الناصرة-“رأي اليوم”- من زهير أندراوس: أثبتت الأحداث خلال السنتين الأخيرتين أنّ إعادة التطبيع بين كيان الاحتلال الإسرائيليّ وبين المملكة المغربية شمل جميع المجالات، ولكن بدا لافتًا جدًا أنّ التعاون بين البلديْن المُطبّعيْن يُركِّز أكثر فأكثر على الأمور الاقتصاديّة والعسكريّة، إذْ أنّ دولة الاحتلال اعترفت الأسبوع الماضي بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، الأمر الذي يُفسره العديد من المراقبين والمحللين والخبراء بأنّه خطوة إسرائيليّة مُحكمة، مدعومة من أمريكا للتحرش بالجزائر، المعروفة بمواقفها المؤيدة للشعب الفلسطينيّ، ورفضها أيّ شكلٍ من أشكال التواصل مع كيان الاحتلال، وهذه الخطّة تقضي بإذكاء الصراعات العربيّة-العربيّة لما في ذلك من مصلحة للكيان والراعي الأكبر له، الولايات المتحدة الأمريكيّة.

وغنيٌّ عن القول إنّ حالة التقارب الإسرائيليّة المغربيّة الآخذة في التنامي مؤخرًا، تدق ناقوس الخطر في ظلّ تنامي تواجد الكيان في مناطق الثقل العربية، خاصّةً وسط حرص تل أبيب على البحث عن موطئ قدم في الشمال الإفريقيّ، وهو ما يثير التساؤلات حول ما إذا كانت العلاقات المغربيّة الإسرائيليّة، قد تقود المنطقة إلى توتراتٍ جديدةٍ، في ظل اعتبار الكيان المغرب كمعبرٍ لها للدخول إلى شمال إفريقيا.

بالإضافة إلى ذلك، فإنّ اعتراف الاحتلال بالسيادة المغربية على الصحراء، يُثير الشكوك حول مدى واقعية هذا الطرح، خاصّةً وأنّ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، قرّر بهذه الخطوة الابتعاد عن السياسة الإسرائيليّة التقليديّة، بعد سنواتٍ من الضغوط التي زادت خاصّةً مع تجديد العلاقات بين الرباط وتل أبيب.

وكشف المُستشرق جاكي خوجي، محلل الشؤون العربيّة في إذاعة جيش الاحتلالـ النقاب عن أنّ “الخطوة الإسرائيليّة تُخالِف المعتاد في سياستها بعدم الانحياز إلى أيّ جانبٍ في الصراعات الدوليّة، الأمر الذي يطرح السؤال حول دوافع نتنياهو الحقيقيّة من هذه الخطوة“.

ورجّح خوجي، في مقالٍ نشره بصحيفة (معاريف) العبريّة أنّ “رغبة نتنياهو الأساسيّة هي تعزيز العلاقات العربيّة، مع الجمود الحاصل في علاقاتها الغربيّة، وتجميد الخيار السعوديّ، ممّا جعله يتلقى دعوةً ملكيّةً لزيارة المغرب بعد يوميْن فقط من اعترافه الاستثنائيّ الذي يتعلّق بمنطقة مساحتها أكبر 12 مرة من أراضي الكيان”.

وأضاف حوغي أنّ “خطورة الخطوة الإسرائيليّة تنبع من كون منطقة الصحراء لديها العديد من أوجه الشبه مع القضية الفلسطينيّة، ولذلك فقد ترددت إسرائيل في اتخاذ موقفٍ منها، حتى لا ترتبط بدعم الاحتلال، الذي ينضّم لعددٍ من الدول المؤيدة للمغرب في هذه المسألة ومنها السعودية والهند والإمارات وفرنسا والولايات المتحدة، وفي الاتحاد الأوروبيّ هناك أغلبية ساحقة ضدّ موقف الرباط، ويرى فيها دولةً محتلةً“.

وتابع، اعتمادًا على مصادره الرفيعة في تل أبيب أنّ “الخطوة الإسرائيليّة دفعت المغرب لاعتبار نفسِه الدولة العربيّة التي تعتبر علاقاتها مع إسرائيل هي الأكثر دفئًا، وبعد الاعتراف الذي تلقته منها، فقد تحسّنت علاقاتهما بشكلٍ أكبر، وترتكز على ثلاث ركائز صلبة: الأمن، السياحة، والدبلوماسية، وفق هذا الترتيب الدقيق، خاصّةً وأنّ الروابط الاقتصاديّة المدنيّة ليست في ذروتها، وكذلك الثقافية“.

أمّا فيما يتعلق بالجوانب الأمنية والعسكرية، فشدّدّ المُستشرق الإسرائيليّ على أنّ الأمر تمثل في “إعلان جيش الاحتلال عن تعيين ملحقٍ عسكريٍّ إسرائيليٍّ في الرباط، باعتبارها خطوة ضرورية في ضوء العلاقات الوثيقة بين جهاز الأمن الإسرائيليّ ونظيره المغربي، وسيكون الضابط شارون إيتاخ أوّل ملحقٍ عسكريٍّ في الرباط“.

عُلاوةً على ما جاء أعلاه، أوضح حوغي أنّ “المغرب يُعتبر زبونًا مهمًا للصناعات العسكريّة الإسرائيليّة، وهو يحتاج الكثير من المعدات والتكنولوجيا العسكريّة التي تبيعها إسرائيل بهدف مساعدة قوّاته في الصحراء، ممّا يعني انحيازًا إسرائيليًا بجانبه في هذا الصراع، وإنْ لم تعلن ذلك، حتى قبل أنْ تعرب عن دعمها لكون الصحراء جزءًا من الأرض المغربيّة، حيث ساعدت المغاربة بالوسائل العسكرية على تقوية قبضتهم عليها، والآن أكملت الخطوة الأمنيّة العسكرية بأخرى دبلوماسيّةٍ أيضًا“.

ولفت إلى أنّ “كلّ مَنْ صادف مبنى السفارة المغربية بشارع (يركون) في تل أبيب سيلاحظ اللافتة الدائمة أمامه (مكتب الاتصال)، وكذلك تمّ تحديد البعثة الدبلوماسيّة الإسرائيليّة في الرباط على هذا النحو، بناءً على طلب المغاربة، وقريبًا، وكتعبيرٍ عن الشكر لإعلان الحكومة الإسرائيليّة، قد ترفع الرباط العلاقات إلى مستوى السفارات، ممّا يعني لفتة لطيفة تجاه دولة الاحتلال، وسيتصرف الوفدان كما لو كانا سفارات، وليس مجرد مكاتب اتصال، حيث يضم الوفد المغربيّ في تل أبيب ثمانية دبلوماسيين، ومنذ قدومهم هنا يسكنون ذلك المبنى في تل أبيب، المُكوّن من أربعة طوابق، وهذا ما تبدو عليه سفارة رسميّة كاملة، وليس مكتب ارتباطٍ يتسِّم بالتواضع”، على حدّ قوله. يُشار إلى أنّ وزير خارجية الكيان، إيلي كوهين، ربط قرار إسرائيل الاعتراف بسيدة المغرب على الصحراء الغربيّة باستضافة المملكة مؤتمر النقب، وقال “نعمل حاليًا على هذه القضية وخطتنا هي اتخاذ قرارنا النهائي في منتدى النقب”، مضيفًا أنّه من المتوقع أنْ تستضيف المغرب المنتدى في أيلول (سبتمبر) أوْ تشرين الثاني (أكتوبر). أمّا وزير خارجية المغرب فقال إنّ “المنتدى سيتِّم عقده في المغرب في الدخول السياسي المقبل”، مضيفًا أنّ “المملكة تعتبر منتدى النقب إطارًا للتعاون الإقليميّ المفيد، الذي يمكن أنْ يُفضي إلى إيجابياتٍ كثيرةٍ، مؤكّدًا أنّ “هناك مشاكل من حيث الأجندة والسياق السياسيّ قد لا تسمح بعقد هذا اللقاء في الصيف، وقد لا تساعد في تفعيل النتيجة المرتقبة منه”.

المصدر: رأي اليوم

كلمات دلالية: ة الإسرائیلی ة فی تل أبیب العربی ة ة المغرب الذی ی

إقرأ أيضاً:

المملكة تختتم مشاركتها في معرض سيئول الدولي للكتاب 2024

اختتمت المملكة، اليوم، مشاركتها في معرض سيئول الدولي للكتاب 2024؛ بصفتها ضيف شرف لدورة هذا العام، بالمعرض الذي أقيم في عاصمة جمهورية كوريا "سيئول" على مدى 5 أيام، خلال الفترة من 26 إلى 30 يونيو.

وسجّل جناح المملكة في المعرض حضوراً واسعاً من الجمهور الكوري، إذ يعد الجناح الأكثر كثافة من حيث عدد الزوّار للتعرف إلى الثقافة والفنون والتراث السعودي في تجربة ثقافية متكاملة؛ تحت قيادة هيئة الأدب والنشر والترجمة وبمشاركة مجموعة من الكيانات الثقافية السعودية، ممثلةً هيئة التراث، هيئة الأزياء، هيئة فنون الطهي، دارة الملك عبد العزيز، ومَجْمَع الملك سلمان العالمي للغة العربية، مكتبة الملك عبد العزيز العامة، مكتبة الملك فهد الوطنية، وجمعية النشر، بالإضافة إلى وزارة الاستثمار؛ وذلك لإبراز الجانب المعرفي والثقافي السعودي.

وأسهم الجناح السعودي في تنمية الحوار بين الثقافات، وإبراز الجانب المعرفي والثقافي السعودي للجمهور الصيني، إذ تضمن البرنامج الثقافي 13 ندوة حوارية و 24 متحدثاً استحضرت الثقافة السعودية وأثرها في الثقافة الكورية، بمختلف فنونها وجمالياتها، والموروث في الرواية السعودية والكورية، وتاريخ الحضارات، والتجارة والثقافة بين البلدين، والإرث الثقافي الوطني، بالإضافة إلى ليلة العشاء السعودي للاحتفاء بالأطباق الوطنية، إضافة إلى العروض الحية للخط العربي والنحت والحرف اليدوية، ومعرض للكتب والمخطوطات والقطع الأثرية المستكشفة على أرض المملكة، ومعرض للأزياء التقليدية، ومعرض للآلات الموسيقية المستخدمة في الموسيقى السعودية.

مقالات مشابهة

  • بعد تسعة شهور من طوفان الأقصى.. هذه هي صورة الكيان من الداخل
  • رئيس حزب الجمهوريون الفرنسي: إذا فزنا في الإنتخابات سنعيد تأسيس علاقات جديدة مع المغرب (فيديو)
  • جون أفريك: زيارة حموشي إلى باريس مؤشر قوي على عودة دفئ العلاقات بين المغرب وفرنسا
  • ‏زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد: نتنياهو تسبب بالضرر في العلاقات مع الأمريكيين
  • المملكة تختتم مشاركتها في معرض سيئول الدولي للكتاب
  • المملكة تختتم مشاركتها في معرض سيئول الدولي للكتاب 2024
  • إقبال كبير ومتزايد على جناح المملكة في معرض سيئول الدولي للكتاب
  • محاولات لعزل نتنياهو والتظاهرات تملء شوارع تل أبيب
  • خبير العلاقات الدولية: منظمات الأمن الدولي فشلت في الحد من اتساع رقعة الصراعات الدولية
  • البرلمان العربي يدين قرار الاحتلال الإسرائيلي شرعنة بؤر استيطانية بالضفة الغربية