حسن احمد عبدالله يتسلى اللبنانيون بالثرثرة والكيدية لبعضهم بعضا، فيما قال السيد المسيح قبل نحو الفي عام: “مَرْتا، مَرْتا، إِنَّكِ تَهْتَمِّينَ بِأُمُورٍ كَثِيرَة، وَتَضْطَرِبِين! إِنَّمَا المَطْلُوبُ وَاحِد”، وعلى هذه الاية الانجيلية لابد للبنانيين ان يدركوا مدى خطورة وضعهم، وان الخيارات تضيق امامهم، وان من يستنجدون بـ”المجتمع الدولي” على بقيتهم لن يخرجوا رابحين من المنافسة، وان الفريق الذي يراهن على “شراء الوقت” لتحقيق مطالبه لن يربح هو الاخر، انما المطلوب العودة الى انتظام المؤسسات، وقف الانهيار الذي يأكل من لحم الشعب.

من المستغرب ان مراقبين او محللين سياسيين يعملون على دفن رأسهم في الرمل حين يتمسكون ببيان الاتحاد الاوروبي، او بيان “الخماسية”، ولا يرون الواقع، وان الحل لن يبدأ الا من الداخل، اذا نزل الجميع عن الشجرة، ورأوا الحقيقة الموجعة، اكان في ما يتعلق بامن الاجتماعي، او المعيشي، او حتى الصناعة والزارعة وانهيار الاقتصاد، وادركوا ان التفويض المعطى لهم من الشعب لن يستمر الى الابد، وما جنوه، طوال العقود الثلاثة الماضية، يمكن ان يخسروه في حال وصل الناس الى اليأس. مؤسف، ان هذا البلد وصل الى هذه الحال المزرية، لانه يفتقد الى رجال دولة، او ما يعرف بـ”الاوادم” الذي اقصيوا عن الواجهة رغما عنهم، وحل محلهم من تمرسوا بالابتزاز، السياسي والمالي والاقتصادي، والاجتماعي. والمؤسف اكثر ان هؤلاء يدركون جيدا انهم حصلوا على قوتهم من مما يسمى “الاغلبية الصامتة” لان ما عاشته من ويلات الحرب كفاها، ولا تريد المزيد، لكن لا يمكن المراهنة على هذا الامر الى ما لا نهاية، اذ لا شك كانت هناك فورات غضب كثيرة، خلالها تحسست جميع الطبقة الحاكمة والسياسيين اعناقهم، ولهذا مارسوا نوعا من توزيع الادوار لشيطنة تلك الفورات، واستثمروا الغضب الشعبي عبر الابتزاز السياسي والطائفي، وتصوير ان الخطر يمس الطائفة، او المجموعة، وان ذلك يعني نهايتها. فيما الحقيقة عكس ذلك على الاطلاق، وان شعارات الترهيب والترغيب هي اداة لاستكمال السيطرة على ما تبقى من لبنان، ليس الجغرافيا ولا القوة الطائفية، انما الاقتصاد والاموال، وفي النهاية فإن هؤلاء يستقلون طائراتهم الخاصة، او يخوتهم، ويفرون في ليل مدلهم الى الجنات التي اقاموا فيها ملاذات امنة لهم، تتمتع عائلاتهم بما نهبوه، و ليذهب “وطن الارز”، و”هالكم الارزة العاجقين الكون” الى الجحيم. اليوم يهولون على الناس بالدولار والليرة، فيما هم نهبوا وفقا للارقام المنشورة، من اكثر من مرجعية اجنبية، نحو 425 مليار دولار، اضافة الى 273 مليار دولار كانت ودائع الناس في المصارف اللبنانية لغاية العام 2019، وهذه حكاية اخرى لا يمكن السكوت عنها، لكن حين يهول على الجائع بين امنه الاجتماعي ورغيف عيشه، او يقال له ان الفريق الفلاني يريد اجتثاثك من الوجود، او بين القبول بالمعالجات الخطأ يقبل اقل المرين، فيما هو يأكل العلقم يوميا، لهذا لن يضيره اذا تجرعه مرة اخرى. تابعت الكثير من برامج “الثرثرة” السياسية في الاونة الاخيرة، وقرأنا عشرات المقالات عمن يتسبب بالازمة، في  مشهد اقل ما يقال فيه انه “حول سياسي”، اذا احسنا القول، بينما هو “عمى بصيرة” عما يعانيه الشعب اللبناني، لسبب بسيط جدا، وهو ان هؤلاء مدفوعين الى قول ذلك، لمصالحهم الشخصية، ولخدمة الفريق الذي ينتمون اليه، بينما الحقيقة في الانفجار الاجتماعي الكبير، والجريمة التي تزداد يوميا، وطبعا الطبقة السياسية لا ترى هذه الحقيقة، فهي مشغولة بالمزيد من افقار الشعب. نعم، صدق السيد المسيح بقوله: ” مَرْتا، مَرْتا، إِنَّكِ تَهْتَمِّينَ بِأُمُورٍ كَثِيرَة، وَتَضْطَرِبِين! إِنَّمَا المَطْلُوبُ وَاحِد”، فهل يدرك الشعب اللبناني ذلك؟ رغم الشك الكبير في هذا الشأن الا ان يبقى الامل فيه، وانه يستطيع الخروج من ازمته التي المستمرة منذ العام 1969 الى اليوم. كاتب وصحافي لبناني

المصدر: رأي اليوم

إقرأ أيضاً:

وكيل خطة النواب: نثمن جهد وزارة المالية فيما يتعلق بإطلاق الحزمة الأولى للتيسيرات الضريبية والأهم التطبيق

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

قال النائب مصطفى سالم وكيل لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب: “نثمن جهد وزارة المالية في ما يتعلق بإطلاق الحزمة الأولى للتيسيرات الضريبية، ومنها هذا القانون المنظور الآن، حيث وصلت المتأخرات الضريبية  في 6/30 مبلغ 397 مليارا منها 313 متنازع عليها بنسبة 80%”.

وأضاف سالم، خلال كلمته بالجلسة العامة اليوم الثلاثاء، أثناء نظر قانون تسوية المنازعات الضريبية: "من السهل أن نصدر قوانين أو قرارات ولكن من الصعب تطبيقها نتيجة العديد من المعوقات التي تواجهه التطبيق، وأذكر منها ما يتعلق بتطبيق هذا القانون في ما يلي:

1- هيكل تشكيل اللجان: حيث تتشكل اللجان من رئيس اللجنة وهو أحد ذوى الخبرة، من غير العاملين بالمصلحة، وعضوية أحد أعضاء الهيئات القضائية بدرجة مستشار على الأقل وعضو فني بالمصلحة، وبالتالي فإن عبء العمل بالكامل يقع على العضو الفني بالمصلحة، وبالتالي عدم سرعة البت في المنازعات، كذلك تدنى المكافآت المالية لتلك اللجان، ما يؤدى إلى إحجام الأعضاء الفنيين

ذوى الخبرة بالمصلحة من العمل بتلك اللجان.
2- قلة عدد اللجان المشكلة في قطاع الأمول (المراكز الضريبية والمساهمة
والاستثمار).
3- تأخر اعتماد اللجنة العليا ( المفوضة من وزير المالية) للملفات المحالة إليها لفترات ليست بالقليلة مما يحمل الممول الكثير من الغرامات وبالتالي الإخلال بأهم أهداف القانون.

4- محاضر قرارات اللجان لا يتم نشرها وإرفاقها بالملفات الضريبية، مما يؤثر على اعتماد الأرصدة الضريبية في السنوات التالية لسنوات النزاع.
5- يجب إعادة النظر في منهجية عمل إدارات الفحص، خاصة بالمراكز الضريبية، وذلك للعمل على تقليل المنازعات من الأساس.
6- ما زال هناك رصيد من المنازعات الضريبية لم يتم حلها حتى الآن بلجان إنهاء المنازعات القائمة من القوانين السابقة.
وطالب سالم وزير المالية بالعمل على إزالة تلك المعوقات، وقال: “إننا في حاجة أن نعرف من الوزير عدد الطلبات المقدمة منذ سنوات ولم يتم الانتهاء منها حتى الآن".

مقالات مشابهة

  • وكيل خطة النواب: نثمن جهد وزارة المالية فيما يتعلق بإطلاق الحزمة الأولى للتيسيرات الضريبية والأهم التطبيق
  • دعوة هامة من خادم الحرمين الشريفين لرئيس الحكومة اللبناني
  • وصول الطائرة السعودية الـ19 لإغاثة الشعب اللبناني إلى مطار بيروت الدولي
  • متوجهة لمطار بيروت الدولي.. مغادرة الطائرة السعودية الـ19 لإغاثة الشعب اللبناني الشقيق
  • ترامب يوجه رسالة إلى الشعب اللبناني والمسلمين من داخل مقهى.. ماذا قال؟
  • الحويج: ليبيا لن تكون “شرطيًا لأوروبا” فيما يتعلق بملف الهجرة
  • د.حماد عبدالله يكتب: الحقيقة الغائبة ؟؟
  • يثقون فيه أكثر من السياسيين.. استطلاع يكشف علاقة المغاربيين بالجيش
  • سويلم: يجب الالتزام بتطبيق مبادئ القانون الدولي فيما يخص المياه العابرة للحدود
  • أستاذ تاريخ: مصر تحترم القانون الدولي فيما يخص عبور السفن بقناة السويس