هنيئاً لمن أدرك رمضان وتاب إلى الرحمن
تاريخ النشر: 13th, March 2024 GMT
مِنْ أعظم نعم الله تعالى على عباده أن فتح لهم باب التوبة، وأمرهم بها ورغَّبهم فيها، ووعدهم بقبولها وغفران ذنوبهم مهما كثرت وعظُمت، رحمة ولطفاً بهم، قال تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}(الزمر:53).
وقد جعل الله تعالى لعباده في التوبة والإنابة إليه ملاذاً آمناً، يلِجْه المُذنب، معترفاً بذنبه، نادماً على فعله، ليجد فيه ما يغير حياته من شقاء وظلمة المعصية، إلى نور وسعادة التوبة والطاعة، ولذا أمر الله تعالى بها أهل الإيمان، فقال سبحانه: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}(النور:31). قال السعدي: "{لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} فلا سبيل إلى الفلاح إلا بالتوبة، وهي الرجوع مما يكرهه الله، ظاهرا وباطنا، إلى: ما يحبه ظاهرا وباطنا، ودل هذا، أن كل مؤمن محتاج إلى التوبة، لأن الله خاطب المؤمنين جميعا"..
ومِنَ المعلوم أن مِنْ أجَلِّ وأعظم نعم الله تعالى على عباده المؤمنين أن يُبَلغهم شهر رمضان، فقد فضَّل الله هذا الشهر المبارك على سائر الشهور والأيام، فهو شهر تتنزل فيه الرحمات، وتُغْفَر فيه الذنوب والسيئات، وتُضاعف فيه الأجور والحسنات، وتُفتح فيه أبواب الجَنة، وتُغلق أبواب النار، ويعتق الله فيه عباده من النيران.
والنبي صلى الله عليه وسلم كان يُبَشِّر أصحابه رضوان الله عليهم بقدومه، لِمَا فيهِ مِنَ الخيرِ الكثير، والفضائل والبركات العظيمة، فكان يقول لهم: (أتاكم شهر رمضان، شهرٌ مبارَكٌ، فرض اللهُ عليكم صيامَه، تُفتح فيه أبوابُ الجنَّة، وتُغلَق فيه أبوابُ الجحيم.. وفيه ليلةٌ هي خيرٌ من ألف شهر، من حُرِم خيرها فقد حُرِم) رواه النسائي.
وقد وردت الكثير من الأحاديث النبوية الصحيحة التي تبيّن فضل شهر رمضان وما فيه من خيرات ورحمات، وفضائل وبركات، ومن ثم فالمسلم ينتظره بلهفة وشوق، ويفرح ويستبشر به، ويُحْسن استقباله والاستعداد له بتوبة صادقة، وعزم على الاجتهاد والعبادة فيه، حتى يَعُمَّ عليه خيره وفضله، ويكون فيه من المقبولين الفائزين الرابحين..
ولِعِظَم شهر رمضان وما فيه مِن خيرات وبركات وعِتق من النار، أمَّن النبي صلى الله عليه وسلم على دعاء جبريل عليه السلام حين دعا على مَنْ أدرك رمضان وأصر على معصية الله، وعدم التوبة إليه، ولم يستغل أوقاته وأيامه في طاعته وعبادته. كما في حديث جابر بن سَمُرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أتاني جبريل فقال: يا محمد ! من أدركَ أحدَ والديْهِ فمات فدخل النار فأبعدَه الله، قُل: آمين، فقلتُ: آمين، قال: يا محمد ، مَن أدرك شهرَ رمضانَ فماتَ فلم يُغْفَرْ لهُ فأُدْخِلَ النَّارَ فأبعدَه الله، قُل: آمين، فقلتُ: آمين، قال: ومن ذُكِرْتَ عندَه فلم يُصَلِّ عليكَ فماتَ فدخلَ النَّارَ فأبعدَه الله، قُل: آمين، فقلتُ: آمين) رواه الطبراني.
هذا الحديث النبوي فيها دعاء بالخسران على مَن بلَغ أبَواه سِنَّ الكِبَرِ فلم يَجتَهِدْ في بِرِّهما، وكل مَن أدرَك شهر رمضان فلم يتب إلى الله، ولم يحافظ ويَجتَهد في طاعته وعبادته حتَّى انتَهى الشَّهرُ ولم يُغفَرْ له، وكذلك مَن ذُكِر عِنده النبي صلى الله عليه وسلم ولم يُصَل عليه.. قال الطيبي في "الكاشف عن حقائق السنن": "وكذا شهر رمضان شهر الله المُعَظَّم، {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ}(البقرة:185)، فمَنْ وجد فرصة تعظيمه بأن قام فيه إيمانا واحتسابا عَظَّمَه الله، ومَنْ لم يعظمه حقَّرَه الله تعالي".. وأي خسارة وحِرْمان أعظم مِنْ أن يدخل المرء فيمن عناهم النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (ورَغِمَ أنفُ رجل دخل عليه رمضانُ ثُم انْسَلَخ قبل أن يُغفرَ له) رواه الترمذي .فالمُصر على معصية الله عز وجل في رمضان، وعدم التوبة والإنابة إليه سبحانه، مستحقٌّ لدعاء جبريل عليه.
وما ذالك إلا لزيادة دواعي الخير في هذا الشهر المبارك، وضعف دواعي الشرِّ، ولِما اجتمع في هذا الشهر المبارك مِنْ فضلٍ وخير ما لم يجتمع في غيره من سائر الشهور والأيام، فهو موسم غفران الذنوب، وتكفير السيئات، شهر تفتح فيه أبواب الجِنان، وتغلق فيه أبواب النيران، ويُنادي فيه منادٍ: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار في هذا الشهر، وذلك كل ليلة. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا كانت أوَّل ليلةٍ من رمَضان صُفِّدت الشَّياطينُ ومَردةُ الجِنِّ، وغلِّقت أبَوابُ النَّارِ فلم يُفتَحْ منها بابٌ، وفُتِحت أبوابُ الجنَّةِ فلم يُغلَقْ منها بابٌ، ونادى منادٍ: يا باغيَ الخيرِ أقبِلْ، ويا باغيَ الشَّرِّ أقصِر، وللَّهِ عتقاءُ منَ النَّارِ وذلِك في كلِّ ليلة) رواه ابن ماجه..
فالذين يدخلون شهر رمضان بالإصرار على المعاصي، ويخرجون منه مثلما كانوا قبله، ولم يورث هذا الشهر المبارك عندهم توبة صادقة مع الله، ولا إقلاعاً عن الذنوب والسيئات، ولا حرصا على الطاعات والعبادات، فهؤلاء من الخاسرين المحرومين لأنهم لم يستفيدوا من رمضان.. وإذا كان الله تعالى قد دعا عباده إلى التوبة الصادقة النصوح في كل وقت وزمان، فإن التوبة في رمضان أوْلى وآكد، لأنه شهر تُسْكَبُ فيه العَبرات، وتُقال فيه العثرات، وتُعتق فيه الرقاب من النار، ولله في كل ليلة عتقاء من النار، ومن لم يتب في رمضان فمتى يتوب؟! فالخاسر حقاً هو مَنْ أدرك شهر رمضان ولم يتب فيه إلى الرحمن، ولم يحافظ ويسارع فيه إلى العبادات والخيرات.. عن الحسن قال: "إن الله جعل شهر رمضان مِضماراً (سباقاً) لِخَلْقه، يستبقون فيه بطاعته إلى مرضاته، فسبق قوم ففازوا، وتخلف آخرون فخابوا"..
فائدة:
1 ـ التوبة الصادقة تمحو الخطايا والسيئات مهما عظمت، فإن الله تبارك وتعالى لا يتعاظمه ذنب أن يغفره، بل إن الله تعالى بفضله يبدل سيئات التائب إلى حسنات، قال الله تعالى في صفات عباد الرحمن: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}(الفرقان:70:68). قال الطبري: "عن ابن عباس، قوله: {فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} قال: هم المؤمنون كانوا قبل إيمانهم على السيئات، فرغب الله بهم عن ذلك، فحوّلهم إلى الحسنات، وأبدلهم مكان السيئات حسنات". وقال السعدي: "{فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} أي: تتبدل أفعالهم وأقوالهم التي كانت مستعدة لعمل السيئات تتبدل حسنات، فيتبدل شركهم إيمانا، ومعصيتهم طاعة، وتتبدل نفس السيئات التي عملوها ثم أحدثوا عن كل ذنب منها توبة وإنابة وطاعة تبدل حسنات كما هو ظاهر الآية".. وفي الحديث القدسي يقول الله عز وجل: (يا عِبَادِي، إنَّكُمْ تُخْطِئُون باللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا، فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ) رواه مسلم. وفي حديث آخر: (يا ابن آدم إنَّكَ ما دعوتَني ورجوتَني غفَرتُ لَك على ما كان فيك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبُك عَنان السماء ثمَّ استغفرتَني غفرتُ لَك، ولا أبالي، يا ابنَ آدمَ إنَّك لو أتيتَني بقراب الأرض خطايا ثمَّ لقيتَني لا تشرِك بي شيئًا لأتيتُكَ بقرابِها مغفرة ) رواه الترمذي.
2 ـ رمضان من أعظم مواسم التوبة والمغفرة، والعتق من النار. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الصّلوات الخَمْس، والجُمعة إلى الجمعة، وَرَمَضَان إلى رَمَضَان، مُكَفِّرَاتٌ ما بيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الكَبَائِر) رواه مسلم. وعن أبي أُمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن لله عند كل فطر عتقاء، وذلك في كل ليلة) رواه أحمد. وفي صحيح البخاري قال صلى الله عليه وسلم: (مَنْ صام رمضان إيماناً واحتساباً غُفِر له ما تقدم من ذنبه) رواه البخاري، وقال صلى الله عليه وسلم: (مَنْ قام رمضان إيماناً واحتساباً غُفِر له ما تقدم من ذنبه)، وقال صلى الله عليه وسلم: (مَنْ قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفِر له ما تقدم من ذنبه)..
3 ـ للتوبة شروط لابد من توفرها لكي تكون صحيحة مقبولة: أولها: أن تكون خالصة لله تعالى. ثانيها: أن تكون في زمن الإمكان، أي قبل أن تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت الشمس من مغربها، لم تنفع معها التوبة، قال تعالى: {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا} (الأنعام:158)، وقبل أن تبلغ الروح الحُلقوم، فإن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر، كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم. ثالثها: الإقلاع عن الذنب، فلا يصح أن يدَّعي العبدُ التوبة، وهو مقيم على المعصية. رابعها: الندم على ما كان منه، والندم ركن التوبة الأعظم. خامسها: العزم على عدم العودة إلى الذنب في المستقبل. سادسها: رد الحقوق إلى أصحابها والتحلل منهم، إن كان الذنب مما يتعلق بحقوق المخلوقين..
شهر رمضان تاج على رأس الزمان، وقد كان الصحابة رضوان الله عليهم ـ لِما علموه مِنْ خيره وفضله ـ يدعون الله تعالى ستة أشهر أن يبلغهم هذا الشهر الطيب المبارك، ويدعون الله تعالى ستة أشهر بعده أن يتقبله الله منهم.. وشهر رمضان فرصة ذهبية ـ قد لا تتكرر فالموت يأتي فجأة ـ ليبدأ الإنسان فيه صفحة جديدة بتوبة صادقة مع الله عز وجل، وذلك بالاستقامة على طريقه سبحانه، والمحافظة على طاعته وعبادته، فهو شهر مَنْ رُحم فيه فهو المرحوم، ومن حُرِم خيره فهو المحروم، فحري بنا أن نسارع بتوبة صادقة مع الله.. فهنيئاً ثم هنيئاً لمن أدرك رمضان وتاب إلى الرحمن، وفي المقابل يا خسارة مَنْ أدرك شهر رمضان ولم يتب إلى الله، وأصرَّ على المعاصي والسيئات، ولم يسارع فيه إلى العبادات والخيرات، وانتَهى الشهر ولم يُغفَرْ له..
عن اسلام ويبالمصدر: أخبارنا
كلمات دلالية: ن النبی صلى الله علیه وسلم صلى الله علیه وسلم قال هذا الشهر المبارک رضی الله عنه أن الله تعالى فیه أبواب شهر رمضان من النار إن الله ل علیه ن أدرک ل لیلة ل الله ما کان من الن ه الله
إقرأ أيضاً:
الإفتاء: لا حرج في تركيب طرف صناعي إذا ولد الشخص بعِلة
قالت دار الإفتاء المصرية، إن الله تبارك وتعالى خلق الإنسان وأحسنه وخلقه من طين وسوَّاه ونفخ فيه من روحه، وجعل له السمع والبصر والفؤاد، قال تبارك وتعالى: ﴿الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ • ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ • ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ﴾ [السجدة: 7-9].
وأوضحت الإفتاء أن الله تبارك وتعالى يعلم ما تغيض الأرحام وما تزداد وكل شيء عنده بمقدار؛ قال عز وجل: ﴿اللهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ • عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ﴾ [الرعد: 8-9].
وأضافت إذا وُلد إنسان من بطن أمه وبه علَّة بأحد أعضائه فإنه يجب معالجته كما بيَّن ذلك سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث الشريف؛ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: «مَا أَنْزَلَ اللهُ دَاءً إِلا أَنْزَلَ لَهُ دَوَاءً» رواه ابن ماجه. فإذا لم يمكن علاجه لسبب أو لآخر، ولكن يمكن تركيب جهاز تعويضي للطرف المبتور أو المصاب فلا حرج في تركيبه؛ لما رُوِيَ "أن عرفجة بن أسعد رضي الله عنه أصيب يوم الكُلَاب في الجاهلية فاتخذ أنفًا من وَرِق، فأنتن عليه، فأمره سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يتخذ أنفًا من ذهب" رواه أبو داود والنسائي والترمذي.
وأكدت الإفتاء، قائلة: هو سبحانه العالم بخلقه؛ لأنه خالقهم ويخلق ما يشاء ويتصرف في خلقه كما يريد؛ قال تعالى: ﴿وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [القصص: 68]، فيخلق الذكرَ والأنثى والصحيحَ والسقيمَ والطويلَ والقصيرَ والأبيضَ والأسودَ، وذلك لحكمة يعلمها سبحانه وتعالى؛ لأنه لا يعلم الغيب إلا هو، قال تعالى: ﴿وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾ [الأنعام: 59]، وقال تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ [لقمان: 34].