السنين، كالصراع بين الكوريتين أو القضيتين الفلسطينية والصحراوية، لذلك وادراكاً منهما لأهمية ذلك، فإن انضمامها لمنظمة شغنهاي ليس إلاّ خطوة في طريق طويل من أجل الافلات من أحادية الرؤية والتوجه العالمي، والمعايير المزدوجة المتبعة من طرف النظام الدولي، الذي يحتاج لإصلاح جذري عميق. كما ذكر موقع Sky Newsعربي، بتاريخ 10أوت/أغسطس2022م، في مقال بعنوان (في الحاجة لإصلاح النظام الدولي). فالولايات المتحدة الأمريكية التي تقف ولا تزال ضد كل الدول والمؤسسات الدولية والأممية التي تعارض هيمنتها على العالم، ترى في منظمة شنغهاي للتعاون أحد أذرع الدول المارقة كما تسميها، التي يجب السيطرة عليها، وتطبيق سياسة الاحتواء ضدّها حتى تفقد فعاليتها الإقليمية والدولية، كبديل للتحالفات الأمريكية في القارة الأسيوية، والاتفاقيات التجارية والاقتصادية التي تربطها بعدد منهم كاتفاقية الشراكة الاقتصادية الاستراتيجية عبر المحيط الهادي والتي تم توقيعها في شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2015م، مع إحدى عشرة دولة مطلقة على المحيط الهادي وهي: استراليا، وبروناي، تشيلي، اليابان، ماليزيا، المكسيك، نيوزيلندا، سنغافورة، فيتنام، والهادفة لتطويق الصين، كما صرح بذلك الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما حينما قال :” ان واشنطن لن تسمح لدول مثل الصين أو غيرها بكتابة قواعد الاقتصاد العالمي، كما أضاف في ذات السّياق” عندما يعيش أكثر من 95 بالمئة من مستهلكينا المحتملين خارج حدودنا، فلا يمكن أن نجعل دولاً كالصين تكتب قواعد الاقتصاد العالمي”، و” يضيف ينبغي لنا أن نكتب هذه القواعد وأن نفتح أسواقاً جديدة للمنتجات الأمريكية في الوقت الذي نرسي فيه معايير عالية لحماية عالمنا إلى جانب الحفاظ على بيئتنا”. كما ذكر مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية، بتاريخ 13 مارس/ أذار 2016م، في مقال بعنوان (” الاحتواء والمشاركة، الاستراتيجية الأمريكية في أسيا). فالولايات المتحدة الأمريكية المتغلغلة استراتيجياً في العديد من الدول الأسيوية، لن تسمح لروسيا أو الصين أو حتى إيران بتشكيل مراكز نفوذ وقوى في وسط و شرق وغرب وجنوب شرق أسيا، لخنقها وتضييق حركة أساطيلها البحرية التجارية عن طريق مضايق كهرمز ومضيق عدن أو باب المندب، لأنها تعتبر القارة الأسيوية بمثابة مفتاح من مفاتيح سيطرتها على دول المنطقة، وبالتالي فإنها تعتبر منظمة شنغهاي امتداداً طبيعياً لهذه الدول، وأحد أهم أذرعها لتحدي النفوذ الأمريكي في أسيا، ووسيلة من وسائل الضغط السّياسي و الاقتصادي والأمني على مصالحها الجيواستراتيجية مع دول كاليابان وكوريا الجنوبية وسنغافورة والفلبين، وهي الدول المعروف عنها بأنها تدور في فلك المنظومة الغربية الأمريكية، لذلك فإن طهران مطالبة أكثر من أي وقت مضى بتنويع حلفاءها والمنظمات الإقليمية المنظمة إليها، لأن ذلك سيعطيها دوراً في المستقبل يفوق حدود منطقة أسيا والشرق الأوسط، وعليها تبني استراتيجية ملأ الفراغ من المناطق الجغرافية التي انسحبت منها أمريكا، وهي الدولة الباحثة عن تدمير الدولة الإيرانية والحد من نفوذها المتزايدة بأية طريقة كانت. كاتب جزائري
المصدر: رأي اليوم
إقرأ أيضاً:
إيران في مواجهة العقوبات: دعم الصين وروسيا يفتح الباب للحوار النووي
في وقت تتزايد فيه الضغوط الأمريكية على إيران لاستئناف المفاوضات بشأن برنامجها النووية، أعلنت الصين وروسيا دعمهما لطهران، مؤكدتين ضرورة رفع العقوبات وعودة الحوار على أساس "الاحترام المتبادل".
وقال ما تشاوشو، نائب وزير الخارجية الصيني، عقب الاجتماع مع الدبلوماسيين الروس والإيرانيين، إن الصين وروسيا وإيران اتفقت على أن الحل يجب أن يكون من خلال معالجة الأسباب الجذرية للأزمة النووية الإيرانية.
وفي إطار هذا الموقف الموحد، أصدرت الدول الثلاث بيانًا مشتركًا أكدت فيه عدة مبادئ رئيسية، أبرزها:
من جانبها، جددت طهران رفضها للضغوط الأمريكية، حيث أكد رئيسها مسعود بزشكيان أن بلاده لن تتفاوض مع الولايات المتحدة طالما كانت "مهددة". وأشار إلى أن إيران لن تنصاع للأوامر الأمريكية بشأن برنامجها النووي.
وفيما يخص الاجتماع الذي عقده مجلس الأمن الدولي الأسبوع الماضي لمناقشة الملف النووي الإيراني، اعتبرت طهران هذا الاجتماع بمثابة "إساءة استخدام" للمجلس.
وقد انتقدت الصين أيضًا هذا الاجتماع، حيث أكد وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، أن "التدخل السريع" من قبل مجلس الأمن في هذه المرحلة لن يسهم في بناء الثقة بين الأطراف المعنية، مشيرًا إلى أنه يجب على الولايات المتحدة إظهار "الصدق" في تعاملها مع إيران والعودة إلى المفاوضات في أقرب وقت ممكن.
Relatedإدارة ترامب تدرس تفتيش ناقلات النفط الإيرانية.. هل يعود مسلسل خطف السفن؟ترامب يوجه رسالة إلى إيران: التفاوض أو التصعيد العسكريالرئيس الإيراني مسعود بزشكيان لترامب: "لن أتفاوض معك وافعل ما شئت"اجتماع بين إيران وروسيا والصين في بكين لمناقشة البرنامج النووي الإيراني والعقوبات الأمريكيةهل العودة إلى طاولة المفاوضات ممكنة؟وبينما تستمر الخطابات الإيرانية في تأكيد رفض الضغوط الخارجية، يعبر بعض المسؤولين الإيرانيين عن اعتقادهم بأن الخيار الأكثر واقعية هو العودة إلى المفاوضات مع الولايات المتحدة. تعكس هذه النقاشات، وفقًا للمسؤولين الإيرانيين، التحديات الاقتصادية التي تواجهها البلاد بسبب العقوبات المستمرة والتي تؤدي إلى اضطرابات داخلية.
فيما يخص البرنامج النووي، أكدت إيران مرارًا أنه سلمي، وأنه لا يتجاوز أهدافها المعلنة في الاستخدامات السلمية للطاقة النووية. وقال كاظم غريب آبادي، نائب وزير الخارجية الإيراني، إن الوكالة الدولية للطاقة الذرية أجرت عمليات تفتيش دقيقة وشاملة على البرنامج النووي الإيراني، وأن طهران ملتزمة بكافة القواعد والضوابط الدولية في هذا الصدد.
كما دعت الصين إلى ضرورة أن تجد الأطراف المعنية حلًا وسطًا، مشجعة على استئناف المفاوضات قريبًا، وأكد وانغ يي في لقاءات منفصلة مع المسؤولين الإيرانيين والروس ضرورة أن تعود الولايات المتحدة إلى المفاوضات مع إيران في أقرب فرصة.
وفي هذا السياق، أدانت إيران العقوبات الأمريكية الجديدة التي فرضت على وزير النفط الإيراني وبعض السفن التي ترفع علم هونغ كونغ، والتي يعتبرها الأميركيون جزءًا من "أسطول مظلل" يساعد في إخفاء شحنات النفط الإيرانية. واعتبرت طهران هذه العقوبات "دليلاً على كذب" المسؤولين الأمريكيين بشأن استعدادهم لإجراء مفاوضات.
تعود خلفية هذه الأزمة إلى عام 2015، عندما وافقت إيران على تقييد برنامجها النووي بموجب اتفاق مع القوى الكبرى، من بينها الولايات المتحدة، روسيا، الصين، وبريطانيا، في مقابل رفع العقوبات الاقتصادية. ولكن بعد فوزه بالرئاسة، انسحب الرئيس الأمريكي آنذاك، دونالد ترامب، من الاتفاق، مما أدى إلى تصاعد التوترات.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية الرئيس الصيني يلتقي شويغو ويؤكد تعزيز التنسيق مع روسيا ترامب يشدد قيود الرقائق على الصين.. هل نشهد فصلاً جديدًا في الحرب التقنية بين العملاقين؟ فرنسا والفلبين تعززان تحالفهما العسكري وسط تصاعد التوترات في بحر الصين الجنوبي إيرانروسياالصيندونالد ترامبالبرنامج الايراني النوويعقوبات