العصا والجزرة.. هكذا يقرأ الإيرانيون عزم واشنطن إرسال تعزيزات عسكرية للمياه الخليجية
تاريخ النشر: 24th, July 2023 GMT
طهران- على النقيض مما يتسرب عن نتائج الوساطات التي تقوم بها بعض الدول الإقليمية لحلحلة القضايا الشائكة بين واشنطن وطهران، فإن البلدين لا يدّخران جهدا في معركة "ليّ الذراع" على المضمار الأمني.
وعلى وقع الهجمات المتكررة منذ 2019 على سفن الشحن بالمياه الخليجية بين الولايات المتحدة والجمهورية الإسلامية، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) عزمها تعزيز وجودها العسكري في الشرق الأوسط "لمراقبة مضيق هرمز والمياه المحيطة به"، موضحة أنها سترسل مقاتلات إضافية من طراز إف-35 وإف-16 إلى جانب المدمرة "يو إس إس توماس هودنر" إلى المنطقة.
ويأتي القرار الأميركي بعد اتهام واشنطن طهران بمحاولة احتجاز ومضايقة سفن شحن وناقلات نفط في الأشهر القليلة الماضية، وهو ما نفته الخارجية الإيرانية جملة وتفصيلا، واعتبرت قرار البنتاغون "مزعزعا لأمن المنطقة"، كما توعّدت باتخاذ "الإجراءات المناسبة والرادعة عند الضرورة".
وجدت المؤسسة العسكرية الإيرانية في القرار الأميركي مناسبة لتذكير واشنطن بأنها كانت سباقة في مصادرة شحنة نفط إيرانية على متن الناقلة "سويز راجان" التي ترفع علم جزر مارشال، وحذّرت من أنها سترد على أي شركة نفط تقوم بتفريغ النفط الإيراني من الناقلة المحتجزة منذ أبريل/نيسان الماضي خارج ميناء هيوستن بالولايات المتحدة.
كما أكد قائد بحرية الحرس الثوري الإيراني، علي رضا تنكسيري، أن بلاده ستُحمل واشنطن المسؤولية عن السماح بتفريغ حمولة الناقلة.
وتزامنت تصريحات تنكسيري مع إعلان المنظمة البحرية الدولية الخميس الماضي أن جهازها التنفيذي صوّت لصالح التراجع عن قبول عرض إيراني لاستضافة فعالية دولية للملاحة البحرية في أكتوبر/تشرين الأول المقبل، استجابة لاقتراح أميركي، مما أثار حفيظة طهران.
تنافس إستراتيجي
ويجمع مراقبون في إيران على أن أي توتر إضافي بين طهران وواشنطن يقوّض المساعي الدبلوماسية الإقليمية والدولية المتواصلة لحل القضايا العالقة بينهما، إلا أنهم ينقسمون بشأن الغاية المطلوبة جراء التراشق الإعلامي والتهديدات العسكرية المتواصلة منذ أكثر من 4 عقود.
من جانبه، يقرأ أستاذ العلاقات الدولية بجامعة طهران، رحمان قهرمان بور، مستجدات العلاقات بين الجمهورية الإسلامية والولايات المتحدة في إطار لعبة التنافس الإستراتيجي بينهما، حيث تصنف بلاده واشنطن بأنها "الشيطان الأكبر"، في حين تعتبر الأخيرة طهران وسيطا مركزيا في "محور الشر".
ويمثل استخدام لغة التهديد إلى جانب المفاوضات المستمرة بين واشنطن وطهران، القوة الخشنة في سياسة "العصا والجزرة" التي يتقنها الجانبان، وفق قهرمان بور الذي أوضح للجزيرة نت أن الولايات المتحدة تعاود التلويح بإرسال أسطولها البحري إلى المياه الخليجية لكسب أكبر قدر من الامتيازات على طاولة المفاوضات، لكي ترسل إلى الجانب الإيراني أن جميع الخيارات ستكون مطروحة على الطاولة في حال فشل العملية التفاوضية.
في المقابل، يأتي التحذير الإيراني من مغبة سرقة نفط طهران في أعالي البحار لتذكير الطرف الآخر بأن لطهران اليد العليا في المنطقة الخليجية -والكلام للأكاديمي الإيراني- وأن المؤسسة العسكرية الإيرانية ترى من واجبها دعم فريق طهران المفاوض.
ويرى قهرمان بور أن التصعيد الأخير في علاقات بلاده مع الولايات المتحدة مدروس ولن يخرج عن السيطرة، بسبب حرص الجانبين على التمسك بـ"شعرة معاوية" عبر المفاوضات والوساطات الرامية إلى احتواء الخلافات بينهما.
ولدى إشارته إلى دعوة وزير الخارجية الإيراني الأسبق علي أكبر صالحي، وعدد آخر من الدبلوماسيين السابقين بلادهم إلى حلحلة خلافاتها مع الجانب الأميركي على طاولة المفاوضات، يقول الباحث الإيراني إن بعض التقارير الغربية تشير إلى أن طهران قبلت لأول مرة التفاوض على بعض الملفات الخلافية ومنها سياساتها الإقليمية وضمان الملاحة البحرية وتبادل السجناء، وأن الجانبين الإيراني والأميركي لم ينفيا صحة هذه التقارير.
واعتبر قهرمان بور أن معارضة إسرائيل للمفاوضات المتواصلة بين طهران وواشنطن واستياء الجانب الروسي منها دليل على حدوث تطور إيجابي على طاولة الحوار، مؤكدا أنه يتوقع توصل الجانبين خلال الفترة المقبلة إلى تفاهم غير مكتوب على المدى القصير.
وأضاف أن أي اتفاق بين طهران وواشنطن سيكون هشا حتى قبيل أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، إذ من المقرر رفع العقوبات الصاروخية عن إيران وفقا للقرار الأممي 2031.
نشرت القوة البحرية لحرس الثورة الاسلامية اليوم الاثنين صورا لناقلة الوقود المهرب المحتجزة التي حاولت البحرية الاميركية تقديم الدعم لها لمنع احتجازها. pic.twitter.com/N34Ki8EXpl
— إيران بالعربية (@iraninarabic_ir) July 10, 2023
انعدام الثقةفي المقابل، ترى الباحثة السياسية الإيرانية عفيفة عابدي أن التوتر بين بلادها والولايات المتحدة حقيقي ويتخذ منحى متصاعدا تارة ومتراجعا تارة أخرى في إطار تضارب مصالح الطرفين بالمياه الخليجية، موضحة أن انعدم الثقة بين الجانبين قد أدى إلى احتكاكات كارثية في المنطقة، منها إسقاط البارجة وينسنس الأميركية طائرة ركاب مدنية إيرانية عام 1988، وإسقاط الحرس الثوري طائرة "غلوبال هوك" الأميركية المسيرة عام 2020.
وأوضحت في حديثها للجزيرة نت أن الجانبين حرصا طوال أكثر من 4 عقود على عدم تحول الاحتكاكات العسكرية إلى حرب شاملة بينهما، وذلك بسبب معرفة الجانبين بتفوق واشنطن في السلاح والعتاد وقدرة إيران على التحكم بالملاحة البحرية في مضيق هرمز.
وخلصت عابدي إلى أن إرسال البنتاغون تعزيزات عسكرية إلى المياه الخليجية سيعيد شبح العسكرة إلى المنطقة.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
واشنطن تعلن توجيه 800 ضربة عسكرية لليمن وتتوعد بالمواصلة
اليمن – أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية، الاثنين، أنها وجهت أكثر من 800 ضربة عسكرية لليمن منذ منتصف مارس/ آذار الماضي، وتوعدت بمواصلة عدوانها الذي أسقط مئات القتلى.
هذا الإعلان يتزامن مع سلسلة غارات أمريكية استهدفت مركز إيواء مهاجرين أفارقة غير نظاميين بمحافظة صعدة (شمال)، ما أدى لمقتل 68 وإصابة 47، وفق قناة “المسيرة” التابعة لجماعة الحوثي.
وقالت القيادة المركزية الأمريكية “سنتكوم” في بيان عبر منصة “إكس” إنها شنت منذ 15 مارس “حملة مكثفة ومستمرة” ضد جماعة الحوثي باليمن.
وادعت أن عدوانها يهدف إلى “استعادة حرية الملاحة والردع الأمريكي”.
وفي 15 مارس استأنفت الولايات المتحدة هجماتها ضد اليمن، عقب أوامر أصدرها الرئيس دونالد ترامب لجيش بلاده بشن “هجوم كبير” ضد جماعة الحوثي، قبل أن يهدد بـ”القضاء عليها تماما”.
لكن الجماعة تجاهلت تهديد ترامب واستأنفت قصف مواقع داخل إسرائيل وسفن في البحر الأحمر متوجهة إليها، ردا على استئناف تل أبيب منذ 18 مارس الماضي، حرب الإبادة بحق الفلسطينيين في قطاع غزة.
“سنتكوم” ادعت أيضا أنها نفذت عملياتها بـ”استخدام معلومات استخباراتية مفصلة وشاملة، لضمان تأثيرات مميتة ضد الحوثيين، مع تقليل المخاطر على المدنيين”.
غير أن جماعة الحوثي أعلنت، الجمعة الماضي، “مقتل وجرح مئات المدنيين” جراء أكثر من 1200 غارة وقصف أمريكي على اليمن منذ منتصف مارس الماضي.
كما أسفرت الغارات عن تدمير أعيان مدنية بأحياء سكنية وموانئ ومرافق صحية وخزانات مياه ومواقع أثرية، “في انتهاك صارخ للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، حسب الحوثيين.
ومتوعدةً بمواصلة عدوانها عل اليمن، قالت “سنتكوم”: “سنواصل زيادة الضغط وتفكيك قدرات الحوثيين بشكل أكبر ما داموا يواصلون عرقلة حرية الملاحة”.
وقالت إنه “منذ انطلاق عملية (عدوان) “الفارس الخشن”، شنت القيادة المركزية الأمريكية أكثر من 800 ضربة”.
وادعت أن “هذه الضربات أسفرت عن مقتل مئات من مقاتلي الحوثي والعديد من قادتهم، بمَن فيهم مسؤولون كبار بمجال الصواريخ والطائرات المسيّرة”.
وتابعت: كما “دمّرت الضربات العديد من منشآت القيادة والسيطرة، وأنظمة الدفاع الجوي، ومرافق تصنيع الأسلحة المتقدمة، ومواقع تخزين الأسلحة المتطورة”.
وأردفت أنه “رغم استمرار الحوثيين في مهاجمة سفننا، إلا أن عملياتنا أضعفت وتيرة وفعالية هجماتهم، إذ انخفضت عمليات إطلاق الصواريخ الباليستية بنسبة 69 بالمئة، كما انخفضت هجمات الطائرات المسيّرة بنسبة 55 بالمئة”.
كما “دمرت الضربات الأمريكية قدرة ميناء رأس عيسى (على ساحل البحر الأحمر بمحافظة الحديدة) على استقبال الوقود، مما سيؤثر على قدرة الحوثيين في تنفيذ العمليات”، وفق “سنتكوم”.
واعتبرت أن “إيران لا تزال تقدم الدعم للحوثيين”.
وحتى الساعة 08:40 “ت.غ” لم يعقب الحوثيون على بيان “سنتكوم”، لكن الجماعة تؤكد عدم تأثرها بالضربات الأمريكية واستمرار عملياتها لحين إنهاء الإبادة الإسرائيلية بحق الفلسطينيين.
الأناضول