بوابة الوفد:
2025-02-08@12:27:37 GMT

كله على قديمه يا «مدبولى»

تاريخ النشر: 13th, March 2024 GMT

تحدثت من قبل عن ضرورة التدخل الحكومى لضبط الأسعار بتشديد الرقابة على الأسواق ومكافحة أباطرة السوق السوداء وحيتان التخزين والتعطيش والتجار الجشعين والمحتكرين للسلع الأساسية والإستراتيجية،ِ وطالبت بسعر واقعى موحد للدولار، وقلت إنه بدون الرقابة الجادة والحازمة لن يشعر المواطن بأى عائد إيجابى.
وما طالبت به حدث، أحسنت الحكومة صنعا بتحريك سعر الجنيه فى البنوك بمقدار السوق السوداء، ولكنها للأسف الشديد لم تنجح حتى الآن فى تهدئة نار الأسعار.

فما إن تذهب إلى أى متجر كبير أو سوبرماركت وتسأل: لماذا لم تنخفض مثلا أسعار اللحوم والفراخ والبيض؟ حتى يجيبك ساخرا «كله على قديمه».
ويبدو أن كل حاجة فى مصر تسير على نفس المنوال ونغمة «كله على قديمه»، التى قادتنا إلى الخراب الاقتصادى، والكارثة أن الحكومة تعلم جيدا من هم أصحاب هذه النغمة، سواء كانوا موظفين داخل دواوين الوزارات أو تجارا كبارا، فلا أحد يفكر أو يخطط خارج الصندوق، ولا أحد يهمه مصلحة البلد، طالما أن الدنيا ماشية وملايين الدولارات ستتدفق من صندوق النقد الدولى ومن بعض الأشقاء.
وهنا أقول «ليست فى كل مرة تسلم الجرة» وأخشى ما أخشاه أن تعود السوق السوداء مرة ثانية بكل قوة تصل بالدولار إلى 70 و80 جنيها، وإن كان ربنا سترها علينا بمليارات رأس الحكمة، وإن كان صندوق النقد الدولى تفهم أسباب الانهيار واقتنع بما قامت به الحكومة من إجراءات مالية وسياسات نقدية ومصرفية لتفوز بقرض الثمانية مليارات، فكل هذا لا يعنى إننا تجاوزنا الأزمة، كلا والله، ولن نخرج منها طالما بقيت الحكومة عاجزة عن مواجهة المحتكرين والحيتان.
وسنبقى نلف وندور فى الدوامة، نتنفس فقط دون حياة طبيعية، طالما بقيت المصانع متعثرة والعقبات مستمرة فى كل خطوة للمستثمرين الصغار الذين يريدون خدمة الوطن فعلا وليس امتصاص دم الشعب ومن يستغلون الحروب والأزمات ويرقصون بالدولارات فوق جثة اقتصاد مازال يعتمد على المنح والقروض، وعلى إجراءات مؤقتة تشبه المسكنات والمهدئات دون إنتاج حقيقى وأجندة أولويات.
رئيس الوزراء يتفاءل كثيرا فى تصريحاته، ويقول ان المواطن سيشعر بالتغيير قريبا، وقد يكون تفاؤله فى محله فى ضوء ما يعرض عليه من أوراق وردية مكتوبة بلغة «كله تمام»، ويبدو أنه لم يسمع بعد «نغمة كله على قديمه» التى تصيب المواطن بالإحباط.
المنطق يقول إن الفارق ما بين سعر الدولار فى البنوك والسوق السوداء قبل التحريك الأخير يدور فى حدود 20 جنيها، فمن أين ستوفر الحكومة هذا الفارق؟ وهل ستتحمله كاملا دون تحميل المواطن المطحون أى شىء؟ أم ستفاجئ المواطن بتحريك الضرائب ورفع رسوم وأسعار بعض السلع والخدمات؟ وعندها ستكون الصدمة كبيرة إذا ما إتجهت الحكومة لاتخاذ إجراءات مستقبلية تعوض بها ما فقدته خزينة الدولة من مليارات اضطرت لضخها لحماية ورفع قيمة الجنيه أمام الدولار.
إنها وربى معضلة، ستزيد الأمور تعقيدا إذا لم تسارع الحكومة فى وضع حلول سريعة وواقعية لحلها بعيدا عن المواطن الذى لم يعد ظهره قادرا على تحمل المزيد من «الكرابيج» والمفاجآت، ولم يعد لديه أى استعداد لسماع نغمة «كله على قديمه» وسط كل هذه الوفرة من مليارات الدولارات.
طريق الإنقاذ الحقيقى يبدأ بترشيد الإنفاق الحكومى وتأجيل بعض المشروعات الضخمة التى تلتهم المليارات، وتحفيز العاملين بالخارج ببعض المزايا، وتشغيل المصانع بتوفير مستلزمات الانتاج ورفع معدل الصادرات ثم إعادة تشكيل جميع الأجهزة الرقابية باختيار عناصر أكفاء وكوادر لديها بقايا ضمير.
[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: لضبط الأسعار السوق السوداء

إقرأ أيضاً:

ترامب .. الكوميديا السوداء ...!

«كأن حياتنا حصص من الصحراء مختلف عليها بين آلهة العقار»، يتذكر الفلسطينيون هذا النص لشاعرهم الكبير وهم يتابعون بسخرية مريرة رئيس أقوى دولة في العالم يتعاطى بهذه الخفة مع قضيتهم الأكثر رصانة وعدالة، وكأنه يطالبهم بإخلاء عقار يمتلكه وحتى لا يلقي بهم في الشارع يعدهم بمساعدتهم بالبحث عن بديل مستخفاً بصراع ثلاثة أرباع القرن على الهوية والعلم والنشيد والمصير بمسار طويل كبير الكلفة.

وكي تكتمل سخرية الرئيس ترامب يبدي حزنه على الفلسطينيين في غزة الذين يتعرضون للقتل والدمار، بينما يقف القاتل على يمينه مزهواً به كضيف شرف حيث اللاشرف في كل ما قال ليبدو الأمر كاريكاتورياً أو على درجة من البلاهة التي لا يمكن تفسيرها في معاجم السياسة، سوى خليط من الخفة والغطرسة التي تستمد ذاتها من قوة ظهرت في سنواتها الأخيرة، لتكون وحدها من يحتكر إهانة الشعوب ومحاربتها ومن رئيس يهبط من عالم الصفقات والمضاربات، هكذا الأمر بالنسبة له.

«فلسطين ليست أكثر من عقار مختلف عليه»، هذا مفهوم أميركي يرتبط بتشكل الدولة الأميركية التي تشكلت بالصفقات العقارية لبعض ولاياتها، فقد اشترت بصفقة ولاية لويزيانا من الفرنسيين وولاية فلوريدا من إسبانيا وكذلك اشترت منهاتن من سكانها الأصليين.

وهذا تحول إلى ثقافة سياسية في بلد لم يكن وطناً لسكانه ولا هوية ولا تراثاً ولا حضارة  لتكتسب تلك الثقافة زخمها مع تاجر العقارات.

هكذا هو الأمر يأخذ غزة ويبني فيها عقارات ويعطي للفلسطينيين قطعة أرض من مصر والأردن وانتهى الأمر، هذا حل سهل فلماذا يتصارعون فيما الحل موجود؟

سطحية السياسة لدى الرئيس الأميركي تؤخذ على درجة من الجدية، حيث الكلام يصدر عمن يمتلك القوة الكاسحة القادرة على فرض وقائع وتغيير أنظمة، فما بالنا حين يقف على رأس تلك القوة رجل معتد بشخصيته يعتقد أن التاريخ أعاد استدعاءه لإصلاح خراب الكون كما يراه بنفس السطحية التي يتمتع بها إذ بدأ ولايته مصارعاً على الحلبة يلاكم الجميع ويفتح النار على الجميع من الصين وكندا والدانمارك والمكسيك وبنما وأوروبا والناتو والأردن ومصر والخليج والفلسطينيين، دون أن يدرك حدود القوة مهما بلغت إمكانياته.

في ذروة النشوة تساقط الكلام من الإسرائيليين بأن كل ما قاله الرئيس ترامب كان قد أعد سلفاً بخطط ومشاريع وفيديوهات قد تم شحن عقل الرئيس بها، وهكذا خرج متناقضاً مرة بأنه سيعيد إعمار غزة للغزيين بعد أن يرجعهم إليها ومرة يريد إخراجهم للأبد، مرة يريد أن يبني غزة للفلسطينيين ومرة يريد أن يأخذها ليستثمر بها ... يبدو أن الملقِّن الإسرائيلي لم يجهز عقل الرئيس جيداً أو قام ببرمجته على عجل، لكن نتنياهو المزهو برئيس بهذا القدر من الخفة لم يتوقف عن توزيع الابتسامات وهو محق.
شخصية الرئيس ترامب مدعاة للدراسة. هو تاجر أولاً لا أحد يعرف إذا ما كان يقول كلاماً جدياً أو يضعه سقفاً للمساومة.

هكذا قال ذات مرة عندما سأله نايجل فراج عن تصريحات انسحابه من الناتو رد عليه: «هذا للمساومة»، ينبغي تصديق ذلك حين يكون السياسي قادماً من عالم التجارة، هو مغامر لأبعد الحدود ولكنه يخشى الخسارة حد الجبن، يتهور مثل فيل لكنه يتراجع في اللحظة المناسبة دون أن يخجل، كانت بروفة كندا والمكسيك نموذجاً يصلح للقياس فهو يعرف حدوده عندما يريد أن يعرف.

لغته تجاه العرب والفلسطينيين تعكس استعلاءً لم يمارسه السادة في عصر العبيد «نعم سيخرج الفلسطينيون من غزة وليس لديهم خيار آخر»، وماذا عن مصر والأردن ؟«سيقبلون وسينفذون».

تلك لغة بلطجة وليست لغة سياسة وترتبط باعتقاده كما الرئيس هاري ترومان بأن إغضاب العرب لا ثمن له فلماذا يعمل على إرضائهم لكن إغضاب إسرائيل مكلف، تلك هي المعادلة ببساطة وهو ما عكسه مؤتمره الصحافي، نتنياهو يبتسم فيما يستشيط الزعماء العرب غضباً لكن هذا لا يعني شيئاً في عالم السياسة الأميركية ولن يأخذه الزعماء الأميركيون على محمل الجد إلا مع أول تحدٍ عربي يتم به اختبار الإرادة التي يفترض أن لدى العرب ما يكفي من ممكنات إغراء في عالم المصالح يسيل لعاب الرئيس الأميركي من أجلها.

الخوف من مشروع التهجير ليس فقط لأن رئيس أقوى دولة في العالم أطلق له العنان وتكفل بالإعلان عنه وتحمل مسؤوليته، لأن ترامب سيصطدم بالكثير من مشاريعه سواء الداخلية أو الخارجية ولكن لأن خلف هذا المشروع الدولة الإسرائيلية التي تقف بكل ثقلها تحاصر ترامب من خلال دوائره ومعاونيه وتضع مشروع التهجير كأولوية للأمن القومي ووجود الدولة، وترى أنها فرصة لن تتكرر لحسم الأمر وهو المشروع الذي بدأ العام 48 ولم يكتمل وتوفرت الآن مناخات التنفيذ. فالعالم لم يتحرك لمواجهة الإبادة هل سيتحرك أمام التهجير ؟ مستغلة حدث السابع من أكتوبر وفرصة رئيس أميركي يقوم رئيس وزراء إسرائيل ببرمجة عقله كما يريد هذا مدعاة للخوف ... إلا إذا تصدى العرب بكل ممكناتهم هذه المرة، وهم قادرون إذا وثقوا بأنفسهم وهناك تجارب.

الأيام الفلسطينية

مقالات مشابهة

  • مدبولى: دعم كامل لاستكمال الحفر بحقل ظهر..و حريصون على سداد مستحقات الشركاء الأجانب
  • للوقاية من أمراض الشتاء.. نصائح الصحة للمواطنين
  • ضبط 8 أطنان دقيق مدعم قبل بيعها بالسوق السوداء
  • ضبط عملات أجنبية بقيمة 12 مليون جنيه فى السوق السوداء
  • ترامب .. الكوميديا السوداء ...!
  • «الريادة»: جهود الحكومة والحوار الوطني تؤكد الاهتمام بقضايا المواطن
  • محمود فوزي: الحكومة ملتزمة بتكليف الرئيس السيسى بتنفيذ توصيات الحوار الوطنى
  • زيادة الرواتب والمعاشات.. خطة الحكومة لتحسين معيشة المواطن
  • مدبولي: الحكومة تعمل على تدبير وتأمين السلع واحتياجات المواطن في شهر رمضان
  • مدبولى: مصر تواصل جهودها لضمان التنفيذ الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة