انتخاب الرئيس يفتقد لرافعة دولية لا تربطه بصراعات المنطقة
تاريخ النشر: 14th, March 2024 GMT
كتب محمد شقير في" الشرق الاوسط": بدأت معظم القوى السياسية في لبنان تتصرف على أساس أنه لم يحن أوان إنضاج الظروف التي من شأنها أن تدفع باتجاه انتخاب رئيس للجمهورية، لارتباطه بما ستؤول إليه المفاوضات للتوصل إلى وقف إطلاق النار بين «حركة حماس» وإسرائيل، التي تصر على توسيع المواجهة العسكرية مع «حزب الله» لاستدراجه إلى توسعة الحرب على امتداد الجبهة الشمالية، من دون أن تلقى منه التجاوب المطلوب، كونه يتبع «استراتيجية الصبر»؛ استجابة للنصائح التي أُسديت إلى قيادته بضرورة ضبط النفس، وعدم توفير الذرائع لإسرائيل التي تحاول استدراجه إلى ملعبها في ظل تعثّر الوساطة الأميركية التي يتولاها أموس هوكستين لخلق الظروف المواتية لتطبيق القرار الدولي «1701».
فالتسوية الخاصة بلبنان ما زالت بعيدة المنال، لارتباطها الوثيق بالجبهة الغزاوية، وهذا ما يدفع بحكومة تصريف الأعمال إلى وضع خطة للتعايش مع ربط التسوية الخاصة بلبنان بما سيؤول إليه الوضع العسكري على الجبهة الغزاوية، والذي يؤشر إلى وجود نيّة لإعادة النظر في الخريطة السياسية للمنطقة، من دون المساس، كما يقول مصدر نيابي بارز لـ«الشرق الأوسط»، بحدود لبنان المعترف بها دولياً.
ولفت المصدر النيابي إلى أن فك ارتباط انتخاب رئيس للجمهورية بأزمة الشرق الأوسط من البوابة الغزاوية بات في حاجة ماسة إلى رافعة دولية وإقليمية تضغط لإدراج انتخاب الرئيس بوصفه البند الأول على جدول أعمال المجتمع الدولي، من خلال اللجنة «الخماسية» التي تضم الولايات المتحدة الأميركية، وفرنسا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، وقطر، والتي تتصرف منذ اللحظة الأولى لولادتها على أنها تشكل مجموعة دعم ومساندة لتسهيل انتخابه من قبل البرلمان.
وسأل المصدر عن الأسباب الكامنة وراء تعذّر إنضاج الظروف، أكانت دولية أو محلية، لانتخاب الرئيس، ليس لإعادة الانتظام إلى المؤسسات الدستورية فحسب، وإنما لأن هناك ضرورة لانتخابه لتأمين جلوسه إلى طاولة المفاوضات في حال تقرر إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط، لقطع الطريق على من يحاول التفريط بحدوده المعترف بها دولياً.
ورأى المصدر أن الوضع المشتعل في المنطقة يجب أن يشكل حافزاً لانتخاب رئيس الجمهورية، اليوم قبل الغد، وهذا يتوقف على مدى استعداد الكتل النيابية لتقديم التسهيلات السياسية المطلوبة لملاقاة اللجنة «الخماسية» في منتصف الطريق؛ لأنها لن تنوب عن النواب لإخراج الاستحقاق الرئاسي من التأزّم.
وكشف المصدر النيابي أن «الخماسية» تدرس حالياً إمكانية انعقادها على مستوى ممثلي الدول الأعضاء في اللجنة للبحث في تفعيل دورها، على أن يشارك في الاجتماع الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، الذي تواصل الأحد الماضي مع الرئيس بري للوقوف منه على ما لديه من معطيات ومستجدات يمكن أن تؤدي، بالتعاون مع «الخماسية»، إلى حصول متغيرات يمكن أن تساعد في إحداث نقلة إيجابية من شأنها أن ترفع من منسوب التفاؤل لوضع انتخاب الرئيس على نار حامية.
وقال المصدر إن الجديد الذي أبلغه الرئيس بري للودريان يكمن في المبادرة التي طرحتها كتلة «الاعتدال»، وأنه يبارك تحركها لعلها تحدث خرقاً في الحائط المسدود الذي يمنع انتخاب الرئيس.
وفي هذا السياق، علمت «الشرق الأوسط» أن لودريان يتريّث حتى الساعة في تحديد موعد لعودته إلى بيروت، رغم أنه كان تعهّد بأن يعود في كانون الثاني الماضي، وهذا ما أبلغه لرؤساء الكتل النيابية في زيارته الأخيرة التي اختتمها بترجيحه للخيار الرئاسي الثالث، انطلاقاً من تقديره بأن فرنجية ومنافسه الوزير السابق جهاد أزعور يواجهان صعوبة في حصول أحدهما على تأييد الغالبية النيابية لانتخابه رئيساً.
لذلك تستمر «الخماسية»، ممثلة بسفرائها لدى لبنان، بالتواصل مع الكتل النيابية لحثها على تجاوز الخلافات لصالح إنهاء الشغور في رئاسة الجمهورية، فيما قررت قطر الدخول على خط الاتصالات باستقبالها المعاون السياسي لرئيس البرلمان النائب علي حسن خليل، الذي يلبي بالإنابة الدعوة التي وُجّهت لبري من أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.
فزيارة بري لقطر تبقى قائمة، وتلبيتها تتوقف على ما يتوافر من معطيات من شأنها أن تدفع بتفعيل الحراك السياسي لانتخاب الرئيس، بخلاف ما هو قائم حالياً لجهة إطالة أمد الشغور في رئاسة الجمهورية.
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
ما حقيقة الانطباع عن تأجيل انتخاب الرئيس لما بعد 9 كانون الثاني؟!
منذ عيّن التاسع من كانون الثاني المقبل موعدًا لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية، يحرص رئيس مجلس النواب نبيه بري على التأكيد بأنّ هذه الجلسة التي دعا إليها السفراء، ولا سيما ممثلي اللجنة الخماسية المعنيّة بالشأن اللبناني، لن تكون كسابقاتها، بل ستكون مثمرة ومنتجة، وبالتالي ستفضي إلى تصاعد الدخان الأبيض، مشدّدًا على أنّ من سيغيب عن هذه الجلسة سيتحمّل مسؤولياته أمام الرأي العام، وكذلك أمام المجتمع الدولي.لكنّ هذه الأجواء "التفاؤلية" التي يصرّ بري على ضخّها في الأوساط السياسية، لا تجد حتى الآن "ترجمة أمينة"، وفق ما يقول كثيرون، فالمؤشرات لا توحي بنضوج ظروف التوافق الذي يراه كثيرون "شرطًا" لإنتاجية الجلسة، بل إنّ بعض التصريحات السياسية من هذا الفريق أو ذاك، تترك انطباعًا بأنّ الأمور لا تزال "مقفلة"، وسط مخاوف من أنّ إجازة الأعياد التي تستمرّ حتى أسبوع الجلسة المفترضة يمكن أن "تجمّد" المشاورات السياسية "الجدّية".
ولعلّ ما يزيد من مستوى "الضبابية" في هذا السياق، يكمن في ما يتسرّب عن دعوات بدأت تصدر عن بعض القوى، لتأجيل انتخاب الرئيس بضعة أيام بعد التاسع من كانون الثاني، أو لما بعد وصول الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، بحيث تكون الصورة الشاملة في المنطقة قد تبلورت، بل إنّ المفارقة المثيرة للانتباه أنّ بعض هذه الدعوات تصدر عن شخصيات محسوبة على المعارضة، التي تطالب منذ أشهر طويلة بعدم التأجيل!
الترقّب سيّد الموقف
بعيدًا عن التصريحات المتفائلة لرئيس مجلس النواب، والتي كان آخرها تأكيده أن جلسة الانتخاب لا تزال قائمة في موعدها المحدّد، وأنها ستكون مثمرة، يقول العارفون إنّ الأجواء لا تزال "ضبابية" بصورة عامة، حيث لم يسجّل خرق حقيقيّ وملموس يمكن البناء عليه، باستثناء المرونة التي أبداها الطرفان بعيد تحديد موعد الجلسة، والتي بدأ زخمها يتراجع للمفارقة، خصوصًا مع رفع السقف الذي لجأت إليه بعض القوى السياسية في الأيام الأخيرة.
ثمّة من يقول إنّ "الخرق" يبقى مؤجَّلاً لما بعد إعلان رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية انسحابه بصورة رسمية، وهو ما تتقاطع العديد من الأوساط على ترجيح حصوله قريبًا جدًا، وربما في الساعات القليلة المقبلة، علمًا أنّ المشاورات الفعلية والحقيقية ستنطلق بعد ذلك، خصوصًا أنّ قوى المعارضة كانت قد اشترطت إعلانًا رسميًا من "الثنائي" بالتخلي عن فرنجية، قبل فتح قنوات الاتصال معه، وهو ما لن يحصل قبل أن ينسحب فرنجية طوعًا.
لكن في مقابل التفاؤل بتوافق ما بعد انسحاب فرنجية، ثمّة من يشير إلى أنّ الأمور لا تبدو بهذه السهولة، خصوصًا أنّ قوى وازنة في المعارضة تعتبر أنّ الفريق الآخر، وتحديدًا "حزب الله"، بات في أضعف حالاته، بعد الحرب الإسرائيلية على لبنان وسقوط نظام بشار الأسد في سوريا، وهي تريد "تقريش" ذلك على مستوى الاستحقاق الرئاسي، علمًا أنّ ثمّة حديثًا صريحًا في هذا الإطار عن أنّ معادلات الاستحقاق اليوم، لا يمكن أن تكون مثلها مثل معادلات الأشهر السابقة.
هل ينفع التأجيل؟
بمعزل عن هذه المعادلات، ثمّة في الأوساط السياسية من يعتبر أنّ المدّة الفاصلة عن جلسة التاسع من كانون الثاني لم تعد كبيرة عمليًا، ولو بدت كذلك ظاهريًا، باعتبار أنّ إجازة الأعياد قد تقف عائقًا أمام المشاورات الحقيقية في المرحلة المقبلة، خصوصًا أنّ مثل هذه المشاورات لم تبدأ بعد، ولو أنّ هذا الرأي يصطدم بوجهة نظر أخرى تقول إنّ مناسبة الأعياد قد تشكّل فرصة لتكثيف المشاورات على هامش احتفالاتها، وبروحيّة إيجابيّة.
وضمن الحديث عن التأجيل، ثمّة من يشير إلى وجود انطباع بوجوب انتظار وصول الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، للبناء عليه في رسم معالم الاستحقاق، علمًا أنّ هناك اعتقادًا بأنّ وصول ترامب إلى البيت الأبيض سيسبقه حسم الكثير من الملفات العالقة، والتي تؤثر على لبنان، ومن بينها الحرب على غزة، علمًا أنّ التأجيل في هذه الحالة لبضعة أيام فقط قد يأتي بتمنٍ من الكتل السياسية، بغية إتمام التوافق والتفاهم.
وبين هذا الرأي وذاك، يبقى رأي وازن يقول إنّ الانتخاب يجب أن يتمّ في جلسة التاسع من كانون الثاني، وأنّ تأجيلها لن ينفع، فالوقت الفاصل عنها أكثر من كافٍ لإنجاز التوافق، وما لم يحصل ذلك، فيمكن أن يتمّ الانتخاب وفق ما ينصّ عليه الدستور، علمًا أنّ هناك تقاطعًا بين الجميع على أن إنجاز الاستحقاق أكثر من ضروري من أجل التحضير لليوم التالي للحرب على لبنان، خصوصًا مع بدء العدّ العكسي لانتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار.
كثيرة هي الأسباب التي تدفع للاعتقاد بأنّ انتخاب الرئيس "يجب" أن يتمّ في جلسة التاسع من كانون الثاني، وإن تأجّلت فلأيام، وليس لأسابيع، من بينها الانطباع السائد بأنّ هذا الانتخاب هو الجانب غير المُعلَن من "اتفاق وقف إطلاق النار"، وبالتالي أنّ عدم الالتزام به قد يؤدي إلى "فرط" الاتفاق، وعودة عقارب الساعة إلى ما قبله، علمًا أنّ الرهان الأساسي لدى القوى السياسية يبقى على الأيام الأولى من العام الجديد لحسم الأمور نهائيًا! المصدر: خاص "لبنان 24"