قالوا إن طارق بن زياد لما عبر بجنوده مضيق جبل طارق، راح يحرق السفن التى عبروا بها، ثم قال عبارته التى اشتهر بها: العدو من أمامكم والبحر من خلفكم.
وقالوا إنه كان قد قال ذلك على سبيل تحفيز الجنود حتى لا يخافوا ولا يترددوا، وقالوا إن عبارته بثت الكثير من الحماس فى نفوس جنوده فاقتحموا أرض الأندلس وفتحوها، ومن بعدها وضعوا الأساس الذى أبقى المسلمين هناك ثمانية قرون، إلى أن سقطت غرناطة فى ١٤٩٢ من ميلاد المسيح عليه السلام.
ومع الفارق، فإن عبارة بن زياد لا تنطبق على جماعة من البشر هذه الأيام، بقدر ما تنطبق على أبناء غزة الذى يجدون العدو من حولهم فى شمال وشرق وجنوب القطاع، بينما البحر المتوسط من أمامهم فى جهة الغرب، وبينما هُم محشورون بين العدو وبين البحر!.. ويا ليت الأمر توقف عند هذا الحد، ولكنه تجاوزه بكثير مع الغزاويين الخمسة الذين فقدوا حياتهم يوم الجمعة ٨ مارس، والذين سقطوا شهداء الجوع والمساعدات الإغاثية معًا!
ما أتعس الغزاويين الخمسة لأنهم لم يستشهدوا وهُم يدافعون عن أرضهم المحتلة فى مواجهة الاحتلال، ولم يسقط فوقهم بيتهم بفعل القصف الاسرائيلى المتلاحق، ولم يلاحقهم الجنود الإسرائيليون فى أنحاء غزة.. ولم.. ولم.. إلى آخر ما يجد المدنيون من أبناء القطاع أنهم على موعد معه، منذ أن أعلنت اسرائيل الحرب عليهم فى السابع من أكتوبر ٢٠٢٣.
لم يحدث معهم شيء من هذا كله، ولكنهم كانوا يقفون مثل غيرهم فى انتظار المساعدات الإغاثية التى يتم إنزالها جوًا عليهم، وكانت المفارقة المؤلمة أن صناديق الإغاثة سقطت فوقهم فسحقتهم فى الحال، وأصابت معهم العشرات ممن أوجدهم سوء حظهم تحت الصناديق لحظة قذفها من السماء على منطقة أبراج الفيروز غرب القطاع!
ولا تعرف أى لعنة أصابت المدنيين من الفلسطينيين فى قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر، ولكن ما تعرفه أن مَنْ لم يسقط منهم برصاص العدو وصواريخه وسلاحه، سقط بسلاح المساعدات التى جاءت لتنقذهم من الموت جوعًا فقضت عليهم!
كنا نقرأ عن المستجير من الرمضاء بالنار، ولا نعرف كيف يمكن ذلك، ولكن هذه الواقعة التى سوف يؤرخون لها لاحقًا فى منطقة الفيروز غرب القطاع، سوف تظل مثالًا حيًا وموجعًا على المدنى الفلسطينى الذى ذهب ينتظر المساعدات الإنسانية ويتلقاها فقتلته فى طريقها إليه!
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: سليمان جودة خط أحمر طارق بن زياد مضيق جبل طارق المسلمين ميلاد المسيح عليه السلام
إقرأ أيضاً:
«أرزة».. رسالة حب من قلب مهرجان القاهرة السينمائي إلى بيروت
تشهد الدورة الـ45 لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي مشاركة الفيلم المصري اللبناني المشترك «أرزة»، ضمن مسابقة «آفاق عربية»، حيث يعكس الفيلم المرشح للمنافسة على جائزة الأوسكار العالمية لعام 2025، ضمن مسابقة الأفلام غير الناطقة بالإنجليزية، حالة سينمائية متكاملة لسيدة لبنانية بسيطة تعيش واقعاً مؤلماً، حيث تضطرها الحرب والأزمات للعمل المتواصل، حتى تتمكن من توفير لقمة العيش لمن تعولهم.
وأعربت الفنانة اللبنانية دياموند بوعبود عن سعادتها بالمشاركة فى فيلم «أرزة»، الذى حقق عدة نجاحات دولية متتالية فى مهرجانات مختلفة حول العالم، بدايةً من الصين، مروراً بالولايات المتحدة الأمريكية وأستراليا وفرنسا، وصولاً إلى المشاركة فى مهرجان القاهرة السينمائى، وهو المهرجان الأهم والأعرق فى الشرق الأوسط، وأكدت أن قصة الفيلم «واقعية وقريبة لها».
وقالت «بوعبود»، فى تصريحات لـ«الوطن»، إن الفيلم يعبر عن المعاناة المستمرة للشعب اللبنانى، مشيرةً إلى أنها تأثرت بالسيناريو والشخصية، وأضافت أنها بكت فور قراءة سيناريو الفيلم لأول مرة، والاطلاع على تفاصيل شخصية «أرزة»، التى قدمتها بالفيلم، وأوضحت أن أصعب مشاهدها كان من خلال المشاهد الواقعية فى الشوارع والأماكن الحقيقية التى تتناولها أحداث الفيلم.
وأشارت بطلة الفيلم المصرى اللبنانى «أرزة»، الذى يُعرض ضمن مسابقة آفاق السينما العربية بالمهرجان، إلى أن اختيار اسم «أرزة» لم يكن صدفة، ولكن استناداً إلى شجرة الأرز العتيقة فى لبنان، وعلى اسمها دارت أحداث الفيلم، وتعكس أحداث الفيلم «رسالة حب» إلى بيروت، وشعب لبنان الصامد أمام الحروب والانتهاكات الإسرائيلية خلال رحلة الأم، التى تضطرها الأحداث المؤلمة والظروف الصعبة للعمل المتواصل.
وعن دورها فى الفيلم، قالت «بوعبود» إنها تجسد شخصية امرأة تعيش مع ابنها المراهق، وأختها، وتعد فطائر بالسبانخ لبيعها «ديليفرى»، وخلال الأحداث تقرر «أرزة» شراء موتوسيكل لتحسين وضعهم الاجتماعى، ولكن تتصاعد الأحداث مع وقوع أزمة كبيرة لها، وخلال رحلة سعيها لمواجهة المشكلات التى تلاحقها، نرى بيروت وتنوعها واختلافاتها مع «أرزة» فى رحلتها، وأضافت أن «تصوير الفيلم جاء فى توقيت الأزمة الاقتصادية فى لبنان، الذى كان يمر بوضع اجتماعى صعب».