العادات الذرية.. التغيَّر الإيجابي بسهولة
تاريخ النشر: 13th, March 2024 GMT
حينما وقع كتاب "العادات الذرية" للكاتب "جيمس كلير" -وهو ذاته مؤلف الكتاب الشهير "فن اللامبالاة"- بين يدي، أخذت أقرأ العنوان وتفاصيل الغلافين الأمامي والخلفي، ورغم ما أثار فضولي لقراءة الكتاب، كما تثير فضولي العديد من العناوين، إلا أنني لم أتخيل أو لم يخطر ببالي عمق المعنى والمحتوى الموجود بداخل صفحاته وما بين أسطره، ليدفعني هذا الكتاب للحديث عنه كواحد من أجمل الكتب التي قرأتها والتي شكلت تأثيرا كبيرا في إدراك الحياة من حولي، وقبل أن أسهب في الحديث عن الكتاب وجب عليّ توضيح المعنى من "العادة" و "الذرة"، كما ورد في الكتاب، فـ "الذرّة" هي مقدار شديد الضآلة مِن الشّيء، الوحدة المنفردة غير القابلة للاختزال من نظام أكبر، وهي المصدر الأساس لطاقة أو قوة هائلة.
أما "العادة" فهي سلوك أو ممارسة روتينية تؤدّى بانتظام، استجابه أوتوماتيكية لموقف مُعيّن.
ومن خلال هذين التعريفين يمكنني الانطلاق للتعريف بالكتاب وكيف أثر هذا الكتاب علي، فقد تعلمت كيف تحدث عملية النجاح والفشل، وما سببها، وكيف نجعل النجاح أمرًا سهلًا، فالنجاح كما ورد في الكتاب "هو نتاج تراكمات التقدم اليومي البسيط والذي يحدث بسبب العادات فإن لحظات التقدم المفاجئ عادة ما تكون نتيجة للعديد من الأفعال السابقة عليها"!
ويشير الكتاب إلى أن المهم هو إذا ما كانت عاداتك تضعك على المسار السليم صوب النجاح أم لا، وإلا فإنه من الواجب على المرء أن يكون مهتمًا بمساره الحالي أكثر من اهتمامه بنتائجه الحالية، فالنجاح نتاج للعادات اليومية، والمرء يجني ثمار ما تواظب على تكراره، وإذا أراد أن يتنبّأ لما ستؤول إليه حياته، كل ما يجب فعله تتبّع المكاسب والخسائر الطفيفة، وأن يرى كيف ستتراكم عاداته اليومية بعد عشر أو عشرين سنة من الآن، فهل تنفق أكثر مما تجني كل شهر؟ إذا واصلت فعل هذه العادة السلبية ستنتهي بالفقر. وهل تذهب إلى الصالة الرياضية كل أسبوع؟ إذا واصلت هذه العادة سيتراكم أثرها على صحتك وشكل جسدك، هل تقرأ كتابًا وتتعلم شيئًا جديدًا كل يوم؟ إذا واصلت هذه العادة سترى أثرها المتراكم في معرفتك، ويعلمنا الكتاب أن هذه المعارك الصغيرة هي التي ستحدد ما ستكون عليه حياتك في المستقبل، وأن الزمن يعظّم الهامش بين النجاح والفشل وهو ما سيعظّم أيًّا ما تفعله، والعادات الحسنة ستجعل الزمن حليفك والعادات السيئة ستجعل الزمن عدوك (فالعادات سلاح ذو حدين).
ولكن كيف ذلك؟ وهو سؤال بديهي قد يُطرح في بال ما أن يقرأ أحد الكتاب، لتحضر الإجابة في ثنايا الكتاب، فقد أوضح الكاتب هذا بمثال جميل جدًا ويشرح فيه عملية التقدم المفاجئة أو التغير المفاجئ، وجاء فيه: "تخيل أن لديك مكعبًا ثلجيًا موجودًا على طاولة موضوعة أمامك، وأن الغرفة باردة ويمكنك أن ترى البخار يتصاعد من أنفاسك، تبلغ درجة حرارة الغرفة 25 درجة فهرنهايت وببطء شديد تبدأ درجة حرارة الغرفة في الارتفاع، الدرجة 25 ثم 26 و 28 لا يزال المكعب مستقرًا على الطاولة التي أمامك،، الدرجة 29، 30 ثم 31 لا يحدث شيء بعد، بعد ذلك ترتفع الحرارة إلى 32 ويبدأ المكعب في الذوبان، (إن تغيرًا في الحرارة بمقدار درجة واحدة لا يختلف ظاهريًا عن الزيادة السابقة في درجات الحرارة، تسبب في أحداث تغير هائل فإن لحظات التقدم المفاجئ عادة ما تكون نتيجة للعديد من الأفعال السابقة عليها)".
ويلخص الكتاب كذلك كيف أن تغيير العادات أمر صعب، وكيف يمكن بناء العادات الجديدة، فالأمر صعب لسببين، أننا نحاول تغيير الأشياء الخطأ وليس الأشياء المطلوب تغييرها، وأننا نحاول تغيير عاداتنا بالطريقة الخطأ.
لذلك من الصعب الالتزام بتغييرات طويلة المدى، فالتحسينات تظل مؤقتة إلى أن تصير جزءا من هويتك؛ وقياسا على ما جاء في الكتاب، فإنه ليس الهدف أن تقرأ كتابًا، بل الهدف أن تصبح قارئًا، ليس الهدف أن تذهب إلى الصالة الرياضية بل الهدف أن تصبح رياضيًا، وهكذا يكون التغيير جزءًا من هويتك، ولكن بطبيعة الحال ليست العادات هي الأفعال الوحيدة التي تؤثر على هويتك، لكن بحجم تكرارها فإنها في المعتاد تكون أكثر الأفعال أهمية.
وهنا سأشارك بعضا من المعلومات، منها أن هناك ثلاثة مستويات من التغيير، تغيير النتائج، وتغيير العملية، وتغيير الهوية، والطريقة الأكثر فاعلية لتغيير عاداتك ليست التركيز على ما تريد تحقيقه وإنما على ما تريد أن تصبح عليه.
كيف نقوم ببناء عادة؟ وإجابة على هذا السؤال يوضح الكتاب 4 خطوات رئيسية لبناء عادة جديدة، أولها الإشارة، ثم التوق، وبعدها الاستجابة، وأخيرا المكافئة، وفي ثنايا الكتاب شرح مفصل لهذه العملية بشكل منطقي، وكذلك يشرح الكتاب آلية التخلص من عادة سيئة، وذلك من خلال أربع خطوات عكس عملية الاكتساب، بداية من جعل العادة مخفية الإشارة، ثم جعلها غير جذابة، وجعلها صعبة، وأخيرا جعلها تخلو من المكافأة. وفي الكتاب تفصيل أكبر.
وإذا كان أحد قد سأل من قبل لماذا لا أفعل ما أقول إنني سأفعله؟ لماذا لا أفقد الوزن، أو أتوقف عن التدخين، أو أبدأ في الادخار من أجل التقاعد، أو أبدأ عملًا جانبيًا؟ لماذا أقول إن شيئًا ما مهما لكنني لا أجد له الوقت كي أفعله؟ إجابة هذه الأسئلة يمكن أن توجد في موضع ما داخل هذه القوانين الأربعة، فمفتاح بناء العادات الحسنة والتخلص من العادات السيئة هو فهم هذه القوانين الأساسية وكيفية تغييرها لما يتلاءم مع موقفك، فكل هدف مقدّر له الفشل إذا سار على نحو يخالف الطبيعة البشرية
لقد قرأت ما يقارب الـ 90 كتابًا، ولكنني لم ألمس فائدة كما لمستها من هذا الكتاب العظيم، فمن تطبيق أفكار الكاتب في الكتاب بدأت في حل مشكلات النسيان لدي، وبدأت باكتساب العادات التي كنت أطمح أن تكون جزءا مني بأقل جهد ممكن، فمثلاً إذا أردت القراءة بشكل يومي واتخاذ القراءة عادة ليس علي سوى أن أجعل الكتاب واضح (الإشارة) وأتشجع للقراءة بهدف اكتساب المعلومات (التوق) وأخيرًا أحصل على المعلومات (الاستجابة) والاستجابة تؤدي إلى المكافأة وهي المقصد النهائي لكل العادات، فالإشارة معنية بملاحظة المكافأة، والتوق معني بالرغبة في الحصول على المكافأة، والاستجابة معنية بمحاولة الحصول على المكافأة، ونحن نسعى إلى المكافأة لأنها تخدم غرضين؛ تشبعنا وتعلمنا.
واستخدمت قانون بدء العادات في عادات اكتسبتها مثل الرياضة بحيث أضع حذاء وملابس الرياضة في مكان مرئي جدًا ولا أستطيع تحاشي نظره وهذه الإشارة تخبرني بأن أبدأ عادة الذهاب إلى الصالة الرياضية، وعندما أردت التخلص من بعض العادات السيئة مثل أكل السكريات بشكل مبالغ فيه، فقط تجنبت شراءها (انعدام الإشارة) والذهاب إلى شرائها يحتاج وقتًا وبذل بعض الجهد (صعبة) وهكذا يمكنك التخلص من أي عادة سيئة لديك..
الكتاب بشكل عام لم أتحدث عنه إلا بنسبة 30% وأنصح الكل بقراءته للفائدة العظيمة فيه، لم يقدم الكتاب فقد توجيهات نظرية بل كذلك عزز بالقصص ودراسات وجداول بيانات تساعدك على تشرّب الفكرة بشكل بسيط وسلس.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: فی الکتاب الهدف أن کتاب ا
إقرأ أيضاً:
علماء: الاعتماد المفرط على روبوتات الدردشة عادة ضارة
#سواليف
أجرى مختبر MIT الإعلامي وشركة OpenAI دراسة مشتركة لتحليل تأثير استخدام #روبوتات_الدردشة القائمة على #الذكاء_الاصطناعي مثل ChatGPT على #الرفاهية_العاطفية والاجتماعية للمستخدمين.
وركّز الباحثون على جانبين، وهما: أولا، تفاعل المستخدمين مع ChatGPT حيث تم تحليل ما يقرب من 40 مليون تسجيل من قبل فريق OpenAI مع استطلاعات الرأي. وثانيا: نتائج دراسة شملت ما يقرب من 1000 شخص استخدموا ChatGPT لمدة 4 أسابيع.
وتم فحص ما يسمى بـ”الاستخدام العاطفي” أي التفاعل العاطفي للذكاء الاصطناعي حيث يُظهر المستخدمون تعاطفا أو تفهما أو يبحثون عن الدعم من الروبوت. وقيّم الباحثون كيفية تأثير أنواع المحادثات المختلفة وطرق التواصل النصية أو الصوتية والسمات الشخصية للمستخدمين على حالتهم العاطفية.
مقالات ذات صلة الصين ترفض التضحية بتيك توك وترفض تنازلات ترمب الجمركية 2025/03/28وخرج الباحثون بالاستنتاجات التالية:
-ظهرت انفعالات عاطفية في نسبة صغيرة من المحادثات،
المحادثات الشخصية الغنية عاطفيا غالبا ما ارتبطت بشعور الوحدة، لكن عند استخدامها باعتدال، لوحظت قلة الميل إلى الاعتماد العاطفي والمشاكل المرتبطة باستخدام روبوت الدردشة، المحادثات “غير الشخصية” أدت في كثير من الأحيان إلى اعتماد عاطفي على الذكاء الاصطناعي، وخاصة في حال الاستخدام المتكرر.وفقا للباحثين، فعندما يبدأ المستخدمون في اعتبار روبوت الدردشة “صديقا” يُلبي احتياجاتهم العاطفية، قد يؤدي ذلك إلى الاعتماد المفرط. وتتفاقم هذه المشكلة لدى الأشخاص الذين لديهم حاجة شديدة إلى العلاقات الوثيقة أو الميل إلى التعلق العاطفي.
ولاحظ أحد مؤلفي الدراسة أن اللجوء المستمر إلى روبوتات الدردشة للحصول على المساعدة قد يؤدي إلى تكوين عادة ضارة.
وتميل مثل هذه المحادثات إلى زيادة الاعتماد العاطفي على الذكاء الاصطناعي، وخاصة في حال استخدامه المكثف في المهام اليومية، وكذلك عند استخدام المساعد الصوتي.
ويعني ذلك أن الاعتماد العاطفي على الذكاء الاصطناعي يحدث غالبا عند التواصل بدون ارتباط عاطفي عميق، حيث يصبح الذكاء الاصطناعي “محاورا” وحيدا يحل محل الاتصالات البشرية الحقيقية. أما في المحادثات الشخصية والعاطفية، فعلى الرغم من ظهور مشاعر الوحدة، يكون الاعتماد على الذكاء الاصطناعي أقل وضوحا.