حماد صبح القضية الفلسطينية قضية حق وعدل وإنسانية وشعور أخلاقي ، وهذه الصفات المتلاحمة المتوائمة في ضفيرة واحدة تحرك نحوها بين زمن وآخر مواقف عالمية من قوى تتصف بهذه الصفات ، وترى الإنسان أخا للإنسان مهما اختلفت الأعراق والثقافات والأديان والأوطان ، وتؤمن بأن مناصرة الحق في مكان مناصرة له في كل الأماكن ، ومؤازرة الظلم والعدوان مؤازرة لهما في كل الأماكن .
وفي الأسبوع الأخير نُصِر
الشعب الفلسطيني في ثلاثة مواقف عالمية . أولها إطلاق المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي منصة على الإنترنت تسمح للفلسطينيين بعرض شكاواهم من جرائم إسرائيل بالصور والفيديوهات ، وثانيها إخفاق مندوب إسرائيل إسحق لير في الفوز بمنصب المحاسب لمنظمة المهندسين والمصممين المعماريين العالمية في مؤتمرها الأخير في كوبنهاجن عاصمة الدنمارك ، وفوز مندوب مصر بالمنصب وسط غضب واستياء في المؤتمر من كل أعمال إسرائيل وسياستها ضد الفلسطينيين ، وثالث المواف تصويت البرلمان البرتغالي بالأغلبية على قرار يعترف بنكبة الشعب الفلسطيني في 1948 ، ويشيد بنضاله لنيل حقه المشروع في تقرير مصيره في وطنه . في الموقف الأول ، تتأسس للشعب الفلسطيني منصة دولية قانونية لعرض ما تفعله به إسرائيل من قتل واعتقال لا ينكفان ، وهدم لبيوته ومدارسه ومساجده ، وتدمير لمزارعه ومنابع رزقه ، وتضييق عليه في تنقلاقه بحواجزها التي تتجاوز 600 حاجز في الضفة تضييقا يعطل أعماله ونشاطه الحيوي ، ويفقدها الانسيابية والسهولة والسرعة . وسيسهل تعدد وسائل التصوير وسرعتها وما تتصف به من فردية التنفيذ التقاط صور الجرائم الإسرائيلية وفيديوهاتها صوتا وصورة ، فيراها العالم ، وينقلها كل من يراها إلى كثيرين آخرين ، فتتأجج النقمة على إسرائيل التي تفعل بالفلسطينيين من غرائب الجرائم والفظائع ما لا يتخيله الناس في أرجاء العالم ، وتختفي الصورة الوردية المتألقة التي احترفت تقديمها للعالم عن نفسها ، وصورة الإرهابيين الفلسطينيين التي ترفقها مع صورتها الكاذبة المزورة . ويجب أن ينشىء الفلسطينيون مؤسسة إعلامية لجمع الصور والفيديوهات وإرسالها إلى المنصة التي ستحاربها إسرائيل حربا منظمة متشددة ، وتقدمها ضربا من معاداة السامية . حرب الوعي والإعلام والأفكار والصور في خطورة حرب النار ، وقد تكون أخطر في بعض الحالات والأوقات . نحن لا نطلق الرصاص في كل المواقف لننتصر فيها . ورب انتصار كبير لا تطلق فيه رصاصة واحدة ، ورب رصاص ونار يصنعان الهزيمة إذا لم يصاحبهما إعلام حيوي وذكي وصادق ومقنع ، وقضيتنا بطبيعتها مؤهلة لهذا الضرب من الإعلام . ودائما لا يصح سوى الصحيح ، ودائما حبل الكذب قصير ، وما أصح رواية قضيتنا ، وما أكذب رواية عدونا . وتكبر فاعلية المؤسسة الإعلامية المقترحة حين تزود بما تجمعه من صور وفيديوهات جهات عالمية أخرى تعيد بثها في بلادها . ما من نجاح يقبل على الناس تلقائيا مسهلا . كل نجاح يتطلب جهدا وخططا وشعورا صادقا بالمسئولية وجدية في الوصول إليه . ويجسد إخفاق مندوب إسرائيل في الفوز بمنصب محاسب منظمة المهندسين المعماريين والمصممين العالمية استنكارا وإدانة عالمية لجرائم إسرائيل المهولة الشاذة التي تنكب بها الفلسطينيين ، ويليق هنا بيان أنها لا تستأهل هذا المنصب الذي يصنف ثالثا من حيث الأهمية في هذه المنظمة العالمية . هذه منظمة ترمز لهندسة العمران وتصميمه وتطويره بما ينفع الإنسان ، وإسرائيل كيان هدم لعمران الشعب الفلسطيني . هدمت بعد جريمة قيامها الشيطاني الأثيم 400 قرية فلسطينية ، وتابعت وما زالت تتابع هدم العمران الفلسطيني بيوتا ومدارس ومؤسسات ومساجد. وهي الدولة الوحيدة التي تفعل هذا متعمدة إبادة مظاهر وجود شعب كامل ، وهي الوحيدة التي تخير أحيانا أحد أبناء هذا الشعب بين هدم بيته بنفسه وهدمها هي له على حسابه، وتصل تكلفة هدم بعض البيوت 30 ألف دولار . كيان الهدم لا صلة له بمن وظيفتهم التعمير، ولا موضع للشوكة بين الزهر ، ولا للغراب بين اليمام . وفي الموقف الثالث ، يقر البرلمان البرتغالي ضمنيا بسرقة إسرائيل وطن الفلسطينيين ، وينفي شرعية وجودها ، ويقر ترتيبا على ذلك بأن فلسطين أرض فلسطينية ، ولشعبها الحق في تحريرها ، ونضاله لهذا التحرير شرعي وأخلاقي وإنساني. إنه ينسف الرواية الإسرائيلية الكاذبة ، ويقتلعها من جذورها التي لم تتغور بعدُ في فلسطين. ما 75 عاما في مجرى التاريخ على أهوال ما فعلته بالفلسطينيين ؟! ويفتح الإقرار البرلماني البرتغالي بالنكبة الفلسطينية السبيل واسعة مديدة لإقرار برلمانات دولية أخرى بهذه النكبة، وفي غياب فاعلية فلسطينية رسمية في هذه السبيل ؛ تتحمل الفاعلية الشعبية الفلسطينية عبء توسيع هذه السبيل وتمديدها قدما ، والشعب الذي يفدي وطنه بالشهداء والدماء والآلام يستطيع هذا التوسيع والتمديد . ولن تكون المواقف العالمية الثلاثة المناصرة للشعب الفلسطيني سوى بدايات لكثير مثلها آتٍ . كاتب فلسطيني
المصدر: رأي اليوم
إقرأ أيضاً:
ملك الأردن: مستمرون في العمل لإنهاء الظلم الواقع على الشعب الفلسطيني
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قال ملك الأردن عبد الله الثاني، اليوم الخميس، إننا مستمرون في العمل مع الدول العربية والمجتمع الدولي لإنهاء الظلم والقتل والتدمير الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني.
وجدد ملك الأردن في برقية بعثها للرئيس الفلسطيني محمود عباس بمناسبة الذكرى السادسة والثلاثين لإعلان استقلال دولة فلسطين، وقوف الأردن إلى جانب الفلسطينيين في نيل كامل حقوقهم المشروعة.
وشدد ملك الأردن على ضرورة بذل جهود مضاعفة لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة والاعتداءات على الفلسطينيين بالضفة الغربية.