السفير علي محسن حميد من الصعب إنصاف العلاقات اليمنية – المصرية في مقالة واحدة لقدمها ولتشعبها وللمصالح المشتركة الكبرى بين الشعبين. كانت مصر منذ أربعينات القرن الماضي قبلة تعليمية لليمنيين وقبل ذلك كان البن اليمني هو الوحيد الذي يستهلكه المصريون. في حي الحسين أنشأت أسرة بازرعة وكالة بازرعة التي كانت تورد البن، المعروف اليوم في العالم كله ب” بن المخا”، إلى مصر .
الأسرة تقاسمت الجنسيتين اليمنية والمصرية ووكالتها معلما تاريخيا اليوم. هذه العلاقات تطورت بعد قيام ثورة 1962 في الشمال رغم أن فترة الخمسينات شهدت قفزات أبرزها التوقيع على ميثاق جدة الثلاثي عام 1956 بين اليمن ومصر والسعودية وبعثات تعليمية مدنية وعسكرية مصرية محدودة إلى اليمن المتوكلي وإصغاء ولي العهد البدر لنصائح عبد الناصر للانفتاح على الاتحاد السوفيتي وحلفاؤه وعلى الصين الشعبية التي كانت شبه معزولة عالميا، والجهد الدبلوماسي اليمني – المصري المشترك في الجامعة العربية وفي الأمم المتحدة وحركة عدم الانحياز لإنهاء الاستعمار البريطاني للجنوب اليمني المحتل. ماسبق توج بقبول اليمن في اتحاد مصر وسوريا عام 1958 ،الذي سمي ب” الجمهورية العربية المتحدة” ، تحت مسمى، “اتحاد الدول العربية”، بعد “استخارة” للإمام أحمد رأى فيها أن نجم عبد الناصر يسطع وانتهى بقصيدة انتقد فيها الإمام الاشتراكية في مصر التي اعتبرها ضد الإسلام وهي على العكس من صميمه. شجع انفصال سوريا في 28 سبتمبر 1961 الإمام على نظم قصيدته في ديسمبر للفكاك من الاتحاد ولأول مرة وظف الإمام الشعر للتعبير عن موقف سياسي رغم توقعه بأن النتيجة ستكون في غير صالحه وأن مصر قد توظف ضده إعلامها الذي كان يخشاه طول عهده. إن علاقات اليمن بمصر ضاربة في القدم وقد ساعد على نموها أن اليمن كانت طوال تاريخها دولة، بل الدولة الوحيدة في الجزيرة العربية. وفي رأي البروفسور الراحل فرد هاليدي أن اليمن كانت واحدة من أقدم دول المنطقة وقد عدد هاليدي أربعا منها في اليمن ومصر والعراق وفارس. زاد افتتاح قناة السويس عام ١٨٦٨ من أهمية البحر الأحمر وباب المندب و من التعاملات التجارية بين البلدين. وقبل افتتاح القناة تعاون البلدان عسكريا في مواجهة أخطار الاستعمار البرتغالي في القرن السادس عشر على عدن واحتلاله لبعض الجزر اليمنية لفترة قصيرة لتحقيق هدف صليبي معلن هو تدمير الحرمين الشريفين وقد احتل ميناء جدة ولكنه انسحب منها خشية العواقب. وأثناء احتلال نابليون لمصر جهزت اليمن عونا عسكريا لمصر وحالت دون وصول عتاد عسكري فرنسي إلى مصر من المحيط الهندي عبر المنافذ البحرية اليمنية. دور مصر الحديث في اليمن : يتذكر اليمنيون بامتنان دور مصر المفصلي في دعم ثورتهم عام ١٩٦٢ التي أنهت نظاما مغرقا في الرجعية وأسهمت في بناءجمهوريتهم من الصفر. على سبيل المثال وليس الحصر، عرفت اليمن عام ١٩٦٣ أول شهادة إعدادية في تاريخها كله بمنهج دراسي حديث وأول شهادة ثانوية عامة عام ١٩٦٦على أيدي أساتذة مصريين كنا كطلاب في مدينة تعز نذهب على الأقدام لاستقبالهم في المطار. وإدراكا من أساتذتنا لمستوانا التعليمي المتدني كانوا يعينونا بدروس مجانية لسد الفجوة التعليمية بيننا وبين زملاءنا في مدارس الجمهورية العربية المتحدة. وخلال الحرب على الجمهورية لإعادة الشرعية الإمامية، وما أشبه اليوم بالبارحة، بقوة السلاح وبالمرتزقة الأجانب استعذبت أطراف عربية واستعمارية وصف دور مصر في اليمن ب” الاحتلال ” وهي التي بنت وعلى نفقتها أول ثلاث مدارس ثانوية في صنعاء وتعز والحديدة و كانت تدفع مرتبات مدرسيها في اليمن وكل مصري له علاقة بالعملية التعليمية وقبلت في جامعاتها عام ٦٦ سبعة وسبعين طالبا يمنيا على نفقتها. الاحتلال ينهب ولايمنح. الحقيقة الغائبة هي أن هزيمة عبد الناصر في اليمن كانت هي الهدف الرئيسي وقد قال مسؤلان سعوديان كبيران للصحفي المصري عبده مباشر في ديسمبر ١٩٦٥ ” أنهما على استعداد لإنفاق آخر هللة في خزينتيهما لإسقاط عبد الناصر. قيل هذا بعد ثلاثة أشهرفقط من توقيع اتفاقية جدة بين عبد الناصر وفيصل في اغسطس لتحقيق السلام في اليمن. وفي التنمية الإدارية ذكر الأديب الكبير نجيب محفوظ وهو يتحاور في صنعاء عام ١٩٦٤ مع أحد خبراء مصر لإ نشاء نظام مالي ” إذاً أنتم أول من بشر بالروتين في أرض اليمن”. وأضاف محفوظ أن أحدالخبراء قال له ” لقد أغلقت اليمن الأبواب على نفسها ألف سنة ولم يختف منها الشعر لكن المشكلة الحقيقية هي متى يغزوها العلم”. وبدون جدال لقد غزاها العلم والتحديث على أيدي المصريين وهذا ماكان يخيف أعداء الثورة. هذا عن الشمال فماذا عن الجنوب؟. بز إسهام مصر في دعم ثورة ١٤اكتوبر١٩٦٣ في الجنوب اليمني المحتل دور الشمال نفسه وكان ولايزال نقطة مضيئة أخرى في العلاقات اليمنية – المصرية. لقد قدمت مصر ما لم تقدمه دولة أخرى من عون شامل لتحرير الجنوب من الاستعمار البريطاني حتى حقق الجنوب استقلاله عام ١٩٦٧ بقيادة الجبهة القومية وأصبح البحر الأحمر من قناة السويس حتى باب المندب بحرا عربيا. وبدون الاستقلال لم يكن بالإمكان غلق مضيق باب المندب في وجه السفن الإسرائيلية في حرب اكتوبر المجيدة عام ١٩٧٣ من قبل اليمن الجنوبية وكان ذلك إسهاما مهما في تحقيق النصر، وفي نفس الوقت رد جميل مستحق لمصر التي يؤمن اليمنيون بأن أمنهم وأمنها مترابطين. عاصفة الدمار الشامل: في الحرب الكارثية التي بدأت بعاصفة الحزم عام ٢٠١٥ ولم تختتم فصولها السوداء بعد، كانت مصر عضوا صوريا ولفترة قصيرة فيما سمي ب” التحالف العربي” وقد قبلت دورها فيه مجاملة للسعودية. وللصحفي الراحل مكرم محمد أحمد مقال له في الأهرام في 24/12/2016 أوضح فيه هذا الأمر وجاء فيه ” ارتضت مصر لنفسها دورا في التحالف [السعودي] ،هكذا، ضد الحوثيين رغم أنها لم تستشر ولم تأخذ علما بوجودها ضمن قوات التحالف إلا بعد إعلان الرياض عن تشكيل هذا التحالف وأهدافه. فعلت ذلك مصر عن طيب خاطر حرصا على مصالح السعودية وحفاظا على مكانتها”.مصر رغم الإلحاح لم تقبل أن تشارك في أي عدوان جوي أو بري على اليمن ولو فعلت ذلك لكأنها تحارب ثورتين دعمتهما وتحملت بسببهما متاعب جمة. ومنذ بداية حرب “عاصفة الحزم” الكارثية على اليمن وعلى السعودية عبرت مصر عن رفضها للحرب بتكرار القول على أعلى المستويات سرا وجهرا بأن على اليمنيين بأن ينهوا حروبهم بالتفاوض وبالحوار حرصا على وطنهم ومصالحهم لأن طريق الحل العسكري مسدود.مصر الحريصة على عافية دولتها وقيام مؤسساتها بدورها الوطني والوظيفي في مناخ سلمي خال من العنف والإرهاب تريد أن لاتكون اليمن في وضع غير مستقر وبيئة ينشط فيها الإرهاب الذي يؤثر على أوضاعها الأمنية. إن لموقف مصر أسبابه ومنها حرصها على استمرار ثورتي سبتمبر واكتوبر كمنجزين كان لدعمها لهما دورا كبيرا في نجاحهما و على عدم تدمير منجزات اليمنيين المتواضعة ومنها مادمر عن عمد كالمصانع والمزارع وعشرات المناطق الأثرية وعلى أن يحيا اليمنيون حياة طبيعية ولا يتدخل الغير في شؤنهم الداخلية. وكنتيجة للحرب تستضيف مصر أكثر من مليون ونصف المليون يمني اختاروا أن يقيموا في مصر هم التي يدخلونها بسلام آمنين. ولهذا الاختيار دلالته البارزة فهو محصلة لمشاعر شعبية إيجابية نحو مصر وتعبير عن اطمئنان اليمنيين بممارسة حياة طبيعية بين إخوانهم المصريين الذين لايميزون ولا يتعالون. تحية وفاء لثورة ٢٣ يوليو ولقائدها جمال عبد الناصر ولكل جندي وطأت أقدامه اليمن وللشعب المصري الشقيق. إن الوفاء لتضحيات مصر في اليمن يوجب على اليمنيين الاحتفال بثورة يوليو وترجمة شبه الإجماع اليمني بأنه لولا دعم مصر لثورتي اليمن لما قامت لهما قائمة في ستينات القرن الماضي. كاتب يمني
المصدر: رأي اليوم
كلمات دلالية:
عبد الناصر
على الیمن
فی الیمن
إقرأ أيضاً:
مرسيدس تُطلق ثورة القيادة الذاتية بهدوء في S Class 2026
تستعد مرسيدس بنز حاليًا لإدخال تحديث كبير للقيادة الذاتية في سيارة S Class 2026، مما يمثل خطوة جديدة نحو تعزيز تقنية القيادة الذاتية لدى صانع السيارات الفاخرة. وعلى الرغم من أن التفاصيل لا تزال شحيحة.
مرسيدس AMG تصبح أغلى قليلاً في عام 2025
وسيشمل هذا التحديث قدرات موسعة للقيادة الذاتية من المستوى الثالث، مما يتيح للسيارة التعامل مع سيناريوهات قيادة أكثر تعقيدًا مع تدخل أقل من السائق.
أبرز ملامح التحديث في سيارة S Class 2026: تعزيز القدرة على القيادة الذاتية من المستوى الثالث، قدمت مرسيدس بالفعل نظام القيادة الذاتية من المستوى الثالث من خلال نظام Drive Pilot، الذي يسمح بالقيادة بدون استخدام اليدين في ظروف معينة «مثل القيادة على الطرق السريعة أو في حركة المرور البطيئة».

S Class
2026 من المتوقع أن يوسع التحديث لسيارة S Class 2026 هذه القدرات، مما يمكّن السيارة من العمل بشكل مستقل في مجموعة أوسع من البيئات، بما في ذلك المناطق الحضرية والمواقف المرورية الأكثر ديناميكية.
تحسين مجموعة المستشعرات لدعم الميزات المتقدمة للقيادة الذاتية، من المرجح أن تحتوي سيارة S-Class 2026 على مجموعة مستشعرات محدثة. قد تشمل هذه التحسينات ليدار عالي الدقة، وكاميرات إضافية، وأنظمة رادار محسّنة لتوفير رؤية شاملة ومتكاملة لمحيط السيارة.
تحسينات البرمجيات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، سيكون محور التحديث هو التقدم في خوارزميات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي للسيارة. ستساعد هذه التحسينات السيارة على فهم بيئتها بشكل أفضل، وتوقع سلوك مستخدمي الطريق الآخرين، واتخاذ قرارات قيادة أكثر أمانًا وكفاءة.

S Class 2026
تكامل سلس مع نظام الملاحة، سيقوم النظام المحدث بإدخال تكامُل أعمق مع برنامج الملاحة الخاص بالسيارة، مما يتيح تحسين المسار بناءً على بيانات حركة المرور في الوقت الفعلي واتخاذ قرارات مستقلة أثناء الرحلات الطويلة.
التركيز على السلامة والراحة، ستُجري شركة مرسيدس بنز وبهدوء تحديثًا ضخمًا على نظام القيادة الذاتية في سيارة اس كلاس فيس لفت المجددة القادمة.
مرسيدس اس كلاس
كما هو الحال دائمًا، تضع مرسيدس تركيزًا قويًا على السلامة وراحة الركاب. من المتوقع أن يقلل النظام الجديد من إجهاد السائق عن طريق التعامل مع مهام القيادة المملة أو المجهدة، مع ضمان أمان الركاب في جميع الأوقات.
نظام القيادة الذاتية في سيارة S Class 2026
يبدو أن مرسيدس تتبع نهجًا متوازنًا في الإعلان عن هذا التحديث، ربما لتجنب المبالغة في الوعد أو رفع التوقعات قبل الأوان. تختلف الموافقات التنظيمية على القيادة الذاتية من المستوى الثالث وما فوقها اختلافًا كبيرًا بين المناطق، وقد تكون الشركة تنتظر إرشادات أكثر وضوحًا قبل تقديم ادعاءات رسمية حول قدرات النظام.

S Class 2026
بالإضافة إلى ذلك، فإن المنافسين مثل تسلا وبي ام دبليو يتبعون أيضًا تقنيات القيادة الذاتية بقوة، لذلك قد تحافظ مرسيدس على سرية خططها للحفاظ على ميزة تنافسية.
ماذا يعني هذا للمستقبل؟
يؤكد تحديث S Class 2026 التزام مرسيدس بقيادة الجهود في مجال القيادة الذاتية ضمن فئة السيارات الفاخرة. من خلال الجمع بين الأجهزة المتطورة والذكاء الاصطناعي المتطور، تهدف الشركة إلى إعادة تعريف ما يمكن أن يتوقعه السائقون من سياراتهم - ليس فقط كوسائل نقل ولكن كمرافق ذكية قادرة على إدارة جزء كبير من تجربة القيادة.
وعلى الرغم من أن القيادة الذاتية الكاملة (المستوى الخامس) لا تزال بعيدة لسنوات كونها تطلب موافقات دولية وطرق مناسبة وهناك مصاعب عديدة بالنسبة لشركات تأمين السيارات ضمن هذا الفئة من المركبات التي تعتمد فقط على التقنيات بدون تدخل سائق بشري، إلا أن التحديثات التدريجية مثل هذه تقربنا من مستقبل حيث يمكن للسيارات التنقل بأمان على الطرق مع القليل جدًا من التدخل البشري أو بدونه. في الوقت الحالي، تعد سيارة S Class 2026 نظرة على هذا الواقع الذي ليس ببعيد.
اقرأ أيضاًبورش ومرسيدس تواجهان خسائر بقيمة 3.7 مليار دولار بسبب رسوم ترامب
أداء رياضي فائق وفخامة.. مواصفات وسعر سيارة مرسيدس AMG GT 43 2025
«مرسيدس - بنز إيجيبت» تستهدف زيادة إنتاجها بالسوق المصري 30% خلال عام 2025