هل حاجتنا ضرورية لرؤية ابن خلدون في واقعنا الراهن؟
تاريخ النشر: 13th, March 2024 GMT
لا تزال الكتابات والدراسات العلمية والمنهجية العربية والمترجمة من اللغات الأجنبية إلى العربية، تعود إلى ما طرحه العلامة والمفكر العربي عبدالرحمن بن خلدون، وصاحب فلسفة العمران والأطروحات الشهيرة في علم الاجتماع بمقاييس العصر، وتتعلق بدراسة الواقع العربي كما عاشها في فترة حياته بالمغرب الإسلامي، ومن خلال استقراء ذلك الواقع وظروفه ومشكلاته وصراعاته كما سجلها في مؤلفاته العديدة، ومنها كتاب (المقدمة).
ولا شك أن د. فريد العطاس، كانت له اهتمامات بفكر ابن خلدون، في كتب أخرى له، ويرجع السبب في هذا الاهتمام بفكر ابن خلدون -كما قال في هذا الكتاب- لوالده العلامة حسين العطاس، الذي كان يحدثه عن أهمية هذا العلامة العربي الكبير علمًا وفكرًا وتحليلا، والذي اهتم به الغربيون في القرون المتأخرة، مع أننا كمسلمين تأخرنا في اهتمامنا بهذا العالم الاجتماعي المهم في رؤيته الثاقبة والحصيفة لأحوال الأمة بالتحليل والتقييم والتوصيف، ومن هؤلاء الذين تحدثوا عن ابن خلدون وقال عنه: إنه الأسبق في علم الاجتماع، عالم الاجتماع البريطاني الشهير«أرنولد توينبي»، وكذلك العديد من علماء الاجتماع والسياسة في غرب أوروبا، وهناك العديد من الباحثين الغربيين كما ذكر العطاس، أشاروا إلى أهمية ما طرحه ابن خلدون في نظرية أحوال تلك المجتمعات العربية، وأن تحليله ليس مثل بعض المؤرخين العرب كسرد تاريخي لا يضع رؤية لتلك الأحوال، بل اعتمد ابن خلدون على التحليل والاستقصاء والبحث، وهي رؤية سوسيولوجية كعلم للاجتماع البشري وفق الرؤى المعاصرة وهو الأسبق في ذلك كما قال بعضهم، ولا شك أن من الأخطاء التي برزت تجاه هذا العلامة هو ابتعاد المقاربة العربية/ الإسلامية عنه، وإهمال رؤية ابن خلدون في القرنين التاليين وما كتبه هذا العلامة المبدع في رؤيته المنهجية لعلم العمران، كما يسمى عند بعض المهتمين والباحثين العرب لابن خلدون، وهذا الإهمال في عدم معرفة تلك الأحوال التحليلية بصورة علمية ومنهجية، أسهم في عدم الاطلاع عليها، وربما كانت سببًا بعدم تلافي تلك الظروف وما أدت إليه في الفترات اللاحقة لبعض الممالك.
ولا شك أن الباحث والأكاديمي د. فريد العطاس، أشار إلى أن الاجتياح الغربي للوطن العربي، بين القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، أسهم في إبعاد الاهتمام عن رؤية ابن خلدون في النظرة العامة للواقع العربي المتأزم بعد تراجع الدولة العثمانية وانحسارها، وما تم تسميته بالرجل المريض، كما أن الاستعمار يريد إبقاء الأوضاع العربية كما هي قائمة ومتراجعة إلى حد التخلف على كل المستويات، وهي فترة لا شك أنها صعبة كتب عنها الكثير من الدراسات، كما أن الاستشراق لعب دورًا خبيثًا في هذا التوجه، خاصة الاستشراق الذي سبق الحملة الاستعمارية للوطن العربي، ومن هذه المنطلقات كما يقول د. فريد العطاس: إن الخطة التي يريدها من هذا الكتاب، هي إعادة الاعتبار لفكرة ابن خلدون في تأسيس علم اجتماع: «يعاد بناؤه من خلال كتابات ابن خلدون، من شأنه أن يكون ذا أهمية كبيرة وقابلية للتطبيق في دراسة التاريخ والمجتمع المعاصر، لكن إعادة البناء تلك وذلك التطبيق لم يتحققا بوجه عام، بسبب الإهمال النسبي لكتابات ابن خلدون. ومن أبرز سمات الاستشراق سمات ظلت باقية لقرون، وهي إهمال المرجعية النظرية لمن يسمون بالمفكرين الشرقيين. ومع أن نقد الاستشراق والمشكلات المتعلقة به -مثل نزعة المركزية الأوروبية في العلوم الاجتماعية والإنسانية- ظل حاضرًا منذ الجزء الأخير من القرن التاسع عشر على الأقل». ولذلك كان استبعاد مفكر كبير في علم العمران -الاجتماع- مقصود منه من قبل الدوائر الغربية، بهدف تعميم مركزية الفكر الغربي وغرسه وجعله بديلا للأفكار والرؤى القائمة، دون أن يتم استرجاع فكر هذا العلامة ورؤيته التحليلية لواقع الأمة والاستمساك بفكرها للنهوض من داخلها.
والحقيقة أن النظرية الخلدونية، سواء في علم العمران البشري، أو قوة العصبية في قيام الدولة أو سقوطها، أو في فلسفة التاريخ كما أشرت في كتابات سابقة، أنها لاقت اهتمامًا كبيرًا من الكتاب الغربيين المعاصرين، كتبوا عنها عشرات المؤلفات، ومئات من البحوث والدراسات عن ابن خلدون وما تزال، كما في كتاب فريد العطاس، وفيهم ممن انبهر بنظرياته التاريخية التحليلية، أو من اختلف مع بعض استنتاجاته، فيما وضعه من نظريات وتحليلات، لكن الأمر الذي لا يختلف عليه أحد أن ابن خلدون يعتبر ظاهرة أو عقلية متميزة من حيث الإبداع الفلسفي التاريخي أو التحليلي، أو علم الاجتماع الإنساني، وهي مقدرة استباقية عبر كتابة التاريخ، وسبق فيه كل المؤرخين القدامى -كما يقول البعض- ومنهم المؤرخ اليوناني «هيرودوت» الذي يسمى (أبو التاريخ)، لكن ابن خلدون تفّوق عليه من حيث الأسلوب التحليلي للتاريخ وفلسفته، ومن تبعه ممن اعتنوا بفلسفة التاريخ ونظريات علم الاجتماع خاصة في القرن الثامن عشر والتاسع عشر من الفلاسفة وعلماء الاجتماع الغربيين.
من هذا المنطلق وضع ابن خلدون دور العصبية، في تقوية أو معارضة عصبيات أخرى، وأن العصائب البشرية، تبرز لكونها من الطبيعة البشرية تحدث، فتجعل منها قوة لمواجهة قوة منافسة أو عدوانية، ولا شك أن العلامة ابن خلدون، جعل منهجيته، في مسألة العصبية، والتي تعتبر من الركائز المهمة للعلاقات السياسية -بمفهوم عصرنا- واعتبرها من القوى المؤثرة في الحراك السياسي. يقول ابن خلدون في تحليل مفهوم العصبية: «إن الله سبحانه وتعالى ركّب في طبائع البشر الخير والشر، كما قال تعالى: (وهديناه النجدين)، وقال (فألهمها فجورها وتقواها). والشر أقرب الخلال إليه إذا أهمل في مرعيّ عوائده ولم يهذبه الاقتداء بالدين. وعلى ذلك الجم الغفير إلا من وفقه الله. ومن أخلاق البشر فيهم الظلم والعدوان بعض على بعض فمن امتدت عينه إلى متاع أخيه امتدت يده إلى أخذه إلا أن يصده وازع».
ولا شك يرى أن بعض الكتابات ترى أن رؤية ابن خلدون، قد تكون صائبة لتلك الفترة عندما حلل أوضاع تلك المماليك في عصره، لكن الآن الظروف مختلفة، خاصة ما قاله عن العصبية ودورها في القوة والتماسك، لكن هذا الرأي يتجاهل قوة التحليل لسقوط الدول في ذلك العصر، وسبب قيامها، وكيفية التنازع والخلافات التي تقود إلى الصراعات، ويؤدي لتمزق الكيانات القائمة، لكن تعضدها بقوة شعبية تشد من أزرها تجاه من يريد زعزعة الاستقرار، فالعصبيات -بحسب ابن خلدون ـ التي تتكاتف وتتقارب وتتآلف، ويكون تأثيرها قويًا، خاصة عندما تتمتع العصبية بقوة عددية مع قوة الصبغة الدينية، إذ تزيدها قوة مع قوتها، سواء كانت عن طريق النسب، أو التناصر في غير النسب، لكن هذا الأمر لا بد لهمن تحقق العدل والإنصاف في الحقوق والبعد عن المظالم، فإذا لم تأت هذه الأسس الدافعة للعصبية للمناصرة، وكان الحكم كما يقول ابن خلدون: «باطشًا بالعقوبات، منقبًا عن عورات الناس وتعديد ذنوبهم، شملهم الخوف والذل، ولاذوا منه بالكذب والمكر والخديعة فتخلقوا بها، وفسدت بصائرهم وأخلاقهم، وربما خذلوه في مواطن الحروب والمدافعات، ففسدت الحماية بفساد النيات، وربما أجمعوا على قتله لذلك فتفسد الدولة ويخرب السياج، وإن دام أمره عليهم وقهره فسدت العصبية، وفسد السياج من أصله بالعجز عن الحماية».
لا شك أن إعادة إحياء رؤية ابن خلدون وفق ما طرحه د. فريد العطاس، حاجة وضرورة، لفكر هذا التحليل المنهجي، والإضافة إليه من خلال رؤى معاصرة تحلل الواقع العربي، للخروج بنظرة واعية قادرة على حلحلة بعض المشكلات، دون أن نستجلب النظريات التي لم تعش واقعنا، ولا تعطي للقيم في داخله أهمية، ولذلك فإن إحياء تقليد مهجور، أجدى وأنفع من تقليد رؤى فكرية خارج واقعنا.
عبدالله العليان كاتب وباحث في القضايا السياسية والفكرية ومؤلف كتاب «حوار الحضارات في القرن الحادي والعشرين»
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: علم الاجتماع ابن خلدون فی هذا العلامة هذا الکتاب فی علم فی هذا
إقرأ أيضاً:
مجلة العربي الأفريقي (مارس 1979): والزمن كان ليل
تمر بنا بشهر مارس هذا الذكرى الثلاثين لصدور مجلة "العربي الأفريقي" (مارس 1979) الشهرية التي لم يصدر منا سوى عدد بهي واحد وأغلقها نظام نميري بالضبة والمفتاح. وكان صاحب امتيازها هو المرحوم الأستاذ عبد الرحمن السلاوي رجل الأعمال المعروف وقدت أنا هيئة تحريرها من وراء ستار.
جئت إلى رئاسة تحرير المجلة خلواً من خبرة في صالة التحرير سوى ما اكتسبته في جريدة أخبار الأسبوع الأسبوعية التي آلت إلينا نحن شباب الشيوعيين من الكتاب في آخر 1968. وكنا احتججنا على بؤس أداء حزبنا الشيوعي في حيز الثقافة والإعلام. فاحتوى أستاذنا عبد الخالق محجوب شتاء سخطنا بأن سلمنا الجريدة خالصة وورطنا في كدح الاصلاح ومصاعبه. ولكني جئت لتحرير مجلة العربي الأفريقي وقد أطلت النظر في مجلة الحوادث وجريدة النهار اللبنانيتين مما كان يبرني بهما الصديق محمد دوعالي وأنا قيد العمل تحت الأرض الشيوعي. كما أطلت النظر في مجلة "سوداناو" التي كان عليها الأستاذ السر سيد أحمد الكاتب الراتب بهذه الصحيفة. وصدرت من وزارة الثقافة والإعلام التي كان وزيرها السيد بونا ملوال مستشار رئيس الجمهورية الحالي. وكانت مجلة قامة كما نقول بإسراف على أيامنا هذه. وكمن من ورائها خبراء تحرير من الإنجليز جعلوها فتنة للقارئين والناظرين. واستمتعت المجلة بحرية صحافية نسبية لصدورها باللغة الإنجليزية لم تقع للناطقات بالعربية. وهي مرجع لا غنى عنه للباحث عن المجتمع خلال فترة صدورها. واقول هذا عن تجربة في البحث عن مادة كتابي عن تاريخ القضائية والإحياء الإسلامي.
من شغلنا في التحرير أننا لخصنا في الصفحة الثالثة أكثر مواد العدد. وربما استفدت هذا من مجلة الحوادث. ودمغنا كل صفحة بخاتم أو شعار المجلة. ونظرنا في هذا إلى جريدة النهار كما اعتقد. ثم جعلنا لصفحاتها عناوين. فتحت "المشهد الداخلي" عرضنا للوقائع السودانية مثل تغطيتنا لاجتماع المؤتمر الثاني لبرلمان وادي النيل بقلم السيد عبد الله حميدة الكاتب وعضو مجلس الشعب آنذاك. كما غطى لنا الأستاذ عبد المولى الصديق افتتاح جامعة الجزيرة. ثم جعلنا "المشهد العربي الأفريقي" عنواناً لقصص عن العالمين العربي والأفريقي. كتب لنا فيه الدكتور نورالدين ساتي عن بدء الديمقراطية التعددية في السنغال والدبلوماسي جعفر طه عن يوم الأرض في فلسطين. ثم جعلنا "المشهد العالمي" عنواناً لما يقع في العالم بأسره. وحررت فيه خلفية فكرية لثورة إيران والخميني بملخصات من كتاب أكاديمي عن شيعة إيران. وقصدنا بذلك أن يستنير القارئ بالمادة ليفهم مجرى الثورة الإيرانية المستفحلة آنذاك. وكنت معجباً بفكرة الصندوق المفروز من صلب المقال التي ربما استفدتها من مجلة النيوزويك والتايم الأمريكيتين. وكنت من المعجبين بحرفتهما الصحفية وما أزال. فخصصت صندوقين واحد لشرح مصطلحات الشيعة مثل "الخروج" و "المشهد" وغيرها. أما الصندوق الآخر فقد عرفت فيه بوثيقة شيعية مركزية هي "تنبيه الأمة".
ثم جعلنا "صحافة" عنواناً نعينا تحته الأستاذ السلمابي بأكثر من مجرد الترحم. فعرضنا لسيرته العصامية من ibrahima@missouri.eduجرسون بمقهى بالقضارف لرجل أعمال وصحافي لا يشق له غبار. ووصفه لنا البروفسير محمد عمر بشير بأنه فقد كبير لمجلس الشعب لأنه كان "واحداً من أكثر اعضائه حيوية وحباً للجدل". كتب لنا الأستاذ رحمي سليمان تحت نفس الباب عن ذكرى له في تونس. ثم جعلنا عنواناً هو "ندوات" لعرض ما يدور في منتديات الثقافة والعلم. ولخصت فيه وقائع ندوة انعقدت للتعريب في جامعة الخرطوم وكان نجمها الدكتور جعفر ميرغني. وقد أعدت نشر الكلمة في كتابي "أنس الكتب" للراغب. وسيقف قارئها على أن تعريب التعليم الجامعي لم يكن مفاجأة صادمة كما تقول الصفوة الناطقة بالإنجليزية. فقد كان استراتيجية طويل المدى للجامعة تستعين لأدائها بالبحث الدقيق. وكل المسألة أن صفوة الإنجليزية لم يستعدوا له سلباً أو إيجاباً ومثل هذه الندوات تنعقد بغير عناية منهم. فقد ظنوا أنها زوبعة في فنجان تفوت ولا حد يموت حتى جاءهم طائف من ربك.
ثم خصصنا باباً لعرض الكتب سميناه "واجهة الكتب". عرض فيه البروفسير محمد عمر بشير كتاب الاستاذ حلمي شعراوي عن العلائق بين حركتي التحرر في أفريقيا والعالم العربي. كما عرض الدكتور أحمد عبد الرحيم فيه لكتاب "مقدمة لدراسة الأدب الأفريقي المعاصر" للدكتور يوسف الياس. وعرض لنا يوسف نفسه كتاباً لمؤلف من السنغال عن الإسلام والمجتمع في غرب أفريقيا. وتحت عنوان "الشباب" غطينا بالصورة والكلمة حمى مارس وهي المظاهرة الكرنفالية التي كانت تندلع في أول ذلك الشهر من كل عام للاحتجاج على قدوم شهر الامتحانات. ومن أطرف مشاهدها خصام الطلبة والطالبات. فيهتف الطلاب: بنات الجامعة بنات بايرات. فترد البنات: محجوزين للخريجين. وسعيت في مقبل الأيام لدراسة أوفى لهذا الكرنفال. وأوراقي عنه ما تزال تنتظر التحليل والكتابة.
وبدأت مع الأستاذ الطيب محمد الطيب في المجلة دراسة مسلسلة عن شعب بني جرار أهل الفارس ذائع الصيت موسى ود جلي تحت عنوان "شعوب وقبائل". واتفقنا على استخدام ما جمعته عن هذه الجماعة من كردفان وما جمعه الطيب من البطانة لكتابة سيرة هذه الجماعة المخاطرة. وكتبت الحلقة الأولى. وصحبتها صورة لجبل قرين جلي بشمال كردفان الذي قتل عنده جلي والد موسى. وهي صورة من صنع الأستاذ غالب من مصوري وزارة الثقافة والإعلام الأفذاذ. وكل الفتيات البدويات الحلوات اللائي يزين الدور والقصور مما التقطه غالب في بادية الكبابيش حين اصطحبته في عملي الميداني ليوثق بحثي وليحصل على صور للزينة والزي الكباشي لمشروع آخر. فردوا لغالب حق المؤلف. وتوقفت المجلة ولم نعد لا أنا ولا الطيب للمشروع. ولكنه ما زال يؤرقني وسأنتهز السانحة للفراغ منه بدون الطيب . . للأسف. ولكن إكراماً له.
ثم جعلنا عنواناً هو "اهتمامات" لعرض خبرات الرجال والنساء في شتى الضروب. وجئنا في العدد اليتيم بحوار مع الدكتور طه أمير عن موضوع تخصصه في علم النفس وهو التأتأة. وأعجبني تعريفه لها بأنها ضرورة الكلام والخوف من النطق. ثم خصصنا باباً للطرف والزوايا النادرة تحت عنوان "مما جميعه" كتب لنا فيه الدكتور أحمد عبد الرحيم نصر عن ثائر سوداني من مجاهدي عمر المختار الليبي. وكتبت أنا أعلق على فكاهة سودانية لدفع تهمة التجهم عن السودانيين. كما كتب الأستاذ عبدون نصر عن خصومة الهلال والمريخ. ثم جئنا بعنوان "اصوات" لتغطية ضروب النشاط الثقافي خلال الشهر. وأذكر أنني استفدت هذا الباب من باب سبق بمجلة سوداناو حرره الأستاذ صلاح ؟ ؟ باقتدار. وكتب لنا الأستاذ محمد المهدي بشري عن كتاب أحاجي عبد الله الطيب. وعرضت أنا ندوة للاب فانتيني بدار المكتبة القبطية عن المسيحية في بلاد النوبة. واذكر البرد الذي أحدق بالخرطوم في ليلة المحاضرة. وضاعف منه بؤس المواصلات فشواني البرد منتظراً ركبها المراوغ إلى بري المحس. ثم اقتطفنا من الصحف العالمية في باب "صحافة عالمية". وحرر الأستاذ حسن مختار صفحة الرياضة. وكتب لنا في المناسبة السيد نجيب المستكاوي الناقد المصري المعروف.
تلك أيام في آخر السبعينات في مكتب بعمارة الضرائب بالخرطوم لم نجد بداً من تهريب حبنا للوطن "والزمن كان ليل".
ibrahima@missouri.edu