موقع النيلين:
2024-11-22@09:26:40 GMT

النظام الدولي يترنح

تاريخ النشر: 13th, March 2024 GMT


تدافعت التوقعات عن تغيير منتظر في النظام الدولي، بعد أن ترنحت واهتزت قواعده التي سبق أن أرستها قوى عالمية، تولت قيادة هذا النظام، وهي القواعد التي تضمنت مبادئ قانونية، وسياسية، واقتصادية، وإنسانية، وأخلاقية، وكلها تطالب دول العالم بالالتزام بها وتحاسبها على الإخلال بها.

ثم جاءت حرب غزة، لتكشف خروجاً صارخاً على جميع تلك القواعد من نفس القوى الدولية التي أسست النظام الدولي من بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945، وتولت قيادته.

وراحت تلك القوى تكشف عن إخلالها بتلك القواعد، إما بسكوتها المريب وإما بتأييدها لاعتداءات صارخة على حق تقرير المصير، والصمت على إعادة نموذج الاحتلال لأراضي الغير، والذي كان العالم قد نبذه وطوى صفحته والاعتداء على حق تقرير المصير وانتهاك كل قوانين حقوق الإنسان، وصولاً إلى الصمت المريب على الإبادة الجماعية للبشر في غزة، وحتى لو رفضته بالكلام فإنها باركته بالفعل.

وأثناء متابعتي لتلك التوقعات، تركز اهتمامي على ما طرحه «المعهد الملكي للشؤون الدولية» في بريطانيا والمعروف باسم «شاتهام هاوس»، والذي سبق خلال سنوات عملي في بريطانيا، ترددي المتواصل عليه ببطاقة عضوية لحضور مؤتمراته السياسية، والاطلاع على ما تزخر به مكتبته من مؤلفات ووثائق مطبوعة، ولم تكن جنسيته البريطانية تمنعه من إعلان رأيه الصريح في سياسة حكومة دولته، لو وجدها تخالف المبادئ التي يتبناها.

عندئذ تأملت باهتمام آخر دراسة له بعنوان: هل ستصبح غزة نقطة فاصلة لمستقبل النظام الدولي؟.

ثم يقول: إن اعتراف محكمة العدل الدولية في لاهاي بالدمار الذي ألحقته إسرائيل بغزة، باستخدامها الإبادة كانت في الوقت نفسه محاكمة للنظام الدولي.

وإن هذه التصرفات التي ضربت قواعد وأسس النظام الدولي، قد ساندتها الدول التي أوجدت من البداية هذا النظام. ولهذا يواجه النظام الدولي بسبب حرب إسرائيل في غزة أخطر تحد وبشكل مروع وبصورة تستعصي على علاجه عالمياً.

وإن الجلسات التي عقدتها محكمة العدل الدولية، وما قدم لها من وثائق مثبتة للإبادة المتعمدة، قد أظهرت أن القواعد والمؤسسات التي تأسس عليها النظام الدولي قد تقوض بنيانها اليوم، وعلى يد الدول التي أوجدت هذا النظام.

وراح يرتفع صوت الفلسطينيين وكل الشعوب التي أيدتهم في موقفهم، في اتهام هذه القوى ومؤسساتها بأنها تمارس ازدواجية المعايير، ومن حلفاء إسرائيل الذين يتحملون هم أيضاً مسؤولية هذه الأحداث.

وهذا يجعل اللحظة الراهنة تكشف بوضوح عن الصورة المتوقعة لمستقبل النظام العالمي الموجود حالياً.

إن النظام الدولي الحالي بدأ كجزء لا يتجزأ من مشروع عالمي لدول الغرب، ليستمر لعقود طويلة. ولذلك لم تكن التناقضات في سلوكيات القوى التي تديره شيئاً جديداً بالنسبة لما طرأ على الأسس التي يقوم عليها النظام الدولي حالياً.

فالقوى الغربية كانت دائماً تصّر على أنها تدافع عن الديموقراطية، وحقوق الإنسان، وحرية الشعوب، ومؤكدة أن تلك المبادئ هي قيم المؤسسات التي يقوم عليها النظام الدولي.

ثم جاء النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، لكي يبرز التناقضات الموروثة في مواقف الغرب كضامن للنظام الدولي وقواعد عمله. عندئذ راح العالم يشهد التدمير الكامل والإبادة الجماعية، وأشد انتهاكات حقوق الإنسان بشاعة ووحشية، في غزة.

وهو ما أظهر تناقضات متأصلة في مواقف الغرب كضامن لقواعد النظام الدولي. ورأينا كيف كانت أمريكا وبريطانيا ترفضان وقف إطلاق النار، الذي كان يمثل إيقافاً للانقضاض الضاري الإسرائيلي على غزة وأهلها.

بل إنهم استمروا في تزويد إسرائيل بالتمويل والسلاح بما فيه القنابل التي استخدمت في حصار المستشفيات وضربها، وكذلك الهجوم على منظمات حقوق الإنسان، والصحفيين، في انتهاك صارخ للقانون الدولي.

ثم تقول شهادة شاتهام هاوس: إن القواعد التي قام عليها النظام الدولي الحالي صارت لا تناسب التعامل مع وضع مفجع، ومع أهم نزاع نشهده الآن في الشرق الأوسط.

وإذا لم يوجد حل غير مسبوق لوقف إراقة الدماء في غزة، فإن ذلك سوف يقوض ثقة العالم في المؤسسات التي أنشئت أصلاً لهذا الغرض، وسيؤدي إلى تحلل أركان النظام الدولي، وهو وضع كان لا بد أن يفرض على الدول الغربية التفكير الجدي في هذه اللحظة التاريخية التي يعيشها العالم الآن، وما الذي ينتظر أن يأتي بعدها.

وإذا كان قد استقر في أذهان الذين يتأملون المواقف السلبية التي اتخذتها قوى دولية من حرب إسرائيل في غزة، فإن اعتراف محكمة العدل الدولية بالإبادة التي ترتكبها إسرائيل في غزة، إنما هو بمكانة محاكمة للنظام الدولي ذاته.

فإن معنى ذلك أن النظام مقبل على حقبة جديدة في تاريخه، تمهد لنظام دولي جديد ومختلف. وإن ذلك سوف ينعكس على كيان المنظمة الدولية – الأمم المتحدة – التي شلت إرادتها من أجل إقرار العدل والسلام في مناطق من العالم، وكبلت إرادتها بضغوط تحول بينها وبين فرض القوانين والأحكام والقرارات الدولية على من يتجاهلها، وأحياناً من يستخفون بها، وبتعدد استخدم «الفيتو» لمنع صدور قرار يفترض أنها تحمي القانون الدولي، وفق القواعد التي أرساها من البداية الذين أقاموا هذا النظام، بينما هم الذين يخالفونها اليوم.

عاطف الغمري – صحيفة الخليج

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: هذا النظام فی غزة

إقرأ أيضاً:

زيلينسكي يعلق على الضربة التي شنتها روسيا بصواريخ "أوريشنيك"

اشتكى فلاديمير زيلينسكي، الرئيس الأوكراني، يوم الجمعة من "شركاء أوكرانيا الأعزاء" بسبب غياب ردة الفعل على الضربة التي شنتها روسيا بصواريخ "أوريشنيك" الفرط صوتية الجديدة على أوكرانيا. 

روسيا: العالم الأحادي القطب أصبح شيئا من الماضي واشنطن تعرب عن قلقها بعد إطلاق روسيا صاروخ "أوريشنيك"

وبحسب روسيا اليوم، وقال زيلينسكي عبر قناته على "تلجرام"، بعد أن حصل في السابق على الضوء الأخضر من الغرب لضرب العمق الروسي: "يجب على العالم أن يرد على هذا. الآن لا يوجد رد فعل قوي من العالم.. إنه (بوتين) يختبركم أيها الشركاء الأعزاء.. إذا لم يكن هناك رد فعل قوي على تصرفات روسيا، فإنهم سيرون هذا (القصف) ممكنا".

وكشف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مساء الخميس، عن تنفيذ القوات الروسية اختبارا ناجحا لأحدث منظومة صواريخ فرط صوتية متوسطة ​​المدى تحمل اسم "أوريشنيك".

وأكد الرئيس أن اختبارات صواريخ "أوريشنيك" في الظروف القتالية جاءت ردا على الأعمال العدوانية التي ترتكبها دول "الناتو" ضد روسيا، مضيفا أنه "تم توجيه الضربة إلى مصنع في دنيبروبيتروفسك بواسطة صاروخ باليستي فرط صوتي لكنه دون رأس نووية".

وشدد على القول: "في حالة تصعيد الأعمال العدوانية، سنرد بشكل حاسم وبطريقة مماثلة"، موصيا النخب الحاكمة في تلك الدول التي لديها خطط لاستخدام قوتها العسكرية ضد روسيا، بأن تفكر بجدية في الأمر.

ومن جانبها، أعربت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير مساء يوم الخميس، عن قلق الولايات المتحدة إزاء إطلاق روسيا الصاروخ الفرط صوتي الجديد على أوكرانيا.

مقالات مشابهة

  • تقرير: ترامب يدرس تكليف وارش بوزارة الخزانة
  • زيلينسكي يعلق على الضربة التي شنتها روسيا بصواريخ "أوريشنيك"
  • باحث في العلاقات الدولية: على محكمة العدل الدولية إدانة «بايدن» على غرار نتنياهو
  • بعد قرار الجنائية الدولية.. ما الدول التي ستنفذ قرار اعتقال نتنياهو وغالانت؟
  • وزير العدل التركي: قرار المحكمة الجنائية الدولية متأخر لكنه إيجابي
  • رايتس ووتش: سوريا تواصل انتهاك أمر العدل الدولية بوقف التعذيب
  • وزير العدل يبحث مع رئيس مؤتمر لاهاي للقانون الدولي الخاص سبل تعزيز التعاون
  • هذه هي المخططات الخفية التي تُدبّرها إسرائيل لتركيا
  • مجلس الأمن الدولي يناقش اليوم اقتراحا لوقف فوري لإطلاق النار في غزة
  • وزارة العدل تفوز بجائزة معهد الابتكار العالمي