سوف تحتاج أمريكا زمنا طويلا لكى تسترد مكانتها أمام الشعوب العربية.. فى يوم من الأيام كانت أمريكا تمثل القدوة والنموذج فى الحريات وحقوق الإنسان ، وخرجت أجيال فى عالمنا العربى والحلم الأمريكى يمثل لها صورة مستقبل أكثر حرية وعدلا، واندفعت حشود من الشباب إلى أرض الأحلام واختارت أمريكا وطنا، وعاش ملايين من الشباب العربى فى أمريكا بلد الحريات.
ولم يكن أحد يتصور أن تسقط أمريكا القدوة والنموذج فى مستنقعات الدم فى العراق وأفغانستان وسوريا واليمن، وينتهى بها المسار وهى تشارك فى تدمير وطن وقتل الأطفال والنساء ، وتحرم المسلمين فى غزة من صيام رمضان، وتتآمر لمساندة دولة لقيطة فى مجلس الأمن وترفض وقف القتال، وتقدم لإسرائيل آخر ما وصلت إليه ترسانتها العسكرية، وتقدم ١٤ مليار دولار لعصابة وحشية، بينما هناك أطفال يموتون جوعا فى غزة ..
إن الشيء المؤكد أن النموذج الأمريكى سقط فى مستنقع الدم فى غزة، وأن التاريخ سوف يسجل آلاف الصفحات السوداء فى وحشية إسرائيل وتآمر أمريكا .. إن أطفال غزة الذين ماتوا جوعا وثيقة عار لكل من شارك فى هذه الجريمة صمتا أو تواطؤا أو قتالا.. إن صورة أمريكا لم تسقط فقط فى العالم العربى ولكنها سقطت أمام شباب العالم بل وأطفاله الصغار.. إن دماء غزة قد لوثت تمثال الحرية فى قلب أمريكا.. ويبقى السؤال: ترى من ورط الآخر؟ هل ورطت إسرائيل أمريكا فى مذبحة سجلها التاريخ بالعار أم أن أمريكا الدولة العظمى ووطن الحريات قد أدمنت القتل وتحولت إلى عصابة تمارس القتل والإرهاب، وإنها سبب كل الجرائم والمصائب التى لحقت بالبشر؟.. التاريخ لا يرحم القتلة وتجار الدماء.
فاروق جويدة – بوابة الأهرام
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
العالم ينتخب رئيس أمريكا!
لماذا تهتم شعوب العالم بالانتخابات الأمريكية؟! لأنها تؤثر في حياة معظم سكان الأرض، فالولايات المتحدة الأمريكية ليست مجرد قوة عظمى بل هي أشبه ما تكون بولي أمر العالم!
لذلك تجد الكثير من مواطني الدول الأخرى يتابعون تنافس المرشحين ويتأملون برامجهم الانتخابية كما لو أنهم ناخبون لا متفرجون، ولو أن الواقع أراد أن يتجلّى في صورة نقية لسمح لسكان الأرض بالمشاركة في التصويت على اختيار رئيس الولايات المتحدة الأمريكية!أمريكا تؤثر في مسار جميع الأحداث العالمية ولها كلمة تغير المسارات سواء في العلن أو في الخفاء، ولا تستطيع حكومة واحدة في العالم أن تنكر حساب الموقف الأمريكي في أي قرار تتخذه، حتى الدول التي تعادي السياسات الأمريكية هي الأكثر تأثراً بالمواقف الأمريكية، فروسيا غارقة في أوكرانيا تحتفي كل شهر باحتلال قرية بسبب الرفض الأمريكي لأهدافها في أوكرانيا، والصين تشعر بشوكة أمريكية في حلقها في قضية تايوان، ودول تصارع مشكلاتها الاقتصادية والدبلوماسية بسبب سياسة الخنق الأمريكية، بينما تعيش كوريا الشمالية في عزلة لا تسمع فيها غير صدى هدير صواريخها التي لن تصيب أياً من أهدافها يوماً وسترتد عليها دماراً!
تدير أمريكا العالم بما يخدم مصالحها سواء كانت تفعل ذلك بكفاءة أو رداءة، لكن الحقيقة أنها تمسك بجميع الخيوط التي تحرك العالم، وهناك سياسات استراتيجية بعيدة المدى متجذرة في العاصمة واشنطن لا تتأثر بتغير الرؤساء والأحزاب، بينما هناك هوامش تتحرك فيها التباينات والسياسات الداخلية والخارجية، حتى تبدو لنا هذه الانتخابات مثيرة وجاذبة ينقسم حولها المواطنون الأمريكيون ومواطنو دول العالم كما لو أنهم ناخبون!