روايات مؤلمة.. هكذا وصف غزّيون معاملة الاحتلال لهم خلال الاعتقال
تاريخ النشر: 13th, March 2024 GMT
نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، تقريرا، أعدته فاطمة عبد الكريم، وسون إنجيل راسموسين، نقلا فيه شهادات فلسطينيين اعتقلتهم قوات الاحتلال الإسرائيلي بعد اجتياح غزة، تحدثوا فيها عن الضرب والجلوس في أوضاع غير مريحة. وقال السجناء السابقون من غزة إنهم تعرضوا للضرب الجسدي وأجبروا على الركوع لمدة تصل عشرين ساعة، وأحيانا أيديهم مقيدة فوق رؤوسهم.
وتابع التقرير: "عندما أفرج الجنود الإسرائيليون عن بهاء أبو ركبة قرب معبر غزة بعد اعتقاله مدة ثلاثة أسابيع، قال الفلسطيني إنه يعاني من ألم ويجد صعوبة في المشي، نظرا لأنه ضرب بشكل متكرر بأعقاب البنادق وركل في بطنه".
وقالت الأمم المتحدة إن "إسرائيل اعتقلت الآلاف من الفلسطينيين منذ غزوها غزة منذ تشرين الأول/ أكتوبر. وقالت إسرائيل إنها تهدف من الاعتقالات التعرف على المسلحين".
وفي السياق نفسه، تحدّثت "وول ستريت جورنال" مع عدد من المعتقلين وصفوا ما تعرضوا إليه من أشكال التعذيب النفسي والجسدي، بما في ذلك الضرب أثناء التحقيقات ووضعهم في أوضاع غير مريحة لمدد طويلة. وقال أبو ركبة، الذي يعمل مسعفا في الهلال الأحمر الفلسطيني "صليت من أجل النجاة". وقال إنه أجبر في بعض الأيام على الركوع ويديه فوق رأسه لمدة 20 ساعة.
وذكرت صحيفة "هآرتس" العبرية، أنه "بداية الشهر فإن 27 فلسطينيا من غزة ماتوا في المعتقلات الإسرائيلية منذ تشرين الأول/ أكتوبر". فيما أخبر جيش الاحتلال الإسرائيلي "وول ستريت جورنال" أنه واع بوفاة معتقلين في سجونه. وأفرج عن السجناء الفلسطينيين السابقين الذين قابلتهم الصحيفة بدون توجيه اتهامات لهم.
ووصفوا عددا متنوعا من أساليب المعاملة السيئة، وقال بعضهم إنهم ضُربوا جسديا أثناء الإعتقال، بما في ذلك الضرب والركل. وقال آخرون إنهم لم يتعرضوا للضرب ولكنهم تعرضوا لانتهاكات لفظية أخرى.
وقال بعضهم إنهم منعوا من النوم وسمح لهم بالنوم أربع ساعات في اليوم. ولم يحصلوا على الفراش أو البطانيات. ووصف الكثيرون الأوضاع السيئة بالمعتقلات، بما في ذلك الازدحام وعدم توفر النظافة.
وقال جيش الاحتلال الإسرائيلي إن "العنف والمعاملة العدائية، للمعتقلين ممنوعة وتتناقض مع معتقدات البلد وقيمه". مضيفا أنه عامل المعتقلين حسب القانون الدولي ووفر لهم العناية الطبية والغذاء وسمح لهم بالصلاة والنوم.
وفي الشهر الماضي، قال أبرز محام في جيش الاحتلال الإسرائيلي، وهو الجنرال يفات تومير يروشاليمي، إن "بعض القوات تخضع للتحقيق في جرائم وإساءة سلوك، بما في ذلك انتهاك المعتقلين واستخدام القوة المفرطة".
وقالت تال ستاينر، المديرة التنفيذية للجنة العامة ضد التعذيب في دولة الاحتلال الإسرائيلي "لقد اعتقدوا في أماكن غير معروفة وبدون حق استشارة المحامي ولا تواصل مع عائلاتهم". كل هذا يثير كما قالت "صورة قاتمة جدا جدا".
وفي الأسابيع التي أتت بعد غزو دولة الاحتلال الإسرائيلي غزة، أثارت صور المعتقلين نصف العراة والتي نشرت على منصات التواصل الإجتماعي ولقطات الفيديو عنهم شجبا دوليا، حيث بدأ بعضهم راكعون على الشارع أو يحتضنون أرجلهم وسط البرد.
ووصفت وزارة الخارجية الأمريكية الصور بكونها مثيرة "للقلق الشديد". واعتقل الكثير من الفلسطينيين في تشرين الثاني/ نوفمبر وكانون الأول/ ديسمبر وخلال المرحلة الأولى من اجتياح الاحتلال الإسرائيلي وأمر سكانه الشمال بالجلاء عنه، ووصفوا كيف تم اعتقالهم بشكل جماعي وتجريدهم من ملابسهم وأحيانا وضع العصابات على عيونهم قبل نقلهم لمعتقلات في غزة وإلى دولة الاحتلال الإسرائيلي.
وقال جيش الاحتلال الإسرائيلي إنه أمر المعتقلين بخلع ملابسهم للتأكد من حملهم أسلحة ومتفجرات. وأنها تأمرهم بارتداء ملابسهم بعد التأكد من السلامة. لكن المعتقلين السابقين قالوا إنهم ظلوا بدون ملابس لفترات طويلة وأثناء التحقيقات أيضا. وقال الصحافي محمد عبيد، ذو 20 عاما إنه اعتقل في تشرين الأول/ أكتوبر وعندما كان ينفذ أوامر بالخروج من مدينة غزة، حيث سحبه الجنود الإسرائيليون تحت تهديد السلاح وأمروه بخلع ملابسه إلا سرواله الداخلي، ثم قيدوا يديه وقدميه بقيد بلاستيكي.
وقال عبيد إن الجنود وضعوه في شاحنة ثم حافلة مع بقية المعتقلين ونقلوه إلى ملعب ببنايات مؤقتة. وأخذ للتحقيق مدة ست ساعات حيث كانت يداه مقيدتان لسقف الغرفة. وفي اليوم التالي أخذه المحققون لغرفة أخرى وسألوه عما كان يفعل في يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر وسألوه عن الأسرى وأنفاق حماس ومواقع إطلاق الصواريخ، وتبادلوا على لكمه بالوجه. وبعد التحقيق جروه من الغرفة وطلبوا من مسح الدم عن وجهه والوقوف أمام علم الاحتلال الإسرائيلي لالتقاط صورة له. وقال إنه أفرج عنه بعد 40 يوما بدون توجيه اتهامات.
أما أيمن لبد ذو 34 عاما فقد كان مع عائلته في شمال غزة، عندما أمر الجيش سكان الحرب بالجلاء عنه. وبحسب شهادة مكتوبة قال فيها إن "الجيش أمر النساء والأطفال الذهاب إلى مستشفى قريب، أما الذكور من سن 14 عاما وما فوق فقد أمروا بخلع ملابسهم والركوع في الشارع".
وقال لبد، وهو أب لثلاثة أطفال إن "الجنود وضعوا عصابة على عينيه وقيدوا يديه بقيد بلاستيكي ونقلوه بين عدد من مواقع الإعتقال، وضربني الجنود الإسرائيليون بدون سبب؛ وضربوني بشكل دائم على صدري، ولم أستطع النوم ليلتين نظرا للألم الشديد"، وأفرج عنه لاحقا في 14 كانون الأول/ ديسمبر.
وبحسب التقرير، قد تم اعتقال الفلسطينيين من غزة بموجب قانون 2002 والذي يسمح لدولة الاحتلال الإسرائيلي باعتقال "المقاتلين غير الشرعيين". وبعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر أصدرت دولة الاحتلال الإسرائيلي نسخة طارئة معدلة يسمح لها باعتقال أي شخص مدة ستة أشهر بدون مشاهدة محامي.
وقال موريس هيرش، مدير دائرة الإدعاء العسكري السابق في الضفة الغربية إن "إسرائيل كانت تحاول الحصول على معلومات عن الأسرى الـ240 الذين أخذتهم حماس بعد العملية". مضيفا بأن "إسرائيل لا تسمح بالتعذيب الجسدي أثناء الإعتقال، إلا أنه اعترف ببعض الإنتهاكات التي حدثت أثناء محاولة الحصول على معلومات سريعة.
وتابع بأن "إنقاذ الحياة يحتاج أحيانا لاستخدام القوة وبدون سؤال". مشيرا إلى أن "دولا لجأت لنفس الأسلوب في أوقات الطوارئ، مشيرا للانتهاكات الأمريكية في سجن أبو غريب في العراق؛ هل حدث هذا؟ نعم وهل هو جيد؟ لا وهل هو سياسة رسمية؟ لا".
بدورهنّ، قالت عدة نساء للصحيفة إنهن نُقلن للسجون الإسرائيلية. وقالت هبة الغبين، 40 عاما، إنها اعتقلت وهي في طريقها للخروج عبر الممر الذي حدده الجيش باتجاه الجنوب. ونقلت إلى سجن الدامون قرب يافا حيث قضت فيه شهران. وطلب منها أثناء التحقيق تقديم معلومات عن سكان الحي وقادة حماس والأسرى الإسرائيليين؛ مردفة: "هددوا بتعذيبي بالكهرباء، وعندما كانوا يعيدونا إلى الزنزانة كانوا يقيدون أيدينا وأرجلنا".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية فلسطينيين غزة فلسطين غزة قطاع غزة المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة دولة الاحتلال الإسرائیلی جیش الاحتلال الإسرائیلی تشرین الأول بما فی ذلک
إقرأ أيضاً:
انتحار أمام الضباط وهروب من مدرعة أثناء القتال.. جحيم نفسي لجيش الاحتلال بغزة
كشفت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، عن تفاصيل مثيرة، بشأن "الجحيم النفسي" الذي يواجهه جنود الاحتلال داخل غزة، والذي دفع عددا منهم للانتحار في القطاع أمام الجنود الآخرين.
وقالت الصحيفة في تقرير ترجمته "عربي21"، إن آلاف الجنود، يخضعون للعلاج النفسي بالفعل، وهذا وضع لم يحدث في كافة حروب "إسرائيل"، على مدى 14 شهرا، بدأت في هجوم مفاجئ يوم 7 تشرين أول/أكتوبر، فضلا عن تعرض آلاف الضباط والجنود لصدمات نفسية داخل القطاع.
وللدلالة على عمق الأزمة النفسية التي يعاني منها جيش الاحتلال بغزة، أشارت إلى أن جنديا في إحدى كتائب المشاة القتالية يرفض منذ أشهر مغادرة القطاع ويطالب بمواصلة القتال دون توقف بسبب أزمة عقلية، وفي كتيبة أخرى، وفي ذورة التوغل البري قبل نحو عام، قفز جندي من مدرعته هاربا نحو الأراضي المحتلة عام 48، لكن في طريقه أوقفته قوة أخرى ونقلته للعلاج النفسي.
ولفتت إلى حالة أخرى، والتي "تعتبر متطرفة وغير عادية، أنهى ضابط مقاتل شاب حياته في منطقة القتال في غزة، أمام بعض ضباطه، في حدث مؤلم لا يزال يتردد صداه في الوحدة، ولكن لم يتردد صداه في الجمهور، حتى لا يثقل كاهل الأسرة الثكلى بصورة أكبر".
وكشفت الصحيفة، أن 6 من الجنود الذين قاتلوا لفترة طويلة في غزة ولبنان، أقدموا على الانتحار، في الأشهر الأخيرة، لكن الرقم جزئي والجيش يرفض الإفصاح عن العدد الكامل للمنتحرين أو من حاولوا الانتحار.
وقال أحد القادة العسكريين عن غزة: "إنها ثقب أسود لا نهاية له لأن العديد من المقاتلين المتحمسين يخجلون من الخضوع لعلاج طويل وكبير، وفي هذه الأثناء تتراكم الندوب الخفية التي يمكن التعبير عنها في نوبات غضب أو قمع صامت خلال فترات الراحة القصيرة بين الغارات والجولات في غزة".
وأضافت: "الندوب المروعة في ساحة المعركة لا تنتهي، الجنود رأوا زملاءهم وضباطهم قتلى وجرحى وتعرضوا لضربات ورأوا جثثا، ليس في حرب مدتها في المتوسط شهرا، لكن 14 شهرا متواصلة".
ولفتت إلى أن القتال العنيف، يشارك فيه "صبية تتراوح أعمارهم بين 19-20 عاما، بين القتل والرصاص والانفجارات وروائح المعارك، وظروف ميدانية سيئة دون مياه جارية ودورات مياه، وبالكاد رأوا عائلاتهم خلال العام الماضي".
وتابعت: "وفقا للعديد من الشهادات التي وصلت إلينا في الأسابيع الأخيرة، في كل وحدة قاتلت في غزة أو في لبنان تقريبا، تم تسريح عدد كبير من المقاتلين لأسباب عقلية، ورغم أن هذا من بين مئات الجنود الذين يخدمون في الفوج، إلا أن هناك العديد من الجنود الذين يريدون خوض الحرب ويواجهون صعوبات مع القيادة وسلطات الصحة العقلية".
وقالت: "في إحدى كتائب المشاة النظامية، نظر الجنود وأولياء أمورهم في جواز رفع دعوى ضد القادة على أساس عدم مراعاة الأعباء العقلية المفروضة على الجنود".
وأشار خبراء في الجيش إلى أن التأثير الحقيقي سيصبح واضحا بعد العودة جزئيا إلى طبيعته وسينتهي القتال النفسي إلى حد كبير.
ونقلت جنود في رفح قولهم إنهم يجلسون لأيام على مؤخراتهم في المنازل المدمرة، في ظل ظروف المخاطرة بحياتهم، من أجل البحث عن المتفجرات، بدلا من التصرف بصورة طبيعية، وقال أحد الجنود الذين سرحوا من مهام قتالية، إن هذا له كلفة عقلية من الإحباط والغضب المتراكمين.
ووفقا لبيانات وزارة حرب الاحتلال، فإن 12 ألف جندي جريح قبلوا كمعاقين منذ بداية العدوان، واستقبل ألف جريح جديد، "وهذا أمر يمزق اللحم الحي للقوة البشرية المقاتلة في الجيش، عندما لا تلوح نهاية في الأفق للقتال، ووفقا لتقديرات قسم إعادة التأهيل بحلول نهاية العام المقبل سيكون عدد معاقي الجيش 20 ألفا".
وأشار قسم التأهيل بوزارة الحرب إلى أن عدد المصابين بأمراض نفسية أكثر من المصابين جسديا.
ويعاني حوالي ثلث المعاقين المعترف بهم أيضا من اضطراب ما بعد الصدمة وهذه ليست سوى البداية، وقالت الصحيفة: "عندما يهتز الرعد إذا توقفت المدافع، سيتضح مدى الانهيار العقلي للجنود".
ولفت إلى أن 35 بالمئة ممن خضعوا للكشف النفسي، يعانون من اضطرابات، ومعظمهم من جنود الاحتلال، أما بحسب تقديرات الجيش، فإن 15 بالمئة من المقاتلين النظاميين الذين غادروا غزة وخضعوا للعلاج العقلي، لم يتمكنوا من العودة للقتال بسبب الصعوبات التي يواجهونها.