أحمد يحيى الديلمي
في هذه الأيام الفضيلة – أيام الرحمة وغفران الذنوب ونحن في ضيافة الخالق سبحانه وتعالى – كان من المفترض أن نتحدث عن فضائل هذا الشهر الكريم وشروط الصوم، إلا أن المشاهد التي تظهر علينا في شاشات التلفزيون كل مساء وصباح تجعل القلم يتوقف والأفئدة ترتجف ، فكم من المجازر تُرتكب صباحاً ومساء في ظل غطرسة وتجبر العدو الصهيوني المدعوم من أمريكا وبريطانيا ومعظم دول الغرب، والعرب للأسف الشديد والمسلمون يتبادلون التهاني بهذا الشهر، أي تهانٍ وأي فرحة وأي رحمة ستتنزل من السماء والدماء تسيل أنهاراً والجوع يفتك بالأطفال والنساء والشيوخ.
ما يحدث في غزة لم يسبق له مثيل في التاريخ الإنساني، ومع ذلك يظل العرب يتشبثون بأمريكا وبريطانيا وبمجلس الأمن الدولي، وهذا الأخير الذي أصابه العجز بل بلغ حالة الشيخوخة المميتة، ويعيش في مرحلة الموت السريري انتظاراً للتشييع النهائي طالما بقيت أمريكا هي المتحكمة في شؤون هذا الكيان وهي التي تشرف على صياغة القرارات، بل وتباركها إذا كانت في صالح العدو الصهيوني فقط، أما ما عدا ذلك فالفيتو كفيل بإسقاطها ومنع خروجها إلى حيز الوجود.
الله معكم يا أهل غزة وقلوبنا معكم وأنتم ترتشفون التُراب بدلاً من الماء عند أذان المغرب وتتعاطون الأشجار في السحور، والمترفين من أبناء جلدتكم يوزعون الأموال يميناً ويساراً وكأن الأمر لا يعنيهم ، بل الأشد والأنكى أن بعضهم يتآمر عليكم ويصدر بيانات تنديد وشجب في صالحكم بينما يده ممدودة للعدو الصهيوني ولأمريكا يمدونهم بالمال والسلاح والغذاء تحدياً للإرادة العربية وللإسلام والمسلمين، فكيف سيقابل هؤلاء الناس رمضان؟ وما هي فلسفة الصوم بالنسبة لهم؟ أليس الصوم مدخلاً للتراحم والتعاطف بين المسلمين وحتى مع غيرهم، فكيف إذا قد تحول هذا الموسم العظيم إلى محطة للتآمر والنيل من المظلومين؟! وكيف يتقبل الله سبحانه وتعالى صوم هذا الحاكم الذي لم يعد له من الإسلام إلا اسمه ومن القرآن إلا رسمه؟! بعد أن نقل المعابد الصهيونية إلى عقر داره وأصبحت تمارس فيها العبادات أفضل من المساجد، فلماذا يدعي أنه مسلم؟! ولماذا يهنئ ويقبل التهاني في رمضان؟!.. مثل هذا الحاكم أين هو من رمضان وأين رمضان منه؟! بل أين هو من الإسلام وأين الإسلام منه؟! لقد تنكر لكل شيء للعقيدة وللعروبة ولكل المقدسات الإسلامية، لذلك يرى ما يجري في غزة عملاً بطولياً وفي قتل الأطفال والنساء غزوات دينية، إنها لطامة كبرى!! خاصة عندما نسمع من يدّعون أنهم عرب وهم يشككون في مواقف الآخرين، كما يحدث مع موقف اليمن البطولي المناصر للمظلومين من أبناء غزة وفي فلسطين بوجه عام، فمثل هذا الحاكم يظل يقلل من أهمية هذا الموقف بينما الشعوب عرفت وتعرف حتمية هذا الموقف وأهميته ومصداقيته الذي جعلته يتميز عن كل المواقف ويعتبر فعلاً موقفاً عظيماً ذا دلالة هامة يؤكد أن الشعب اليمني من حمل الإسلام إلى أصقاع الأرض هو الذي سيظل متمسكاً به وقادراً على أن يدافع عن حياضه .
وهنا نقول لا تيأسوا أبناء غزة طالما أن شعباً مثل اليمن يقف معكم ويؤيدكم ويبذل الغالي والرخيص من أجل نصرتكم، بل ويتعرض للعدوان في سبيل هذا الموقف، فشكراً لهذا الشعب وشكراً لقائده العظيم السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، وإن النصر لقادم إن شاء الله مهما تكالب الأعداء، والله من وراء القصد..
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
مصر منارة الإسلام الوسطي المستنير.. نص كلمة الرئيس السيسي بحفل تخريج أئمة الأوقاف
شارك الرئيس عبد الفتاح السيسي، صباح اليوم الثلاثاء، في حفل تخرج الدورة الثانية لتأهيل أئمة وزارة الأوقاف من الأكاديمية العسكرية المصرية، وذلك بمركز المنارة للمؤتمرات الدولية.
وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية أن تخريج وتأهيل هذه الدفعة الجديدة من الأئمة، التي ضمت 550 امام واستمرت لمدة 24 أسبوعاً، يأتي في إطار تنفيذ توجيهات الرئيس لوزارة الأوقاف، بالتنسيق مع مؤسسات الدولة المعنية، بما فيها الأكاديمية العسكرية المصرية، لوضع برنامج تدريبي متكامل يهدف إلى تعزيز قدرات الأئمة على مختلف المستويات، بما يسهم في الارتقاء بالخطاب الديني وتطوير آليات التواصل، خاصة لمكافحة ودحض الفكر المتطرف، فضلاً عن ترسيخ الوعي والمعرفة والإدراك لمختلف القضايا الفكرية والتحديات الراهنة.
وأضاف السفير محمد الشناوي، المتحدث الرسمي، أن فعاليات الحفل شملت عرضاً لفيلم وثائقي بعنوان «تقرير نجاح الدورة»، تلاه عرض للبحث الجماعي لدارسي دورة الأئمة حول موسوعية العالم والداعية وأثر ذلك على أداء مهامه «الإمام جلال الدين السيوطي نموذجًا»، وإعلان نتيجة تخرج الدورة.
وأدى الخريجون قسم الولاء، وهو قسم مستحدث للخريجين من الأئمة والدعاة، لقنه للخريجين الدكتور أحمد نبوي، عضو المكتب الفني لوزير الأوقاف، وذلك قبل أن تشهد الفعاليات فقرة شعرية ألقاها أحد الدارسين، أعقبها إنشاد ديني.
وألقى كلٌ من الفريق أشرف زاهر، مدير الأكاديمية العسكرية المصرية، والدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، كلمات سلطت الضوء على أهمية التكامل والتعاون بين جهات الدولة المعنية لتنفيذ رؤية القيادة السياسية في إعداد جيل جديد من الأئمة، يجمع بين التعمق في علوم الدين وإتقان أدوات التواصل الحديثة، بما يعزز دورهم في نشر الفكر الوسطي وترسيخ القيم الوطنية.
النص الكامل لكلمة الرئيس في حفل تخريج أئمة الأوقاف
وألقى الرئيس السيسي كلمة بهذه المناسبة، فيما يلي نصها:
«بسم الله الرحمن الرحيم.. أبنائي الخريجين من الأئمة الكرام.. السيدات والسادة الحضور… نحتفل اليوم بتخريج كوكبة جديدة من الأئمة الذين سوف يحملون على عاتقهم أمانة الكلمة، ونشر نور الهداية، وترسيخ قيم الرحمة والتسامح والوعي.
وكنت قد وجهتُ وزارة الأوقاف، بالتعاون مع مؤسسات الدولة الوطنية، وعلى رأسها الأكاديمية العسكرية المصرية، بوضع برنامج تدريبي متكامل يُعنى بصقل مهارات الأئمة علميًا وثقافيًا وسلوكيًا، بهدف الارتقاء بمستوى الأداء الدعوي، وتعزيز أدوات التواصل مع المجتمع، ليكون الإمام نبراساً للوعي، متمكناً من البيان، بارعاً في الإقناع، أمينًا في النقل، حاضرًا بوعيٍ نافذ وإدراكٍ عميق لمختلف القضايا الفكرية والتحديات الراهنة.
وها نحن اليوم أمام ثمار هذا التعاون البناء، نرى فيه هذه النخبة المشرقة من الأئمة الذين تلقَّوا إعدادًا نوعيًا يمزج بين أصول علوم الدين الراسخة وأدوات التواصل الحديثة، متسلحين برؤية وطنية خالصة، وولاءٍ لله ثم للوطن، وإدراكٍ واعٍ لتحديات العصر ومتغيراته، مع المحافظة على الثوابت.
السادة الحضور … أبنائي الأئمة…
في زمن تتعاظم فيه الحاجة إلى خطاب ديني مستنير، وفكرٍ رشيد، وكلمة مسؤولة، تتجلّى مكانتكم بوصفكم حَمَلة لواء هذا النهج القويم. وقد أدركنا منذ اللحظة الأولى أن تجديد الخطاب الديني لا يكون إلا على أيدي دعاة مستنيرين، أغنياء بالعلم، واسعي الأفق، مدركين للتحديات، أمناء على الدين والوطن، قادرين على تقديم حلول عمليةٍ للناس، تداوي مشكلاتهم وتتصدى لتحدياتهم، بما يُحقق مقاصد الدين ويحفظ ثوابته العريقة.
ولا تنحصر مهمة تجديد الخطاب الديني في تصحيح المفاهيم المغلوطة فحسب، بل تمتد لتقديم الصورة المشرقة الحقيقية للدين الحنيف، كما تجلّت في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكما نقلها الصحابة الكرام، وكما أرسى معالمها أئمة الهُدى عبر العصور.
واليوم وانتم تتخرجون، وتخطون أولى خطواتكم في هذا الدرب النبيل، فإن أعظم ما نعول عليه منكم هو أن تحفظوا العهد مع الله، ثم مع وطنكم بأن تكونوا دعاة إلى الخير، ناشرين للرحمة، وسفراء سلام للعالم بأسره.
وإن مصر، بتاريخها العريق وعلمائها الأجلاء ومؤسساتها الراسخة، كانت وستظل منارةً للإسلام الوسطي المستنير، الذي يُعلي قيمة الإنسان، ويُكرّم العقل، ويحترم التنوع، ويرسي معاني العدل والرحمة.
وما نشهده اليوم يؤكد مضيَّ الدولة المصرية بثباتٍ وعزمٍ في مشروعها الوطني لبناء الإنسان المصري بناءً متكاملًا، يُراعي العقل والوجدان، ويجعل من الدين ركيزةً للنهوض والتقدم، في ظل قيم الانتماء والوسطية والرشد.
ختامًا… أُحيي كل عقلٍ وفكرٍ ويدٍ أسهمت في إنجاز هذا العمل الجليل، من وزارة الأوقاف، ومن الأكاديمية العسكرية المصرية، ومن كل مؤسسة وطنية، آمنت بأن بناء الإنسان هو بناء للوطن، وتحصين لجيلٍ قادم، وتمهيدٌ لمستقبل أكثر إشراقًا.
وفقكم الله جميعًا، وبارك في جهودكم، وجعلنا دائمًا في خدمة الحق والخير والإنسانية.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».
وبعد انتهاء الرئيس من كلمته المكتوبة، وجه عدة رسائل تحمل رؤية الدولة في إعداد إنسان متوازن ومسؤول، قادر على الإسهام الإيجابي في المجتمع، مشيراً إلى أهمية الاقتداء بالإمام السيوطي كنموذج يحتذى به، حيث قدم مساهمة استثنائية من خلال تأليف 1164 كتابًا خلال حياته.
وأكد الرئيس أن الكلمات وحدها لا تكفي لإحداث تأثير في المجتمع، بل يجب أن تُترجم إلى أفعال إيجابية وفعالة تُشكل مسارًا يُتبع ويُنفذ.
وضرب مثالًا على ذلك باستخدام مقار المساجد، إلى جانب كونها أماكن للعبادة، لتقديم خدمات تعليمية للطلاب، كما شدد على ضرورة حسن معاملة الجيران، والاهتمام بتربية الأبناء، ومواكبة التطور دون المساس بالثوابت.
واختتم الرئيس حديثه بالتأكيد على أهمية الحفاظ على اللغة العربية، ودور الدعاة في أن يكونوا حماة للحرية، مما يعكس رؤية شاملة للتنمية المجتمعية، مؤكداً سيادته على ان الدورة التي حصل عليها الأئمة بالأكاديمية العسكرية المصرية عكف على إعدادها علماء متخصصون في علم النفس والاجتماع والاعلام وكل المجالات ذات الصلة. وفي النهاية، ذكر الرئيس انه يود الإعراب مجدداً عن التعازي لوفاة البابا فرنسيس بابا الفاتيكان، مؤكداً أن الانسانية قد خسرت بوفاته قامة كبيرة.