غرائب القضايا.. كيف نجا شاب من الإعدام إلى البراءة؟
تاريخ النشر: 13th, March 2024 GMT
قضايا غريبة وقعت وأثارت الجدل تحول فيها القاتل إلى برئ، والجانى إلى مجنى عليه، ألغاز كشفتها التحقيقات، وأزال عنها الستار دفوع المحامين فى ساحات القضاء، اليوم السابع يقدم على مدار 30 حلقة خلال شهر رمضان المبارك، أبرز هذه القضايا ووقائعها المُثيرة.
""ادينى عمر.. وارمينى فى البحر"
يروى هذه الحلقة المستشار بهاء الدين أبو شقة فى كتابه "أغرب القضايا.
ويقول المستشار بهاء أبو شقة، فى إحدى الأيام الملسئة بالعمل الشاق، أتت سيدة "مسنة" إلى مكتبى الخاص، بإصرار بشكل لا يصدقه عقل على مقابلتى رغم انتهاء موعد العمل بالمكتب، باكية بوجه شاحب من أثر الدموع الغزيرة، وبعد أن هدأت من روعها قالت لى وهى مازالت تنتحب والـدموع تنهـار من عينيها َّكأنها المطرالغزير«أنا أتوسل إليك أن تترافع عن ابن ابنـى.. بـس أناممعيش فلوس.. وجيت أستجيربك.. إنك تقف معاه وتسانده لوجه االله.. لأنه كـل شـىء فى حيـاتى.. وإذا حصـله حاجـة حيـاتى حتنتهـى».. وقالـت بتلقائية: «ربنا يحافظ عليك ويسترك دنيا وآخرة» ودى الأتعـاب الـلى ممكـن أقدمهالك وإن رفضت أنا مش حا أروح لحد تانى.. المحامى بتاعى هو ربنـا وهو اللى يتولاه ويتولانى».
روت المسنة قصة حفيدها ومازالت الدموع تنزف كأنها تخرج من جرح لا يداوى، فى طفولته فقد أبويه فى حادث سيارة وكان عمره ثلاث سنوات، ولم يعد له فى الحياة غيرى، أنا جدته لأبيه، فرأيت فيه عوضـا عـن ابنـى الـذى اختطفه الموت وهو فى ريعان شبابه.. وصممت فى إصرارأن يكـون كـل حيـاتى وأن أكون له كل شىء فى حياته ِّ، وأعوضه عن حنان الأم وشفقة الأب اللذين حرمه القدر منهما.
حلم هذا الشاب الذى عاش حياته يتيمًا فاقدًا للأب والأم، أن يحقق حلم حياته بأن يصبح طبيبًا وأن يحقق أمنية جدته التى كرثت حياتها له، التحق الشاب بكلية الطب داخل القاهرة، بعيدا عن الريف الذى نشاء وترعرع فيه وزرع بيه قوة وأخلاق الفلاح البسيط، ولكن الإقامة والمال الذى ينفـق منـه عـلى مأكلـه وملبسـه ومسـتلزمات دراسته وقفا حجرعثرة فى سبيل مستقبله.. فـأين يجـد لـه مكانـا فى المدينـة المزدحمة بالملايين؟ ومن أين له بالمال الذى يوفر له الاستقرار والاسـتمرار؟.
وفى هذا المشهد أيضًا كانت الجدة هى الحل، فأرسلت حفيدها لشقيقها الذى يعمل بواب بإحدى العمارات بالجيزة بجوار الجامعة، لكن الحياة دائما لا تسير بشكل واحد، فى إحدى الأيام كان الشاب يقف بجوار شقيق جدته أسفل العمارة، التقى بسيدة جميلة ومثيرة وثرية تسكن شقة فاخرة تطل عـلى النيـل فى العمارة التى يقف على أبوابها.. ووقفت أمامه ورمقته بنظرة طويلة من أعلى رأسه حتى أخمص قدميه.. وأطالت النظـرة فتـرة بعـد أن فحصـته ً جيـدا، وسألت البواب – يبقى مين الأمورده؟..ويرد الرجل باستحياء وخجل: خدامك يا ست.. ده ولـد بلـدياتى.. جـه من البلد ودخل الطب.. أصله فقير ويتيم وعاوزيطلع دكتور.
كان تلك النظرات بداية اللعنة، فلم يطل انتظــاره.. لاحقتــه السيدة ذات الجمال الجاذب وســعت إليــه.. دعتــه إلى شــقتها الفــاخرة واستحوذت عليه وامتلكته بسهولة ويسـر.. سـاقته إلى مخـدعها ترتـوى مـن فورة شبابه وفحولته ورجولت، أغرقته فى بئرها التى لا تنضب من أفانين الإغراء.. اشـترت لـه الملابـس الغالية وأذقته الأطعمة الشهية الدسـمة التـى عـاش محروم من تذوقها، مضت عـلى الفتـى الريفـى شـهور ولم يذهب إلى الجامعة ولم يفتح كتاب، غارق فى عسلها السيدة لا يرى إلى جمالها، حولته مـن طالـب جـامعى إلى عبـد لإشـباع نزواتهـا،ّ وبـات مسـحور بجمالها وقد ملأ حبه لها عليه حياته. ً
وكما هى الحياة تتغير دائما، فوجىء الشاب بأن السيدة تتحول عنه، لم تعد تلاحقه، زهدتـه.. ّصـدته.. طردته من عالمها، وأخرجتـه مـن جنتهـا أفهمتـه –فى البدايـة− أن أحـد الرجـال ّ تقـدم، لخطبتها وأنها ستتزوج منه وعليه أن يبتعد عنها، فساقه خياله الهزيل وفكره السقيم إلى أن يعرضعليها الزواج، فقابلته بالسخرية، ووصل به الأمر لأن تخبره صراحةً أنها طرته من حياتها قد حصلت على ما سعت إليه ولم تعد بحاجة إليه فهناك صيد أخر فى الطريق.
ضاع الشاب بين نهارأص فى إدمان المخدرات وليلًا يحلم بليلة واحدةً من ليالى عشيقته يحتسى الخمر بلا هوانة، فقد أصبح الموت والحياة بالنسبة له شىء واحد، فلا هو يستطيع أن يعود لجدته التى كرست حياتها من أجله خالى الوفاض مدمنًا للخمر، ولا هو يستطيع أن يعود لعشيقته، فقرر أن يتخلص مما كانت سبب فى تدمير حياته.
فذهب متسلل إلى شقة حبيبته بالاستعانة بالمفتاح الذى يملكه من قبل، وكانت فى أحضان عشيقها الجديد، فلم يدرى إلا وهو ينعالى على جسدها بعدة طعنات وضربات متلاحقة، واعترف الشاب بجريمته أمام النيابة، وقضت المحكمة بالإعدام شنقًا.
كان للمستشار بهاء أبو شقة رأى أخر فتقدم لمحكمة النقض لإعادة محاكمة الشاب، معتمدًا فى مذكرته للمحكمة أن الجريمة حدث فى تمام الساعة العاشرة مساء وفتح المحضر فى الساعة الحادية عشر، وعمر المتهم فى الساعة العاشرة لم يكن تعدى الثمانية عشر من عمره، مما يؤدى أن المتهم يعتبر حدث خلال ارتكابه للجريمة، وأن بلوغه لسن الثمانية عشر كان يستلزم وجود الجريمة بعد الساعة الثانية عشر، وعليه أصدرت محكمة النقض قرارا بإلغاء حكم الإعدام وإعادة محاكمة المتهم من جديد.
انقلبت القضية رأسًا على عقب، بعد اكتشاف أن الشاب الذى كان بمرافقة السيدة قبل وفاتها هو من نفذ الجريمة وقتل عشيقته قبل أن يأتى المتهم ويظن أنها على قيد الحياة ويسدد لها طعنات متتالية.
تفاصيل هذا المشهد كانت بأن العشيق الأخر ظن أن السيدة ستتركه كما تركت من قبله، فصمم على قتلها وهو ما حدث باستخدام أداة حديدية فوق رأسها قبل أن يدخل الشاب المتهم وهو ليس فى وعيه، سدد إليها طعنات وهى قد فارقت الحياة على يد عشيقها من قبل الطعنات، وخوفا من افتضاح الأمر قام القاتل الأصلى بضرب الشاب على رأسه ليفقد الوعى ممسكًا بسكينه لتنتطبق كافة الاتهامات عليه.
افتضح أمر القاتل الأصلى بعد سرقة مجهورات عشيقته، ومحاولة بيعها، وهو ما تنبهت إليه قوات الأمن وألقت القيض عليه، الطب الشرعى أثبت أن السيدة قد فارقت الحياة قبل طعنها على يد المتهم، واستطاع المستشار بهاء الدين أبو شقة اكتشاف تفاصيل هذه الواقعة وإثباتها أمام هيئة المحكمة، ليفجىء الجميع أن الشاب الذى حكم عليه بالإعدام برىء تمامً من تهمة القتل.
وقضت المحكمة فى حكم تاريخى ببراءة المتهم الشاب من تهمة القتل، وسط ذهول وعجب الجميع من تفاصيل هذه القضية.
المصدر: اليوم السابع
كلمات دلالية: غرائب القضايا اغرب القضايا اخبار الحوادث أبو شقة
إقرأ أيضاً:
استغل الجيرة وكبر سنها.. الإعدام لسائق تروسيكل قتل مسنة لسرقتها بطوخ
قضت محكمة جنايات بنها، الدائرة السادسة، برئاسة المستشار السيد هاشم الصادق، وعضوية المستشارين محمد حليم خيري، ومحمد عبد المعز الغمراوي، وأمانة سر محمد فرحات، بالإعدام شنقا لسائق تروسيكل، وذلك بعد ورود رد فضيلة مفتي الجمهورية وإبداء الرأي الشرعي فيما اقترفه المتهم لاتهامه بقتل سيدة وسرقتها بدائرة مركز شرطة طوخ بمحافظة القليوبية.
وتضمن أمر الإحالة الخاص بالقضية رقم 17006 لسنة 2024 جنح مركز طوخ، والمقيدة برقم 3170 لسنة 2024 كلي شمال بنها، بأن المتهم "محمد س ع"، 34 سنة، سائق تروسيكل، مقيم بالصالحية مركز طوخ القليوبية، لأنه في يوم 25 / 5 / 2024، بدائرة مركز طوخ، محافظة القليوبية، قتل المجنى عليها عواطف رياض إبراهيم الوزيري، عمداً من غير سبق إصرار ولا ترصد.
وتابع أمر الإحالة، أن المتهم توجه إليها بمسكنها مستغلاً الجيرة بينهما وكونها طاعنة في السن حيث أمنته، وما أن ظفر بها حتى باغتها وأشهر في مواجهتها سلاح أبيض "سكين" وسدد لها طعنه استقرت بصدرها، فأحدث بها إصاباتها الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية المرفق والتي أودت بحياتها.
وأضاف أمر الإحالة، أن اقترنت تلك الجناية بجناية أخرى وهى انه في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر، شرع في سرقة محتويات المسكن والمملوك للمجنى عليها سالفة الذكر وكان ذلك بطريق الإكراه الواقع عليها قبل مفارقتها الحياة والتارك لأثر جروح بأن توجه إلى مسكنها شارعا في الاستيلاء على أية منقولات به إلا أنه قد خاب أثر جريمته لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو أنه وحال ارتكاب جريمته محل التهمة المار بيانها تعالت صيحات واستغاثات المجني عليها مفر هاربا خشية ضبطة والجريمة متلبسا وذلك على النحو المبين بالتحقيقات.
وأحرز وغير ترخيص سلاحاً أبيض "سكين" بغير مسوغ قانوني.
مشاركة