بوتين يحذر الغرب من «تهديد» سيادة روسيا ويلوح بـ «الثالوث» النووي
تاريخ النشر: 13th, March 2024 GMT
موسكو - كييف «وكالات»: أشاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم بترسانة بلاده النووية وحذّر من أنه مستعد لنشرها إذا تعرّضت السيادة الروسية للتهديد. وسوّق الكرملين لإمكانياته النووية على مدى الحرب المستمرة منذ عامين ضد أوكرانيا وحذّر البلدان الغربية الشهر الماضي من وجود خطر «حقيقي» بوقوع كارثة نووية في حال أي تصعيد للنزاع.
وتأتي تصريحات بوتين الترهيبية قبل أيام فقط من حلول موعد الانتخابات في روسيا التي ستمنحه ست سنوات إضافية في السلطة وبينما يسجّل جيشه مكاسب في أوكرانيا. وقال بوتين في مقابلة تطرّقت إلى مجموعة واسعة من المواضيع مع وسائل إعلام محلية «ثالوثنا، الثالوث النووي، أحدث من أي ثالوث آخر، نحن والأمريكيون فقط لدينا مثل هذا الثالوث. وقد أحرزنا تقدما أكبر بكثير هنا». ويشير مصطلح «ثالوث» إلى ترسانة الأسلحة الروسية التي يتم إطلاقها من البر والبحر والجو.
ضربة على منشآت نفطية روسية
وأضاف في مقابلة تم بثها اليوم: «نحن على استعداد لاستخدام أسلحة، بما في ذلك أي أسلحة -بما فيها تلك التي ذكرتها- إذا كانت المسألة وجودية بالنسبة للدولة الروسية أو تضر بسيادتنا واستقلالنا».
وقلل الرئيس الروسي أيضا من أهمية التصريحات الصادرة مؤخرا عن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي رفض الشهر الماضي استبعاد إرسال قوات إلى أوكرانيا، في تحوّل كبير في الخطاب الرسمي لباريس في وقت تواجه كييف صعوبات ميدانية.
وأفاد الرئيس الروسي: «الحقيقة هي أن جيوش بلدان غربية موجودة في أوكرانيا منذ مدة طويلة»، في إشارة إلى من يصفهم الكرملين بالمرتزقة. وقال: «إذا تحدّثنا عن قوات عسكرية رسمية تابعة لدول أجنبية، فأنا متأكد من أن الأمر لن يغير الوضع في ميدان المعركة».
وبينما أكد ماكرون على تصريحاته، نأت عدة دول حليفة لأوكرانيا، بما في ذلك واشنطن، بنفسها عن الفكرة التي شكّلت صدمة لجهات عديدة في أوروبا.
وجاءت تصريحات بوتين بعد ساعات على استهداف كييف البنى التحتية الروسية المرتبطة بالطاقة ومناطق حدودية لليوم الثاني على التوالي. وقال مصدر أمني إن مسيّرات أوكرانية هاجمت ثلاث مصاف نفطية على بعد مئات الكيلومترات عن خط الجبهة في مناطق ريازان ونيجني نوفغورود ولنينغراد. وأضاف: «تتمثل مهمتنا بحرمان العدو من الموارد وخفض تدفق المال عن طريق النفط والوقود». وأدت مسيّرة إلى اندلاع حريق وجرح عدد من الأشخاص عندما ضربت مصفاة للنفط في منطقة ريازان الواقعة على بعد نحو 200 كيلومتر جنوب شرق موسكو، وفق ما قال حاكم المنطقة بافيل مالكوف على تطبيق تليجرام. وفي المجموع، استهدفت 58 طائرة مسيّرة في الليل وساعات الصباح الأولى عدّة مناطق روسية، أبرزها بلغورود وبراينسك وكورسك وفورونيج المحاذية لأوكرانيا، وفق بيان صادر عن وزارة الدفاع الروسية التي أكّدت إسقاط كلّ المسيّرات. وكشف بافيل مالكوف حاكم منطقة ريازان صباح اليوم عبر تطبيق «تليجرام» أن «مصفاة النفط في ريازان استُهدفت بمسيّرة. وتفيد المعلومات الأولية بسقوط جرحى».
وأشار إلى أنه عقب الهجوم «اندلع حريق» في هذه المصفاة التي تعد من أكبر منتجي المحروقات في وسط روسيا وتشرف عليها شركة النفط العملاقة «روسنفت».
وأُسقطت مسيّرة أخرى اليوم عند اقترابها من مصفاة للنفط في منطقة لينينغراد قرب سان بطرسبورج (شمال غرب)، وفق ما كشف حاكم المنطقة ألكسندر دروزدينكو على «تليجرام»، مؤكدا أن الهجوم «لم يتسبب بسقوط ضحايا أو بأضرار».
«التسبب باضطرابات»
وفي منطقة روستوف المحاذية لأوكرانيا، أسقطت الدفاعات الجوية ثلاث مسيّرات كانت تحلّق باتّجاه مدينة نوفوشاختينسك، بحسب ما قال حاكم المنطقة فاسيلي غولوبيف.وقبل يوم، أفادت روسيا بأنها تصدّت لسلسة هجمات نفّذتها مليشيات موالية لأوكرانيا عبر الحدود، دخلت إلى أراضيها وأعلنت السيطرة على قرية.
وحضّت قوات المتطوعين الروس الداعمة لكييف اليوم المدنيين على مغادرة بيلغورود وكورسك، مهددة بشن هجمات واسعة النطاق على أهداف عسكرية في المدن الحدودية الروسية.
وأشار بوتين إلى أن أوكرانيا تكثّف هجماتها على الأراضي الروسية من أجل التدخل في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وقال بوتين: «الأمر بسيط، يحدث كل ذلك على وقع الإخفاقات على خط الجبهة، لم يحققوا أيا من الأهداف التي حددوها لأنفسهم العام الماضي». وأضاف: «لا شك لديّ بأن الهدف الرئيسي هو، إن لم يكن التسبب باضطرابات خلال الانتخابات الرئاسية في روسيا، فهو التدخل بطريقة ما في السير الطبيعي للعملية».
هجمات متزايدة
وأسقطت اليوم الأربعاء نحو ثلاثين طائرة مسيّرة في منطقة فورونيج، بعدما تسبّب الهجوم بأضرار بسيطة في البنى التحتية المحلية، وفق ما كشف الحاكم الإقليمي ألكسندر غوسيف عبر «تليجرام». وفي بريانسك، أُسقطت ثماني طائرات مسيّرة أوكرانية اليوم، بحسب حاكم المنطقة ألكسندر بوغوماز. كما أُسقطت أربع طائرات مسيرة في كورسك صباح اليوم، وفق حاكم منطقة رومان ستاروفويت. وبالإضافة إلى ذلك، أُسقطت ست طائرات بدون طيار في بيلغورود حيث تضرّرت خطوط الكهرباء في مناطق عدّة، ما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي، بحسب حاكم المنطقة فياتشيسلاف غلادكوف. والثلاثاء، اندلع حريق في مصفاة نفط استهدفتها طائرة مسيّرة أوكرانية في منطقة كستوفو الصناعية في نيجني نوفغورود، على بعد 800 كيلومتر من الحدود مع أوكرانيا. كما نشب حريق الثلاثاء في مجمّع للوقود والطاقة في منطقة أوريل على بعد 160 كيلومترا من الحدود الأوكرانية، وذلك أيضا إثر هجوم بطائرة مسيّرة.
ومنذ الصيف الماضي، ينفّذ الجيش الأوكراني بشكل متزايد هجمات بطائرات مسيّرة باتت تطال العمق الروسي. وإن تم إسقاط معظم هذه الطائرات، إلا أن الأهداف، وخاصة الطاقة والصناعية، يتم ضربها بانتظام.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: حاکم المنطقة فی منطقة على بعد
إقرأ أيضاً:
فيديو.. كيف وقعت أوكرانيا على صفقة "الندم النووي"؟
تطالب إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب أوكرانيا بسداد 350 مليار دولار، وهي القيمة التي تقول واشنطن إنها تمثل المساعدات العسكرية والمالية التي قدمتها الإدارات الأميركية السابقة لكييف منذ بداية الحرب مع روسيا في 2022.
ومع ذلك، فإن البيانات الرسمية الأميركية تشير إلى أن المبلغ الحقيقي الذي حصلت عليه أوكرانيا كان أقل من 100 مليار دولار، حيث تم إنفاق نصفه على الأسلحة الأميركية، مما يعني أن جزءًا كبيرًا من الأموال لم يغادر الولايات المتحدة، بل ذهب مباشرة إلى الشركات المصنعة للأسلحة.
في ظل هذه المطالبات، تواجه كييف مأزقًا تاريخيًا، إذ تجد نفسها في حرب مفتوحة ضد روسيا، دون الدعم الغربي الذي كانت تعتمد عليه، بينما يتعين عليها التعامل مع تداعيات فقدانها لردعها النووي الذي تخلت عنه بموجب مذكرة بودابست في 1994.
مطالبات واشنطن.. تفاصيل الفاتورة الأميركية
بحسب وزارة الخزانة الأميركية، تشمل المطالبة الأميركية لأوكرانيا 125 مليار دولار للمساعدات العسكرية، بما في ذلك الأسلحة وأنظمة الدفاع الجوي، و75 مليار دولار لدعم الميزانية وتعويض الخسائر الاقتصادية، و50 مليار دولار للمساعدات الإنسانية، مثل الغذاء والمأوى، إضافة إلى 100 مليار دولار كفوائد وقروض وتكاليف تشغيلية.
ورغم أن الرقم المُعلن هو 350 مليار دولار، إلا أن مسؤولين أوكرانيين أشاروا إلى أن المبلغ الفعلي الذي تلقته أوكرانيا كان أقل من ذلك بكثير، إذ تقدر بعض المصادر أن كييف لم تحصل على أكثر من 100 مليار دولار بشكل مباشر، حيث تم إنفاق معظم المساعدات في شراء معدات عسكرية أميركية أو كمساعدات عينية لم تدخل الخزينة الأوكرانية.
كيف تكشف هذه المطالبة عن "الندم النووي" الأوكراني؟
في 1994، امتلكت أوكرانيا ثالث أكبر ترسانة نووية في العالم، والتي ورثتها عن الاتحاد السوفيتي المنهار. في ذلك الوقت، تعرضت كييف لضغوط غربية، لا سيما من الولايات المتحدة، للتخلي عن أسلحتها النووية في مقابل ضمانات أمنية، تم تدوينها في مذكرة بودابست، حيث تعهدت واشنطن، إلى جانب روسيا والمملكة المتحدة، باحترام سيادة أوكرانيا واستقلالها.
في ذلك الوقت، وعدت الولايات المتحدة كييف بأن تخليها عن أسلحتها النووية سيعزز أمنها، لكن ما حدث بعد ثلاثة عقود من ذلك القرار يجعل الكثيرين في أوكرانيا يعتبرونه "صفقة الندم"، حيث باتت البلاد اليوم في مواجهة مفتوحة مع قوة نووية مثل روسيا، دون أي رادع استراتيجي يحميها، بينما تتراجع الولايات المتحدة عن التزاماتها السابقة بل وتطالبها بسداد "فاتورة المساعدات".