عربي21:
2024-06-29@22:04:49 GMT

أربعة تخوفات من ميناء غزة

تاريخ النشر: 14th, March 2024 GMT

في خطاب "حالة الاتحاد" أمام الكونغروس أعلن الرئيس بايدن أن الجيش الأميركي سينشئ ميناء على ساحل غزة لتلقّي المساعدات للسكان الذين يعانون من المجاعة. وبحسب ما نُشر في الإعلام فإن الميناء لن يتطلب دخول القوات الأميركية أرض غزة، وسيظل الألف جندي المكلفين بحراسته في سفن حربية قبالة الساحل، وهذا الميناء سيشمل رصيفاً يتصل باليابسة عبر جسر مؤقت، وسيوفر القدرة على استيعاب حمولات مئات الشاحنات من المساعدات يوميا، وسيستغرق إنشاؤه عدة أسابيع.



يبدأ الرصيف البحري من قبرص، وهي أقرب دولة في الاتحاد الأوروبي إلى غزة (تبعد عنها 370 كلم)، وتم تحديد ميناء "لارنكا" كنقطة انطلاق للسفن المحملة بالمساعدات الإنسانية إلى القطاع التي ستأتي من مختلف دول العالم، وبعد تجهيز السفن سيعمل مسؤولون أمنيون إسرائيليون على تفتيشها بميناء لارنكا، لتنطلق بعدها إلى غزة برفقة طائرات مسيرة وحماية أمنية توفرها الدول الشريكة والجيش الإسرائيلي.

مساحة الميناء ستكون 6 كيلومترات مربعة، وتبلغ كلفته الأولية نحو 35 مليون دولار ستدفعها الولايات المتحدة، وسيضم مستشفيات عائمة، ومطاعم ضخمة، وبيوت إيواء مخصصة للطاقم الطبي والجنود والجهات الأمنية.

رأى البعض أن فكرة الميناء "خطوة جريئة" بعد فشل كل مساعي إدخال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة عبر المعابر الرسمية بسبب العراقيل الإسرائيلية، ومحاولة من بايدن لتحسين صورته أمام شعبه مع اقتراب المعركة الانتخابية. ولكنه في واقع الأمر من أكثر المخططات خطورة واعتداءً على سيادة قطاع غزة، وإعلان لبدء مرحلة إدخال قوات أجنبية للتحكم بمستقبل القطاع، بتعاون مريب مع إسرائيل، ويهدف المشروع للتغطية على المشكلة الحقيقية وهي حرب الإبادة، ومنح إسرائيل الضوء الأخضر للاستمرار في عدوانها على القطاع وسكانه على قاعدة "أنتم اقتلوا ودمروا، ونحن سندخل المساعدات".

مع أن السلطة الوطنية لم تصدر تصريحاً واضحاً بشأن الموضوع، إلا أن قيادات في السلطة عبرت عن خشيتها  من استغلال الميناء لتهجير الفلسطينيين من القطاع، وفي بيان لوزارة الخارجية الفلسطينية جاء : "إن تركيز إسرائيل على إعطاء الموافقات على فتح ممرات بحرية ومنع مرور المساعدات برياً عن طريق المعابر، هدفه تطبيق خطة الحكومة بتكريس الاحتلال والفصل بين الضفة الغربية والقطاع وتهجير الفلسطينيين، وأن الممر يترتب عليه مخاطر تستهدف الوضع الديموغرافي في القطاع، في ضوء عمليات القتل والتجويع والحصار". وأنه دليل إضافي على إحجام الإدارة الأميركية عن مواجهة إسرائيل بسبب عرقلتها إدخال مساعدات الإغاثة، أو استخدام نفوذها الاستثنائي على إسرائيل باعتبارها الداعم الرئيسي لها.

وبينما لم تعلق حركة حماس على "الميناء الأميركي" و"الممر القبرصي"، فإن القيادي محمد نزال رحب بالفكرة معتبراً أن أية خطوة من شأنها تخفيف حدة الجوع هي إيجابية.

لكن المقرر الأممي الخاص المعني بالحق في الغذاء ندد بالفكرة، ووصفها بالخبيثة، مضيفا: الولايات المتحدة تقدم المساعدات وفي الوقت نفسه تعطي لإسرائيل ما تحتاجه من قنابل وذخائر ودعم مالي! أما منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية فقد رحبت بالخطة، لكنها قالت: "الجو والبحر ليسا بديلاً عن الأرض".

أما إسرائيل فأرادت التذاكي والادعاء بأنها تفاجأت بالمشروع، فرحبت به، وأكدت أنها ستنسق مع الولايات المتحدة لتطويره، وأنها ستدعمه بالكامل؛ علماً بأن المشروع فكرة إسرائيلية في الأساس، وسبق أن طرحته عام 2015.

ومع أن المشروع في بداياته، وما زالت الصورة غامضة، والظاهر منها هو البعد الإنساني، تحت عنوان إيصال المساعدات الإغاثية إلى قطاع غزة، وعلاج جرحى الحرب.. لكن هذا يستدعي العديد من الأسئلة؛ ألم يكن من الأولى الضغط على إسرائيل لإيقاف عدوانها، أو استصدار قرار من مجلس الأمن بوقف إطلاق النار؟ وإذا كانت أميركا تريد حقا إيصال المساعدات، فلماذا لا تستخدم معبر رفح؟ وإذا كانت مصر تعيق إدخالها كما تزعم إسرائيل، فلماذا لا تستخدم معبر إيرز؟ ولماذا صارت فجأة كل الدول تريد إيصال المساعدات عن طريق الإنزال الجوي؟ وهل عمليات الإنزال الجوي أتت استجابة لرغبة إسرائيل، وتمهيداً لإلغاء معبر رفح، وإيصال المساعدات مباشرة دون أي دور لوكالة الغوث؟ طبعاً لأن صفقة القرن تتضمن إلغاء الوكالة.

التخوف الأول من مشروع الميناء هو ارتباطه بتشجيع هجرة الفلسطينيين طوعاً إلى أوروبا، فإزاء تمسك مصر بموقفها الرافض للتهجير، فإن الميناء قد يوفر الدعم اللوجستي لتسهيل الهجرة، وقد يوفر بواخر نقل عملاقة (ألا تتضمن الحروب مفاجآت غير متوقعة). فقد أدى العدوان إلى تدمير شبه كامل للقطاع، واستشهاد وجرح أزيد من مائة ألف إنسان، ونزوح مليوني مواطن، ومع التجويع والحصار والدمار صار حلم كل مواطن مغادرة هذا الجحيم.

والتخوف الثاني فك ارتباط إسرائيل نهائياً مع غزة، ودفعها بعيداً، بعد أن فشلت في احتوائها أو إلقائها في حضن مصر، مع تعميق فصلها عن الضفة سياسيا، وإداريا، وجغرافيا، وكوحدة جمركية.
والتخوف الثالث إخراج معبر رفح عن الخدمة، لأن إسرائيل لا تثق به، وتعتبره المدخل الرئيسي لأسلحة "حماس"، حيث سيؤدي ذلك مع مرور الوقت وفرض حقائق جديدة إلى إلغاء المعبر أو تهميشه، وقطع كل صلة لغزة مع العمق العربي.

التخوف الرابع مرتبط ببعض المعطيات التي نجمت عن العدوان، والتي كانت سبباً لها؛ وإذا ربطنا تلك المعطيات ببعضها قد نتوصل إلى استنتاجات منطقية؛ فمثلا قامت إسرائيل بشق طريق عرضي يصل بين السياج الشرقي والبحر بثلاثة مسارب، تسمح للدبابات والآليات بقطع المسافة بحدود سبع دقائق، ما يعني فصل القطاع شماله عن جنوبه، وإطباق السيطرة الإسرائيلية الكاملة عليه. وهذا يعني أن احتلال القطاع سيدوم لفترات طويلة جداً، وحتى لو اضطرت إسرائيل للانسحاب سيظل الجيش قادراً على اجتياحه والعودة إليه مجدداً وفي أي وقت، وسيظل تحت الاحتلال المباشر أو غير المباشر. المهم أن هذا الطريق ومناطق تواجد الدبابات ستتصل بالميناء الأميركي، وقد صار واضحا أن هذا الميناء ليس لإيصال المساعدات، بقدر ما سيغدو قاعدة أميركية متقدمة، وموطئ قدم على شاطئ غزة، وتحديداً قبالة حقول الغاز، بما يضمن مستقبلاً تقاسم موارد حقول الغاز بين أميركا وإسرائيل مع أي سلطة ستنصبها في غزة.

من غير الواضح إلى متى سيظل هذا الميناء مؤقتا؟ وما هو مصيره بعد سنوات؟ وقد تعودنا من أميركا على المشاريع الفاشلة، فمثلاً شنّت حرباً على أفغانستان لطرد طالبان، وبعد عشرين سنة أعادتهم للسلطة!



المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه ميناء غزة امريكا غزة ميناء مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

شخصيات إسرائيلية بارزة تحث الولايات المتحدة على إلغاء خطاب نتنياهو أمام الكونجرس

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

دعت مجموعة من الشخصيات الإسرائيلية البارزة، بما في ذلك رئيس وزراء الاحتلال السابق إيهود باراك، واشنطن إلى إلغاء دعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لإلقاء كلمة أمام الكونجرس في 24 يوليو، بحسب ما ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية في تقرير.

ووصف التقرير الدعوة بأنها خطأ فادح، محذرا أن خطاب نتنياهو أمام الكونجرس "لن يمثل دولة إسرائيل ومواطنيها، وسيكافئ سلوكه الفاضح والمدمر تجاه البلاد."

وأوضح التقرير إن مثل هذه الدعوة كان ينبغي أن تعتمد على خطة لإنهاء عدوان الاحتلال الإسرائيلي علي قطاع غزة، وإنقاذ الرهائن الإسرائيليين المحتجزين لدي حماس، وإجراء انتخابات جديدة في إسرائيل، وهي مهام فشل نتنياهو في إنجازها.

كما أشار إلي أن "دعوة نتنياهو ستكافئ ازدراءه للجهود الأمريكية لوضع خطة سلام."

علاوة على ذلك، انتقد التقرير نتنياهو بسبب حكمه الاستبدادي للبلاد، لافتا إلي أن خطابه أمام الكونجرس سيسمح له "بالتباهي أمام ناخبيه بما يسمى بدعم أمريكا لسياساته الفاشلة."

وأضاف التقرير أن "أنصاره في إسرائيل سيشجعهم ظهوره في الكونجرس، للإصرار على استمرار العدوان علي غزة والذي من شأنه أن يؤدي إلي استبعاد أي اتفاق لتأمين إطلاق سراح الرهائن بمن فيهم العديد من المواطنين الأمريكيين، إن إعطاء نتنياهو المنصة في واشنطن لن يؤدي إلا إلى تجاهل غضب وآلام شعبه، الذي تظاهر ضده في جميع أنحاء البلاد، يجب ألا يسمح المشرعون الأمريكيون بحدوث ذلك، يجب أن يطلبوا من نتنياهو البقاء في المنزل."

وفي سياق متصل، قدمت الولايات المتحدة مساعدات أمنية لإسرائيل بقيمة 6.5 مليار دولار منذ عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر الماضي، وفقا لتقرير صادر عن صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية.

وأوضح التقرير أن ما يقرب من نصف المساعدات استمرت حتى مايو 2024، بعد 7 أشهر من بدء عدوان الاحتلال الإسرائيلي علي قطاع غزة.

وقال مسؤول كبير، في تصريحات نشرتها الصحيفة، إن حجم المساعدات ضخم للغاية، مضيفا أن ذلك بمثابة مؤشر على مدى عمق العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة.

وناقش وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت ووفده هذه المساعدات خلال زيارتهم للعاصمة الأمريكية واشنطن هذا الأسبوع.

وفي الأسبوع الماضي، زعم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تبطئ إرسال المساعدات لإسرائيل.

يذكر أن العدد الإجمالي لشهداء عدوان الاحتلال علي غزة قد ارتفع إلى 37.658 شهيدا، و86.237 مصابا، معظمهم من الأطفال والنساء، في حين لا يزال آلاف الضحايا تحت الأنقاض، بحسب ما ذكرت وكالة أنباء "وفا" الفلسطينية.

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة: أهالي غزة يعيشون حياة بائسة ويحتاجون إلى كل شيء
  • تداول 40 سفينة للحاويات والبضائع بميناء دمياط
  • جيبوتي تعترض على تصنيف البنك الدولي لموانئها
  • التوترات الحدودية بين الكويت والعراق والارادة الامريكية تعرقل مشروع ميناء مبارك
  • "تعنت مستمر".. إسرائيل تواصل إغلاق معابر غزة لليوم الـ53 على التوالي
  • إسرائيل تواصل إغلاق معابر غزة لليوم 53 على التوالي.. شاهد التفاصيل
  • الأمم المتحدة: مستمرون بتقديم المساعدات في غزة رغم العقبات الخطيرة
  • هل بينها العراق؟.. أبرز تحديات الكويت نحو مشروع “الحزام والطريق”
  • شخصيات إسرائيلية بارزة تحث الولايات المتحدة على إلغاء خطاب نتنياهو أمام الكونجرس
  • عفيفي: تصريحات جالانت حول الدعم السري لإسرائيل فاضحة