بروفيسور أميركي: إسرائيل ستُترك وحيدة والقضية الفلسطينية باقية
تاريخ النشر: 13th, March 2024 GMT
يعتقد البروفيسور جيفري ساكس، أستاذ الاقتصاد السياسي في جامعة كولومبيا الأميركية، أن الولايات المتحدة لن تستمر في دعمها لإسرائيل إلى الأبد، وأن الأخيرة ترتكب مجازر وتطهيرا عرقيا في قطاع غزة.
ويرى -في مقابلة له مع صحيفة هآرتس باللغة العبرية- أن إسرائيل تقوم بتنفيذ إبادة جماعية بحق آلاف الفلسطينيين في غزة وترفض حلّ الدولتين، وتعتقد أنها قادرة على السيطرة على كل الأراضي ما بين النهر والبحر إلى الأبد.
وأضاف ساكس -الذي يعد واحدا من أهم الاقتصاديين في العالم ومن أكثر الاقتصاديين والمفكرين تأثيرا في اليسار الأميركي- أن تل أبيب سعيدة بالدعم الكامل الذي تتلقاه من واشنطن، لكن تغيب عنها تماما الصورة الحقيقية للوضع، القاضية بأن جميع دول العالم تقريبا تعارض سياساتها بشدة، وهي بالتالي باتت معزولة تماما، باستثناء الدعم الذي تتلقاه من واشنطن ودول صغيرة مثل ميكرونيزيا وناورو، لكن الرياح تتغير، وحتى الشعب الأميركي يدير ظهره لها.
وتوقع الأكاديمي الأميركي أن توقف أميركا مساعداتها العسكرية لإسرائيل عاجلا أم آجلا، وذلك لعدة أسباب، منها المعارضة الشعبية في الولايات المتحدة لتمويل الحروب في غزة وأوكرانيا، واستهجان الشباب الأميركي من الموقف الإسرائيلي، وعزلة إسرائيل في العالم، وديون الولايات المتحدة المتضخمة التي تثقل كاهلها بشكل متزايد.
ونبه في هذا الصدد إلى حقيقة أن أميركا ستتنحى قريبا عن المسرح الدولي كزعيم للنظام العالمي بلا منازع، في ظل صعود قوى جديدة وعلى رأسها الصين.
البروفيسور ساكس يرى أن كل يوم يمر يصبح الإسرائيليون منبوذين أكثر فأكثر (الجزيرة) لا ترتكبوا خطأ واشنطنوقال إن الإسرائيليين لا يفهمون أنهم سوف يُتركون وحيدين قريبا، ولا يفهمون أن الوحشية التي يظهرها الجيش الإسرائيلي في غزة تعرض إسرائيل لخطر وجودي.
ويؤكد "كل يوم يمر يصبح الإسرائيليون منبوذين أكثر فأكثر، وتخسر إسرائيل بقية الدعم الدولي الذي كانت تتمتع به، أرى ذلك في عملي كبروفيسور، وأراه في الأمم المتحدة، وأنا أتوسل إليكم: لا ترتكبوا خطأ الاعتقاد بأن الولايات المتحدة ستواصل دعمكم، عليكم أن تعودوا إلى رشدكم، وإلا فسوف تُتركون وحدكم مع ميكرونيزيا".
وتابع البروفيسور ساكس "الأشخاص نفسهم الذين يدعمونكم الآن في واشنطن هم الذين خلقوا الفوضى في أوكرانيا، بايدن، سوليفان، وزير الخارجية أنتوني بلينكن هؤلاء هم الأشخاص الذين تحركوا في عام 2014 للإطاحة بالرئيس الأوكراني آنذاك، فيكتور يانوكوفيتش، لأنه لم يؤيد الانضمام إلى حلف الناتو، وهذا ما خلق الكارثة التي تحدث الآن في أوكرانيا".
واعتبر أن "هؤلاء مجموعة من الهواة، كم عدد الدول التي اعتمدت على الدعم الأميركي وتُرِكوا؟ فيتنام، أفغانستان بعد طالبان، العراق بعد سقوط صدام حسين، ليبيا بعد القذافي، والقائمة تطول. لسنوات كنت أحذر الأوكرانيين: لا تعتمدوا على الدعم الأميركي، لأنكم في نهاية المطاف سينتهي بكم الأمر مثل أفغانستان. والآن أحذركم (الإسرائيليين): لا تعتمدوا على الدعم الأميركي، لأنه في النهاية سينتهي بكم الأمر مثل أوكرانيا".
لا مفاجأة
وتقول الصحيفة إن لساكس العديد من الأقارب في إسرائيل، وعلى مر السنين زارها مرات عديدة، ولديه علاقات مع زملائه في الجامعات، وبشكل عام، يعطي الانطباع بأنه خبير بالسياسة الإسرائيلية على مستوى مستشار برلماني مخضرم.
ومثل معظم اليهود الأميركيين، أمضى ساكس ساعات صباح 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي في مكالمات هاتفية مذعورة مع أقاربه في إسرائيل بحسب الصحيفة. ويقول "لقد كان شعورا فظيعا، كان هناك قلق كبير، وأول شيء فعلته هو التأكد من أن أفراد عائلاتنا في إسرائيل بخير، ولحسن الحظ لم يصب أي منهم بأذى مباشر، والشيء الثاني الذي فعلته هو محاولة فهم سبب حدوث ذلك، لقد فعلت حماس شيئا فظيعا، ولكن كشخص كان يحقق في مواقف مماثلة لمدة 50 عاما، لم يصلني الأمر مفاجأة".
وأعرب ساكس عن اعتقاده بأن إسرائيل لا يمكنها مواصلة حربها في غزة ولو لأيام بدون تسليح أميركي، وأن إصرارها على موقفها سيؤدي لانحطاط أخلاقي، إذ لم يعد العديد من الإسرائيليين قادرين على التمييز بين التدابير الأمنية والمذبحة الجماعية بحق الفلسطينيين.
وفي معرض حديثه عن اتفاقات أبراهام، قال ساكس إن التطبيع مع السعودية قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي يبدو أنه كان قاب قوسين أو أدنى، وأضاف "لا أعرف ماذا كانت خطة السعودية، لكنني لا أصدق أي تقرير تنشره الإدارة الأميركية، ولا أي شيء يقوله نتنياهو. وفي غضون ذلك، أوضحت السعودية بشكل صريح أنه لن يكون هناك تطبيع على حساب الفلسطينيين. هل يعتقد أحد حقا أنه يمكن إخفاء القضية الفلسطينية؟ ماذا، هل ستختفي القضية لمجرد أن جيك سوليفان أو جاريد كوشنر قررا ذلك، أم إن المال الأميركي سيخفيها؟ لا أعتقد ذلك".
إسرائيل قد تجد نفسها بعد حرب غزة أمام مقاطعة من المجتمع الدولي (الأناضول) دروس 11 سبتمبرولاحظ الأكاديمي أن هناك اشمئزازا عالميا عميقا من تصرفات إسرائيل، مشيرا إلى أن "هذه ليست معاداة للسامية، بل معارضة لقصف إسرائيل للمدنيين، مما أسفر عن مقتل عشرات الآلاف، معظمهم من النساء والأطفال، وقصف المدارس والمستشفيات والمساجد والجامعات، وفي كثير من الأحيان تكون القنابل نفسها مصحوبة بمقاطع فيديو لجنود مبتهجين".
وأضاف أن "وزراء الحكومة الإسرائيلية يتحدثون في المناسبات العامة عن التطهير العرقي للفلسطينيين، ولسبب ما يعتقدون أن كلماتهم المبتذلة لا تسمع في جميع أنحاء العالم، أو أنهم ببساطة لا يهتمون".
وحول سلوك إسرائيل عقب هجوم 7 أكتوبر، رأى ساكس أنه كان عليها أخذ العبر من أحداث 11 سبتمبر، وأوضح "بايدن قال لكم مباشرة تعلموا من تجربتنا بعد 11 سبتمبر، لقد ارتكبنا كل خطأ ممكن لأننا اعتقدنا أن الهجوم أعطانا الإذن للقيام بكل ما أردناه لأولئك الذين نعتبرهم أعداء، وربما كانت هذه هي الحالة الوحيدة التي أتفق فيها مع الرئيس".
وقال البروفيسور الأميركي إنه ما كان ينبغي للولايات المتحدة أن تغزو أفغانستان، ولا أن تخوض حربا في العراق، وما كان ينبغي علينا فعله هو التحقيق في الإخفاقات التي كانت موجودة قبل الهجمات، وتعزيز الأمن على الحدود، والشروع في رد فعل سياسي ذكي، والأمر نفسه ينطبق على إسرائيل، كان عليها أن تدرس أسباب الفشل الذريع، وأن تعزز الأمن على الحدود، وأن تفكر في حل طويل الأمد.
وخلص السياسي والاقتصادي المخضرم إلى أنه لا يمكن تجاهل القضية الفلسطينية ولا حتى محاولة تجاوزها، داعيا الإسرائيليين إلى عدم الاعتقاد باستمرار دعم أميركا لسيطرتهم على الفلسطينيين من خلال رفض حل الدولتين، ففي النهاية سيصمد الفلسطينيون بعد حرب غزة رغم الخسائر، لكن إسرائيل في المقابل قد تجد نفسها أمام مقاطعة من المجتمع الدولي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 حريات الولایات المتحدة فی غزة
إقرأ أيضاً:
موقع عبري: الحوثيون لا يمكن ردعهم.. الجماعة التي تتحدى الولايات المتحدة وتتحدى العالم
قال موقع أخباري إسرائيلي إن المتمردين اليمنيين يهددون إسرائيل والاستقرار العالمي، ويشلون التجارة في البحر الأحمر على الرغم من الضربات التي تقودها الولايات المتحدة.
وذكر موقع "واي نت نيوز" في تقرير ترجمة للعربية "الموقع بوست" إن كبار المسؤولين الأميركيين يعبرون عن "صدمتهم" إزاء أسلحتهم المتقدمة، مما يثير مخاوف من زيادة الدعم الإيراني.
وأكد التقرير العبري أن عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد تشير إلى موقف أميركي أكثر صرامة.
وحسب التقرير فلإنه في واحدة من أخطر الحوادث للقوات الأميركية في الشرق الأوسط منذ اندلاع الحرب في غزة، أسقطت سفينة حربية أميركية عن طريق الخطأ طائرة مقاتلة من طراز إف/إيه-18 تابعة للبحرية الأميركية فوق البحر الأحمر خلال عطلة نهاية الأسبوع. وتزامن الحادث مع غارات جوية أميركية استهدفت مواقع للحوثيين في العاصمة اليمنية صنعاء.
وذكر أن الطيارين قد قفزوا من الطائرة بسلام وتم إنقاذهما، في حين أعلن المتمردون الحوثيون بسرعة مسؤوليتهم عن إسقاط الطائرة. ومع ذلك، لم يوضح البنتاغون ما إذا كانت النيران الصديقة مرتبطة بشكل مباشر بالقتال الجاري ضد المجموعة المدعومة من إيران.
"تؤكد هذه الحلقة على التحدي الأوسع الذي يفرضه وكلاء إيران، ليس فقط على إسرائيل ولكن أيضًا على الولايات المتحدة والمجتمع الدولي"، حسب الموقع الاسرائيلي.
وأكد أن هجمات الحوثيين تضع إدارة بايدن في موقف صعب، لأنها تتزامن مع الجهود الأمريكية للتوسط لإنهاء الحرب الأهلية في اليمن والصراع السعودي الحوثي. فشلت تلك الحرب، التي قتلت عشرات الآلاف من المدنيين في الغارات الجوية السعودية، في هزيمة الميليشيات المتحالفة مع إيران.
وفق التقرير فإنه مع استمرار التوترات المرتفعة، قد تنمو احتمالات تكثيف العمل من جانب الولايات المتحدة وحلفائها، خاصة مع عودة الرئيس المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض الشهر المقبل.
وقال "ومع ذلك، أصبحت قدرة التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة على ردع الحوثيين موضع تساؤل بعد أن أظهروا مرونة في مواجهة سنوات من الضربات الجوية السعودية المتواصلة، متجاهلين في كثير من الأحيان المعاناة الشديدة للمدنيين اليمنيين. يعيش ثلثا سكان اليمن تحت سيطرة الحوثيين".
وتوقع بن يشاي أن يرفع ترامب القيود التشغيلية التي فرضها بايدن على القوات الأميركية في اليمن، مما يمهد الطريق لحملة أميركية إسرائيلية منسقة لتحييد التهديد الحوثي.
وقد تتضمن هذه الاستراتيجية استهداف قيادة الحوثيين وتدمير صواريخهم الباليستية وطائراتهم بدون طيار وأنظمة الإطلاق ومرافق الإنتاج الخاصة بهم - وهي الإجراءات التي قال بن يشاي إنها ستعكس العمليات الإسرائيلية الناجحة ضد الأصول الاستراتيجية لحزب الله في لبنان وقدرات نظام الأسد في سوريا. ومن المرجح أن تتطلب إسرائيل تعاونًا كبيرًا من القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM) والأسطول الخامس للبحرية الأمريكية، الذي يعمل في المنطقة بحاملات الطائرات ومدمرات الصواريخ وغيرها من الأصول. إن المسافة الجغرافية والتحديات الاستخباراتية تجعل العمل الإسرائيلي الأحادي الجانب غير محتمل.
وزعم بن يشاي أن الجهد المنسق يمكن أن يمنع الحوثيين من المزيد من زعزعة استقرار النظام العالمي والاقتصاد. وأشار إلى أنه في حين أن الحوثيين لا يردعون عن الضربات على البنية التحتية لدولتهم، فإن قطع رأس القيادة والهجمات الدقيقة على قدراتهم العسكرية يمكن أن يغير التوازن.