«نور الدين» بوابة التجديد.. د. علي جمعة يقتحم القضايا الشائكة ويفضح جهل «الإسلام السياسي»
تاريخ النشر: 13th, March 2024 GMT
واصل الدكتور على جمعة، مفتى الديار المصرية السابق، رئيس لجنة الشئون الدينية بمجلس النواب، برنامجه «نور الدين»، الذى يعد أول برنامج من نوعه يفتح المجال أمام الأطفال للسؤال عما يدور فى أذهانهم، ويجيبهم عن تلك الأسئلة، حيث جاءت أسئلة الأطفال فى ثانى حلقات البرنامج حول حدود الصداقة بين الولد والبنت، وحدود وضوابط تلك العلاقة ومتى تكون محرمة، وهل سيدخل الجنة المسلمون فقط، والاحتفال بالكريسماس حلال أم حرام.
ويذاع برنامج «نور الدين» على قنوات الشركة المتحدة، ويفتح حواراً مع الأطفال والكبار حول تساؤلاتهم حول الدين وحول الله عز وجل، إضافة إلى المشكلات الحياتية التى تواجه عباد الله وكيفية التغلب عليها، ويرد على أسئلة للمرة الأولى على لسان أطفال صغار، دائماً ما يسألونها لأسرهم الذين يجدون أنفسهم فى حيرة، بسبب أسئلة غريبة على رأسها: «فين ربنا، مش بنشوفه ليه؟»، وغيرها من الأمور التى يقف أمامها الآباء دون إجابة، ما جعل البرنامج مُتابعاً من قبَل الأهالى الذين ينتظرونه لفهم الإجابة الصحيحة، أو الأبناء الذين سيجدون فى البرنامج فهماً لما يحاولون معرفته بصورة صحيحة لبناء الوعى واليقين.
اللجان الإلكترونية لتنظيم الإخوان الإرهابى شنت حملة شرسة ضد الدكتور على جمعة، خاضوا فى علمه، ووصلوا إلى تكفيره، مدعين أنه جاء بدين جديد، وقال د. على جمعة فى البرنامج إنّ الاحتفال بالكريسماس قد يقصد به الاحتفال بالعام الجديد، أو الاحتفال بميلاد المسيح، عليه السلام، منوهاً بأنّ ميلاد المسيح معجزة والقرآن أقر بهذه المعجزة، وأن السؤال إذا قصد به الاحتفال بالكريسماس بسبب ميلاد المسيح، فنعم يجوز الاحتفال به لأنّه يجوز الاحتفال بالأنبياء، والنبى محمد دخل المدينة فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء، فقال ما هذا؟ قالوا يوم نجا الله فيه موسى من فرعون، قال النبى: نحن أولى بموسى، فصامه وأمر أصحابه أن يصوموه، وفى السياق نفسه، أجاب «جمعة» عن سؤال أحد الأطفال عندما وجه له قائلاً: «لو كان سيدنا إبراهيم ابن سيدنا محمد مماتش كان هيبقى نبى أو رسول؟»، نعم كان هيكون رسول، ولذلك جاء الأجل فى عمر سنة وأيام.
«نبوى»: الإخوان والسلفيون يتعمدون اجتزاء أحاديث الشيخ.. و«تركى»: «جمعة» لديه دراية فقهية واسعةالدكتور أحمد نبوى، أستاذ الحديث بجامعة الأزهر، قال إن الهجوم على «جمعة» ليس بجديد، واعتدنا عليه فى الفترة الأخيرة من قبَل جماعة الإخوان والمتسلفين، الذين يجتزئون كلامه وفيديوهاته، مؤكداً أن الدكتور على جمعة حينما يتكلم يتحدث بالعلوم الشرعية والاجتماعية بما يتناسب مع الدين وأحوال الناس فى معيشتهم، وأضاف لـ«الوطن»: «الشيخ على دخل فى المسكوت عنه وناقش موضوعات لم يقترب منها الكثير من علماء الدين على مر عقود من الزمان، خاصة التى تشغل عقول الأطفال والشباب، كما أن الشيخ على جمعة لديه القدرة على الرد بطريقة تناسب الجميع»، وحول القضايا التى ناقشها عبر برنامجه «نور الدين»، قال: «تحدث حول حدود الصداقة بين الولد والبنت بشرط العفة وأن يكون الأب والأم على علم بذلك، وأن يكون ليس من ورائه غرض، فما قاله ليس مخالفاً لعاداتنا ولا تقاليدنا».
وتابع: «مشكلتنا أن هناك بعض الفئات الموجودة فى المجتمع تريد أن تربط الصداقة بالمفهوم الغربى، ولا بد من تعليم البنت والولد أن هناك تنظيماً لعلاقتنا بالناس، والكلام كان صادماً لبعض الفئات الموجودة، فما قدمه الشيخ على جمعة ربط كل ما يدور بين الرجل والمرأة بالعفاف، وشرح مفهوم العفاف، وهو ليس فيه خلاف، فقد تتعامل البنت مع الولد فى المدرسة أو فى الجامعة أو فى العمل، ولكن بضوابط كما قال الدكتور على جمعة».
فيما أكد الشيخ أحمد تركى، أحد علماء الأزهر الشريف، أن فكرة برنامج «نور الدين»، للشيخ على جمعة، عظيمة، لافتاً إلى أهمية التفاعل بشكل مباشر مع الأطفال والشباب، وأهمية تجديد الخطاب الدينى الوسطى، مضيفاً لـ«الوطن» أن الدكتور على جمعة لديه من العلم والمعرفة ما يؤهله للخوض فى تلك الأمور الشائكة، مشيراً إلى أهمية التطرق إليها فى الوقت الحالى للرد على الأفكار المغلوطة التى تدور فى عقول الأطفال والشباب بالعلم والحكمة والدين، لافتاً إلى أهمية الأسئلة التى تطرق إليها الدكتور على جمعة خلال برنامجه، وأضاف أن الدكتور على جمعة لديه دراية علمية وفقهية وثقافة واسعة فى شتى مجالات: «إذا لم يكن هناك نقاش فى مثل هذه الأمور الشائكة مع أولادنا، فسيلجأ الأبناء إلى الاستماع إليها من جهات أخرى، لذلك فطرحها يقطع الطريق على المزايدين».
الشيخ خالد الجمل، الداعية الإسلامى، وخطيب بوزارة الأوقاف، أكد أن البرنامج ألقى حجراً فى المياه الراكدة، حتى يشجع غيره خلال البرامج فى شهر رمضان أن يستغل المغفرة والعبادة فى طرح مثل هذه الإشكاليات، مشيداً بتوقيت عرض برنامج «نور الدين»، فى الشهر الكريم، مضيفاً أن الدكتور على جمعة لديه علم يمكنه من اقتحام كل القضايا الشائكة دون خوف، ويجيب عن الأسئلة المهمة، وهو يعرف جيداً كيف يجيب عن هذه الأسئلة وله الدراية الفقهية والعلمية، موضحاً أنه تولى إفتاء مصر لسنوات عديدة وكان على قمة دار الإفتاء المصرية كمُفتٍ للديار المصرية.
وأشاد الداعية الإسلامى الشيخ إبراهيم رضا ببرنامج «نور الدين»، وقال إن البرنامج يدخل فى مناطق غير مستكشفة بعمق فى الوعى الدينى والفكرى، مؤكداً أن الواجب المطلوب هو اقتحام هذه المنطقة المسكوت عنها، وحذر من أن الناس سيضطرون إلى البحث عن مثل هذه القضايا من مصادر أخرى إذا لم تتم مناقشتها بشكل عميق ومفصّل، موضحاً أن استعراض هذه القضايا يعوق المتطرفين والمتشددين، ويمهد الطريق لفهم أعمق وأكثر توازناً للفكر الدينى، مشيراً إلى أن التحدى الذى يواجهه البرنامج هو تصحيح الفهم الخاطئ للمفاهيم الدينية المتجذرة فى المجتمع، مثل تصور الجنة كمكافأة شخصية فقط، وهو مفهوم يعتبره انحيازاً غير مبنى على الوعى الحقيقى بالدين، وأكد أن الإسلام يحمل قيماً جميلة ونقاط قوة يجب تسليط الضوء عليها، ويؤمن بالحوار والعقلانية وتقبل الأديان الأخرى مثل اليهودية والمسيحية، مؤكداً على أهمية التعايش والتفاهم بين الثقافات والأديان المختلفة.
وبالنسبة لفتاوى التحريم فى مجتمعنا، أوضح الشيخ إبراهيم رضا أنه يجب الالتزام بمبدأ الإباحة الأصلى فى الأمور ما لم يرد نص قاطع يحرمها، وأكد أن القضايا التى يتم تجاهلها ينبغى معالجتها بجدية وتحفظ الحقوق والقيم الدينية، وليس هذا الأمر مقتصراً على الشباب فقط، بل يتعلق بجميع فئات المجتمع. وأثنى على جرأة الدكتور على جمعة فى تقديم هذا البرنامج الذى يتناول القضايا المهمة التى طالما تم تجاهلها، وشدد الشيخ إبراهيم على أن الوصاية فى الأحكام الدينية تأخذ اليوم شكل وصاية عامة لتيارات متعددة فى المجتمع، وهذا يمثل خطراً على الدين ويجب مواجهته.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: نور الدين مفتي الجمهورية السابق علي جمعة نور الدین
إقرأ أيضاً:
التجديد والفلسفة والشعبية
كان حلمًا لموسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب أن يلتقى بأم كلثوم فى عمل يجمعهما، حتى إذا ما أتت اللحظة القدرية للقائهما أعطاها «عبدالوهاب» لحنه الأول «أنت عمرى» لتظل مدرسة و«موضة» لعشرات الألحان من بعدها للعديد من كبار الملحنين يحذون حذوها، وربما كثيرون لا يعلمون بماذا وصف «عبدالوهاب» صوت أم كلثوم، وصفها بأنها صاحبة أداء معجز وكإنسان ذى مهمة ذات جلال تجبرك هيئته على احترامه، ويقول من أهم مزايا أم كلثوم زعامة الصوت، فالصوت كالمظهر الشكلى للإنسان. أحياناً يدخل عليك شخص فتجد فى قوامه وارتفاع هامته وسمات وجهه ما يأخذك ويجعلك تحترمه وتجله، وصوت أم كلثوم يتمتع بهذه الصفات.
وعن مزاياها أيضا تقديسها لفنها، والمحافظة عليه، فهى بذكائها تشعر بأنه لا يمكن المحافظة على فنها إلا بالاستقامة فى حياتها الخاصة، فهى تنام مبكرًا ولا تقابل أى شخص إلا إذا كان هناك عمل، ولا تهتم بالزيارات الخاصة إلا بما يحتم عليها الواجب.
وبالرغم من اشتهائها لبعض ما يتمتع به الإنسان العادى إلا أن إرادتها كانت أكبر من كل مظاهر الاشتهاء، ولقد كان غياب أم كلثوم سببًا فى هبوط مستوى الألحان، خاصة بين الناشئين من الملحنين وملحنى الدرجة الثانية، لأن أم كلثوم كانت أملًا لهؤلاء جميعا، كانت هدفاً يريدون الوصول إليه.. فأم كلثوم غنت لـ«السنباطى» وهو ناشئ، وغنت لـ«بليغ» وهو ناشئ، وغنت لسيد مكاوي وهذا كل أمله.
كل هؤلاء وغيرهم كانوا لا يطمعون فى شىء أكثر من عرض أعمالهم فى «ألمع» فاترينة وأكثرها انتشارًا على العالم وهى أم كلثوم، وحتى غيرهم من الملحنين كانوا يتنافسون إلى الأجود لأن التى تغنى لهم أم كلثوم، الصوت الذى ينتظره مائة مليون شخص.
وبعد جنازة أم كلثوم وفريد وعبدالحليم أدركت أن الجماهير كفرت بالزعامة السياسية واتجهت للزعامة الفنية فى مصر. ولهذا بعث «عبدالوهاب» بكلمات أغنية «أنت عمرى» من خلال شاعرها أحمد شفيق كامل إلى أم كلثوم التى أعجبت بالكلمات ثم بعدها بدقائق ذهب «عبدالوهاب» وأسمعها اللحن الذى أعجبت به، وتواصلت الأعمال بينهما فغنت له «على باب مصر» من كلمات كامل الشناوى، و«أنت الحب» كلمات أحمد رامى، و«أصبح عندى الآن بندقية» كلمات نزارقبانى، و«أمل حياتى» كلمات أحمد شفيق كامل، و«فكرونى» كلمات عبدالوهاب محمد، و«هذه ليلتى» كلمات چورچ جرداف، و«أغدًا ألقاك» كلمات الهادى آدم، و«ودارت الأيام» كلمات مأمون الشناوى، وختامًا «ليلة حب» كلمات أحمد شفيق كامل.
وقال «عبدالوهاب» إن سبب تعاونه معها هو مواجهة التيار الشبابى الزاحف من عبدالحليم حافظ، وكان الرئيس الراحل جمال عبدالناصر سببًا فى لقاء السحاب الأول بأم كلثوم، حيث ظل يتعهدهما بأن يتعاملا ووصاهما حتى تعاونا فى أيقونة «أنت عمرى»، ولتدخل أم كلثوم على يد «عبدالوهاب» عالم التطوير اللحنى الذى جذب إليها جماهير الشباب الصاعد وجماهير محمد عبدالوهاب نفسه، ولتحمل شخصية «عبدالوهاب» المتفلسفة المتجددة والتى لم يستطع أحد من الملحنين الآخرين الذين تعاونوا مع أم كلثوم أن يحذوها.