القدس المحتلة- لم يشكل انفصال رئيس حزب "أمل جديد"، جدعون ساعر، عن "المعسكر الوطني"، برئاسة الوزير بني غانتس، الذي يرأس حزب "أزرق أبيض"، مفاجأة للمراقبين، فقد كان متوقعا منذ فترة طويلة، حتى قبل اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة، بسبب حدوث شرخ شخصي وأيديولوجي بين الرجلين، أُخفيت أبعاده عن الجمهور الإسرائيلي.

فالحقيقة التي تجمع عليها التحليلات الإسرائيلية أنه لولا معركة "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، لكانت عملية انفصال ساعر عن غانتس قد تمت مع بداية الدورة الشتوية للكنيست، في مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

يسعى زعيم الحزب الجديد إلى خلق تمايز مزدوج عن الليكود الذي انشق عنه بالماضي، وعن معسكر يسار الوسط الذي يقوده غانتس، حيث أشار ساعر أنه لن يعود إلى الليكود في المرحلة الراهنة، على الرغم من آمال لبعض الناشطين الرئيسين في الحزب الحاكم.

يأمل حزب "أمل جديد" بالحصول على مكان في مجلس الحرب، وهو العرض الذي يطلبه ساعر من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي قد يحققه وفقا لتقديرات المحللين، بسبب المعروف الكبير الذي قدمه له بالانفصال عن غانتس، وهي الخطوة التي تعزز مكانة نتنياهو وتؤجل أي موعد للانتخابات في المستقبل القريب.

إقدام ساعر على الانفصال عن غانتس (يمين) يعود إلى تغيير في الأجندة "الوطنية" بحسب محللين (الفرنسية) شرخ لم يشف

وتجمع التحليلات الإسرائيلية على أن خطوة ساعر كأنها طوق نجاه لحكومة نتنياهو، وجرعة أوكسجين -أيضا- لنتنياهو الذي يواجه حالة من التخبط في سير الحرب على غزة، ويعيش حالة من الصراع والانقسام مع خصومه السياسيين حتى داخل الليكود، وأبرزهم وزير الأمن يوآف غالانت.

وفي مؤشرات انفصال ساعر عن غانتس، أوضح محلل الشؤون الحزبية بصحيفة "هآرتس" يوسي فيرتر، أن الحرب على غزة والمستجدات السياسية والتحولات التي تشهدها إسرائيل لم تشف الشرخ بينهما بل عمّقته، حيث استمرت الخلافات حول عدد من القضايا؛ مثل: سير الحرب، وطبيعة اليوم التالي في قطاع غزة، ومستقبل السلطة الفلسطينية.

ويرجح محلل الشؤون الحزبية أن إقدام ساعر على الانفصال في هذا التوقيت، يعود بالأساس إلى التغيير في الأجندة الوطنية، وسعيه لتحقيق إنجازات ومكاسب سياسية في ظل الحرب، وخشية أن يفقد هُويته الحزبية اليمينية، وعليه سعى ساعر ليكون مختلفا ومميزا وبجهوزية لأي حملة انتخابية بعيدا عن مظلة "المعسكر الوطني".

وأوضح فيرتير أن تغريدة غانتس المقتضبة المكوّنة من جملتين بعد إعلان ساعر "شكرا لك ونتمنى لك حظا سعيدا"، تشير إلى أن رئيس حزب "أزرق أبيض" لم ينهر من الحزن لانشقاق ساعر، بل ولفترة طويلة، كان من حوله ينظرون إلى ساعر وأصدقائه على أنهم عبء.

بالنسبة لساعر وغانتس، يقول محلل الشؤون الحزبية "أخفقت التجربة. وبينما كانت التعديلات القضائية تهدد هوية إسرائيل، فقد تمكنوا من الحفاظ على علاقة سياسية دون حب مفرط، ولكن مع مجموعة متطابقة تقريبا من الأهداف تتعلق بالقضايا الداخلية".

تغيير ميزان المواقف

ويضيف فيرتير أنه منذ اللحظة التي أصبح فيها الحديث سياسيا وأمنيا "غيّرت سفينة ساعر مسارها وبقوة إلى اليمين. فهذا هو المكان الذي يوجد فيه ناخبوه المحتملون، وليس في الفضاء الانتخابي الذي يبحر فيه يائير لبيد أيضا. وربما في المستقبل -كذلك- سيلعب نفتالي بينيت ويوسي كوهين، في هذا الملعب".

ولا يستبعد محلل الشؤون الحزبية أن يوافق نتنياهو على طلب ساعر بالانضمام إلى مجلس الحرب، قائلا إن "رئيس الوزراء ينظر إلى خطوة ساعر بالإيجابية على الأقل في المستقبل المنظور، كون ذلك يخدم استقرار حكومته المتطرفة وتنفيذ أجندتها المتعلقة باستمرار القتال في غزة".

بدوره، يقول المحلل السياسي عكيفا إلدار إنه في حال وافق نتنياهو على طلب ساعر بإدراجه في مجلس الحرب، فإنه "يتوقع تغييرا في ميزان المواقف هناك، وهو ما يبدو لصالح نتنياهو أمام غانتس وغادي آيزنكوت بالطبع، ولكن -أيضا- أمام رون ديرمر والعضو الدائم في هذا المجلس رئيس حركة شاس الحريدية أرييه درعي".

ويضيف إلدار للجزيرة نت، أن مغادرة الحكومة وتفكيك الائتلاف حاليا "ليس في الأفق، ليس من جانب ساعر فقط، بل من جانب غانتس وآيزنكوت كذلك، وعندما يتم ذلك، سيتصرف كل حزب وفقا لتقديره، وعلى أي حال، فإن الانسحاب من حكومة الطوارئ، ليس أمرا مطروحا".

ويقدّر المحلل السياسي أن عودة ساعر إلى معسكر اليمن المتطرف سيمكن نتنياهو من الاستمرار في المناورة بكل ما يتعلق في سير الحرب واستمرار القتال في غزة، علما أن ساعر الذي يؤمن بأرض "إسرائيل الكبرى" على كل فلسطين التاريخية يلتقي بمعتقداته بشأن الحرب مع نهج نتنياهو وسياسته.

أوكسجين سياسي

وأوضح المحلل السياسي أنه إذا كان ساعر ينوي حقا التمسك بتصريحاته، التي بموجبها لا ينوي إنقاذ نتنياهو، فليس من الواضح سبب حاجته الملحة للانفصال عن غانتس وآيزنكوت، حيث دخل على ظهورهم حكومة الطوارئ، مما أدى إلى إضعاف قدرتهم على المساومة في الحكومة، وتعزيز نتنياهو.

وأشار المحلل السياسي إلى أن ساعر هو في الواقع إيديولوجي يميني للغاية، بحيث إن وجهات نظره بعيدة كل البعد عن آراء غانتس وآيزنكوت، ومن الواضح أنه منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، فإن الخلافات بينهم آخذة في التزايد، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو ما الذي يحاول ساعر تحقيقه على المدى الطويل.

ويعتقد إلدار أن انفصال ساعر لن يؤثر بشكل كبير في مكانة غانتس في استطلاعات الرأي؛ لأن السلع الانتخابية لساعر وحزبه لم تكن مثيرة للإعجاب على الإطلاق، لكن التأثير الكبير يتعلق ببقاء نتنياهو على كرسي الوزراء، حيث أعطاه ساعر بهذا الانفصال بالونا من الأوكسجين السياسي.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 حريات المحلل السیاسی عن غانتس

إقرأ أيضاً:

دورتموند يمنح مدرب سلتيك «تجربة مؤلمة»

دورتموند (رويترز)

أخبار ذات صلة جوارديولا يتغنى بـ «صاعد السيتي» هالاند «البصمة 42» في «أبطال أوروبا»

وضع بروسيا دورتموند الألماني منافسه سلتيك الأسكتلندي في حجمه الطبيعي، في تجربة مؤلمة للمدرب بريندان رودجرز، بعد هزيمة فريقه 7-1 بدوري أبطال أوروبا لكرة القدم.
وبعد فوزه على سلوفان براتيسلافا 5-1 في مستهل مشواره بأرفع بطولة أوروبية للأندية، وبعد سلسلة من 17 فوزاً متتالياً في جميع المسابقات، بما في ذلك تسع مباريات هذا الموسم، كان سلتيك يثق في أنه أصبح الآن قوة لا يستهان بها، ولكن هذا الحلم لم يستمر سوى دقائق معدودة.
وبعد أن ردد مشجعو سلتيك الأناشيد الخاصة بالنادي، وجد الفريق الأسكتلندي نفسه بلا حول أو قوة أمام وصيف بطل أوروبا الموسم الماضي، إذ سجل دورتموند خمسة أهداف قبل الاستراحة.
ومن بين أبرز أحداث المباراة، سجل كريم أديمي ثلاثية في الشوط الأول ليتم اختياره رجل المباراة.
وللمرة الثالثة في مسيرته التدريبية، وبعد خسارتين مدويتين 7-صفر و7-1 أمام برشلونة وباريس سان جيرمان على الترتيب في عامي 2016 و2017، شاهد رودجرز فريقه يتجرع سبعة أهداف في دوري أبطال أوروبا.
وقال رودجرز قبل المباراة إن مواجهة دورتموند ستكون «اختباراً كاشفاً» لقدرات فريقه.
وقال محبطاً بعدها «لا أعتقد أنني شاركت في مباراة من قبل تم فيها معاقبتنا على كل خطأ ارتكبناه، وكانت هزيمة مؤلمة، لم نكن في أفضل حالاتنا، أظهر المنافس قدراته كفريق من طراز رفيع، لم نبدأ المباراة بالشكل الذي كنا نريده، دخلنا المباراة بثقة زائدة، شعرنا بأننا في وضع جيد. كان علينا أن نبدأ المباراة بشكل أفضل كثيراً، إذ استقبلنا أهدافاً ساذجة للغاية، عوقبنا بسبب بعض الأخطاء في اللعب والتمريرات».
وأضاف «أنهى المنافس هجماته بفعالية كبيرة وقدم عرضاً مذهلاً».
وكان مدرب ليفربول وليستر سيتي السابق، قال قبل المباراة إن سلتيك يلعب لتحقيق «أحلام الجماهير» مضيفاً أن بطل أسكتلندا أصبح منافساً يصعب الفوز عليه.
لكنه قال بعدها «مهمتي إلهام اللاعبين، يتعين علينا أن نتعلم من هذا الدرس، وإلا فإننا سنتعرض لعقاب آخر على هذا المستوى».

مقالات مشابهة

  • ما الذي يدفع مثقفين تقدميين لدعم جيش الحركة الإسلامية ..!!؟؟ محاولات للفهم ..
  • استشاري أمراض قلب: لا توجد أي خلطات تستطيع أن تنظف شرايين القلب.. وأقل جرعة من أدوية الكولسترول كان مفعولها أقوى
  • حجم المياه الذي وصل لبحيرة ناصر من حصة السودان حتى اليوم ومنذ بداية الحرب في إبريل 2023 يزيد عن (25 مليار متر مكعب)
  • «مورو» يمنح لجنة التظلمات المركزية لموظفي حكومة دبي الشهادة الخضراء
  • طلاق المشاهير.. تسويات مادية ضخمة وصراعات قضائية لا تنتهي
  • أستاذ العلوم السياسية: نتنياهو يصر على إشعال فتيل الحرب في الشرق الأوسط
  • الزبيدي من أمريكا: التهديد بالقوة لتحقيق انفصال وهمي بتوجيهات إماراتية
  • عاجل : الزبيدي يعلن من الولايات المتحدة استخدام القوة لفرض انفصال الجنوب وهذا ما حدث في ’’شيكاغو’’ الأمريكية (تفاصيل)
  • لواء إسرائيلي: حكومة نتنياهو أخطأت في خطة الإخلاء الواسعة بالشمال
  • دورتموند يمنح مدرب سلتيك «تجربة مؤلمة»