يُعد الفنان عبد الهادى الجزار، من أهم فنانى الحركة التشكيلية المعاصرة فى مصر، بدأ رحلته مع الفن منذ أن كان تلميذًا بمدرسة الحلمية الثانوية بالقاهرة، واكتشف موهبته المتميزة مدرس الرسم فى المدرسة الذى كان يرعى المواهب المبشرة حيث توسم فيه أستاذه الفطرة الفنية السليمة وبدأ فى الاهتمام به وتشجيعه.

 

رحلته مع الفن

بدأ الجزار مشواره الفنى عام ١٩٣٨م، بلوحات تدور أفكارها حول نشأة الحياة والإنسان وعلاقته بالكون وعالم البحر والقواقع وكان فى ذلك متأثرًا بقضاء سنوات الطفولة فى الإسكندرية، وفى هذه المرحلة التحضيرية قدم لوحات مثل (المرأة فى القوقعة) و(آدم وحواء) عام ١٩٤٢م.

فلسفة جيل ما بعد الرواد

"الجزار" ليس فنانا تشكيليًا فقط، بل كان فيلسوفًا أيضًا، ولد فى حى القبانى السكندرى، تأثر برائحة البحر، ليشكل رؤيته الفنية ذات الطابع الشعبى والإنسانى، ثم انتقل للحياة فى حى السيدة زينب، فمزج الفن بالمجتمع ليجسد بريشته سحرا خاصًا به.

كان ولا زال "الجزار" أحد أهم الفنانين التشكيلين فى مصر والعالم، انضم إلى جماعة "الفن المعاصر" فى الأربعينيات، والتى تكونت من فنانين آخرين مثل "حامد ندا"، و"حسين أمين"، و"سمير رافع"، و"كمال يوسف.

"إنسان السد" أنشودة خالدة 

لذا سرعان ما تأثر "الجزار" بثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢، فوجد ضالته للتعبير عن وطنه، فأبدع فى رسم لوحتى "الميثاق"، و"إنسان السد"، لينجح فى توثيق المشروع القومى الضخم "السد العالى" للتاريخ بريشته، حيث التفاصيل المصممة بمهارة فنية عالية تجسد التحدى والإرادة، والتطلع للمستقبل، مجسدًا فى رأس إنسان عملاق وجهه يشبه وجه الزعيم جمال عبد الناصر، مرتديًا خوذة الفضائيين، حيث كان متطلعًا دائما للمستقبل.

يُعد " الجزار" من جيل ما بعد الرواد، واتخدته الأجيال التى تلته أبًا روحيًا، حيث لقى نجاحًا فنيا وتقديرًا أدبيًا سريعًا فى حياته، مرفقًا بالعديد من الجوائز التى كان آخرها جائزة الدولة التشجيعية، إلا أن شخصيته الفنية لم تتميز إلا خلال السنوات الأخيرة.

عُين الجزار معيدًا بكلية الفنون الجميلة قسم التصوير  حتى شغل منصب أستاذ مساعد، وكان يقوم بتدريس التكنولوجيا والترميم والفرسك فى نفس الكلية بعد عودته من البعثة، وقام أيضا بالتدريس لطلبة مرسم الأقصر.

رحيل أسطورة الإبداع 

أدرك "الجزار"  قبل وفاته أن الموت على أعتابه، فأثر على إبداعه وجعله أكثر شفافية، وأرهف حاسته الفنية، وغلب على أعماله طابع الحزن، فانغمس فى عالم الروحانيات الغامض، لذلك تظل أعماله فى الأربعينيات والخمسينيات أقرب لشخصيته الحقيقية.

رحل "الجزار" وبقيت لوحاته امتدادًا للتاريخ وفصوله، لتذكره وتفتخر به الأجيال حتى الآن.

«من وحى فنارات البحر الأحمر».. لوحته العائدة بعد ٥٠ عامًا 

نصف قرن من الزمن، طول رحلة قطعتها لوحة الفنان التشكيلى الرائد عبدالهادى الجزار، وتحمل اللوحة عنوان «من وحى فنارات البحر الأحمر»، والتى عادت اليوم إلى مستقرها النهائى بمتحف الفن الحديث بدار الأوبرا المصرية.

ويعود تاريخ رسم اللوحة إلى ستينيات القرن الماضي، إذ انتهى من رسمها الفنان عبدالهادى الجزار فى ١٩٦٤، قبل عامين فقط من رحيله، وهو العام الذى أنجز فيه واحدة من أبرز أعماله، وربما أشهرها وهل لوحة «إنسان السد»، أو السد العالي.

أما لوحة «من وحى فنارات البحر الأحمر» من مقتنيات متحف الفن الحديث التابع لقطاع الفنون التشكيلية ووزارة الثقافة، وأعيرت اللوحة منه منذ ٥١ عاما، داخل مصر ولم يستدل عليها منذ صدور إذن صرف لها عام ١٩٧١ لمبنى وزارة الثقافة فى جاردن سيتى، ولم يتم استعادتها منذ الوقت إلا اليوم، لذلك فعودة اللوحة يعد حدثا ثقافيا جدير بالاحتفاء.

393486446_6796114053780088_4290173693158215339_n

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: فن تشكيلي

إقرأ أيضاً:

حكاية الشهيد طارق المرجاوي.. شهيد الإرهاب على أبواب جامعة القاهرة

كان واقفا أمام جامعة القاهرة يرقب تحركات المارة ويرصد الحالة الأمنية حتى نالت منه يد الإرهاب أثناء ممارسته لمهام عمله.. ليسرع زملاءه وعدد من القوات إليه عقب زوال آثار الانفجار ليجدوه ملقى على الأرض غارقا في دمائه.. وأوضحت مقاطع الفيديو تعرض الشهيد لإصابة بالغة في رأسه تسببت في وفاته في الحال.. مشهد استشهاد العميد المرجاوي الذي وقع يوم الأربعاء 2 أبريل 2014.. لا يزال حاضرا في محيط جامعة القاهرة، وممتد في أذهان أسرته، أبنائه، أصدقائه، الجميع يتذكر الشهيد البطل العميد طارق المرجاوي رئيس مباحث قطاع غرب الجيزة، الذي استشهد في انفجار عبوتين ناسفتين أمام جامعة القاهرة، لتروي دماءه الذكية شجرة الوفاء وصون الأمانة التي ظل محافظا عليها طوال حياته المهنية. 

29 عاما في محاربة الجريمة

29 عاما قضاها العميد طارق المرجاوي رئيس مباحث قطاع غرب الجيزة.. جنديا وفيا في صفوف الشرطة ومحاربا للجريمة حتى تمكنت يد الإرهاب الغادرة من النيل منه أمس، في حادث تفجير عبوتين ناسفتين أمام جامعة القاهرة لتروي دماءه الذكية شجرة الوفاء وصون الأمانة التي ظل محافظا عليها طوال حياته المهنية، تلك التي بدأها ضابطا في قطاع الأمن المركزي عقب تخرجه في كلية الشرطة عام 1985. 

مقاطع الفيديو والصور التي التقطها الكاميرات القريبة من مكان الحادث للشهيد عقب الحادث كانت تظهر بطولته وشجاعته واهتمامه بعمله.. كان واقفا أمام جامعة القاهرة يرقب تحركات المارة ويرصد الحالة الأمنية حتى نالت منه يد الإرهاب أثناء ممارسته لمهام عمله، ليسرع زملاءه وعدد من القوات إليه عقب زوال آثار الانفجار ليجدوه ملقى على الأرض غارقا في دمائه، وأوضحت مقاطع الفيديو تعرض الشهيد لإصابة بالغة في رأسه تسببت في وفاته في الحال. 

الضابط الشهيد كان «أب مثالي»

رحل العميد طارق المرجاوي.. تاركا رصيدا من الحب والاحترام في نفوس قادته وزملائه والجنود الذين عملوا معه خلال حياته المهنية.. حيث استمر المرجاوي طوال حياته المهنية في محاربة الجريمة الجنائية ومطاردة الخارجين على القانون في كل مكان.. والمقربون منه يعرفون عنه الشجاعة في مهاجمة أوكار الخارجين على القانون والبؤر الإجرامية خلال عمله ضابطا في مباحث النشل ومعاون مباحث قسم شرطة بولاق الدكرور ورئيس مباحث العمرانية ورئيس مباحث البدرشين ورئيس مباحث الدقي ورئيس مباحث مكتب النشل ورئيس مباحث مرور الجيزة وأخيرا رئيس قطاع مباحث غرب القاهرة.

لم يترك العميد طارق المرجاوي قضية بلا متهمين لأنه كان يتولى إجراء التحريات وإعدادها بنفسه حتى يتمكن من ضبط المتهمين.. من يعرف الشهيد عن قرب يكتشف أنّه كان أبا مثاليا يهتم برعاية أبنائه، سلمى الطالبة في الثانوية العامة، وابن آخر طالب في المرحلة الإعدادية، ولم تقتصر مهمته على الرعاية وتوفير التزاماتهما بل كان صديقا يعكف على مساعدتهما في كل شيء.

مقالات مشابهة

  • محمد صبحي: نحتفي اليوم بكل رموز الفن الذين جعلوا لمصر الريادة الفنية و الثقافية
  • محمد صبحي: نحتفي اليوم بكل رموز الفن الذين جعلوا لمصر الريادة الفنية والثقافية
  • حكاية الشهيد طارق المرجاوي.. شهيد الإرهاب على أبواب جامعة القاهرة
  • بسلاح أبيض.. تجديد حبس عاطل انهي حياة جاره الجزار 15 يوما
  • «حظ وحش».. حكاية 3 زيجات في حياة الفنانة نيللي
  • كونراد وألكاسير.. «حكاية رقم 2» في الشارقة
  • شاهد.. فنان ينحت حجارة غزة ويوثق مآسي الحرب ويحافظ على الذاكرة الوطنية
  • حكاية فيلم ندم عليه عزت أبو عوف بسبب «شورت».. ما علاقة مهرجان القاهرة؟
  • هل يجوز إخراج فوائد البنوك فى الصدقات؟.. أمين الفتوى يجيب
  • رحيم على الفقراء.. الكنيسة تحتفل بذكرى استشهاد القديس أوساغنيوس الجندي