حزب الأمة القومي: إعلان القاهرة ملاحظتان!

الواثق كمير

أُهنئ حزب الأمة القومي بانعقاد اجتماعات مؤسسة الرئاسة ومجلس التنسيق للحزب، في القاهرة في الفترة 3-7 مارس الجاري. فمن السلع النادرة أن تجتمع مؤسسات الأحزاب للتداول حول الإصلاحات التنظيمية ومراجعة مواقفها وتحالفاتها السياسية وتطوير أدائها، في ظل حربٍ مُستعِرة، خاصة أن الاجتماعات جاءت في اعقاب ورشة الحزب للحوار حول مشروع الحزب للخلاص الوطني، في فبراير المنصرم.

لدي ملاحظتان على مضمون إعلان القاهرة ومخرجاته، لعلها تُسهِمُ في إثراءِ الحوارِ داخل الحزب حول مختلف القضايا التي تسود الساحة السياسية.

الملاحظة الأولى:

وربما الأهم، يبدو من قراءةِ مَتْن الاعلان، أن أكثر النقاط التي تباينت الآراء حولها هي الموقف من قوات الدعم السريع والتحالفات السياسية للحزب، والتي تم التوافق بشأنها بالتشديد على الحياد تجاه طرفي الحرب. فأفرد الإعلانُ فقرتين مطولتين متتاليتين أدانّ في الأولى تعديات واستهدافات الدعم السريع، بينما شجب في الثانية استمرار القصف العشوائي لطيران الجيش على المدنيين واستهداف البنى التحتية.

في ظني أن هذا الموقف التوافقي على الحياد، الذي أسعد البعض وخيب ظن آخرين، هو الاجدى للحفاظ على تماسك الحزب ووحدة قيادته حتى يتيسر انعقاد الهيئة المركزية أو المؤتمر العام للحزب.

ومع ذلك، فتوقيعِ التحالُفِ السياسي الذي يُعدُ الحزب من مؤسسيه لإعلانٍ للمباديء مع أحد أطراف الحرب، قد يطعن في مصداقية موقف الحياد! وفي رأيي، أن تحقيق الوحدة حول موقف الحزب السياسي، وإقرار تحالفاته الجبهوية، يظل مرهوناً بتوفيرِ أكبرِ قدرٍ من التوافق في الإجابةِ على بِضعةِ أسئلةٍ جوهريةٍ، على رأسها: الموقف من الدعم السريع، والموقف من الجيش وقيادته، والموقف من الإسلاميين.

لقد عبرت فى كثيرٍ من مقالاتى ومساهماتى المختلفة عن الضرورةِ المُلحةِ للإصلاح السياسى لأنّ الغاية المرجوة فى التحول الديمقراطى لا يتيسر لها النجاح دون وجود احزاب سياسية متماسكة، تمارس الديمقراطية داخلها، ومؤسسة على البرامج وليس على مبادئ وقيم المجتمعات قبل السياسية شأن الجهات والمناطق والقبائل، فالأحزاب فى الدولة الحديثة طليعة المجتمع المدنى فى السياسة التى تحفظ مصالحه وتحميها.

فى هذا السياق، أعِدُ أي جُهدٍ، نحو تجميع القوى السياسية ومنظومات المجتمع المدني المدنية الأخرى، خطوةً إيجابيةً فى الإتجاه الصحيح مما يُسهِمُ في تحرير الساحة السياسية من الاختلاف والتشظى رغم وحدة الهدف وتطابق البرامج بين كثيرٍ من هذه القوى. فالأحزاب فى أحدِ وجوهِها المهمة تعمل على تنظيمِ الرأى السياسى داخل المجتمع فى برامجٍ وخُططٍ حتى لا يرتبك الرأى العام فى الاختيار والتمييز والاقتراع فى الانتخابات المُرتقبة والمحاسبة أثنائها وبعدها، وحتى لا يضطرب من كثرةِ الأحزابِ وتشابه البرامج. إنّ الديمقراطية فى الحالة المعاصرة لا تقوم الا بالتحالفات التى تجمع أكبر عددمن القوى السياسية والمجتمع المدنى، وهيّ الأنفع والأجدى خاصة فى واقع السياسة السودانية، الذى يعان ما يعان من الاختلاف غير المؤسس، مع ضرورةِ إدراكِ أنّ التحالفات الصلِبة والمؤثرة مرهونةٌ بقوةِ وتماسُكِ مكوناتها وليس العكس.

ومع ذلك، فإنّ كلَ تلك الاهداف لن تكون إلاّ بالتناولِ الجادِ والصريحِ لمسارِ تلك العملية ومن ذلك ما ورد فى ملاحظتي السابقة، وفى النقاش الذى دار داخل اجهزة حزب الأمة القومي وحمَلهُ إعلان القاهرة، وفى بيانِ لقاء قيادات الحزب مع رئيس تحالف “تقدم” (ولو أنّي لم أطلِع عليه إلاّ بعد أن اكتملت مسودة هذا التعقيب المُقتضب).

الملاحظة الثانية:

في الفقرة السادسة من الإعلان، يقر الحزب “الاتصال بالأطراف المتحاربة والقوى السياسية والمدنية لعقد مؤتمر مائدة مستديرة يحقق التوافق الوطني لوقف الحربِ وبناءِ السلامِ العادلِ والشاملِ. هذه نقطةٌ جوهرية يا ليت الحزب يضعها على قمةِ أولويات مساعيه، ليس لوقفِ الحرب فحسب بل لإنهائها في سياق عملية سياسية تأسيسية، تحت شعار لا للإقصاء ولا للإقصاء المضاد!

kameir@yahoo.com

تورونتو، 8 مارس 2024

الوسومإعلان القاهرة التحالف السياسي السودان الواثق كمير حزب الأمة القومي مصر

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: إعلان القاهرة التحالف السياسي السودان حزب الأمة القومي مصر حزب الأمة القومی إعلان القاهرة

إقرأ أيضاً:

محلّقات انقضاضية تدخل ساحة المواجهة

كان لافتا أن عددا كبير من البيانات التي اصدرها "حزب الله" امس عن العمليات التي نفذها، اشار الى "عمليات نفذت عبر محلّقات انقضاضية" استهدفت تجمعات للجيش الاسرائيلي  داخل الاراضي اللبنانية.
وبحسب متابعين فان "اللافت ان الحزب لم يستخدم هذه المحلّقات خلال الحرب، علما انها اثبتت نجاحات كبيرة في الحرب الروسية الاوكرانية وفي الحرب السورية على التنظيمات في ادلب".
وترى المصادر "ان الحزب قد يكون حصل على هذه المحلّقات خلال الحرب عبر طرق الامداد المستحدثة من سوريا الى لبنان وصولا الى اقصى الجنوب".
وفي سياق متصل، لُوحِظَ في الأيّام الأخيرة غياب الطائرات المسيّرة من نوع "ام-كا" عن أجواء الضاحية الجنوبيّة، وخصوصاً بعد التحذيرات الإسرائيليّة بقصف مبانٍ سكنيّة.
وكانت هذه الطائرات التي أطلق عليها اللبنانيّون تسميّة "ام كامل" من باب الفكاهة تُراقب المناطق في الضاحية الجنوبيّة قبل قصف الأهداف وبعدها، وفي بعض الأحيان كانت تُحلّق طوال النهار لجمع المعلومات الإستخباراتيّة.
وتعليقاً على غياب الـ"ام - كا"، قال مصدر أمنيّ إنّ هذا الأمر يُؤشّر إلى أنّ إسرائيل لم تعدّ تمتلك أهدافاً في الضاحية الجنوبيّة، وهي تستهدف المدنيين والأبنيّة السكنيّة قبل التوصّل إلى وقف إطلاق النار بهدف الضغط على "حزب الله" وبيئته.

المصدر: لبنان 24

مقالات مشابهة

  • التوريش والتنمية السياسية المستقلة
  • «القومي للمرأة»: الإرادة السياسية العامل الرئيسي في خلق بيئة مناسبة لدعم النساء
  • كلمة رئيس حزب الأمة القومي فضل الله برمة ناصر في الذكرى الرابعة لرحيل «الإمام الحقاني»
  • شبكة أطباء السودان: الإمدادات الطبية بسنار تخسر 2.5 مليون دولار بسبب الدعم السريع
  • حلم الثراء السريع.. حبس متهمين بالتنقيب عن الآثار داخل عقار في الجمالية
  • كباشي : دكتور عبدالقادر سالم أحد سهام معركة الكرامة المصوبة نحو مليشيا الدعم السريع
  • حلم الثراء السريع.. سقوط عصابة التنقيب عن الآثار في القاهرة
  • محلّقات انقضاضية تدخل ساحة المواجهة
  • البرهان يعلق على أنباء التسوية مع الدعم السريع
  • معركة الأمة والأقصى.. أم معركة غزة والضاحية؟