المواقف الصعبة تصنع رجالاً أقوياء ، فى أعقاب مقتل مؤسس حركة العدل والمساواة السودانية الشهيد الدكتور خليل إبراهيم احتار قادة الحركة فى اختيار خليفة يحمل قدارات الشهيد الذى كان يملك بصيرة و رؤية شاملة نحو تحقيق أهداف الحركة الهادفة إلى قيادة السودان كله الى مراقي السلام والعدالة والمساواة، وتحقيق حرية كاملة تمكن الفرد والمجتمع من تحديد إختياراتهم والاسلوب المنهجي الأوفق لإدارة البلاد، وبعد فحص وتمحيص وقع الإختيار بالإجماع على الدكتور جبريل ابراهيم ليحمل الرآية والرؤية ويخلف أخاه وبالفعل كان ومايزال خير خلف لخير سلف – رجل أثبت الواقع أنه موهوب وتتجسد فيه روح القيادة ، وأنه رجل دولة بمعنى الكلمة، منفتح على الجميع لا يركن الى المواقف والخلفيات كثيراً ، فهو بذلك لا تسعه عباءة قيادة حركة العدل والمساواة فحسب ، وانما تؤهله قدراته وآفاقه لقيادة السودان قاطبة ، من أجل إرساء قيم العدل والمساواة وإنهاء حقبة من عمر السودان تبددت حول جدلية( الهامش والمركز ) فى صراع دائري حصد أرواحا كثيرة من أبناء الشعب السوداني ، وإني لأظن وليس كل الظن إثما !.
إن دكتور جبريل ونهجه الوطني الذى يجسده الآن بإمكانه أن يجمع شتات الوطن يوماً ما إذا ما واصل المسير فى فضاء السودان الواسع كما شاهدناه بالأمس، حيث تشرفنا بمرافقته الى ولاية كسلا وهو يبدأ زيارته الرسمية بعمل إجتماعي حيث لبي دعوة كريمة من أولاد المرحوم محمد عبد القادر البشير ومزارعي السواقي الجنوبية قدمها عنهم زميله بكلية الإقتصاد جامعة الخرطوم إدريس محمد عبدالقادر الذى حكى أن علاقته بدكتور جبريل بدأت منذ سبعينات القرن الماضي حيث زاره فى ذات الساقية محل الدعوة قبل عشرات السنين لتمتد العلاقة وتصل الى الأسر الكريمة وتصبح علاقة بيوت وتداخل ، وتحت شجرة المانجو الوافرة المحاطة بالجداول وشتول الموز التقى دكتور جبريل بكل أهل السودان ممثلين فى أعضاء المقاومة الشعبية بالسواقي الجنوبية والشمالية بمدينة كسلا الذين أفصحوا عن مجهود مقدر قدمه الرجال أسفر عن توصيل الكهرباء الى اكثر من( 40) قرية وما يزيد عن ال( 500) مشروع زراعي مما ساهم فى زيادة الإمداد المائي وإستقرار الري الشيئ الذى أسهم بدوره فى زيادة إنتاج السواقي وجودتها.هذا ما تفضل به السيد مراد عثمان كمبال ممثل مزارعي السواقي الجنوبية الذى عبر عن شكرهم وإمتنانهم العميق للدكتور على تلبية الدعوة وموكداً فى ذات الوقت إستعداد المقاومة الشعبية المسلحة بالسواقي للوقوف مع القوات المسلحة وتقديم الرجال وتسيير القوافل حتى تحرر البلاد من دنس المرتزقة والعملاء..…ولم يكتف الرجل بتزكية وشائج الأخوة والصدقات القديمة بل حركت فيه غريزة الأبوة حميمة الشفقة والعطف على الصغار فتوجه مباشرة الى دار الطفل البديل الذى يضم الأطفال فاقدي السند والعجزة والمعاقين الذين رُحلوا من ولاية الخرطوم ثم الجزيرة حتى استقر بهم المقام بمدرسة الختمية بمدينة كسلا . حيث لا يخفى جهد الخيرين والمجتمع وبعض المنظمات ومن قبل ذلك كله جهد المجلس القومي لرعاية الطفولة ووزارتي الرعاية بكل من ولاية كسلا والخرطوم وفوقهم أجمعين دور الأمهات البديلات والأطباء والكادر الصحي، ومع ذلك لم يخل المركز البديل من نواقص وإحتياجات ولم يتردد وزير المالية ورئيس حركة العدل والمساواة أن يدفع من مال الدولة والحركة لصالح الأطفال فاقدي السند حيث وعد بتوفير إجهزة تكييف لجميع الغرف بالإضافة إلى توفير عربة إسعاف من وزارة المالية وقدم مساهمة مالية تقدر 5 مليون جنيها تبرع مالي باسم حركة العدل والمساواة السودانية مع إلتزامه بدفع تكاليف المرحلين الى مدينة حلفا الجديدة ، وكان لحرمه المصون نصيب الخير لأطفال( دار الإيواء )كذلك…..دكتور جبريل ومعركة الكرامة فى هذا الجانب ظلت حركة العدل والمساواة تعمل فى صمت كبير منذ أن أعلنت خروجها عن الحياد الى جانب عدد من الوطنيين الخلص فى حركات الكفاح المسلح فى ذلكم المؤتمر الصحفي الشهير الذى لم يكن البداية الفعلية لمواجهة التمرد ، حيث دخلت القوة المشتركة فى معارك عديدة قبل ذلك وقدمت عددا من الشهداء فى سبيل صد عدوان المليشيا المتمردة على المدنيين العزل فى دارفور وغيرها من المناطق الإ أنه وفور إعلان الموقف الرسمي حملت قيادة الحركة القضية كعادتها بمحمل الجد وشرعت فوراً فى ترتيب صفوفها ودخلت المعركة بكل قوة سياسية وعسكرية حيث ينخرط مقاتلوها الآن في كل جبهات القتال في دارفور وكردفان والعاصمة ، ولما كانت صرخة مدني عمل الرجل بصمت فى فتح معسكرات الشرق بالتنسيق مع قيادة المنطقة الشرقية لتبدأ افواج المقاتلين فى التجمع حتى بلغ العدد 1500 مقاتلا من فرسان الحركة العارفين بطرق قتال المرتزقة وأساليبهم إستناداً الى مثل لأهلنا المسيرية (المكنجر دواؤه الأعوج ) وبعد أن تمت عملية إعادة تأهليهم وتدريبهم على جميع الأسلحة الخفيفة والثقيلة والمتطورة وإكتملت جاهزيتهم البدنية والذهنية ،حيث دعا القائد جبريل أهل السودان في مقدمتهم الفريق أول ركن ياسر عبد الرحمن العطا مساعد القائد العام ليكونوا شهوداً على الرسالة القيمية التى ذكرهم بها باعتبار أن القيم الوطنية الفاضلة والأخلاق السامية هي مبادئ ورسالة حركة العدل والمساواة في المقام الأول والتى تسبق الشراسة والإقدام الذى يبنى على العقيدة التى يقاتلون من أجلها . حيث إستهل رئيس حركة العدل والمساواة حديثه الى جنوده المقبلين الى إرض المعركة بعبارات وطنية قوية تبرر دخولهم فى هذه المعركة بكل عزيمة وإصرار من أجل نصرة الأبرياء الذين انتهكت أعراضهم ونهبت أموالهم وممتلكاتهم واغتصبت أراضيهم ومن قبل ذلك كرامة الوطن ….وبتأدب شديد ورصانة كان رده على المتطاولين قاصري النظر الذين يقولون: يجب أن يذهب جنود الحركة ليقاتوا في دارفور!!!قال القائد جبريل إبراهيم: إن كل شبر من السودان هو للسودانيين جميعاً يجب أن يدافعوا عنه جميعهم مردداً ( كل السودان وطننا وسنقاتل فيه فى كل شبر). فى إشارة منه الى سلوك التمرد الهمجي فليس هنالك أحد سيكون محايدا تجاهه . و لذلك تنخرط أضعاف مضاعفة من مقاتلي حركة العدل والمساواة بمعسكرات التدريب فى عدد من مدن السودان من أجل حسم التمرد وطرد المرتزقة الى خارج الحدود وأما السودانيون الذين يقاتلون مع المليشيا فليس أمامهم سوى خيارين (إما يرعوا أو كمان دنيا زايلي ونعيمكي زايل).ليس هنالك خيارات كثيرة بسبب الذى أصاب الشعب السوداني جراء أفعال المليشيا ومما يستلزم التصدي من أجل رد كرامة السودانيين ، ولم يخل حديثه بهذه المناسبة من مساحة شكر وثناء لأهل كسلا حكومة وشعبا لاستضافتهم ليس لمقاتلي الحركة فحسب بل لكل الوافدين مردداً رائعة الفنان على اللحو (ياحليل كسلا الوريفة الشاربة من الطيبة ديمة ).…وهنا وجه جبريل مرة أخرى رسالة إطمئنان للذين يتخوفون من أن تفعل قواته أفعال المليشيا مفادها أن قوات حركة العدل والمساواة أصحاب قيم ومبادئ ويكنون إحتراما خاصا للشعب السوداني ليستذكر دكتور جبريل الحاضرين بلحظات دخولهم الى أم درمان فى العام 2008م حيث لم يأخذ جنوده آنذاك قطعة موز أو كوب ماء من غير مقابل!!!ولمزيد من الثقة أعلن دكتور/ جبريل إبراهيم تسليم متخرجي الدفعة الأولى من مقاتليه بالقطاع الشرقي مباشرة الى قيادة المنطقة الشرقية ليقاتلوا تحت إمرة ولواء القيادة العامة القوات المسلحة، كبداية لتنفيذ بند الترتيبات الأمنية حيث لا رجعة لهم الى حركة العدل والمساواة السودانية مرة أخرى.(يقاتلوا ينتصروا ويمشوا صف الجيش مافى زول بيخالف الأمر كلنا تحت رآية القوات المسلحة ). محذراً المتمردين من مغبة الذهاب الى الفاشر لأن الرجال هناك فى الإنتظار وبذلك طمأن قائد حركة العدل والمساواة المواطنين بأن البلد بخير و النصر والفرج قريبان ...فيما يلي الهدنة وما أدراك ما الهدنة قال جبريل إن شروطها واضحة لاهدنة قبل الخروج من بيوت المواطنين والاعيان المدنية ورد الأموال الخاصة والعامة، معضداُ على شروط القائد العام التى وضعتها مقابل أي هدنة اوتفاوض وقال إنها شروط كل السودانيين...الكلام ليك يالمنطط عينيك هذا للذين يتاجرون بشعارات (لا للحرب ونعم للسلام ) واجهة التمرد الأخرى على حد تعبير رئيس العدل والمساواة حيث يجب أن يبلغوا حليفهم بوقف الحرب على الشعب اولاً ويبصره أنه (مافى ديمقراطية فى قرى الجزيرة ولا فى مدنية يبحثوا عنها فى أعراض النساء )...ومن الآخر كده الدعم السريع لاعلاقة له بالسياسة فهو مجموعة عسكرية تمردت على القوات المسلحة وقد إنتهى أمرها ولا يمكن أن تعود إلى المشهد السياسي السوداني بأي شكل ومن يحاولون إعادتها سيخيب فألهم، وأن المخرج الوحيد للمتمردين هو أن يستسلموا ….هكذا ظل حديث الدكتور جبريل إبراهيم محمد رئيس حركةالعدل والمساواة واضحاً وصريحاً فى ضرورة مواجهة التمرد وإنهاء ذلك الصلف والجبروت فى وقت توارى فيه العديد ممن كنا نعتقدهم من أصحاب المواقف والحادبين على مصلحة الوطن ، فها هو ومن خلفه كل قادة حركة العدل والمساواة ومقاتليها يتقدمون الى ميادين القتال ويخوضون غمار المعارك مدنية كانت او عسكرية من أجل بقاء السودان ورفعته .._وسنمضي الى أن تضع الحرب أوزارها و يتعافى الوطن …محمد الزبير إسماعيل
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية:
حرکة العدل والمساواة
القوات المسلحة
جبریل إبراهیم
من أجل
إقرأ أيضاً:
القانون للضعفاء
كثيرًا ما أقف حائرًا أمام عبارة «أن الناس أمام القانون سواء» وسبب حيرتى أن ما أشاهده أمامى يختلف، خاصة فى الدول التى نحن منها. وأعتقد أن هذه المساواة لا توجد إلا فى الدين، فليس هناك فرق بين الناس إلا بالتقوى، أما فى الدنيا.. فالغنى غنى والفقير فقير، وتصطدم بعبارة أخرى «أن القانون وضع للفقراء الضعفاء، أما الأغنياء الأقوياء فلهم قانونهم الخاص» هو قانون قريب من قانون سكسونيا الذى لا يطبق أى عقوبات على الشرفاء ويعاب خيالهم. فالأغنياء لهم منزلة مختلفة عن منزلة الفقراء، لذلك لا تندهش عندما تتذكر المثل الشعبى المرتبط بهذا الأمر الذى نسمعه منذ كنا صغار «العين لا تعلو على الحاجب» ثم تحول الأمر مع السنين إلى ثقافة راسخة فى وجدان الناس أن هناك منازل لكل شخص حسب ما معه من أموال، لذلك لم أندهش من الحكم بالغرامة البسيطة جدًا على أحد المشهورين الذى أصبح من أثرياء البلد بفضل تلوث أسماعنا بعدما ضرب شخصًا بسيطًا «بقلم» على وجهه، ولم يستطع هذا أن يفعل شيئًا ولجأ للقانون، معتقدًا أنه سوف يحصل على رد إهانته، ليكون الحكم «سكسونى» الطبيعة ويحكم على الفاعل بالغرامة التى يدفعها «بقشيش» للغلابه، والأمثلة كثيرًا تطالعنا كل يوم حكاية لتؤكد أن القانون «خُلق للضعفاء»!
لم نقصد أحدًا!