لجريدة عمان:
2025-02-02@13:25:15 GMT

الأوقاف العمانية.. هوية وطنية مميزة

تاريخ النشر: 13th, March 2024 GMT

الأوقاف العمانية.. هوية وطنية مميزة

لكلّ مجتمع من المجتمعات البشرية هُوية تميزه عن المجتمعات الأخرى، تتشكل هذه الهوية عبر الزمن على أسس ومؤثرات عدة منها: عقيدته، وموروثه الثقافي والسياسي، وتأثير الجغرافيا والمناخ على حياته، ومستوى تفاعله الحضاري مع الآخر، تنصهر كل تلك المؤثرات لتصبح طابعًا خاصًا ومميزًا لكل مجتمع، فتنعكس على إنتاجه الحضاري في الجوانب الفكرية، والمادية والثقافية، والعمرانية وغيرها، فتظهر في مفرداته الثقافية، وأَعْلامه، ومعالمه، وعاداته، وعمرانه، ومأكله، وملبسه، وتعامله مع الآخر وفي غير ذلك مما يعكس الصورة العامة لذلك المجتمع.

يعد الوقف أحد المنجزات الحضارية التي تفننت المجتمعات المسلمة في ابتكار الجديد والمفيد فيها من حيث أبواب الوقف، والمال الموقوف وإدارته، وذلك وفقا للاحتياجات المختلفة والمتجددة لتلك المجتمعات عبر مرور الزمان واختلاف المكان، الأمر الذي أكسب الوقف تنوعا كبيرا، وثراء ظاهرا في طبيعته ومفرداته، نظرا لانعكاس هوية كل مجتمع من المجتمعات على جوانب الوقف فيها، وهو ما يمكن ملاحظته في الأوقاف العمانية التي عكست بشكل واضح هوية المجتمع العماني من حيث طبيعة النشاط الاقتصادي للمجتمع، وعاداته وتقاليده، واحتياجاته التي فرضتها طبيعة الحياة فيه.

تُعد النخلة والفلج من الرموز الحضارية التي تُعبّر بالضرورة عن الهوية الاقتصادية عموما، الزراعية خصوصا، في سلطنة عُمان عبر تاريخها الطويل، ففي كل القرى العمانية تقريبا توجد النخلة أو الفلج أو كلاهما، وشكلا العمود الفقري لاقتصاد الإنسان العماني لكونهما ركيزتين مهمتين للأمن الغذائي والمائي في البلاد، ولما يمثلانه من استدامة للعطاء؛ لذلك كان من الطبيعي جدا أن يشكلا عنصرا مهما في الوقف في عمان، حتى في مسندم.. البلد الذي تُعد فيه الأرض الزراعية شحيحة نظرا لطبيعة البلاد بين الجبل والبحر والوادي؛ كانت النخلة حاضرة في الوقف وعلامة مميزة جادت بها اليد العمانية في سبيل الخير. فكانت (النخلة، أو الجلبة، أو المال) إلى جانب (الأثر) من ماء الفلج دعامة الوقف، وعلامته المميزة في الأوقاف العمانية، ويعد وقف الإمام وراث بن كعب (ت: 192هـ/807م) لأمواله ونخله في وادي بني خروص - منذ أكثر من ألف وأربعمائة سنة مضت - علما بارزا لأوقاف النخل، كما أن وقف الإمام سلطان بن سيف بن مالك اليعربي (ت: 1091هـ/1680م)، لتسعة وعشرين أثرا من ماء فلج دارس - أحد أكبر الأفلاج العمانية وأهمهما- يعد علامة بارزة لأوقاف مياه الأفلاج، وبالنخلة والفلج أصبح (المال الأخضر) أكثر الأصول الموقوفة في عمان.

لم يقتصر تأثير الهوية العمانية على الأوقاف في جانب الأصول (النخلة والفلج)، فقد تعددت الجهات الموقوف لها والتي تعكس هوية المجتمع العماني، فالشواء الذي يعد ركنًا أصيلًا في احتفالات الأعياد في عمان والذي يتطلب تحضيره مادة (الخل) وحفرة (التنور)، كان حاضرا في الأوقاف العمانية ففي كثير من القرى العمانية وجدت أوقاف الخل، والتي تمثلت في وقف نخيل يصنع من تمرها الخل، إضافة إلى وجود أوان فخارية (الخروس) لحفظ الخل، كما وقفت أوقافا مخصصة لتجديد تلك الأواني حال تكسرها، أما حفر التنور فقد وقف لها أوقافا لصيانتها، وتجهيزها، وتوفير ما تحتاجه من الحطب، ويعد وقف المنفقة عائشة بنت محمد بن يوسف العبرية (ق12هـ/18م) بستان نخل مع ما يحتاجه من الماء لصناعة الخل بولاية الحمراء مثالا واحدا من عشرات الأمثلة لهذا النوع المميز من الأوقاف، كما أن أوقاف التنور حاضرة في كثير من حارات المدن العمانية التقليدية مثل نزوى والرستاق وبهلا وأدم وغيرها.

وفي صلالة، الحاضرة التي تربط صحراء ظفار وجبلها بالبحر وما ورائه من عوالم، كان للمجتمع احتياجاته المتعددة التي انعكست بطبيعة الحال على الوقف، لاسيما احتياجات المسافرين على الطرق التي تربط السهل بالجبل والصحراء فكانت أن برزت ملامح نوع آخر من الأوقاف النابعة من الهوية العمانية، ألا وهو أوقاف (الزوايا)، والزاوية قبة صغيرة، تبنى لتظلل حوضا للماء بهدف حفظ نظافته، وتبريده ليكون مناسبا للشرب، تكون الزوايا عادة ملحقة الجوامع الكبيرة في الحارات، أو تبنى خارج المدينة على الطرق العامة التي تربط بين المدن والقرى. ترتبط الزاوية ببئر ماء، وبأوقاف أخرى لخدمتها (صيانة الزاوية، وحفر البئر، ونزف الماء، ولشراء الحبال والدلاء وما تحتاجه الزاوية من متطلبات)، كما أصبح طابعها العمراني المميز بالقبة؛ علامة بارزة لاسترشاد المسافر والمحتاج إلى مكانها، ويعد وقف الحَبُوبَة فاطمة (ق14هـ/20م) في المنطقة المعروفة اليوم بـ(الزاوية) في مدينة صلالة شاهدا مهما على هذا النوع من الأوقاف العمانية.

إن الأسس التي قامت عليها الأوقاف العمانية نابعة بلا شك من أركان الشعيرة التعبدية التي تعد موجها لجميع الأوقاف في البلاد الإسلامية، فلا تختلف عنها في جوهرها، إلا أن لها طابعها المميز الذي اكتسبته من تأثير هوية المجتمع العماني واحتياجاته عبر التاريخ، في طبيعة المال الموقوف، والجهات الموقوف لها.

د. خالد بن محمد الرحبي: باحث في التاريخ الحضاري العُماني عموما، والوقف على وجه الخصوص.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: التی ت

إقرأ أيضاً:

أمن الجيزة يبحث عن هوية ربة منزل صدمتها سيارة

تبحث الأجهزة الأمنية بالجيزة عن هوية سيدة مجهولة الهوية، توفيت أثناء عبورها نهر الطريق، بعد أن اصطدمت بها سيارة ملاكى تسير بسرعة جنونية، ما أدى إلى وفاتها فى الحال.

وتلقت شرطة النجدة بالجيزة إخطارًا يفيد فيه بأنه أثناء عبور سيدة مجهولة فى العقد الثالث من العمر نهر الطريق اصطدمت بها سيارة ملاكى تسير بسرعة جنونية.

كما أوضحت التحريات أن قيادة تلك السيارة شخص يدعي أحمد. م، ويبلغ من العمر 40 سنة صاحب شركة عقارات، ما أدى إلى وفاتها فى الحال.

وأكملت التحريات الأولية أنه تم التحفظ على السيارة وقائدها، وتحرر محضر بالواقعة، وأحيل إلى النيابة العامة التى أمرت بتشريح الجثة لمعرفة سبب الوفاة.

كما أمرت الجهات الخاصة بالتصريح بالدفن، بعد نقل الجثمان إلى مشرحة المستشفى.

حبس المتهم “صلاح الدين” نجل عبد العزيز مخيون

بناءً على هذه التحقيقات، تم حبس المتهم "صلاح الدين" 4 أيام على ذمة التحقيقات مع مراعاة التجديد له في المواعيد القانونية، كما تم فتح ملف تحريات شامل للواقعة من قبل وحدة البحث الجنائي بمركز شرطة أبو حمص، في إطار متابعة الظروف والملابسات التي أدت إلى وقوع الحادث.

النيابة العامة قررت التصريح بدفن جثة المتوفى بعد إتمام الإجراءات القانونية، ووجهت تكليفات إلى وحدة البحث الجنائي لاستكمال التحقيقات والتحري حول تفاصيل الحادث، بما في ذلك سؤال الشهود وعمل التقارير اللازمة لتوضيح سبب الحادث وكيفية حدوثه.

حبس المتهمين بطعن عامل بسلاح أبيض عاتبهما على معاكسة شقيقته

قررت جهات التحقيق المختصة بالجيزة حبس المتهمين بطعن عامل بمنطقة الصف، لمعاتبته لهما على معاكستهما شقيقته، أربعة أيام على ذمة التحقيقات.

كما طالبت النيابة بسرعة إرسال التحريات الأمنية الخاصة بالواقعة والمتهمين.

ألقت الأجهزة الأمنية بالجيزة القبض على المتهمين بطعن عامل بسلاح أبيض "مطواة" بسبب معاتبته لهما على معاكسة شقيقته في الطريق العام، وتم نقل المصاب إلى المستشفى لتلقي العلاج.

تلقت غرفة النجدة بالجيزة بلاغا بنشوب مشاجرة بين طرفين وإصابة شخص بطعنات

انتقل رجال المباحث إلى موقع الحادث، وتبين بأن "جمعه م" 40 عامًا تعرض لطعنة نافذة بالصدر بسلاح أبيض.

وأظهرت تحريات الأجهزة الأمنية أن الحادث وقع بعد مشادة كلامية بين المصاب والمتهمين "أحمد م" البالغ من العمر 20 عامًا و"عمر خ" 17 عامًا بسبب معاتبة المصاب لهما على معاكسة شقيقته في الطريق العام.

وفي إثر ذلك، قام المتهم الأول بإخراج "مطواة" من طيات ملابسه وسدد بها طعنة نافذة بالصدر للمجني عليه قبل أن يفر المتهمان هاربين.

تمكنت الأجهزة الأمنية من القبض على المتهمين بعد ساعات من هروبهم، وجرى تحرير محضر بالواقعة.

مقالات مشابهة

  • مرسوم سلطاني بإصدار قانون الجنسية العمانية 
  • أمن الجيزة يبحث عن هوية ربة منزل صدمتها سيارة
  • لمزارعي نخيل البلح.. أهم التوصيات الواجب مراعاتها خلال فبراير
  • سعود بن صقر: الثقافة من أهم ركائز التنمية في المجتمعات الإنسانية
  • ماتت فى سبيل الله.. وسط دموع المحافظ ووزير الأوقاف تكريم الأسرة القرآنية التي فقدت متسابقة ووالدتها فى المسابقه
  • السيد بدر: الحوار نهج دبلوماسي تقوم عليه السياسة الخارجية العمانية
  • هجّرهم داعش وأهملتهم الحكومة.. أطفال عراقيون بلا هوية وطعامهم من المزابل
  • الأونروا: الوقف القسري لعملنا في غزة سيقوض الهدنة الهشة
  • نائب رئيس المجتمعات العمرانية يتفقد المشروعات الجارية بمنطقة الحزام الأخضر بـ 6 أكتوبر
  • عراقيان من الفلوجة والموصل.. انباء عن هوية منفذي عملية قتل سلوان موميكا