يعتقد البروفيسور جيفري ساكس، أستاذ الاقتصاد السياسي في جامعة كولومبيا الأميركية، أن الولايات المتحدة لن تستمر في دعمها لإسرائيل إلى الأبد، وأن الأخيرة ترتكب مجازر وتطهيرا عرقيا في قطاع غزة.

ويرى -في مقابلة له مع صحيفة هآرتس باللغة العبرية- أن إسرائيل تقوم بتنفيذ إبادة جماعية بحق آلاف الفلسطينيين في غزة وترفض حلّ الدولتين، وتعتقد أنها قادرة على السيطرة على كل الأراضي ما بين النهر والبحر إلى الأبد.

وأضاف ساكس -الذي يعد واحدا من أهم الاقتصاديين في العالم ومن أكثر الاقتصاديين والمفكرين تأثيرا في اليسار الأميركي- أن تل أبيب سعيدة بالدعم الكامل الذي تتلقاه من واشنطن، لكن تغيب عنها تماما الصورة الحقيقية للوضع، القاضية بأن جميع دول العالم تقريبا تعارض سياساتها بشدة، وهي بالتالي باتت معزولة تماما، باستثناء الدعم الذي تتلقاه من واشنطن ودول صغيرة مثل ميكرونيزيا وناورو، لكن الرياح تتغير، وحتى الشعب الأميركي يدير ظهره لها.

وتوقع الأكاديمي الأميركي أن توقف أميركا مساعداتها العسكرية لإسرائيل عاجلا أم آجلا، وذلك لعدة أسباب، منها المعارضة الشعبية في الولايات المتحدة لتمويل الحروب في غزة وأوكرانيا، واستهجان الشباب الأميركي من الموقف الإسرائيلي، وعزلة إسرائيل في العالم، وديون الولايات المتحدة المتضخمة التي تثقل كاهلها بشكل متزايد.

ونبه في هذا الصدد إلى حقيقة أن أميركا ستتنحى قريبا عن المسرح الدولي كزعيم للنظام العالمي بلا منازع، في ظل صعود قوى جديدة وعلى رأسها الصين.

البروفيسور ساكس يرى أن كل يوم يمر يصبح الإسرائيليون منبوذين أكثر فأكثر (الجزيرة) لا ترتكبوا خطأ واشنطن

وقال إن الإسرائيليين لا يفهمون أنهم سوف يُتركون وحيدين قريبا، ولا يفهمون أن الوحشية التي يظهرها الجيش الإسرائيلي في غزة تعرض إسرائيل لخطر وجودي.

ويؤكد "كل يوم يمر يصبح الإسرائيليون منبوذين أكثر فأكثر، وتخسر إسرائيل بقية الدعم الدولي الذي كانت تتمتع به، أرى ذلك في عملي كبروفيسور، وأراه في الأمم المتحدة، وأنا أتوسل إليكم: لا ترتكبوا خطأ الاعتقاد بأن الولايات المتحدة ستواصل دعمكم، عليكم أن تعودوا إلى رشدكم، وإلا فسوف تُتركون وحدكم مع ميكرونيزيا".

وتابع البروفيسور ساكس "الأشخاص نفسهم الذين يدعمونكم الآن في واشنطن هم الذين خلقوا الفوضى في أوكرانيا، بايدن، سوليفان، وزير الخارجية أنتوني بلينكن هؤلاء هم الأشخاص الذين تحركوا في عام 2014 للإطاحة بالرئيس الأوكراني آنذاك، فيكتور يانوكوفيتش، لأنه لم يؤيد الانضمام إلى حلف الناتو، وهذا ما خلق الكارثة التي تحدث الآن في أوكرانيا".

واعتبر أن "هؤلاء مجموعة من الهواة، كم عدد الدول التي اعتمدت على الدعم الأميركي وتُرِكوا؟ فيتنام، أفغانستان بعد طالبان، العراق بعد سقوط صدام حسين، ليبيا بعد القذافي، والقائمة تطول. لسنوات كنت أحذر الأوكرانيين: لا تعتمدوا على الدعم الأميركي، لأنكم في نهاية المطاف سينتهي بكم الأمر مثل أفغانستان. والآن أحذركم (الإسرائيليين): لا تعتمدوا على الدعم الأميركي، لأنه في النهاية سينتهي بكم الأمر مثل أوكرانيا".

لا مفاجأة

وتقول الصحيفة إن لساكس العديد من الأقارب في إسرائيل، وعلى مر السنين زارها مرات عديدة، ولديه علاقات مع زملائه في الجامعات، وبشكل عام، يعطي الانطباع بأنه خبير بالسياسة الإسرائيلية على مستوى مستشار برلماني مخضرم.

ومثل معظم اليهود الأميركيين، أمضى ساكس ساعات صباح 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي في مكالمات هاتفية مذعورة مع أقاربه في إسرائيل بحسب الصحيفة. ويقول "لقد كان شعورا فظيعا، كان هناك قلق كبير، وأول شيء فعلته هو التأكد من أن أفراد عائلاتنا في إسرائيل بخير، ولحسن الحظ لم يصب أي منهم بأذى مباشر، والشيء الثاني الذي فعلته هو محاولة فهم سبب حدوث ذلك، لقد فعلت حماس شيئا فظيعا، ولكن كشخص كان يحقق في مواقف مماثلة لمدة 50 عاما، لم يصلني الأمر مفاجأة".

وأعرب ساكس عن اعتقاده بأن إسرائيل لا يمكنها مواصلة حربها في غزة ولو لأيام بدون تسليح أميركي، وأن إصرارها على موقفها سيؤدي لانحطاط أخلاقي، إذ لم يعد العديد من الإسرائيليين قادرين على التمييز بين التدابير الأمنية والمذبحة الجماعية بحق الفلسطينيين.

وفي معرض حديثه عن اتفاقات أبراهام، قال ساكس إن التطبيع مع السعودية قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي يبدو أنه كان قاب قوسين أو أدنى، وأضاف "لا أعرف ماذا كانت خطة السعودية، لكنني لا أصدق أي تقرير تنشره الإدارة الأميركية، ولا أي شيء يقوله نتنياهو. وفي غضون ذلك، أوضحت السعودية بشكل صريح أنه لن يكون هناك تطبيع على حساب الفلسطينيين. هل يعتقد أحد حقا أنه يمكن إخفاء القضية الفلسطينية؟ ماذا، هل ستختفي القضية لمجرد أن جيك سوليفان أو جاريد كوشنر قررا ذلك، أم إن المال الأميركي سيخفيها؟ لا أعتقد ذلك".

إسرائيل قد تجد نفسها بعد حرب غزة أمام مقاطعة من المجتمع الدولي (الأناضول) دروس 11 سبتمبر

ولاحظ الأكاديمي أن هناك اشمئزازا عالميا عميقا من تصرفات إسرائيل، مشيرا إلى أن "هذه ليست معاداة للسامية، بل معارضة لقصف إسرائيل للمدنيين، مما أسفر عن مقتل عشرات الآلاف، معظمهم من النساء والأطفال، وقصف المدارس والمستشفيات والمساجد والجامعات، وفي كثير من الأحيان تكون القنابل نفسها مصحوبة بمقاطع فيديو لجنود مبتهجين".

وأضاف أن "وزراء الحكومة الإسرائيلية يتحدثون في المناسبات العامة عن التطهير العرقي للفلسطينيين، ولسبب ما يعتقدون أن كلماتهم المبتذلة لا تسمع في جميع أنحاء العالم، أو أنهم ببساطة لا يهتمون".

وحول سلوك إسرائيل عقب هجوم 7 أكتوبر، رأى ساكس أنه كان عليها أخذ العبر من أحداث 11 سبتمبر، وأوضح "بايدن قال لكم مباشرة تعلموا من تجربتنا بعد 11 سبتمبر، لقد ارتكبنا كل خطأ ممكن لأننا اعتقدنا أن الهجوم أعطانا الإذن للقيام بكل ما أردناه لأولئك الذين نعتبرهم أعداء، وربما كانت هذه هي الحالة الوحيدة التي أتفق فيها مع الرئيس".

وقال البروفيسور الأميركي إنه ما كان ينبغي للولايات المتحدة أن تغزو أفغانستان، ولا أن تخوض حربا في العراق، وما كان ينبغي علينا فعله هو التحقيق في الإخفاقات التي كانت موجودة قبل الهجمات، وتعزيز الأمن على الحدود، والشروع في رد فعل سياسي ذكي، والأمر نفسه ينطبق على إسرائيل، كان عليها أن تدرس أسباب الفشل الذريع، وأن تعزز الأمن على الحدود، وأن تفكر في حل طويل الأمد.

وخلص السياسي والاقتصادي المخضرم إلى أنه لا يمكن تجاهل القضية الفلسطينية ولا حتى محاولة تجاوزها، داعيا الإسرائيليين إلى عدم الاعتقاد باستمرار دعم أميركا لسيطرتهم على الفلسطينيين من خلال رفض حل الدولتين، ففي النهاية سيصمد الفلسطينيون بعد حرب غزة رغم الخسائر، لكن إسرائيل في المقابل قد تجد نفسها أمام مقاطعة من المجتمع الدولي.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 حريات الولایات المتحدة فی غزة

إقرأ أيضاً:

النفط يواصل الصعود وسط مخاوف بشأن الإنتاج الأميركي وتراجع المخزون

واصلت أسعار النفط تسجيل المكاسب اليوم الثلاثاء في جلسة متذبذبة مع مخاوف بشأن إنتاج الولايات المتحدة في أعقاب الإعصار "فرانسين" الذي ضرب الشواطئ الأميركية في خليج المكسيك الغنية بالنفط، فضلا عن توقعات بتراجع مخزونات الخام الأميركية.

وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت تسليم نوفمبر/تشرين الثاني 0.2% إلى 72.89 دولارا وقت كتابة هذا التقرير، كما زادت العقود الآجلة للخام الأميركي لأكتوبر/تشرين الأول 0.5% إلى 70.41 دولارا للبرميل.

وسجلت العقود الآجلة لخام برنت والخام الأميركي ارتفاعا عند التسوية في الجلسة السابقة بعدما محت المخاوف من استمرار تأثير الإعصار "فرانسين" على الإنتاج في خليج المكسيك بالولايات المتحدة إثر القلق إزاء الطلب الصيني قبل قرار مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) خفض أسعار الفائدة هذا الأسبوع والمتوقع أن يكون إيجابيا على معنويات المستثمرين في قطاع النفط.

توقف الإنتاج

ووفقا لما ذكره مكتب السلامة وإنفاذ الاشتراطات البيئية أمس الاثنين، فإن أكثر من 12% من إنتاج النفط الخام و16% من إنتاج الغاز الطبيعي في خليج المكسيك بالولايات المتحدة لا يزال متوقفا.

وكانت منشآت الطاقة على طول ساحل الخليج الأميركي قد بدأت تخفيض عملياتها منذ الثلاثاء الماضي، كما أخلت بعض مواقع الإنتاج مع مرور الإعصار عبر المنطقة.

ويبلغ الإنتاج البحري في خليج المكسيك نحو 1.8 مليون برميل، وهو ما يعادل 15% من إجمالي إنتاج الخام في الولايات المتحدة.

وبحسب مكتب السلامة وإنفاذ الاشتراطات البيئية في الولايات المتحدة، فإن الإعصار تسبب في توقف إنتاج أكثر من 522 ألف برميل من النفط يوميا و755 مليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي.

وذكر المكتب أن عدد منصات النفط والغاز التي ترك عمال الطاقة أماكنهم فيها وصل إلى 52 منصة انخفاضا من 171 في ذروة الإعصار الأسبوع الماضي.

وضرب الإعصار "فرانسين" ساحل لويزيانا الأربعاء الماضي برياح بلغت سرعتها 161 كيلومترا في الساعة، مما أدى إلى انقطاع الكهرباء عن 375 ألف شخص وسقوط أمطار غزيرة وحدوث فيضانات في الولاية.

النفط عاود الارتفاع في جلسة متقلبة (شترستوك) ترقب

وتترقب الأسواق عن كثب قرار المركزي الأميركي بشأن خفض الفائدة، ومن شأن خفض أسعار الفائدة أن يقلص تكلفة الاقتراض، وهو ما قد يؤدي إلى رفع الطلب على النفط من خلال دعم النمو الاقتصادي.

وقال محللون في "إيه إن زد" في مذكرة "التوقعات المتزايدة بخفض حاد لأسعار الفائدة عززت المعنويات في سوق السلع الأولية"، وأضافوا أن الاضطرابات المستمرة في الإمدادات دعمت هي الأخرى أسواق النفط.

ويترقب المستثمرون كذلك انخفاضا متوقعا في مخزونات الخام الأميركية التي رجح استطلاع لرويترز تراجعها بنحو 200 ألف برميل في الأسبوع المنتهي في 13 سبتمبر/أيلول.

لكن نمو الطلب الذي جاء أقل من المتوقع في الصين أكبر مستورد للنفط الخام في العالم حد من ارتفاع الأسعار، وأظهرت بيانات حكومية يوم السبت الماضي أن إنتاج مصافي النفط في الصين انخفض للشهر الخامس على التوالي في أغسطس/ آب، وسط تراجع الطلب على الوقود وضعف هوامش التصدير.

مقالات مشابهة

  • تفجيرات "البيجر".. بلينكن يتحدث عن "التورط الأميركي"
  • تصويت أممي على مشروع قرار بإنهاء احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية
  • إعلام عبري: غالانت اتصل بنظيره الأميركي وأبلغه بأن (إسرائيل) ستنفذ عملية في لبنان قبل دقائق من وقوعها
  • النفط يواصل الصعود وسط مخاوف بشأن الإنتاج الأميركي وتراجع المخزون
  • مواقف واحد للرئيس السيسي والملك عبدالله بشأن غزة والقضية الفلسطينية
  • بروفيسور يهودي يتوقع نشوب حرب أهلية في إسرائيل
  • الجيش الأميركي يعلن اكتمال انسحابه من النيجر
  • الجيش الأميركي يكمل انسحابه من النيجر
  • ألبانيز: وجود "إسرائيل" في الأراضي الفلسطينية غير قانوني
  • آموس هوكشتاين.. مبعوث أميركي للبنان مولود في إسرائيل