الأزهر.. المفترى عليه والمفترى علينا (1-4)
تاريخ النشر: 13th, March 2024 GMT
أنت صائم وأنا أيضاً، ومثلك ومثلى حوالى 2 مليار مسلم يصومون شهر رمضان..
ورمضان وروحانياته السامية، وطقوسه وصلواته، وأجواؤه الدينية المشبعة بالإيمان، تشكل فرصة ذهبية للتأمل فى أمور الدين والدنيا، وأول ما يستحق أن نتوقف أمامه هو حال الأمة الإسلامية اليوم، وهو حال لا يسر إلا كل عدو!
فالعالم الإسلامى يمر بواحدة من أوهن فترات تاريخه.
> وسأكتفى هنا بسرد مشهد منتشر فى العالم الإسلامى، وهو مشهد يتعلق بحديث نبوى يحفظه كل المسلمين عن ظهر قلب، وهو الحديث النبوى الشريف الذى يقول فيه النبى صلى الله عليه وسلم أن هدم الكعبة حجراً حجراً أهون عند الله من قتل مسلم، ورغم ذلك يقتل المسلمون بعضهم بعضا فى أغلب بقاع الأرض، فالمسلمون الإيرانيون يقتلون مسلمين عراقيين وسوريين ولبنانيين وسعوديين، وأيضاً المسلمون الأتراك يقتلون مسلمين فى العراق وسوريا وليبيا، وفى السودان يقتل المسلمون إخوانهم المسلمين، وفى اليمن وموريتانيا والصومال ونيجيريا وأفغانستان يحدث شيء مماثل..
وفى مصر ذقنا على مدى سنوات ويلات من إرهابيين يرفعون قميص الإسلام، ولا يزالون حتى الآن يملأون الدنيا صياحا ونباحا وأكاذيب وسبابا لا تليق أبدا بمن يؤمن بالحديث النبوى الشريف الذى يقول «المسلم من سلم الناس من لسانه ويده».
> مشهد آخر: العالم الإسلامى كله اليوم عالة على العالم فهو فقط مستهلك لما يصنع الغرب والشرق، ومما تصنعه شعوب دول لا تعترف بوجود إله.
> مشهد ثالث: يجرى أمام أعين كل المسلمين، وهو مشهد إسرائيل التى تغتصب الأرض الفلسطينية والحقوق الفلسطينية وتشرد وتجوع شعب وتهدم مدنا بأكملها وتذبح أطفالا بلا ذنب ونساء بلا حول ولا قوة منذ أكثر من نصف عام بينما 2 مليار مسلم لا يمتلك إلا إحصاء الضحايا كل صباح، والإدانة الكلامية والشجب الكلامى وإلقاء مساعدات من الجو للضحايا!
والسؤال :هل مسلمو اليوم يستحقون أن يكون من بين «خير أمة أخرجت للناس»؟..
هل المسلمون الآن «أعلون» كما قال عنهم القرآن الكريم «ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين»؟
سأترك الإجابة لضميرك، وسأترك لك أيضاً تقييم سلوك البشر حولك، وتحديد نسبة التزامها بالقيم الدينية السامية، وسأترك لك أيضاً الإجابة عن أسئلة من نوع: هل أخلاقنا هى أخلاق إسلامية حقيقية؟ هل نتمسك بقيم الإسلام فى عملنا وكلامنا وتفكيرنا؟..وهل معاملاتنا مع بعضنا البعض تمت للإسلام بصلة؟.. وهل الجرائم التى تشهدها المجتمعات الإسلامية توحى بأننا مجتمعات إسلامية حقيقية؟..
وأدعوك أن تتوقف معى أمام أمر عجيب يتكرر يوميا منذ 76 عاماً، فمنذ عام 1948 وكل المسلمين يدعون فى صلواتهم على الإسرائيليين، وجيل بعد جيل سمعنا كل أئمة المساجد يدعو على اليهود مرددين: اللهم عليك باليهود ومن والاهم.. فيرد كل من فى المسجد آمين.
يعود أمام المسجد لاستكمال دعائه على اليهود فيقول: اللهم رمل نساءهم ويتم أطفالهم وجمد الدماء فى عروقهم، واقتلهم بددا ولا تبقى منهم أحد، فيقول المصلون جميعا: آمين.
ومر 76 عاما والمسلمون جيلاً بعد جيل يرددون نفس الدعاء، ولكن شيئا لا يتحقق مما ندعوه، وهو ما يعنى أن الله لم يستجب دعاءنا على إسرائيل.. لماذا؟ الله أعلم، ولكن عدم استجابة دعائنا وتأخرنا أمام العالمين وهواننا على الناس يعنى أننا بعيدون عن ديننا الحنيف.
أتدرون من هو المسئول الأول عما نحن فيه؟.. إنه الأزهر الشريف.. لماذا كان الأزهر هو المسئول الأول عن كل ذلك؟ الإجابة فى الأسبوع القادم
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
إقرأ أيضاً:
الإفتاء تكشف عن سيرة النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم
أوضحت دار الإفتاء المصرية، برئاسة الدكتور نظير عياد مفتي الديار، سيرة النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، موضحاً أنها أعطرَ سيرة عرفَتْها البشريةُ في تعاليم التسامح والنُّبْل والعفو؛ فقد منحه الله سبحانه وتعالى مِن كمالات القِيَم ومحاسن الشِّيَم ما لم يمنحه غيره من العالمين قبله ولا بعده، وجعله مثالًا للكمال البشري؛ في التعايش، والتسامح، والرحمة، واللين، واللطف، والعطف.
سيرة النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلمقال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء: 107]، وقال سبحانه: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ [القلم: 4]، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّمَا أَنَا رَحْمَةٌ مُهْدَاةٌ» رواه الحاكم في "المستدرك".
ولم يكن خطابُه صلى الله عليه وآله وسلم موجهًا للمسلمين فقط، وإنَّما شَمِل كلَّ النَّاس في المدينة مسلمين وغير مسلمين، أهل الكتاب وغيرهم؛ بدليل أن راوي هذا الحديث هو سيدنا عبد الله بن سلام رضي الله عنه، وكان وقتَها كبيرَ أحبارِ اليهود وعالمَهم الأول.
وعلى السماحة والتعايش واحترام الآخر تأسَّس المجتمعُ الإسلامي الأول؛ حيثُ أمر الشرع بإظهار البر والرحمة والعدل والإحسان في التعامل مع أهل الكتاب المخالفين في العقيدة؛ فقال تعالى: ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ [الممتحنة: 8]، فعاش اليهود في كنف الإسلام، يحترم المسلمون عاداتهم وأعرافهم.
واحترمت الشريعة الإسلامية الكتب السماوية السابقة، رغم ما نَعَتْه على أتباعها من تحريف الكلم عن مواضعه، وتكذيبهم للنبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، فبعد غزوة خيبر كان في أثناء الغنائم صحائف متعدِّدة من التوراة، فجاءت يهود تطلبها، فأمر النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم بدفعها إليهم، كما ذكره الإمام الدياربكري في "تاريخ الخميس في أحوال أنْفَسِ نَفِيس صلى الله عليه وآله وسلم" (2/ 55، ط. دار صادر)، والشيخ نور الدين الحلبي في السيرة الحلبية "إنسان العيون في سيرة الأمين المأمون" (3/ 62، ط. دار الكتب العلمية).
وأضافت الإفتاء قائلة: وهذه غاية ما تكون الإنسانية في احترام الشعور الديني للمخالف رغم عداوة يهود خيبر ونقضهم للعهود وخيانتهم للدولة؛ حيث كانوا قد حزبوا الأحزاب، وأثاروا بني قريظة على الغدر والخيانة، واتصلوا بالمنافقين وغطفان وأعراب البادية، ووصلت بهم الخيانة العظمى إلى محاولتهم الآثمة لاغتيال النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وتابعت: وبلغ من تسامح النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن نهى المسلمين عن سب الأموات من المشركين بعد وفاتهم إكرامًا لأولادهم وجبرًا لخواطرهم؛ فعن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما قال: "لَمَّا كان يوم فتح مكة هرب عكرمة بن أبي جهل وكانت امرأته أم حكيم بنت الحارث بن هشام امرأةً عاقلةً أسلمت، ثم سألَتْ رسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم الأمانَ لزوجها فأمرها بردِّه، فخرجت في طلبه وقالت له: جئتُك مِن عند أوصل الناس وأبر الناس وخير الناس، وقد استأمنتُ لك فأمَّنَك، فرجع معها، فلما دنا من مكة، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأصحابه: «يَأْتِيَكُمْ عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ مُؤْمِنًا مُهَاجِرًا، فَلَا تَسُبُّوا أَبَاهُ؛ فَإِنَّ سَبَّ الْمَيِّتِ يُؤْذِي الْحَيَّ وَلَا يَبْلُغُ الْمَيِّتَ» فلما بلغ باب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم استبشر ووثب له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قائمًا على رجليه فرحًا بقدومه" أخرجه الواقدي في "المغازي"، ومن طريقه الحاكم في "المستدرك".