"تحريك الحصان" من كيسنجر يسمح لبكين وواشنطن بالقفز فوق التناقضات المتراكمة
تاريخ النشر: 24th, July 2023 GMT
تحت العنوان أعلاه، كتب يوري تافروفسكي، في "موسكوفسكي كومسوموليتس"، حول المبادرة التي طرحها بطريرك السياسة الأمريكية في المأدبة "الإمبراطورية" في بكين.
وجاء في المقال: شكلت زيارة هنري كيسنجر إلى الصين حدثا لامعا في العلاقات الأمريكية الصينية. فقد التقى به أهم الشخصيات في قيادة بكين، بما في ذلك شي جين بينغ.
الحفاوة التي حظي بها كيسنجر لم يحظ بها أحد قبله من القادة الأمريكيين ولا السوفييت ولا الروس.
خاطب شي جين بينغ كيسنجر بالكلمات التالية: "في 100 عام من حياتك، قمت بزيارة الصين 100 مرة". وهكذا، أخرج محاوره من التسلسل الهرمي للشخصيات السياسية الحديثة، ورفعه إلى مرتبة "القديسين الخالدين" ، الذين يحظون بالتبجيل في الإمبراطورية السماوية.. أدركت بكين، بالفعل، عبثية الحديث بجدية مع شخصيات الإدارة الحالية. فخلاف كيسنجر، هؤلاء أناس ضيقو الأفق، فاعليتهم تنتهي مع الولاية الرئاسية.
كيسنجر مختلف. لقد ارتبط دائمًا بشخصيات وقوى قادرة على تقديم رؤى غير متوقعة وخطوات مصيرية. ساعد كيسنجر الرئيس ريتشارد نيكسون على استيعاب فكرة تطبيع العلاقات مع الصين من أجل مواجهة الاتحاد السوفيتي. مكنت رحلة كيسنجر السرية إلى بكين في العام 1971 نيكسون من لقاء ماو تسي تونغ في العام التالي، ما أدى في النهاية إلى تغيير مسار تاريخ القرن العشرين. ومع أن ذروة الاضطراب في "الثورة الثقافية"، ومرض ووفاة ماو تسي تونغ أدت إلى تأخير إضفاء الطابع الرسمي على "زواج المصلحة" الصيني الأمريكي، فقد أنجز ذلك في العام 1979، في عهد الرئيس جيمي كارتر.. وهذا كان أحد أسباب إضعاف الاتحاد السوفيتي وانهياره.
الحاجة إلى تسجيل نجاح عشية الانتخابات الرئاسية الوشيكة أجبرت إدارة بايدن على البدء في البحث عن تسوية مع الصين. وهكذا، طلبت واشنطن من بكين استقبال وزير الخارجية بلينكن، ووزيرة الخزانة يلين، والممثل الخاص لشؤون المناخ كيري أو وزير التجارة ريموندو. تم الترحيب بهؤلاء الضيوف، ولكن ليس كما استقبل كيسنجر.
تمنح الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة الفرصة لواشنطن وبكين للبدء بفتح، إن لم يكن فصلًا جديدًا، على الأقل صفحة جديدة في علاقتهما. هذا، على الأرجح، نوقش في اجتماعات كيسنجر على المأدبة "الإمبراطورية". ربما طرح شيئًا مشابهًا للمبادرة التي جعلت من الممكن البدء في الخروج من العداء الأمريكي الصيني في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي. على سبيل المثال، "استسلام" تايوان بذريعة فوز حزب الكومينتانغ، الذي يدعو إلى وحدة الصين، في الانتخابات الرئاسية في أوائل العام 2024، أو إلغاء التعريفات الجمركية على الصادرات الصينية، التي أدخلها ترامب في العام 2018، أو امتيازات أخرى تعيد العلاقات الثنائية إلى حالة 2013.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه، الآن، هو مكانة موسكو بالنسبة لبكين في مخطط كيسنجر.
المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: كورونا الجيش الأمريكي الجيش الصيني كيسنجر واشنطن فی العام
إقرأ أيضاً:
ترامب وسياسة التناقضات.. توجهات الرئيس الأمريكي الجديد مليئة بالتعقيدات حول العدوان على غزة
◄ العدوان على غزة في صدارة الملفات الشائكة التي تنتظر ترامب
◄ محللون: ترامب يحاول تقديم نفسه بوصف صانع السلام
◄ المرشح الجمهوري تعهد أمام الناخبين بإنهاء الحرب
◄ الفلسطينيون لا يعوّلون كثيرا على ترامب في وقف العدوان على غزة
◄ مواقف وقرارات ترامب تعكس رؤيته بعدم الاعتراف بفلسطين
◄ الرئيس الجديد: قرار وقف الحرب هو قرار إسرائيلي
◄ عباس: نتطلع للعمل مع ترامب من أجل السلام والأمن بالمنطقة
◄ حماس: موقفنا من الإدارة الأمريكية الجديدة يعتمد على مواقفها من القضية الفلسطينية
الرؤية- غرفة الأخبار
عاد المرشح الجمهوري دونالد ترامب مجددا إلى البيت الأبيض، بعد الفوز في انتخابات الرئاسة الأمريكية وحصوله على 277 صوتا مقابل 224 لمنافسته الديمقراطية كامالا هاريس. وتنتظر الرئيس الأميركي الجديد العديد من الملفات التي تستوجب حلا في المنطقة، خاصة فيما يخص العدوان الإسرائيلي على غزة.
ولقد تعهد المرشح الجمهوري ترامب أمام الناخبين العرب والمسلمين الأميركيين قبل أيام بإنهاء الحرب. لكن على الرغم من هذه الوعود إلا أنه يعد بشكل عام داعما قويا لإسرائيل، وخلال فترة رئاسته السابقة، نقل سفارة الولايات المتحدة من تل أبيب إلى القدس المحتلة، وهو ما أثار غضب الفلسطينيين.
ويرى ترامب أن قرار وقف الحرب هو قرار إسرائيلي، مؤكدا أنه "سيدعم حق إسرائيل في كسب حربها على الإرهاب".
وفور إعلان الفوز، هنأ الرئيس الفلسطيني محمود عباس الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، آملا أن يدعم "التطلعات المشروعة" للشعب الفلسطيني.
وأعرب عباس في برقية تهنئة -حسب وكالة الأنباء الرسمية (وفا)- عن "تطلعه إلى العمل مع الرئيس ترامب من أجل السلام والأمن في المنطقة، وسنظل ثابتين في التزامنا بالسلام، ونحن على ثقة بأن الولايات المتحدة ستدعم تحت قيادتكم التطلعات المشروعة للشعب الفلسطيني".
كما أصدرت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" بيانًا أشارت فيه إلى أن "موقف الحركة من الإدارة الأمريكية الجديدة، يعتمد على مواقفها وسلوكها العملي تجاه الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة وقضيته العادلة".
وأضافت حماس: "من المؤسف الإشارة إلى أن جميع الإدارات الأمريكية المتعاقبة، منذ احتلال فلسطين عام 1948م، كانت لها مواقف سلبية من القضية الفلسطينية، وكانت دائما الداعم الأكبر للاحتلال الصهيوني في جميع المجالات والمناحي".
وطالبت حماس، ترامب بوقف "الانحياز الأعمى" لإسرائيل، والعمل الجاد والحقيقي على وقف حرب الإبادة والعدوان على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية، إضافة لوقف العدوان على الشعب اللبناني.
وقالت الحركة إن "الرئيس الأمريكي المنتخب مُطالب بالاستماع للأصوات التي تعالت من المجتمع الأمريكي نفسه منذ أكثر من عام على العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة"، مؤكدة أن المقاومة الفلسطينية مستمرة في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، وأنه لن يتم القبول بأي مسار ينتقص من حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة.
وفي الوقت الذي يرى فيه الفلسطينيون أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن قدمت الدعم غير المحدود لإسرائيل في حربها على غزة، فإنهم لا يعوّلون كثيرا على إدارة ترامب حين يتولى المنصب رسميا لإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني المتواصلة منذ عام 1948.
ويأتي ذلك نتيجة لمواقف وقرارات ترامب السابقة، فهو من أوقف تمويل الأونروا وأغلق مكتب منظمة التحرير في واشنطن عام 2018، ونقل سفارة بلاده إلى القدس المحتلة وأعلنها عاصمة موحدة لإسرائيل عام 2017، ثم أعلن عام 2020 رؤيته لتحقيق "السلام" فيما ما عرفت بـ"صفقة القرن" التي رفضها الفلسطينيون وقالوا إنها تنتقص حقوقهم ولا تتضمن إقامة دولة فلسطينية.
ويرى محللون أن تصريحات ترامب عن إنهاء الحرب قد تكون أشبه برسائل سياسية، خاصة أنه يستخدم هذا الأسلوب لتقديم نفسه بوصفه صانع سلام قادرا على إنهاء الصراعات.
ومع ذلك، في ضوء تاريخه في دعم إسرائيل وسياساته السابقة، فإن إستراتيجيته ربما لا تعني إنهاء النزاع بشكل جذري أو تقديم تنازلات للفلسطينيين، بل ربما العمل على هدنة قصيرة الأمد أو تجميد للأوضاع يخدم إسرائيل، مع الادعاء بأنه "وضع حدا للحرب".
ويقول الكاتب حسين جلعاد: "رغم تعهدات ترامب بإنهاء الحروب العالمية، فإن سياساته السابقة وتوجهاته المنحازة لإسرائيل تعطي إشارات معقدة بشأن مستقبل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، فبينما قد يسعى لتقديم نفسه على أنه صانع سلام، فإن الظروف على الأرض والسياسات الأميركية المستمرة في دعم إسرائيل قد تعرقل أي حل جذري ودائم، وبما أن أسلوب ترامب يعتمد غالبا على صفقات سريعة تخدم مصلحة إسرائيل، فمن المرجح أن يترك أي إنهاء للحرب -إن حدث- في إطار هدنة مؤقتة أو تجميد للوضع الحالي دون معالجة القضايا الأساسية".