إشيب ولد أباتي تجيء ذكرى الثورة العربية، والوطن العربي  في وضع يعجز المواطن العربي عن وصفه، وتشخيصه، الأمر الذي يؤكد الحاجة  الموضوعية للثورة مجددا في كل قطر عربي، والتغيير، وذلك نظرا لغياب القيادة الملهمة، والرؤية الاستشرافية على خلاف  ما أنجزته الثورة العربية في منتصف القرن الماضي في ١٩٥٢م. التي قادها  الزعيم الراحل جمال عبد الناصر – رحمه الله تعالى –  لحركة التحرر العربي خلال واحد وعشرين سنة(١٩٥٢- ١٩٧٠م ) .

. وإذا كانت الأوضاع الاجتماعية، والسياسية، واحتلال فلسطين، وقيام الكيان الغاصب،  وتهجير مجتمعها، وانها الأمور التي فسرت بها حركة الضباط الاحرار  في مصر للثورة من أجل التغيير سبيلا لمواجهة التحديات الداخلية، والخارجية،  وخاصة في فلسطين التي قاتل جمال عبد الناصر فيها  متطوعا  بقيادته للكتيبة المصرية التي عرفت  بقدرتها على قتال  المنظمات الصهيونية في منطقة ” الفالوجة” التابعة  للقدس الشريف.. ولم يكن لثورة  الثالث والعشرين هدف ذاتي، يتعلق بالزعامة، أوالسلطة، وذلك  بدليل  اعطاء الضباط الاحرار  رئاسة الحكم، ل”محمد نجيب” الذي لم  يكن  على علاقة بقادة الثورة، ولعل قبوله لرئاسة الحكم ، هو لغرض استعادة الحكم الملكي الذي  رفض استبداله بالنظام الجمهوري  خلال ستة أشهر قضاها، يناور – ولا يحاور – من أجل تمرير مشروعه الانقلابي على غرار الانقلاب السابق سنة ١٩٥١م في إيران  حيث قامت المخابرات الامريكية بانقلاب، اسقطت حكم “مصدق”، واسترجعت الحكم الملكي  وكان الوطن العربي تحت حكم الاحتلال: الفرنسي، والانجليزي، والايطالي، والامريكي..  ولم تكن الأنظمة الملكية التي كانت في مصر والسعودية، والعراق، والأردن، الا أنظمة ” الظل”، حيث  أن قادتها ” وكلاء”، لا يختلفون في شيء  عن الأنظمة السلبقة الملكية،  والأميرية، ولرؤساء “جمهوريات الموز” عدا النظامين في الجزائر وتونس في الوقت الحاضر من تاريخ أمتنا العربية المجيدية.. إن غياب القيادة التاريخية لجمال عبد الناصر، كان بداية لتراجع  أنظمة الحكم التغييرية، وما لبث نظام السادات أن انحرف ، لأنه لم يكن في مستوى القيادة التاريخية قناعة، او تقديرا للمسؤوليات التاريخية،،  ولا أدل ذلك من قيامه بانقلاب ١٩٧١ ضد القادة الناصريين في الحكم و في الاتحاد الاشتراكي العربي، فتآمر عليها الثنائي الانتهازي  محمد أنور السادات، ومحمد حسنين هيكل.. وخلال حقبة  السبعينيات والثمانينيات،  كان الدور القيادي لقيادات  متحمسة للتغيير،  والتحديث  للأنظمة الاجتماعية العربية في كل من العراق، وليبيا، وسورية، والجزائر، واليمن بنظاميه الجمهوريين، والسودان، والصومال.. غير أن تلك القيادات السياسية، لم تستفد من تجربة الثورة العربية في مصر، ولذلك غاب النهج الثوري، وحل محله الشعارات التي ما لبثت،  أن اقتصرت على الدعاية للقيادات المتنافسة على الزعامة في الأقطار المذكورة، حتى بين قيادتي  الحزب الواحد، كما حصل في كل من سورية، والعراق.. بينما  كان النظام في الجزائر، يراهن على مشروعه التغييري في التنمية مركزا على القطاع  الصناعي، ومهما  دور الثورة الزراعية في التنمية،  وذلك اقتداء بالتجربة الاستالينية في جمهوريات السوفييت، ولكن الذي قضى على التغيير، كان في المرحلة الموصوفة ب” الغورباشوفية”  لابن جديد رحمه الله. لهذا فالتجربة الثورية العربية في مصر، كان مشروعها العملي “نموذجا” قابلا للأحتذاء من أجل  التحديث، والتنمية الاجتماعية، قبيل  تفكيكها بسياسة  السادات المسمار  ب”عصرالانفتاح”،  واستبدال القطاع العام،  بالقطاع التجاري الخاص، وسياسة التبعية للأمبريالية الأمريكية، واعطائها حل القضية المركزية للعرب بنسبة ٩٩%، وهي العدو الخصم الذي لن يصبح  حكما محايدا.. لقد تركت ثورة الثالث والعشرين من يوليوز، تجربة ثورية، اعتمدت “منهج التجربة والخطأ”، وانتقلت  التجربة  على أساس ذلك من “هيئة التحرير” التي تولت وضع سياسة  “الإصلاح الزراعي”  الذي حرر المجتمع القروي، والقطاع الزراعي من الاستغلال ١٩٥٤، إلى” الاتحاد القومي العربي” في ١٩٥٨م. الذي قاد الوحدة العربية الأولى في تاريخ العرب المعاصر، وفي ١٩٦٢م،  بدأ مشروع ” الاتحاد الاشتراكي العربي”، وذلك استنادا  إلى وثيقتين  فكريتين، هما : الميثاق الوطني الذي وضع أسسا تظرية للوحدة العربية، وللعدالة الاجتماعية،  بينما كان بيان (٣٠ مارس)،  قراءة جريئة  في النقد الذاتي للتجربة؛ واستبعادا للاخطاء التي مرت بها  التجربة الثورية في العشرية الأخيرة، وتداعيات هزيمة ٥ حيران  ٦٧. إن مجتمعات الأمة العربية  مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى، بقراءة  جادة  للمشروع التغييري، التحديثي الذي  شكل قفزة نوعية، تواضع الدارسون على تسميتها  بسياسة “حرق مراحل  التخلف الاجتماعي، والسياسي  في مجتمعات قروية بنسب عالية، إلى مجتمعات حضرية  ذات  أنظمة، وضعت خططا تنموية، وعلمية، نشرت التعليم  المجاني، واعطت القاع الزراعي المستحق في التنمية، ولذلك نرى قيمة  لا تقدر لإقامة السدود المائية، والكهرمائية، ك” سد اسوان” على سبيل المثال، وانتهاج تقسيم العمل الذي، وضع قواعد للعدالة الاجتماعية. وخلال السبعين  سنة الماضية، انتج التعليم الوطني نخبا ثقافية، وعلمية في الوطن العربي، كان  بعضها، قد اهتم بالفكر، وانتاج المعرفة، بينما الآخر شارك في بناء أنظمة الحكم الجديدة، واقتصر دور رموز النخبة السياسية  على التسيير الإداري، والأمني في بناء  أنظمة الحكم، كسدنة  خدومة، كانت –  ولازالت – تبحث عمن  يوظفها لخدمته من رؤساء الحكم مهما كان شكل النظام: ملكي، او أميري، أو جمهوري  بما يتلاءم مع ارتباطات الكثير من  تلك النخب التي استدرجت الأنظمة السياسية، لتمكين قوى الخارج، كالمستعمر الفرنسي، و الأمريكي، كحال الكثير من الوزراء  على سبيل المثال.. إن  المرحلة الراهنة الاستثنائية  للمجتمعات العربية، تؤكد الحقائق المريرة، ومنها: أن تجربة الديمقراطية المستجلبة، أعادت الاحتلالات العسكرية، فيما دمرت الأخيرة، المجتمعات العربية التي أنجزت انظمتها الجمهورية قواعد ركينة للتحديث الذي تنامى في مختلف أقطار الوطن العربي، كالعراق، وليبيا، والجزائر، واليمن، والسودان، والصومال، وغيرها. إن الاحتلال في فلسطين، أضحى مشروعا توسعيا تحت مسميات تمويهية، كالتطبيع، وهي الأخضاع ، والاستسلام بدون قيد،  أو شرط، وذلك  لتفكيك” الموساد” الصهيوني المجتمعات العربية من الداخل، بالإضافة الى سياسة العدوان العسكري بالمشاركة في أي عدوان عسكري امريكي، أو اطلسي ، وذلك منذ احتلال لبنان في ٨٢، والعراق ٢٠٠٣م. و في اعقاب النهايات المؤلمة  للربيع الأمريكي الدموي..  إن غياب القيادة، والمنهج التحديثي، والرؤية الواضحة للتغيير، تستدعي ضرورة  تفعيل الحراكات السياسية في الأقطار العربية، وتبنيها لمشروع التغيير العمودي  نهجا اقوم، سيجذب بمشاريعه التحويلة  المواطن العربي، وذلك ليستعيد  ثقته في  ثوابت الأمة،  وتعزيز الهوية، والاقتناع الفكري بمبادي التحرر، والتقدم الاجتماعي، والوحدة العربية تحت اي مشروع،  بما  يحقق للأمة اسباب القوة للدفاع المشرك في مواجهة الاحتلال، ومن جهة اخرى لبناء انظمة سياسية وطنية، تساهم في بنينة مشاريع النهضة العربية التي، ستبقى نسبية، إن لم تكن  عاجزة عن توظيف قدرات الأمة العربية  ما لم تقم الوحدة الشاملة التي، ستفرض الاستقلال السياسي، والاقتصادي ، والثقافي.. وإن غدا مشرقا عربيا اسلاميا، لناظره قريب بإذن الواحد الأحد.. كاتب موريتاني

المصدر: رأي اليوم

كلمات دلالية: العربیة فی فی مصر

إقرأ أيضاً:

مسرح 23 يوليو يستضيف احتفالية قصور الثقافة بذكرى الإسراء والمعراج


شهد مسرح 23 يوليو بمدينة المحلة الكبرى، ضمن فعاليات وزارة الثقافة، حفلًا فنيًا بمناسبة ذكرى ليلة الإسراء والمعراج.

  افتتاح الحفل بعزف النشيد الوطني وأداء فرقة غزل المحلة


 

 

بدأ الحفل بعزف النشيد الوطني، الذي تلاه عرض مميز من فرقة غزل المحلة للإنشاد الديني بقيادة المايسترو أحمد فتحي.

   أداء متنوع من الأناشيد الدينية في الجزء الأول من الحفل


 

 

تضمنت أولى فقرات الحفل باقة متنوعة من الأناشيد الدينية، مثل: "قمر"، "صلّ الله على طه"، "يا أهل المدينة"، و"مولاي".

  تواصل الفقرات الفنية مع مجموعة من الأغاني الدينية المميزة


استمر الحفل في تقديم أغاني وابتهالات دينية، منها "القلب يعشق كل جميل"، "برضاك يا خالقي"، و"يا صلاة الزين".

  ختام الحفل بأنشودة "سبحانك ربي" وسط تفاعل كبير من الجمهور

 

 

 

اختتم الحفل، الذي نظمه فرع ثقافة الغربية، بأداء جماعي لأنشودة "سبحانك ربي"، مع تفاعل مميز من الحضور.

   الهيئة العامة لقصور الثقافة تؤكد على أهمية الفعاليات الثقافية
 

يأتي هذا الحدث في إطار أجندة فعاليات الهيئة العامة لقصور الثقافة، التي تواصل تنظيم الأنشطة الفنية والثقافية، بإشراف الكاتب محمد ناصف نائب رئيس الهيئة.

مقالات مشابهة

  • أمين عام البرلمان العربي يشارك في الاجتماع الـ 45 لجمعية الأمناء العامين للبرلمانات العربية
  • تعز.. مكتب الزكاة والوحدة الاجتماعية وهيئة شؤون القبائل تُحيى ذكرى الشهيد القائد
  • القيادة تهنئ الرئيس أحمد الشرع بمناسبة توليه رئاسة الجمهورية العربية السورية في المرحلة الانتقالية
  • التوعوية بالمعايير الفنية والبيئية للمنازل قيد الإنشاء بالعوابي
  • شيخ العربية الذي حذر من تغييب الفصحى وسجن لمعارضته إعدام سيد قطب
  • رئيس البرلمان العربي بثمن دور ليبيا في دعم القضايا العربية
  • العربية للتنمية الإدارية تنظم الملتقى العربي الرابع حول التطوير المؤسسي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة
  • إصدار احتفائي استثنائي من مجلة "الواحة" بمناسبة ذكرى تولي جلالة السلطان مقاليد الحكم
  • مسرح 23 يوليو يستضيف احتفالية قصور الثقافة بذكرى الإسراء والمعراج
  • مؤتمر «أرب هيلث».. «السبكي» يستعرض استراتيجيات بناء أنظمة صحية مستدامة بالوطن العربي