حتى في عصر الذكاء الاصطناعي.. 5 أسباب تحتم تعليم طفلك الكتابة اليدوية
تاريخ النشر: 24th, July 2023 GMT
خلال ألف عام كانت الكتابة اليدوية هي النمط السائد، حتى ظهرت الطابعة اليدوية (الآلة الكاتبة) وبعدها الطابعات الآلية، ثم عصر الكمبيوتر والكتابة على لوحة المفاتيح، وصولا إلى برامج تحويل الكلام إلى نص مكتوب، بمساعدة الذكاء الاصطناعي؛ ودون استخدام قلم أو لوحة مفاتيح، وانتهاء "بمعجزة" الكتابة بجودة مُذهلة بواسطة "روبوتات" الذكاء الاصطناعي، ودون حاجة إلى اليدين أصلا.
ونشرت صحيفة "الغارديان" (The Guardian) البريطانية نموذجا منذ أكثر من عامين، لإقناع الناس بعدم الخوف من الذكاء الاصطناعي، تحت عنوان "كتب روبوت هذا المقال بأكمله. ألست خائفا بعد، يا إنسان؟".
ليس هذا فحسب، بل أصبح من الممكن كتابة نص "عن طريق أجهزة فك التشفير التي تقرأ نشاط الدماغ وأفكاره، من خلال المسح غير الجراحي"، وفقا لما أوردته "الغارديان" أيضا.
ورغم كل هذه الطفرات، بالإضافة إلى ما شهدته سنوات الإغلاق بسبب تفشي فيروس كورونا "كوفيد 19″، من اتساع نطاق التعليم عبر الإنترنت، وأداء الاختبارات على أجهزة الكمبيوتر؛ بالتزامن مع تزايد الدعوة لإلغاء الكتابة اليدوية في المرحلة الثانوية، ما زال الخبراء يرون أن تعليم الأطفال الكتابة بأيديهم واجب "يستحق العناء" حتى لو احتاج إلى وقت أطول وجهد أكبر.
الكتابة اليدوية هي الخيار الأسهل والأفضل للتعلم (بيكسلز) 5 أسبابوفي معرض الرد على "تساؤلات الآباء عما إذا كانت الكتابة اليدوية تستحق الجهد المبذول في تعليمها للأطفال"، وخصوصا في ظل ثورة التكنولوجيا التي جعلت أدوات الذكاء الاصطناعي متاحة مجانا لأي طفل، لاستخدامها في كتابة نص يبدو كأنه من صنع البشر، في ثوانٍ معدودة، قالت لوسيندا ماكنايت وماريا نيكولاس الخبيرتان في أصول التدريس وعلوم اللغة بجامعة "ديكين" الأسترالية، في مقال مشترك، "إن الذكاء الاصطناعي لن يجعل تعليم الأطفال الكتابة بواسطة القلم زائدا عن الحاجة، فما زالت هناك 5 أسباب تُوجب تعليمهم الكتابة اليدوية، وكذلك استمرار تعليمها في المدارس".
تطوير المهارات الحركية الدقيقةوفقا للخبراء، "تساعد الكتابة اليدوية في تطوير المهارات الحركية المهمة والأساسية، وتدعم التنسيق اللازم للتحكم في الحركات الدقيقة المطلوبة (Fine motor skills) لقيام الطفل بالأنشطة المدرسية"، كما تساعده في تنشيط العضلات الصغيرة في الكفين والمعصمين، وتحسين براعته في استخدام أشياء من قبيل الإمساك بالقلم الرصاص أو استعمال المقص أو البناء باستخدام المكعبات، أو التقاط الأشياء الصغيرة، ويؤدي صقل المهارات الحركية أيضا "إلى وضوح خط يد الطفل، وطلاقته في الكتابة".
لذا، يرى الخبراء أن الكتابة اليدوية "قد تكون أكثر أهمية من أي وقت مضى"، وخصوصا إذا عادت الاختبارات والامتحانات إلى الكتابة بخط اليد، ومُنع التلاميذ من استخدام الذكاء الاصطناعي في الكتابة.
الكتابة اليدوية محفز جيد الذاكرةومن بين الفوائد المعرفية المهمة للكتابة اليدوية بواسطة القلم أنها محفز جيد للذاكرة، فقد أظهرت الدراسات أن "الكتابة باليد تعمل على تحسين الاحتفاظ بالمعلومات".
وقالت الدكتورة أنابيلا مالبيك خبيرة محو الأمية بجامعة مردوخ الأسترالية "إن الأقلام هي التي تحكم المدرسة وليست لوحة المفاتيح"، وحثت الآباء على تشجيع أطفالهم على استخدام أقلام الرصاص والورق لتعزيز الذاكرة والتنسيق بين اليد والعين والمهارات الحركية الدقيقة والابتعاد عن استخدام الهواتف والأجهزة اللوحية"، خصوصا في السنوات الثلاث الأولى من الدراسة.
كذلك تشير الأبحاث إلى أن "التعقيد الذي يُميز الكتابة اليدوية يجعل تذكر الملاحظات المكتوبة بالقلم أكثر سهولة، ويجعل القراءة أفضل من خلال ممارسة الكتابة"، إذ يرتبط الانضباط في الكتابة اليدوية بمهارات القراءة، ويساعد في تعزيز الذاكرة البصرية للأطفال للتعرف على الحروف المختلفة بسرعة "حتى يصبحوا قراء جيدين".
التعقيد الذي يُميز الكتابة اليدوية يجعل تذكر الملاحظات المكتوبة بالقلم أكثر سهولة (بيكسلز) الكتابة اليدوية متعة ورفاهيةتُعدّ الكتابة اليدوية "من المصادر الجيدة للشعور بالمتعة والرفاهية لدى جميع الأعمار"، فقد أظهرت الأبحاث أن "الكتابة الفعالة تعتمد على تطوير مهارات النسخ والرسم، إلى جانب مهارات المستوى الأعلى كالتخطيط ومراجعة الأفكار عند الكتابة، للتركيز على ما نريد قوله".
وهي عملية تُشبهها الدكتورة مالبيك بمتعة تعلم قيادة السيارة؛ إذ تبدأ بتعلم قواعد الطريق وأنظمة المرور، وإمكانات السيارة وضوابط استخدامها، وتنتهي برفاهية الاستمتاع برحلة مريحة، موضحة أن "تطوير مهارات الكتابة الفعالة يُعد عملية تَعلّم أطول وأكثر تعقيدا، حيث تشير الأبحاث إلى أن إتقانها "قد يستغرق ما يصل إلى 20 عاما".
متاحة في أي وقت أو مكانالكتابة اليدوية الجيدة ضرورية في التعلم، حيث لا يزال العديد من الطلاب غير قادرين على الوصول إلى جهاز كمبيوتر وطابعة، وذلك يجعل الكتابة اليدوية الخيار الأسهل والأفضل، بخاصة عند كتابة بطاقة عيد ميلاد أو ملء نموذج مطبوع أو كتابة ملاحظة سريعة. فهي لا تحتاج إلى كهرباء أو أجهزة أو بطاريات أو برامج أو اشتراكات أو اتصال إنترنت سريع أو لوحة مفاتيح أو وقت للشحن، أو العديد من الأشياء الأخرى التي تعتمد عليها الكتابة الرقمية؛ "إنها تحتاج فقط إلى القلم والورق، ويمكن القيام بها في أي مكان"، وفقا لمقال ماكنايت ونيكولاس.
الارتباط الوثيق بين تَعلّم الكتابة والتفكير"يحكم الناس على جودة أفكارك بناء على خط يدك"، كما يقول الدكتور ستيف غراهام، من جامعة فاندربيلت بولاية تينيسي الأميركية. ويؤكد علم الدماغ أن "الانضباط في الكتابة اليدوية يساعد الطفل في الإلقاء والتفكير الإبداعي" كما ترتبط الكتابة اليدوية المبكرة بالقراءة الأساسية والتحصيل الإملائي، وهو ما يمكن أن "يساعد في تعزيز التفكير والإنجاز المبكر".
واستنادا إلى أبحاث تناولت الروابط بين الكتابة اليدوية والتأليف لدى الأطفال، وعلى الرغم من التقدم المذهل الذي أحرز في استخدام الذكاء الاصطناعي، "سيظل تعلّم الكتابة اليدوية عاملا مُهّما وجوهريا في تكوين الأطفال، لجعلهم قادرين على الكتابة بطلاقة وبخط واضح ومقروء"؛ حيث يُنظر الآن إلى التلقائية في الكتابة اليدوية على أنها مفتاح لتعلم التفكير والتأليف والإبداع، إذ تتشكل الأفكار أثناء الكتابة، ويتم تطويرها وتنظيمها، وهو ما لا توفره روبوتات الذكاء الاصطناعي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی فی الکتابة
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي يحدث ثورة في التصوير بالرنين المغناطيسي
التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) واحد من أكثر التقنيات فعالية لتقييم الهياكل العميقة للدماغ البشري.
ورغم أن هذا الإجراء، الذي يستخدم المجال المغناطيسي وموجات الراديو لإنتاج صور للأنسجة الرخوة، يمثل تقنية غير جراحية ولا تستخدم الإشعاع، إلا أن له عيوبا. حيث يمكن، على سبيل المثال، أن تؤدي حركة المريض، مثل التنفس أو الرمش أو الحركات اللاإرادية، أثناء فحص التصوير بالرنين المغناطيسي، إلى عدم وضوح الصورة.
ولأن التصوير بالرنين المغناطيسي يلعب دورًا حاسمًا في تشخيص الدماغ والأبحاث العصبية، يفكر الباحثون باستمرار في طرق جديدة لالتقاط صور الدماغ البشري بشكل أفضل.
وأورد موقع "مديكال إكسبرس" المتخصص أنه ضمن هذا المجهود، ابتكر الباحثون في مختبر الدكتور لي وانغ، الأستاذ المشارك في قسم الأشعة، نموذجين جديدين للذكاء الاصطناعي التوليدي للمساعدة في تحسين جودة صورة التصوير بالرنين المغناطيسي للدماغ. يمكن لأحد النموذجين إزالة الأنسجة غير الدماغية بدقة أكبر من الصور فيما يمكن للآخر تحسين جودة التصوير بشكل كبير.
ونشرت ورقتان للباحثين حول هذا الموضوع في مجلة Nature Biomedical Engineering.
وقال وانغ، وهو أيضا عضو في مركز التصوير لأبحاث الطب الحيوي في ولاية كارولينا الشمالية الأميركية إن "جودة التصوير مهمة لتصور تشريح الدماغ وعلم الأمراض، ويمكن أن تساعد في اتخاذ القرارات السريرية".
وأضاف "يمكن لنماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية الخاصة بنا إجراء تحليلات أكثر دقة وموثوقية لهياكل الدماغ، وهو أمر بالغ الأهمية للكشف المبكر عن الحالات العصبية وتشخيصها ومراقبتها".
اقرأ أيضا.. الذكاء الاصطناعي يتنبأ بدقة بمرض السرطان والعلاج الفعال
قبل أن يتمكن التصوير بالرنين المغناطيسي من معالجة الصور بشكل كامل، يجب أولاً إزالة العظام المحيطة بالدماغ (الجمجمة) والأنسجة الأخرى غير الدماغية من الصور. تسمح هذه العملية للأطباء المختصين في الأشعة برؤية أنسجة المخ دون عائق. ومع ذلك، غالبًا ما تواجه أجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي صعوبة في توفير نتائج دقيقة.
وقد يؤدي تخطيط الجمجمة، عن غير قصد، إلى إزالة الكثير أو القليل جدًا من الأنسجة غير الدماغية المحيطة بالدماغ، مما يتعارض مع التفسير الدقيق لتشريح الدماغ.
أظهرت ورقة بحثية جديدة أن نموذج مخطط الجمجمة الخاص بهؤلاء الباحثين يمكنه إزالة الأنسجة غير الدماغية بشكل أكثر دقة والتنبؤ بالتغيرات في حجم الدماغ على مدى العمر. باستخدام مجموعة بيانات كبيرة ومتنوعة تضم 21334 عمرًا حصلوا عليها من 18 موقعًا باستخدام بروتوكولات تصوير وماسحات ضوئية مختلفة، أكد الباحثون أن نموذجهم يمكنه رسم العمليات البيولوجية الأساسية لنمو الدماغ والتقدم في العمر بأمانة.
صُمم نموذج الذكاء الاصطناعي الثاني، المسمى Brain MRI Enhancement Foundation (BME-X)، لتحسين جودة التصوير بشكل عام. وقد حددت ورقة بحثية سابقة، تفاصيل هذا النموذج والطرق التي يمكن استخدامها لتحسين رعاية المرضى والأبحاث العصبية.
مثل نموذج مخطط الجمجمة، اختُبر النموذج BME-X على أكثر من 13 ألف صورة من مجموعات متنوعة من المرضى وأنواع الماسحات الضوئية. وجد الباحثون أنه تفوق على الأساليب الحديثة الأخرى في تصحيح حركة الجسم، وإعادة بناء صور عالية الدقة من صور منخفضة الدقة.
كانت إحدى أبرز إنجازات النموذج الأخير هي قدرته على "تنسيق" الصور من ماسحات التصوير بالرنين المغناطيسي المختلفة. هناك العديد من ماسحات التصوير بالرنين المغناطيسي المستخدمة في العيادات وفي جميع أنحاء الولايات المتحدة والعالم، بما في ذلك تلك التي تنتجها شركات مختلفة، ويستخدم كل منها نماذج ومعايير تصوير مختلفة.
هذا التباين في الماسحات يمكن أن يجعل من الصعب على الأطباء والباحثين الحصول على نتائج واضحة ومتسقة. إلا أن النموذج BME-X يمكنه استيعاب جميع المعطيات وإنشاء بيانات "منسقة" لاستخدامها في الاحتياجات السريرية أو البحثية.
يتمتع كلا نموذجي الذكاء الاصطناعي المذكورين بالقدرة على تسهيل التجارب والدراسات السريرية التي تشمل مؤسسات بحثية متعددة أو ماسحات التصوير بالرنين المغناطيسي. في مجال تصوير الأعصاب، يمكن أيضًا استخدام النموذجين للمساعدة في إنشاء بروتوكولات وإجراءات تصوير موحدة جديدة. ويمكن أيضًا تطبيقها على طرق التصوير الأخرى، مثل الأشعة المقطعية.
مصطفى أوفى (أبوظبي)