عندما أعلنت إسرائيل قيام دولة في عام 1948، أعلن الرئيس الأمريكي هاري ترومان تأييده لها بعد 11 دقيقة فقط، مما جعل الولايات المتحدة أول دولة تعترف بإسرائيل كأمة، وقال ترومان في مقطع فيديو حينها، وقد تم تصويره بعد مغادرته البيت الأبيض: "لكن لا تعتقدوا أن قرار الاعتراف بإسرائيل كان قرارا سهلا، ما كنت أحاول القيام به هو العثور على وطن لليهود".

وكان هناك الكثير من الأسئلة التي لم تتم الإجابة عليها في ذلك الوقت، فلم يكن لإسرائيل حدود ثابتة، وكانت الدولة الجديدة تواجه حربًا مع دول عربية متعددة، ولم يكن من الواضح ما إذا كانت الدولة اليهودية الجديدة ستبقى على قيد الحياة، ومع ذلك، استخدم ترومان سلطته الرئاسية للتصرف من جانب واحد، والسؤال الذي طرحته صحيفة أمريكية في تقرير لها، هو لماذا لا تعترف واشنطن بالدولة الفلسطينية الآن.

 

 

الأوروبيون يطرحون هذه القضية

 

 

وفقا لتقرير صحيفة NPR الأمريكية، فاليوم، هناك حديث عن نهج مماثل مع الفلسطينيين، على الرغم من أن مثل هذه الخطوة لا تزال تعتبر بعيدة المنال، وقد أثار العديد من الزعماء والدبلوماسيين الأوروبيين هذا الاحتمال، بما في ذلك وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون، حيث قال إن مثل هذا الاعتراف "لا يمكن أن يأتي في بداية العملية (التفاوضية)، لكن لا يجب أن يكون نهاية العملية، فقد يكون هذا شيئًا نعتبره عندما تصبح هذه العملية، حيث يصبح هذا التقدم نحو الحل، أكثر واقعية، وما يتعين علينا القيام به هو إعطاء الشعب الفلسطيني أفقًا نحو مستقبل أفضل، مستقبل وجود دولة خاصة به. 

وأثار وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون مؤخراً احتمال أن تكون بلاده على استعداد للاعتراف بالدولة الفلسطينية قبل التوصل إلى أي اتفاق نهائي بشأن إنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني المستمر منذ فترة طويلة، وفي الواقع، هناك 139 دولة تعترف بالفعل بالدولة الفلسطينية، وفي الأمم المتحدة، يتمتع الفلسطينيون بما يسمى بوضعية مراقب غير عضو، وهذا يمنح الفلسطينيين مقعدًا في الأمم المتحدة، ولكن ليس أكثر من ذلك بكثير من الناحية العملية، والجدير بالذكر أن أي قوة غربية لم تعترف بالدولة الفلسطينية.

 

 

هل يشكل اعتراف الغرب والولايات المتحدة أهمية كبرى؟

 

 

بحسب الصحيفة الأمريكية، يقول علي الجرباوي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت بالقرب من مدينة رام الله الفلسطينية في الضفة الغربية: "حسناً، هذا مهم في الواقع، فنحن بحاجة إلى الضغط على إسرائيل من الولايات المتحدة وبقية العالم، والمفاوضات، التي بدأت في التسعينيات، كانت دائما تعطي إسرائيل اليد العليا.

 

ويضيف أستاذ العلوم السياسية، أنه على مدى السنوات الثلاثين الماضية، ترك موضوع إنشاء دولة فلسطينية لإسرائيل وحدها، لذا فإن إسرائيل تتمتع بحق النقض (الفيتو) بشأن إنشاء دولة فلسطينية أم لا، وبحسب تصريحاته للصحيفة الأمريكية يوضح الجرباوي، أن الاعتراف المسبق من شأنه أن يقوي موقف الفلسطينيين على طاولة المفاوضات.

 

 

معارضة إسرائيلية قوية

 

 

ولطالما قاوم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التحركات نحو التوصل إلى اتفاق عن طريق التفاوض من شأنه إنشاء دولة فلسطينية، بل إنه يعارض بشدة الاعتراف الأحادي الجانب، وقال نتنياهو مؤخرا: "تحت قيادتي، ستواصل إسرائيل معارضتها بشدة للاعتراف الأحادي بالدولة الفلسطينية، ومتى يريدون أن يعطوا مثل هذا الاعتراف الأحادي الجانب؟ بعد الأحداث التي وقعت في 7 أكتوبر .. لا يمكن أن تكون هناك جائزة أكبر وغير مسبوقة للفصائل الفلسطينية المسلحة، وعلى رأسها حماس".

 

وكان نتنياهو يشير إلى هجوم حماس على جنوب إسرائيل قبل خمسة أشهر، وقال مايكل أورين ، السفير الإسرائيلي السابق لدى الولايات المتحدة، إن الجمهور الإسرائيلي ليس في مزاج يسمح بتقديم تنازلات للفلسطينيين، وقال أورين: "لديك شعب إسرائيلي معارض بشدة الآن للحديث عن الدولة الفلسطينية"، واعترف أورين بأن إسرائيل ستواجه ضغوطا لتقديم تنازلات سياسية للفلسطينيين عندما ينتهي القتال الحالي، لكنه لا يعتقد أن الولايات المتحدة ستتراجع عن سياستها القائمة منذ فترة طويلة والتي تدعو الإسرائيليين والفلسطينيين إلى التفاوض على إنهاء الصراع.

 

وأضاف أورين: "عندما يقول وزير الخارجية أنتوني بلينكن إن على إسرائيل أن تتحدث عن طريق يؤدي إلى دولة فلسطينية، أعتقد أن على إسرائيل أن تقول: حسنًا، سنتحدث عن طريق، فالمسار يمكن أن يكون أشياء كثيرة، فهو لا يلزمك بأي شكل من الأشكال ويبقي الحوار مفتوحا".

 

 

تاريخ من محادثات السلام الفاشلة

 

 

وبحسب التقرير الأمريكي، فإن الحرب الحالية في غزة هي القتال الأكثر دموية على الإطلاق بين الجانبين، ولا يبدو أن التوصل إلى اتفاق عن طريق التفاوض في الوقت الحالي أمر واقعي، وكانت المرة الأخيرة التي بدا فيها الإسرائيليون والفلسطينيون قريبين من التوصل إلى حل تفاوضي هي عام 2000، عندما أحضر الرئيس بِل كلينتون القادة الإسرائيليين والفلسطينيين إلى كامب ديفيد، خارج واشنطن العاصمة، لإجراء أسبوعين من المفاوضات المكثفة، ولكن لم يتم التوصل إلى اتفاق، وبدأت الانتفاضة الفلسطينية بعد ذلك بوقت قصير.

ويقول لاري جاربر ، الدبلوماسي الأمريكي المتقاعد الذي أدار ذات يوم برنامج المساعدات الأمريكي – الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية – في الأراضي الفلسطينية، إن اعتراف الولايات المتحدة بالدولة الفلسطينية ليس حلاً سحرياً، لكنه يضيف أن ذلك قد يحسن آفاق المفاوضات، وأضاف: "أعتقد أن الجزء الأكثر أهمية هو التأثير النفسي الذي سيكون له على الأراضي الفلسطينية، حيث سيعطي ذلك دفعة كبيرة لأولئك الذين يدفعون بالمفاوضات السلمية بهدف إقامة دولة فلسطينية".

 

 

الخارجية الأمريكية تدرس الأمر 

 

 

وتتحدث الصحيفة الأمريكية، عن أن وزارة الخارجية الأمريكية بالفعل تدرس إمكانية الاعتراف بالدولة في الوقت الذي تجري فيه مراجعة واسعة النطاق للسياسات الأمريكية في المنطقة، لكن في الوقت الحالي، فليس هناك ما يشير إلى أن الولايات المتحدة من المرجح أن تتخذ مثل هذه الخطوة، ولا تزال جميع القضايا الإقليمية الشائكة قائمة.

 

وتشمل هذه القضايا وضع القدس، التي يطالب بها الجانبان كعاصمة، بالإضافة إلى مصير نصف مليون مستوطن يهودي في الضفة الغربية، وبالإضافة إلى ذلك، يجب وضع الترتيبات الأمنية، إلى جانب "حق العودة" للفلسطينيين إلى منازلهم والأراضي التي فقدوها في الصراعات التي يعود تاريخها إلى حرب عام 1948، ومثل الآخرين الذين شاركوا منذ فترة طويلة في هذه القضية، قال جاربر إنه واقعي، فهذا ليس شيئًا يمكن للولايات المتحدة تحقيقه غدًا، ولكن بعد العديد من الجهود الفاشلة، يعتقد أن الوقت قد حان لاتباع نهج جديد.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: بالدولة الفلسطینیة الولایات المتحدة دولة فلسطینیة التوصل إلى عن طریق

إقرأ أيضاً:

مبعوث ترامب للشرق الأوسط: إعادة إعمار غزة قد تستغرق من 10 إلى 15 عاما

غزة – صرح مبعوث البيت الأبيض للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، بأن إعادة إعمار قطاع غزة قد تستغرق ما بين 10 إلى 15 عاما، بعد الدمار الهائل الذي خلفته الحرب الإسرائيلية خلال 15 شهرا.

وقال ويتكوف في مقابلة مع “أكسيوس” خلال زيارته الأخيرة إلى الشرق الأوسط: “الأمر الذي لا مفر منه هو أنه لم يتبق من غزة أي شيء تقريبا”، مضيفا أن “الناس يتحركون شمالا للعودة إلى منازلهم ليروا ما حدث ثم يعودون ويغادرون.. لا يوجد ماء ولا كهرباء. إنه لأمر مذهل حقا مدى الضرر الذي حدث هناك”.

وأشار ويتكوف إلى أنه قضى يوما كاملا في قطاع غزة لتفقد الوضع على الأرض ومن الجو، حيث كان أول مسؤول أمريكي يزور القطاع منذ 15 عاما.

وأكد أن المساعدات تدخل غزة كما هو مخطط له، وأن الناس يعودون إلى شمال غزة وفقا للاتفاق، وأن الترتيبات الأمنية في ممر “نتساريم” وممر “فيلادلفيا” تعمل بشكل أفضل مما توقع.

وقال ويتكوف: “لهذا ذهبت إلى غزة، لتفقد التنفيذ لأنه مهم جدا. كيف يحدث هذا سيؤثر على قدرتنا للوصول إلى المرحلة الثانية من الاتفاق”.

وأضاف مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن عمليات الهدم وإزالة الأنقاض وحدها ستستغرق خمس سنوات، بينما قد تستغرق عملية تقييم التأثير المحتمل للعديد من الأنفاق تحت غزة على بناء أسس جديدة بضع سنوات أخرى، كما أن إعادة الإعمار نفسها ستستغرق بضع سنوات إضافية.

وأكد أن “هناك تصورا بأنه يمكننا الوصول إلى خطة صلبة لغزة في خمس سنوات. لكن هذا مستحيل، هذه خطة إعادة إعمار تستغرق من 10 إلى 15 عاما”.

وفيما يتعلق بفكرة نقل المدنيين الفلسطينيين من غزة إلى مصر والأردن، والتي طرحها الرئيس الأمريكي في وقت سابق، قال ويتكوف إنه لم يناقش هذه الفكرة مع ترامب.

وأضاف: “من خلال ما رأيته خلال زيارتي، فإن غزة غير قابلة للسكن. لم يتبق شيء قائم. هناك العديد من الذخائر غير المنفجرة. ليس من الآمن المشي هناك، الأمر خطير جدا. ما كنت لأعرف هذا دون الذهاب إلى هناك والتفقد”.

وأشار ويتكوف إلى أنه التقى في الرياض مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، حيث ناقشا التقدم المحرز في وقف إطلاق النار والإفراج عن الأسرى، وقال: “كان لدي اجتماع جيد جدًا مع ولي العهد. شعر أننا نحقق تقدمًا مع وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن”.

كما أكد ويتكوف أن إدارة ترامب ملتزمة بإعادة جميع الأسرى المتبقين إلى بيوتهم، وأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو “ملتزم بالاتفاقية مثل بقية البلاد، فهو يستمتع بمشاهدة العائلات التي تعيد أحباءها”.

وختم بتأكيده على أهمية الاستمرار في تنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق بشكل صحيح قبل الانتقال إلى المرحلة الثانية، قائلا: “ليس لدينا عنف في غزة. لقد كان الوضع هادئا. دعونا نلاحظ جميعا الأشياء الإيجابية التي تحدث”.

وأكد مبعوث إدارة ترامب على الحفاظ على وقف إطلاق النار في غزة واستقرار المنطقة لدفع أجندتها الأوسع في الشرق الأوسط، والتي تشمل تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل.

وبحسب “أكسيوس” تعمل الإدارة الأمريكية على إنهاء تنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية للإفراج عن الأسرى المحتجزين في غزة مقابل وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين، لكن البيت الأبيض بات يفكر فعلا في المراحل التالية من الاتفاق وخطة لإعادة إعمار غزة، التي دمرتها الغارات الجوية الإسرائيلية والعمليات البرية خلال 15 شهرًا من الحرب.

المصدر: وكالات

مقالات مشابهة

  • نتنياهو: قراراتنا خلال الحرب غيرت ملامح الشرق الأوسط بشكل جذري
  • صحافة العالم: موقف عربي موحد ضد تهجير سكان غزة.. اقتراح ترامب تطهير عرقي.. إسرائيل تخترق المنطقة العازلة بسوريا
  • مكتب نتنياهو: رئيس الوزراء تحدث اليوم مع المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف
  • تشكيل تحالف عسكري جديد خلال أسابيع وحل جذري.. الكشف عن خطة أمريكية قادمة تستهدف ضرب الحوثيين
  • ضربة موجعة لترامب.. 100 ألف توقيع لعزله من رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية
  • مبعوث ترامب للشرق الأوسط: إعادة إعمار غزة قد تستغرق من 10 إلى 15 عاما
  • تقارير أمريكية: الولايات المتحدة تتقهقر اقتصاديا أمام “بريكس”
  • مبعوث ترامب للشرق الأوسط: إعادة إعمار غزة يستغرق من 10 إلى 15 عامًا
  • هذه هي الرسائل التي بعثت بها الولايات المتحدة لنتنياهو بشأن مراحل اتفاق غزة
  • الولايات المتحدة بلا درع جوي فعّال.. وترامب يريد نسخة أمريكية من القبة الحديدية