لجريدة عمان:
2025-04-18@03:04:22 GMT

خلف بن سنان .. شاعر البديع ونديم الكتب

تاريخ النشر: 13th, March 2024 GMT

خلف بن سنان .. شاعر البديع ونديم الكتب

قاضٍ ووالٍ وعالم وفقيه وأديب وشاعر، من بلدة المعمور، من علماء القرن الحادي عشر الهجري وأوائل الثاني عشر، عاصر الأئمة ناصر بن مرشد وسلطان وبلعرب بن سلطان وسيف بن سلطان وسلطان بن سيف الثاني، وله فيهم مدائح، وكان كثير الاطلاع والقراءة، وقد ملك مكتبة ضخمة، يقول عن ولعه بالكتب والقراءة:

لنا كتبٌ في كلّ فنّ كأنّها

جنان بها من كلّ ما تشتهي النفسُ

جرى حبّها مني ومن كل عالم

ذكي الحجا والفهم حيث جرى النفس

فلا أبتغي ما عشتُ خلا مؤانسا

سواها فنعم الخلّ لي هي والأنس

ولست أرجّي أن أفوز بمثلها

على غابر الأيام جنٌ ولا أنس

ثلاث مئين ثم سبعون عدها

وتسعة آلاف لها ثمنٌ بخس

ولا عيب فيها، غير أن زمانها

لقلة من يعنى بها، زمن نحس

هي الشمس والكتب الكريمة أنجم

وكيف تكون الزهر إن طلع الشمس

بها ذلّ لي صعب العلوم وأذعنت

جوامحه وهي الممانعة الشمس

فكم مشكلات مبهات عويصة

تجلى إليها نورها فانجلى اللبس

هي الكنز لا الإنفاق منها بناقصٍ

هي الفخر لا العيش واللبس

وهيهات بعدي أن تباع وتشترى

كما يشترى من ربه العير والعنسُ

ولكنها وقفٌ على كل مسلمٍ

فلا غافر فيها يخص ولا عبس

ويتبين من النص أنها تحوي (9370) مخطوطة، وعيبها أن زمانها زمن نحس لقلة من يعنى بها.

على حدّ قوله. فقد ذهبت أثرا بعد عين لولا هذه الأبيات التي خلدها الشيخ، والتي يوضّح أنه أوقفها للعامة، والشيخ مولع بالكتب ومن ذلك قوله:

كم من كتابٍ محكمٍ لو به

عوضتُ بالإبريز لم أرضه

قد أكلته وأنا غافلٌ

عنه كفاها ذو العلا أرضه

ويقول:

بلادٌ ما بها كتبُ

فلستُ أعدها بلدا

حليف الغبن من فيها

لقلة حظه بلدا

ومن النص نتبين أن كتبه متنوعة كالجنان، يحبها كل عاقل كنفسه، وهي المؤنس والجليس، ولا يعادلها شيء أبدا، ولا عيب فيها ولكن العيب في زمانها (لا يحب أهل زمانها الكتب)، وهي بين الكتب كالشمس بين النجوم (أكثرها قيمة وضياء)،وبها تعرّف على العلوم، وبها حلّ المشكلات، والإنفاق منها لا ينقصها، ولن تباع بعده وتشترى لأنه أوقفها لوجه الله لعامة الناس. ويلمس المتلقي قوة العبارة وإحكام اللغة، والنص من أجمل نصوص الشيخ؛ لأنه لم يتكلف فيها كما في أغلب نصوصه، وكانت لغة الشاعر واضحة. وقارن بين شعره السابق وشعره المولع بالمحسنات البديعية، ومن ذلك ما قاله في الإمام ناصر بن مرشد:

هيهات يذهب ملك ملك عادلٍ

كان الإله له معينا ناصرا

يكفيك في هذا دليلا مرشدا

نصر الإله سليل مرشد ناصرا

يقول الحجري: «وقد لاحظ دارسو شعره ولعه وحبه للمحسنات البديعية خاصة الجناس فقد تحدث الخصيبي بروح الإكبار عن هذا الأمر فاختار مجموعة من المقاطع الجناسية ليمثل لشعره، وأشار إلى ذلك البطاشي في «إيقاظ الوسنان»، ولاحظ أنه «مولع بالجناس كثيرا لا تكاد تخلو منه قصيدة أو مقطوعة»، كما أكد فهد السعدي ذلك أيضا في ترجمته له، وذكر أن دراسة مستقلة ألفت حول المحسنات البديعية في شعره، وحقيقة الأمر أن المتأمل في الإنتاج يجد أن الصنعة والولع بالمحسنات البديعية هي قوام تكوينه الأدبي، ومحور مهم في إنتاجه الشعري والنثري، وهي تبرز في شعره بذات القدر الذي تظهر به في نثره، بدلیل رغبته في تقليد مقامة الحريري، وكما تشهد على ذلك أيضا مراسلاته التي أثبتها البطاشي في «إيقاظ الوسنان» سواء منها ما كتبه على لسانه أو ما كتبه بأمر الأئمة اليعاربة فكلها تؤكد شغفا شديدا بالبديع والتصنع، فمنها مثلا مقطع من النثر لا تخلو الكلمة فيه من حرف الراء، ومقطع آخر لا تخلو فيه الكلمة من ميم، ومنها قوله: «... سلامة موﻻنا سلم السلامة، ودوامه مادة الكرامة، وعلمه إمام الأعمال، وكرمه متجر اﻵمال، وحلمه مغرس الأحلام، وعلمه معلم اﻷعلام، وإقدامه مخجل الضرغام، مهيب محاله، عظيمٌ مجاله، عديمٌ مثاله، مليحٌ مقاله محمودةٌ ممالكه، موموقةٌ مسالكه، أديم ملكه ما همى غمام، وهام مستهام، وهم مهمام، ومجد همام» فنلاحظ أنه كما أنه يلتزم بالسجع والفاصلة التزاما صارما ودقيقا، ويبدو أن مقدرته الأدبية على الكتابة بأسلوب معاصريه قد أهلته لأن يكون كاتبا لدى الأئمة اليعاربة.

وتأمل مقامته المعتمرية نسبة إلى قرية المعتمر، يقول فيها روى الحارث بن منهال قال: ملت في ريعان الشباب، وعنفوان العمر المستطاب، إلى ملازمة الغربة والأسفار، وجوب الفيافي والقفار،...لا يثنيني تكاثف الغمام، ولا تراكم حنادس الظلام، عن إقدام الأقدام، في نيل المرام،...، فاتفق حين ولجت مدينة المعتمر، وحللت بساحة أميرها،... إذ قدم عليه شيخ معوّج المطا، مقصور الخطا، يقتاده شويدن بالي الأطمار، رائق في الأبصار،..ثم جثا على ركبتيه، وفتق رتق شفتيه، وأنشد شعرا:

أيها الحاكم الذي

طاب فرعا ومحتدا

وأخا النائل الذي

يخجل البحر مزبدا

إرث لي من حوادثٍ

خطبها جار واعتدى

واسقني صوب راحة

تفضح السحب إن بدا

وأس لي شادني الذي

راح في الذل واغتدى

واكسنا الآن ما به

يكتسى الحمد سرمدا

عل تضحى بنا غدا

ذا نعيمٍ مخلّدا

فلما سمع الأمير الأبيات، وأتقنها بحسن الإنصات، قطب وجهه وعبس، وتكثف بصدره الحزن واعلنكس،...فلما استبان الشيخ فلول حسامه، وتبين سر طويته بظاهر نظره وكلامه، قال له: يا عسقل الفيافي، ومخيّب ظن الآمل والعافي، ما هذه السجية التي يأباها الكرام، ويستوجب بها اللوم والملام،..فلما غاله فورة سم كلماته، ولفح شغاف فؤاده سموم نفحاته، قال: إن هذا لهو البلاء اللزام، والداء العقام، ثم أبرز له درهما من كمه، وناوله إياه بعد لثمه وضمه، وقال: خذه لا قرت لك به عين، ولا منيت بمثله حتى حلول الحين، فقال له: هات يا خليفة باقل، فلا سمتْ لك في المجد أبراج ومعاقل، والشويدن عند ذلك يرمقه بعين تكاد ترمي بالشرر، وتنتظر من عارض جهامه وابل الدرر، فلما آيس من صلاته، وخاب ما أمله من رشح صفاته،...قال له:...فأين حظ الشويدن من رفدك، ومكافأة توخيه لقصدك، فاضطرب اضطراب حوتة نبذها اليم، وحثا على وجهه من ثم وثم،..وقال بلسان قد غص حلقومها بشجى الاستعبار، ولفح محياها لفح الغبار: أقسم بمن تكفل بأرزاق عباده دون الأمرا، وجعل التبذير شيئا منكرا، إن هذه لإحدى الكبر، وأم الغير،..ثم قال له: دونك وهذين الفلسين، وأنا أستغفر الله من التبذير بعد ذين،...ثم إنهما انطلقا على حالتهما المعدمة، مصرين على فعلتهما المذممة.... إلى آخر المقامة، حيث نرى عناصر المقامة مكتملة من الحديث المسند (روى الحارث بن منهال) ووجود راوية (الحارث بن منهال) ووجود بطل واحد (أبو زيد) ووجود حيلة (التعلل بتغير الزمان وإظهار الفقر، أو الشكوى من الزمان) كما نرى الملامح الأسلوبية من حيث أسلوب السجع واضح والتحدث بضمير المتكلم والمزاوجة الشعر والنثر كما نرى في المقامة ووجود السفر الترحال والحوار السريع.

تقلد الغافري مهام القضاة بمدينة نزوى، وكتب الشعر الفصيح في جميع المجالات في النصح والحكمة والرثاء والفخر والمدح. وقد قام الشيخ سيف بن حمود بن حامد البطاشي بجهد مشكور مبارك حين جمع بعض قصائد الغافري في ديوان (إيقاظ الوسنان في الشعر وترجمة الشيخ خلف بن سنان). وأختم بنص للغافري ذكر فيه فتوحات الإمام سلطان ومنها:

ثم أورى لمسقط سقط عزم

أسقط الظالمين منه ضرام

وهي دار يكاد يذهل منها

هيبة حين تذكر الأحلام

لم يكن دافعا لما أبرم البر

عليها مدافع وبرام

لا ولما ينهنه القدر الكا

ئن عنها الكيتان والآطام

أبهم العقل عنهم فأتاهم

عنوة ما اصفرت به الأبهام

همهمت فيهم رعود حتوف

من همام في ملكه مهمام

ليس يشفي من حرقة الديو إن

أحرقن منا بالأسراق خيام

وسباهم ألفى أسير كان قد

مازج الدمع منهم العلام

واقتنى منهم كنوزا غدا يبـ

هر منها قارون بل بهرام

وبممباسة أذاقهم بأسا

بئسا سيئت به الأصنام

وعزا كلوة بكل كمى

لم يثنِ منه الغرار انثلام

ولدى زنجبار زمجر فيهم

رعد زجر لم ينج منه اعتصام

وبممبي نابهم منه ناب

لم ينبه عن المضي انهتام

وكذا في مخا قد امتخ منهم

أعظما قبل ضيمه لا تضام

ولدى باب مندب كم دم طل

ل ومال آماله الصمصام

د. سالم البوسعيدي شاعر وكاتب ومؤلف له أكثر من 70 إصدارًا

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: قال له

إقرأ أيضاً:

هل السعي لفك السحر حرام؟.. احذر 3 أخطاء يقع فيها الكثيرون

لعل السؤال عن هل السعي لفك السحر حرام ؟، ملخص لمجموعة من الاستفهامات التي تؤرق الكثيرون عن هل السعي لفك السحر حرام ، وهل هناك آيات إبطال السحر مكتوبة من القرآن وأدعية إبطال السحر وما حكم الذهاب للشيوخ لفك السحر؟

 فقد دعت الحاجة إليها مؤخرًا بسبب ضعف النفوس ولجوء الكثيرين لأعمال السحر ووقوعهم فريسة سهلة للسحرة والمشعوذين والشياطين، إلا أن هذا يطرح سؤالا عن هل السعي لفك السحر حرام ؟، والذي يشغل الكثيرون ممن أتعبهم السحر، ويبحثون عن قشة ليتعلقون بها.

حتى لا تدخل الشياطين بيتك.. اقرأ هذه السورةدعاء يبعد شياطين الجن والإنس عنك طول اليوم.. 11 كلمة تزيحهم من طريقكلماذا حذر النبي من الصلاة عند شروق الشمس؟.. بسبب قرني الشيطانهل السعي لفك السحر حرام

ورد فيه أن السحر والحسد مذكوران في القرآن الكريم ورسول الله صلى الله عليه وسلم أصيب بالسحر وعندما علم بالساحر وما فعله طلب من الصحابة رضوان الله عليهم بالذهاب الى بئر المياه الموضوع به السحر وطلب بنزحه وإخراج الشعرة التي استخدمه الساحر في عمل السحر وعندما وجدوها لاحظوا بها 11 عقدة فأنزل الله عز وجل سورة الفلق وكلما قرأوا آية انحلت عقدة حتى برأ النبي من السحر.

ورد فيه أن الإصابة بالسحر سببها البعد عن شرع الله وعدم اجتناب ما نهى عنه ن وأنه لا يوجد أحد يخاف الله ويتقه ويواظب على قراءة القرآن والأذكار اليومية ويصيبه السحر أو الحسد .

، ورد فيه جواز الذهاب الى الساحر لفك السحر كما قال العلماء لكن لا يجوز التصديق بكلامهم ولا الإيمان بتكهناتهم كما يفعلوا من تنبؤات في العام الجديد وغيرها من الأمور الغيبية التي لا يعلمها الا الله ، ومن آمن بكلام السحرة والعرافين لا تقبل منه صلاته أربعين يوما " .

ورد فيه أن المواظبة على قراءة آية الكرسي وسورة الفلق عدة مرات وفي كل وقت طوال اليوم مع ضرورة تقوى الله عز وجل واجتناب ما نهى عنه ولا مانع شرعًا الذهاب إلى أحد السحرة لفك السحر .

هل الذهاب الى شيخ لفك السحر حرام

ورد فيه أن الأصل في الذهاب لشخص يعالج بالقرآن؛ أن يرقي الإنسان نفسه ولا يذهب لغيره، فبإمكان الرجل أن يرقي زوجته والزوجة ترقي زوجها، وكذلك الوالد مع ولده والوالد مع والده، والأصل في ذلك أيضًا أن قراءة القرآن تكون باستمرار في البيت وتحصين الأهل والبيت بـ «الأذكار الموظفة» والأوراد لطرد الشياطين والوقاية من العين والحسد، وحتى تعم البركة، حيث إن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن البيت الذي يُقرأ فيه القرآن؛ يزداد خيره ويقل شره ويتسع على أهله ويتراءى لأهل السماء كما تتراءى النجوم لأهل الأرض، لما رٌوي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، مرفوعًا وموقوفًا ، ولفظه : ( إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ سَنَامًا وَسَنَامُ الْقُرْآنِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ ، وَإِنَّ الشَّيْطَانَ إِذَا سَمِعَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ تُقْرَأُ خَرَجَ مِنَ الْبَيْتِ الَّذِي يُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ ).وحسنه الألباني في " الصحيحة " (588).

حكم السحر والذهاب للسحرة

فقد ورد أن الله َ- سبحانه وتعالى- ذكر السحرَ في أكثر من موضع في القرآن الكريم، كما ورد ذكره في السُنَّة المطهَّرة؛ فيقول الله –تعالى- فى سورة البقرة: « وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ» إلى قوله: «وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ»، ( الآية 102)، ويجب الاعتقاد بأن كل شيء بقضاء الله – تعالى-، ولا يقع في ملكه- تعالى- إلا ما يريده، فيجب الإيمان بأن الله فعال لما يريد، والنفع والضرر من عنده، وتفويض الأمر لله، والرضا بما قضى به.

وجاء أن الله – عز وجل - نفى عن السحر التأثير الذاتي ومفعوله، ونتيجته منوطة بإذن الله – تعالى-، ولا تتجاوز حقيقته حدودًا معينة، ولا يمكن أن يتوصل إلى قلب الحقائق وتبديل جواهر الأشياء، وقد ورد التحذير من اللجوء إلى السحر والسحرة، فيما ورد عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قوله: «اجتَنبوا السَّبعَ الموبقاتِ . قالوا : يا رسولَ اللهِ : وما هنَّ ؟ قال : الشِّركُ باللهِ ، والسِّحرُ ، وقتلُ النَّفسِ الَّتي حرَّم اللهُ إلَّا بالحقِّ ، وأكلُ الرِّبا ، وأكلُ مالِ اليتيمِ ، والتَّولِّي يومَ الزَّحفِ ، وقذفُ المحصَناتِ المؤمناتِ الغافلاتِ»، رواه البخاري.

حكم السحر والذهاب للسحرة ، فقد ورد أن علماء المسلمين أجمعوا على إثبات السِّحر، وأن له حقيقة كحقيقة غيره من الأشياء الثابتة، وكون السحر له حقيقة ثابتة لا يعني كونه مؤثرًا بذاته ولكن التأثير هو لله- تعالى وحده-؛ لقوله: «وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ»، ولقد وصف الله سحر سحرة فرعون بأنه تخييل في قوله – تعالى-: «فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى»، [طه: 66]؛ أي إن الحبال لم تنقلب في الحقيقة إلى ثعابين، وإنما خُيِّل ذلك للمشاهدين.

وقد شددت النصوص  على أن تعلم السحر ضارٌّ وليس بنافع، ويَحرُم على الإنسان أن يتعلم السِّحر أو الشعوذة؛ لأنه يقوم على خداع الناس أو إضلالهم أو فتنتهم أو التأثير السيئ فيهم، كما يَحرُم على الإنسان أن يعتقد أن العراف أو المشعوذ أو الساحر هو الذي ينفعه أو يضره، حيث قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم-: «مَنْ أَتَى عَرَّافًا أَوْ كَاهِنًا، فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ» رواه أبو داود والطبراني، وبناء عليه فإنه ينبغي على من يريد اتقاء شر السحر والسحرة بأن يقوي صلته بالله، وأن يكون دائمًا في ذكر الله، وذلك بالصلاة وقراءة القرآن والاستغفار، وعدم اللجوء إلى الدجالين والمشعوذين فإن ذلك انحراف عن الطريق المستقيم.

حقيقة السحر 

ورد أنه عبارة عما خفي، وله حقيقة، ومنه ما يؤثر في القلوب والأبدان فيمرض الإنسان ويفرق بين المرء وزوجه وتأثيره يقع بإذن الله الكوني القدري، وهو عمل شيطاني، وكثير منه لا يتوصل إليه إلا بالشرك والتقرب إلى الجن والشياطين بما تحب، والتوصل إلى استخدامها بالإشراك بها مع الله تعالى، والسحر لا يزال موجود إلى الآن وهذا ثابث بنص القرآن والسنة النبوية، وله تأثير على الإنسان، ولكن لا يصيب الشخص المسحور الأذي إلا بإذن الله تعالى: «وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ».

هل السحر مذكور في القرآن

ورد في مسألة هل السحر مذكور في القران ، من الأدلة على وجود السحر حتى الآن قول الله تعالى: «وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ ۖ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ ۚ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ ۖ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ۚ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ ۚ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ ۚ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ» (سورة البقرة: 102)،وتابع: وقوله تعالى: «قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ» (الفلق/ 1 – 4).

يقول تعالى : «وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ» أي: ومن شر السواح، اللاتي يستعِنَّ على سحرهن بالنفث في العقد، التي يعقدنها على السحر، وعن السحر في السنة النبوية، فالدليل ما رواه البخاري (2766)، ومسلم (89) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ) ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُنَّ؟، قَالَ: «الشِّرْكُ بِاللَّهِ ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ اليَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ الغَافِلاَتِ»، وما رواه البزار (3578) عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَطَيَّرَ أَوْ تُطُيِّرَ لَهُ، أَوْ تَكَهَّنَ أَوْ تُكُهِّنَ لَهُ، أَوْ سَحَرَ أَوْ سُحِرَ لَهُ» وصححه الألباني في "الصحيحة" (2195) .

هل السحر موجود

وجاء في مسألة هل السحر موجود فعند جمهور العلماء ،اتفق أهل السنة والجماعة على وجود السحر، وأنه حقيقة تؤثر في الأشياء وتؤذي الإنسان، وأن كل ذلك بإذن الله عز وجل،  والساحر عمله كفر؛ لأن الشياطين لا تلبي له ما يريد، إلا بعدما يكفر بالله رب العالمين، وحينها تخدمه ويخدمها.

حكم السحر وأنواعه

ورد عن حكم السحر وأنواعه كثيرة منها التخييل أو «خداع البصر»، وليس السحر كله كذلك، وقد ذكر بعض العلماء أنواعه وأوصلوها إلى ثمانية، ومن أشهرها:

أولًا: عُقَد ورقى: أي: قراءات وطلاسم يتوصل بها الساحر إلى استخدام الشياطين فيما يريد به ضرر المسحور، لكن قد قال الله تعالى: «وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ» (البقرة / 102).

ثانيًا: خفة اليد: وهذه يحسنونها بالتدرب على المسارعة بفعل الأشياء، وإخراج المخبوء، فمثلًا يأتي الساحر بحمامة فيخنقها أمام المشاهدين ثم يضربها بيده فتقوم وتطير!.. والحقيقة: أنه كان في يده بنج! فشممها إياه وأوهمهم أنه خنقها فماتت، ثم لما ضربها: أفاقت من البنج!.

ثالثًا: سحر العيون: وهذا كثير عند الدجالين، فهو لا يُدخل السيف في جسده، لكنه يسحر عيون المشاهدين، ويمرر السيف على جانبه، ويراه الناس المسحورون مر في وسطه.. وقد اشتهر عندنا سحر هؤلاء، لما وجد بين المشاهدين من حصَّن نفسه بالقرآن والأذكار، وأكثر من ذكر الله في جلسة الساحر فرأى الحقيقة على خلاف ما رآها المسحورون.

رابعًا: استعمال المواد الكيماوية: وهذه يحسنها من يجيد تركيب المواد بعضها على بعض فتنتج مادة تمنع تأثير بعض المواد، مثل ما كان يصنع الرفاعية من إيهام الناس أنهم لا تؤثر بهم النار، والحقيقة أنهم يدهنون أنفسهم ببعض المواد التي تمنع تأثير النار فيهم.. وغير ذلك كثير مما يفعله السحرة، ولا يقع إلا ما قدره الله تبارك وتعالى.

مقالات مشابهة

  • «أبوظبي للتراث» تفتح التسجيل في الموسم الـ12 من برنامج «شاعر المليون»
  • أبوظبي للتراث تفتح باب التسجيل للموسم الـ12 من برنامج «شاعر المليون»
  • عبد الخالق محجوب: فضلاً أن صلاح أحمد إبراهيم شاعر حقيقي
  • احذروا مراتب وأغطية أسرة الأطفال فيها مواد كيميائية تفرزها عند نومهم
  • تفاصيل احتفالات دار الكتب بـ"أديب نوبل" نجيب محفوظ.. صور
  • تماثيل معطوبة القصيدة التي تستنطق وجعُ الوطنٍ في رحلة لعذابات الجنوب… لناظم كاطع الساعدي
  • سامح قاسم يكتب | زين العابدين فؤاد.. أبجدية الغضب والحنان
  • حسن عبدالله القرشي.. شاعر البسمات الملونة (2/2)
  • «شاعر المليون» يفتح باب التسجيل للمشاركة في موسمه الـ 12
  • هل السعي لفك السحر حرام؟.. احذر 3 أخطاء يقع فيها الكثيرون