أسطوات المهنة || الحلاق «زي المزين يضحك على الأقرع بطقطقة المقص»
تاريخ النشر: 14th, March 2024 GMT
الكتبة والمادحون وشيوخ الطوائف والبنائون والنحاسون، وغيرهم الكثير من المهن التي اشتهرت في مصر خلال العصرين العثماني والفاطمي والذي سجلت الجدران والمساجد إبداعاتهم التي ظلت راسخة ومنقوشة عبر مئات السنين، وتأخذكم "البوابة نيوز" في رحلة طوال شهر رمضان المبارك وحديث حول تلك المهن وشيوخها وأسطواتها التي اشتهرت في مصر والعالم العربي، والتي لا يزال الكثير منها موجودا حتى عصرنا الحالي ومنها ما اندثرت وأصبحت تراثا تشهد به جدران المساجد والقصور.
وعلى مدار الشهر الكريم نقدم لكم حرفة من الحرف التي اشتهرت في تلك الفترة واقفين أمام إبداعات فنانيها وقوانيها التي كانت تتوارث جيل بعد جيل، وحكايات المعلم والصبي والأسطى الذي كان يعتبر رب المهنة.
قال المثل «زي المزين يضحك على الأقرع بطقطقة المقص»، وكمان قالو زمان "الحلاق أكل وداني" وهذان المثلان يدلنا على قوة وجود طائفة الحلاقة أو المزينين في الثقافة الشعبية، فقد عرف الحلاق منذ الحضارة المصرية القديمة، فبرزت صورته على جدران المعابد، وعثر الأثريون على الكثير من اللقى الأثرية ووجود أدوات الحلاقة والنظافة بجانب المتوفى.
وكانت تمتاز طائفة الحلاقين والمزيم بالحذق والرشاقة والثرثرة أيضًا في بعض الأحيان، وكانت الطرق التي كان يمارسونها في مهنتهم غريبة بعض الشيء على غير وقتنا الراهن، فقد كانت أساليب الحلاقين مطابقة في أغلب الدول والمناطق، وكان الحلاق قديمًا إما أن يكون لديه "حانوت" والمقصود به المحل أو الدكان الصغير بأحد الأحياء، أو أن يكون حلاق متجول بشنطة جلد تحتوى على عدة الحلاق وهي الأمواس والمرايا والمقص، وفي الدكان أو الحانوت يوجد كرسي خشبي يجلس عليه "الزبون" ينتظر "المعلم" صاحب الحانوت، وكان قديما يقدم فنجان قهوة له، حتى يأتي دوره في الحلاقة.
طائفة تميزت بالحذق والرشاقة والثرثرة أيضًا في بعض الأحيان
وبعد أن يجلس الزبون ويقوم الحلاق بغسل شعره وتنشيفه، يقوم الحلاق بترطيب لحية الزبون بالماء ترطيبًا جيدًا حتى يستعد لحلاقة الذهن وتهذيب الشنب، حيث يتناول الموس المصنوع من النصل، ويقوم برده وسنه على الجلد المعلق في الحائط، إذا كان الزبون جالسا على الكرسي أما إذا كان الدكان أو الحانوت بدون كرسي فيأخذ الحلاق الزبون ويركن رأسه على ركبته بعد تغطيتها بمنديل ويبدأ في قص وإزالة شعر اللحية ويكون اتجاه الموس من أعلى الخد إلى الأسفل، فقد كان الحلاقون يستعينون في سن الموس بحجر المسن وقطعة من الجلد، بحيث تصبح صالحة للاستعمال، ثم ينتقل الحلاق إلى الخد الأيمن ويقوم بتكرار نفس العملية، ثم يعقب ذلك تسوية شعر اللحية والشارب ويزيل ما يعثر عليه من الشعر، كما يقوم الحلاق بتسوية الحاجبين أيضًا، كما يقوم بتنظيف الشعر الموجود بداخل الأنف، والشعر حول الأذن إذا وجد.
واشتهرت مهنة الحلاقة بالثرثرة ولهذا كان يخرج الزبون بعد أن يكمل نظافته وحلاقة شعره، ويكاد يميل رأسه من الصداع الناتج عن الثرثرة وربما في بعض الأحيان يقوم الزبون بفتح الحديث والثرثرة في كل ما يتعلق من أمور الحياة، وبعد أن ينتهي الزبون يقوم صبي الحلاق بجلب المرآة للزبون لكي يرى نفسه، ثم يتهيأ للخروج من الحانوت.
كما أن الحلاق عُرف أيضًا بقدرته على المداواة وكان الكثير منهم يزاول مهنة الطب، ومنهم من كانوا يحملون الوصفات الطبية التي تساعد على الشفاء أو حتى الوصفات التي تزيد من الفحولة للرجال، وكان الحلاق أيضًا يشتهر بختان الأطفال، وكان يقوم ببعض العمليات الجراحية الصغيرة، وقديمًا كان لا يمكن للحلاق أو المزين أن يفتح دكانه أو يقوم بمزاولة المهنة إلا بعد أن يأتي شيخ الطائفة ويسمح له بمزاولة المهنة، ويأخذ ترخيص منه بذلك، ويكون مُبين في الترخيص الصنعة المأذون بها أو المصرح بها وأنواع الجراحات الصغيرة التي يقوم بها المزين وكان يدفع الحلاق مبلغا للحصول على تلك الرخصة.
وقد عمل بعض الحلاقين لدي الحكومة وفي بعض المصالح، فقد تم تعيين حلاق في إحدى المدارس، وكان عمله مُخصص لنظافة التلاميذ، وكان الحلاق يأخذ أجرا عن ذلك.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: مصر والمساجد المزين الکثیر من فی بعض بعد أن
إقرأ أيضاً:
فن «التقليم والتلقيح» على المرتفعات لكسب الرزق.. «يا طالع النخلة»
«مهنة المخاطر».. هكذا أطلق عليها البعض، لخطورة تسلق أشجار النخيل، والبقاء على مرتفعات لفترة في ظروف الطقس المختلفة، ورغم ذلك يتخذها البعض سبيلاً للرزق.
مهام محددة يقوم بها أرباب تلك المهنة، من بينها تقليم أشجار النخيل، ويقصد بها قطع السعف الأصفر والجاف والمصاب، وإزالة الأشواك والرواكب والليف، بعد جمع الثمار مباشرةً أو في أوائل الربيع وقت التلقيح أو أثناء إجراء عملية التقويس في الصيف، بجانب عملية التلقيح التي تكون في فصل الربيع، وتمتد حتى أوائل شهر مايو.
«مرجان»: المهنة اسمها تقليم النخل أو حلاقة النخل أو مسيح النخلبخفة، ورشاقة، ومهارة عالية، وقدمين حافيتين، يتسلق رضا محمد مرجان، صاحب الـ31 عاماً، أشجار النخيل مهما بلغ طولها، يتمايل مع الرياح، حاملاً معه أدوات العمل، والمتمثلة فى «مسيف» لتقليم جذوع النخل، و«حزام» يربطه حول بطنه ويساعده على تسلق النخيل ويحميه من السقوط، وفقاً لما روي لـ«الوطن»: «المهنة اسمها تقليم النخل أو حلاقة النخل أو مسيح النخل، باشتغل فيها من 15 سنة، واتعلمتها كهواية من ناس كانت بتيجي من رشيد تشتغل في النخل اللي عندنا في الأرض».
تبدأ أعمال تقليم أشجار النخيل من بداية شهر نوفمبر، بحسب ابن عزبة فريد، التابعة لقرية إبشان بمركز بيلا بمحافظة كفر الشيخ: «التقليم بيبدأ في نوفمبر لحد مارس، ومن بعده بتبدأ عملية التلقيح لحد شهر مايو، بنسيب البلح يستوى لحد أكتوبر ونبدأ جمع، والنخلة بتاخد تقليم نحو 15 دقيقة، مقابل 80 جنيه».
يبدأ يوم «مرجان» بصلاة الفجر، ثم تناول طعام الإفطار، ومن ثم التوجه إلى أماكن أشجار النخيل المراد تقليمها: «لازم كل يوم أفطر كويس، وغالباً بيكون فطير فلاحي، لأن بيعطيني طاقة على العمل، خاصةً إن طلوع النخل مش سهل، وبيتطلب مجهود ورشاقة كمان، وباسلي وقتي وأنا شغال بسماع القرآن الكريم لحد ما اليوم يعدي، ولفيت محافظات كتير».
«المنيزع»: باشتغل حسب توقعات الأرصاد الجويةيُعد الطقس عاملاً أساسياً في مهنة تقليم أشجار النخيل، وفقاً لما ذكره عبدالحميد المنيزع، صاحب الـ32 عاماً، ابن قرية أتميدة، التابعة لمركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية، الذي يعمل في المهنة ذاتها منذ سنوات: «باشتغل حسب توقعات الأرصاد الجوية، يعني لازم أشوف نشرة الطقس في اليوم اللي هشتغل فيه، لأن لو فيه أمطار أو رياح معرفش أشتغل، وده اللي اتعلمته في أساسيات المهنة».
تعلم «المنيزع» عن طريق الممارسة، بعدما أبصرت عيناه النور: «طلعت لقيت أبويا وارث المهنة عن جدوده، وأنا اتعلمتها على طول بالممارسة، وصعوبات المهنة هي الأسلحة الحادة اللي بنستخدمها، ولازم الواحد يكون متمكن على النخلة، ويتدرب الأول على طلوع النخل، ويتعلم يشيل الخوص بإيده، وبعد كده نمسكه السلاح علشان يتدرب».
تتم الاستفادة من المخلَّفات الناتجة عن تقليم أشجار النخيل أقصى استفادة، كما أكد «المنيزع»: «مخلَّفات تقليم النخل زى الجريد، بيتعمل منها كراسي وأقفاص وطاولات عيش، ومفيش حاجة بتترمي منه، وبيكون فيه عائد مادي من التقليم لأصحاب النخيل».