الدولرة.. عندما تُفقد الثقة بالعملات المحلية
تاريخ النشر: 14th, March 2024 GMT
يشير مصطلح "الدولرة" إلى استخدام الدولار بدلا من العملة المحلية في بلد ما، أو استخدامه إلى جانب العملة المحلية. وتحدث الدولرة عادة عندما تفقد عملة البلد فائدتها كوسيلة للتبادل، بسبب التضخم المفرط أو عدم الاستقرار.
نشأة الدولرةعند اندلاع الحرب العالمية الأولى قررت العديد من الدول التخلي عن معيار الذهب لتتمكن من طباعة النقود لدفع ثمن مشاركتها العسكرية في الحرب.
وفي أعقاب الحرب العالمية الثانية عقد مؤتمر "بريتون وودز"، الذي حضره ممثلون عن 44 دولة ووضعوا إستراتيجيات لتعزيز الاستقرار المالي الدولي، إذ وافقت البلدان المشاركة على المحافظة على قيمة عملتها في نطاق هامش ضيق مقابل الدولار وسعر مماثل من الذهب عند الحاجة.
وعلى إثر ذلك، بدأ عدة دول تربط عملتها المحلية بعملة قابلة للتحويل أو تخلت تماما عن العملة المحلية لصالح الاستخدام الحصري للدولار الأميركي من خلال ما بات يعرف بـ"الدولرة".
ومنذ ذلك الحين باتت الدول ذات الاقتصادات النامية، أو التي تعاني من أزمات اقتصادية، تلجأ إلى الدولرة للحفاظ على عملة معومة أو الحد من المخاطر الاقتصادية التي تتعرض لها البلاد، إذ قد تساهم الدولرة في خلق مناخ اقتصادي واستثماري أكثر استقرارا وأمانا.
الدولرة تحدث عادة في البلدان النامية ذات السلطة النقدية المركزية الضعيفة أو البيئة الاقتصادية غير المستقرة (شترستوك) أين تحدث الدولرة؟وتحدث الدولرة عادة في البلدان النامية ذات السلطة النقدية المركزية الضعيفة أو البيئة الاقتصادية غير المستقرة. ويمكن أن يتم اتباعها سياسة نقدية رسمية (من خلال المراسيم التشريعية الحكومية) أو تكون عملية أمر واقع في السوق، من خلال اعتماد أصحاب رؤوس الأموال عليها بدون وجود قرار حكومي بذلك.
الدولرة الجزئية والكاملةوفي بعض الأحيان، يتم اعتماد الدولار في معظم المعاملات الخاصة والعامة والعقود والحسابات المصرفية، لكن مع بقاء العملة المحلية هي العملة القانونية الأساسية في البلاد، وهذا ما يعرف بـ"الدولرة الجزئية"، وفي أحيان أخرى قد يصدر قرار باتخاذ الدولار عملة قانونية بديلة عن العملة المحلية، وهذا ما يعرف بـ"الدولرة الكاملة".
أسباب اللجوء إلى الدولرةالسبب الرئيسي وراء الدولرة هو البحث عن الاستقرار المالي الذي لا تستطيع العملة المحلية توفيره، وذلك بسبب تأرجح قيمتها.
على سبيل المثال قد يلجأ المواطنون إلى الدولرة عندما يصبح التضخم متفشيا في البلاد، فيستخدم الدولار لإجراء المعاملات اليومية نظرا لأن التضخم سيؤدي إلى انخفاض مستمر في قيمة العملة المحلية.
ومن جانب آخر تتخلى الدولة عن بعض قدرتها على التأثير على اقتصادها من خلال السياسة النقدية عن طريق تعديل المعروض النقدي. وتستعين الدولة التي تتحول إلى الدولرة فعليا بمصادر خارجية لسياستها النقدية في بنك الاحتياطي الفدرالي الأميركي، وقد يكون هذا عاملا سلبيا، إذ يتم وضع السياسة النقدية لصالح الاقتصاد الأميركي وليس لصالح الدول المعتمدة على الدولار.
عندما تتخلى دولة ما عن خيار طباعة أموالها الخاصة فإنها تفقد قدرتها على التأثير بشكل مباشر على اقتصادها (شترستوك) مزايا الدولرةمن الممكن أن يكون هناك العديد من المزايا للاعتماد على الدولرة، بما في ذلك:
حماية الأفراد والمؤسسات من مخاطر انخفاض قيمة العملة المحلية. الحماية من مخاطر التضخم. القضاء على هجمات المضاربة على العملة المحلية وسعر الصرف. تشجيع المستثمرين المحليين والأجانب على استثمار الأموال في البلاد، لا سيما أن الدولرة تضمن خفض أسعار الفائدة على اعتبار أن فرق سعر الصرف لم يعد يمثل مشكلة.يمكن للدولرة كذلك أن تحسن الاقتصاد العالمي من خلال السماح بدمج الاقتصادات بشكل أسهل في السوق العالمية. والنتيجة هي سوق رأسمالية أكثر استقرارا، ونهاية تدفقات رأس المال المفاجئة إلى الخارج.
مساوئ الدولرةعندما تتخلى دولة ما عن خيار طباعة أموالها الخاصة، فإنها تفقد قدرتها على التأثير بشكل مباشر على اقتصادها، بما في ذلك حقها في إدارة السياسة النقدية وأي نظام لسعر الصرف الخاص بعملتها المحلية.
ويفقد البنك المركزي للدولة قدرته على تحصيل "رسوم صك العملة"، أي الربح الناتج عن إصدار العملات المعدنية. وبدلا من ذلك، يحصّل بنك الاحتياطي الفدرالي الأميركي رسوم صك العملة، وهذا قد يكبد الحكومة المحلية والناتج المحلي الإجمالي خسائر كبيرة.
وفي اقتصاد يعتمد بالكامل على الدولار، يفقد البنك المركزي للدولة المعنية أيضا دوره باعتباره "مقرضا" في النظام المصرفي. ورغم أنه قد يظل قادرا على توفير أموال الطوارئ قصيرة الأجل من الاحتياطيات المحتفظ بها، فإنه لا يستطيع توفير الأموال الكافية لتغطية عمليات السحب في حالة قرر الكثير من الأشخاص سحب ودائعهم نتيجة فقدانهم الثقة في البنك المركزي.
وهناك خسارة أخرى قد تتكبدها الدولة التي تختار الدولرة، وهي أن أوراقها المالية يجب أن يتم شراؤها مرة أخرى بالدولار الأميركي. وبدون احتياطيات كافية، سيتعين عليها إما اقتراض الأموال عن طريق إدارة عجز في الحساب الجاري أو إيجاد وسيلة لتجميع فائض في الحساب الجاري.
ماذا لو توقفت الدول عن استخدام الدولرة؟تعتمد الولايات المتحدة على الدور الذي يلعبه الدولار عملة احتياطية لدعم العجز الضخم في الإنفاق الحكومي والتجارة الدولية. ومن ثم إذا توقفت البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم عن الاحتفاظ بالدولار، فمن المرجح أن تفقد الولايات المتحدة هذه الميزة.
مثال على الدولرةأجرت زيمبابوي اختبار الدولرة لمعرفة ما إذا كان اعتماد العملة الأجنبية يمكن أن يمنع التضخم المرتفع ويحقق الاستقرار في اقتصادها، وذلك بعد أن وصل معدل التضخم بالدولار الزيمبابوي إلى نحو 2.2 مليون في يوليو/تموز 2008، وقتها أعلن القائم بأعمال وزير المالية أنه سيتم قبول الدولار الأميركي عملة قانونية لعدد معين من التجار وتجار التجزئة.
وبعد التجربة، أعلن وزير المالية أن البلاد ستتبنى الدولار الأميركي، من خلال تقنين استخدام العملة المحلية عام 2009، وقد تم تعليق استخدام الدولار الزيمبابوي في وقت لاحق عام 2015.
وعملت الدولرة في زيمبابوي على الفور على خفض معدلات التضخم. وقد أدى ذلك إلى الحد من عدم استقرار الاقتصاد العام للبلاد، وهو ما سمح لها بزيادة القوة الشرائية لمواطنيها وتحقيق نمو اقتصادي متزايد، إضافة إلى ذلك أصبح التخطيط الاقتصادي طويل المدى أسهل بالنسبة للبلاد، إذ اجتذب الدولار المستقر بعض الاستثمارات الأجنبية.
ومع ذلك، لم تكن الدولرة رحلة سلسة تماما بالنسبة لزيمبابوي، إذ رافقها عدد من المساوئ، ومن أبرزها أن جميع السياسات النقدية المتعلقة بالبلاد باتت تصمم من قبل الولايات المتحدة بدلا من الحكومة المحلية، كما أن القرارات التي يتخذها بنك الاحتياطي الفدرالي لا تأخذ في الاعتبار مصالح زيمبابوي عند وضع السياسات المالية.
ولم يقتصر الأمر على عدم قدرة زيمبابوي على جعل سلعها وخدماتها أرخص في السوق العالمية من خلال خفض قيمة عملتها، بل إن تأثير الدولرة على الأنظمة المصرفية أدى إلى تثبيط الاستثمارات الأجنبية من البلدان الأخرى.
هذه المساوئ جعلت زيمبابوي تعكس مسارها عام 2019، من خلال إعادة تقديم دولار زيمبابوي جديد وحظر استخدام الدولار الأميركي والعملات الأجنبية الأخرى. وتُعرف هذه العملية بإلغاء الدولرة التي تحدث عندما تقلل الدول اعتمادها على الدولار الأميركي.
وكان التضخم في الدولار الزيمبابوي الجديد حادا، واستمر الاستخدام الكبير للدولار الأميركي عملة في السوق السوداء. ورغم هذه التحديات، اعتبارا من عام 2022، أعلنت زيمبابوي أنها لا تنوي العودة إلى الدولرة مطلقا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 حريات الدولار الأمیرکی العملة المحلیة إلى الدولرة فی السوق من خلال
إقرأ أيضاً:
إيران.. انخفاض طفيف في معدل التضخم خلال شهر نوفمبر
الاقتصاد نيوز - متابعة
أعلن مركز الإحصاء الإيراني أن معدل التضخم السنوي في إيران في شهر آبان الإيراني (22 أكتوبر حتى 20 نوفمبر 2024) وصل إلى 33.1%.
وفي نوفمبر 2024، بلغ الرقم القياسي لأسعار المستهلك بإيران 279.5، أي بزيادة قدرها 2.8 بالمائة مقارنة بالشهر السابق، وبزيادة 32.5 بالمائة مقارنة بنفس الشهر من العام السابق، وبنسبة 33.1% في الاثني عشر شهراً المنتهية في هذا الشهر مقارنة بنفس الشهر خلال الفترة من العام الماضي.
التضخم النقطيوالتضخم النقطي، هو النسبة المئوية للتغير في مؤشر الأسعار مقارنة بالشهر نفسه من العام الإيراني السابق. سجل التضخم النقطي للأسر في شهر آبان الإيراني (22 أكتوبر حتى 20 نوفمبر 2024) حوالي 32.5%، أي أن الأسر في إيران أنفقت 32.5% أكثر من نوفمبر 2023 على نفس الأصناف من السلع والخدمات. فيما ارتفع معدل التضخم النقطي لهذا الشهر بنسبة 0.9 نقطة مئوية مقارنة بالشهر السابق.
التضخم الشهريوالتضخم الشهري هو النسبة المئوية للتغير في مؤشر الأسعار مقارنة “بالشهر السابق”. في نوفمبر 2024، بلغ معدل التضخم الشهري للأسر الإيرانية قرابة الـ 2.8%. وبلغ معدل التضخم الشهري “للمواد الغذائية والمشروبات والسجائر” 3.6 في المائة و”للسلع والخدمات غير الغذائية” 2.5 في المائة.
التضخم السنويويقصد بالتضخم السنوي النسبة المئوية للتغير في متوسط التضخم في السنة المنتهية بالشهر الحالي مقارنة بنفس الفترة السابقة. وبلغ معدل التضخم السنوي في إيران في نوفمبر ما نسبته 33.1٪، ما يعني أنه انخفض بمقدار 0.5 مقارنة بالشهر السابق.
التغيرات في مؤشر الأسعاربلغ معدل التضخم السنوي في إيران في نوفمبر 2024 ما نسبته 33.1٪، ليتراوح مدى تغيراته لمختلف الفئات العشرية المستهلكة من 30.4% للعشر الأول إلى 33.6% للعشر العاشر. وبناء على ذلك، بلغت الفجوة التضخمية للعشريات خلال هذا الشهر 3.2 نقطة مئوية، ما يعني أنها انخفضت بنسبة 0.4% مقارنة بالشهر السابق.