نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرا، أعده نيل زيبلر، وأندور إنغلاند، حول وضعية حماس، بعد خمسة أشهر من الحرب المستمرة. وقالا فيه إن "الطابق 14 في مقر قيادة وزير الدفاع في تل أبيب، هرما ضخما يزين جدار مكتبه وعليه صور قادة حماس البارزين. وعنوان الهرم هو: وضعية اغتيالات القيادة. وبعد خمسة أشهر من القتال الشرس فإن الأحياء يتفوقون على القيادات الوسطى التي حدد الهرم مصيرهم بعلامة إكس حمراء رسمت على وجوههم".

 

وأضاف التقرير: "وعلى رأس القيادة الأحياء لا يزال يحيى السنوار ومحمد الضيف وعدد آخر من القيادات المسؤولة عن تدبير وتنفيذ عملية 7 تشرين الأول/ أكتوبر. ولكن علامة إكس تنتشر وبشكل تدريجي على الهرم. ففي الوقت الذي تضيق فيه، على ما يبدو، خيارات حماس، تحاول إسرائيل تأكيد مقتل مراون عيسى، القيادي رقم 3 والمعروف بـ "رجل الظل"، وذلك بعدما قالت أنها استهدفته بغارة جوية نهاية الأسبوع، إلا أن الدولة التي كانت تحكمها حماس باتت محطمة وقواتها مشتتة أو ميتة والسكان في حالة جوع وكارثة إنسانية".

وأوضح: "ولم تحقق إسرائيل بعد أهداف الحرب التي أعلنت عنها، لكن بالنسبة لحماس فالمعركة تدور الآن حول كلمة واحدة: البقاء. وبحسب مايكل كوبي، وهو المسؤول المتقاعد من الشين بيت: دعنا نفترض أن كل غزة باتت حطاما وبقي أحد من حماس واقفا أو جنديا جريحا يستطيع رفع راية حماس، فقد ربحوا الحرب، وهذا ما يؤمنون به".

ويمثل هذا تحد لرئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، الذي كرّر تعهده بـ "محو" حماس، وطالما بقيت القيادة العليا والمقاتلين هاربين، فلن يحقق رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي ما وصفه بـ"النصر الشامل" وسينظر إليه الكثير من الإسرائيليين بالفاشل. وهو ما يؤكد على التحدي الذي يواجه الولايات المتحدة وقطر ودولة الاحتلال الإسرائيلي وهي تناضل من أجل تأمين صفقة توقف القتال وتؤمن الإفراج عن 130 أسيرا إسرائيليا في غزة. 

وتؤكد حماس على أن أي ترتيب يجب أن يشمل على وقف دائم للنار وانسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من القطاع، وهو تحرك قد يمنح الجماعة شريان حياة وهي تواجه أخطر تهديد عليها. إلا أن نتنياهو رفض هذه المطالب وكرر أن دولة الاحتلال الإسرائيلي لن توقف القتال إلا من أجل الإفراج عن الأسرى.

ويتابع التقرير نفسه، أنه "بعد ذلك ستجدد من ملاحقتها للسنوار وقيادة حماس، مهما اقتضى من وقت. وبحسب دبلوماسي عربي: "تبدو مثل لعبة ملاحقة دجاج والسؤال هو من ينحرف أولا". وظلت حماس التي خرجت من مخيمات غزة ومساجدها في الثمانينات من القرن الماضي تصعد بثبات كجماعة عارضت وبعنف عملية السلام الإسرائيلية- الفلسطينية، ثم إلى حاكم لا منازع له على القطاع.

وأوضح: "لا شك لدى المحللين الفلسطينيين والمسؤولين الأمنيين الإسرائيلي والدبلوماسيين في المنطقة أن حماس تُواجه بعد أشهر من القصف الجوي والبري والبحري منظورا قاتما. ومن الصعب تقييم القدرات القتالية لحماس، ولكن تقديرات المخابرات الإسرائيلية تقول إن الجيش الإسرائيلي فكك 18 كتيبة من 24 كتيبة تابعة لحماس وقتل نصف قدراتها القتالية البالغ عددها، حسب الإسرائيليين 40,000 مقاتلا".

واسترسل: "تحوّل ما تبقى من مقاتلي حماس إلى خلايا تدير حرب عصابات وتخرج لإطلاق قذائف صاروخية أو زرع المتفجرات. واعترفت حماس بمقتل حوالي 6,000 من مقاتليها، ومهما كان العدد، فستظل حركة مقاومة متربصة ولسنوات قادمة، حسب تقييم المخابرات الأمريكية. وستكون قادرة على استخدام شبكة الأنفاق للإختباء واستعادة القوة ومفاجأة القوات الإسرائيلية".


إلى ذلك، استفسر مسؤول عسكري إسرائيلي: "هل ما تزال حماس قائمة عسكريا؟ نعم. هل هي منظمة؟ لا، والطريق لتفكيكها بالكامل مستمر". فيما أشار التقرير بأنه قد "تراجع بالتأكيد حكم حماس المدني لشمال القطاع ومناطق واسعة في الجنوب. وانتشرت العصابات وانهار النظام والقانون في كل القطاع المدمر، حيث قتل أكثر من 31,000 فلسطيني وشردت نسبة 80 في المئة من السكان، حسب وزارة الصحة الفلسطينية".

ويقول المسؤولون الإسرائيليون إن معظم ما تبقى من كتائب حماس انسحب جنوبا نحو رفح ودير البلح ومخيم النصيرات وسط القطاع. ورغم كل الدمار إلا أن قادة حماس يواصلون التحدي في خطاباتهم العامة والحديث عن الصمود وعقم جيش الاحتلال الإسرائيلي وفشله في تحقيق أهدافه. 

وقال إسماعيل هنية، وهو المسؤول السياسي لحركة حماس والمقيم في الدوحة، عبر مقابلة، الشهر الماضي، إن "إسرائيل لم تحقق شيئا سوى قتل الأطفال والنساء والشيوخ وإحداث الدمار"، محذّرا "هذا ما ينتظرها في رفح". وقال الدبلوماسي العربي إن مقاتلي حماس يعتقدون أنهم "ينجحون عسكريا"، ولسبب بسيط أنهم صمدوا أمام واحد من أقوى الجيوش وأحدثها في العالم وفي الحرب الطويلة بين دولة الاحتلال الإسرائيلي والعرب. 

ومع ذلك فإن الضغط يتزايد عليهم لتحقيق هدنة تخفف من ظروف المدنيين الخطيرة ومعاناة عائلاتهم وأصدقائهم. وقال الدبلوماسي: "المفتاح الرئيسي هو كيفية الرد على الضغط؛ وبشكل عام، مع جماعات مثل حماس، فلو ضغطت بشكل كبير فلن تحصل على الرد الذي تريده".


ويرى محللون أن إصرار حماس على وقف دائم للنار مقابل الأسرى الإسرائيليين هو دليل عن الوضع اليائس الذي وجدت حماس نفسها فيه. ونقلت الصحيفة عن إبراهيم دلالشة، مدير مركز الأفق في رام الله قوله: "هذا ليس عن مساعدة المدنيين ولكن لتعقيد استئناف الحرب" من قبل دولة الاحتلال الإسرائيلي. 

ويقول الدبلوماسيون والمحللون بالمنطقة إن "حماس، ولهذا السبب، متمسكة بانسحاب إسرائيلي شامل مقابل الأسرى الإسرائيليين وعودة أكثر من مليون نسمة إلى مناطقهم وتدفق المساعدات الإنسانية على القطاع".

ومع تمسك كل طرف بمواقفه، تعرف قيادة حماس في غزة أن ورقة الضغط لديها هي الأسرى الإسرائيليين. وهم يعرفون أن الإفراج عنهم ثم عودة القتال تعني نهايتهم. ويرى يزيد صايغ، الزميل في مركز كارنيغي ببيروت ومؤلف كتاب عن المقاومة الفلسطينية المسلحة أن معضلة الحركة هي سوء تقديرها لميزان القوى. فقد حفرت عملية 7 تشرين الأول/ أكتوبر عميقا في داخل إسرائيل وبدرجة لم تتوقعها حماس.


وتابع: "كما كشفت عن "وهم" الحركة بأن هجوما عبر الحدود كفيل بإحداث ثورة في الشرق الأوسط تحرف ميزان القوى لصالحها. وهناك نوع من العدمية [في تفكير قيادة حماس] أنه لو مات مدنيون أم لا، لم يعتقدوا أنه كان يهم". مردفا: "ربما انتهى حكم حماس الذي مضى عليه 17 عاما، وهناك تقارير متعددة تقول إن مسؤولي حماس عقدوا مفاوضات تسمح بعودة السلطة الوطنية إلى غزة وإنشاء لجنة قيادة أو حكومة تكنوقراط".

وختم بالقول: "النجاة بالنسبة لحماس، حسبما يقول المحللون هي العودة للجذور كحركة مقاومة وشبكة خدمات اجتماعية. ويقول دلالشة "خسرت حماس الحكم في غزة، ولكنها تتطلع للنجاة السياسية كمنظمة؛ وهم ليسوا أغبياء، ويعرفون حاجة غزة واكتشفوا أن الرأي العام والمجتمع الدولي لن يقبل بهم مرة أخرى".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية غزة غزة حركة حماس قطاع غزة المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الاحتلال الإسرائیلی أشهر من

إقرأ أيضاً:

الأمم المتحدة تؤكد أن قطع الكهرباء عن غزة يعد إبادة جماعية

أكدت المقررة الأممية الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فرانشيسكا ألبانيز، أن قرار الاحتلال الإسرائيلي بقطع إمدادات الكهرباء عن قطاع غزة، يُنذر بارتكاب "إبادة جماعية".

وأضافت ألبانيز، عبر منصة "إكس"، أن "قطع الكهرباء عن غزة يعني توقف محطات تحلية المياه عن العمل، وبالتالي انعدام المياه النظيفة، وهو ما يشكل إنذارًا بإبادة جماعية".

❌GENOCIDE ALERT!❌Israel cutting off electricity supplies to Gaza means, among others, no functioning desalination stations, ergo: no clean water.
STILL NO SANCTION/NO ARMS EMBARGO against Israel means, among others, AIDING AND ASSISTING Israel in the commission of one of the… https://t.co/x2cX4MuP0K — Francesca Albanese, UN Special Rapporteur oPt (@FranceskAlbs) March 9, 2025
وشددت على أن "عدم فرض عقوبات وحظر أسلحة على إسرائيل يعني دعمها لارتكاب واحدة من أكثر جرائم الإبادة الجماعية التي يمكن منعها في تاريخنا".

وفي نفس السياق، حذرت الأمم المتحدة من "تداعيات خطيرة" على المدنيين في غزة إثر قرار الاحتلال الإسرائيلي بوقف إمداد القطاع بالكهرباء.

من جانبه، قال المتحدث باسم المفوضية السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، سيف ماغانغو، إن قرار الاحتلال الإسرائيلي "يثير قلقًا بالغًا"، مشيرًا إلى أن "انقطاع الكهرباء ووقف شحنات الوقود يهدد بإغلاق محطات تحلية المياه والمؤسسات الصحية والأفران، مع تداعيات خطيرة على المدنيين".

وفي أمس الأحد٬ أعلن الاحتلال الإسرائيلي، وقف تزويد قطاع غزة بالكهرباء "فورًا"، رغم أن الإمدادات الكهربائية إلى القطاع متوقفة فعليًا منذ بداية الحرب في تشرين الأول/ أكتوبر 2023.


ونقلت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية عن وزير الطاقة والبنية التحتية، إيلي كوهين، تأكيده إصدار قرار بوقف إمداد غزة بالكهرباء بشكل كامل.

وردًا على القرار، قال المتحدث باسم حركة المقاومة الإسلامية حماس، حازم قاسم: "عمليًا، الاحتلال الإسرائيلي قطع الكهرباء عن قطاع غزة منذ اليوم الأول لحربه على القطاع".

وأضاف أن "هذا السلوك يؤكد إمعان الاحتلال في استكمال حرب الإبادة ضد غزة، عبر استخدام سياسة التجويع، في استهتار واضح بكل القوانين والأعراف الدولية". ودعا قاسم إلى "تطبيق قرارات القمة العربية الرافضة لحصار قطاع غزة وتجويع أهله".

يذكر أن المتحدث باسم رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عومري دوستري، قال الثلاثاء الماضي إن تل أبيب لا تستبعد قطع المياه والكهرباء عن قطاع غزة كوسيلة للضغط على حركة حماس.
 كما أفادت وسائل إعلام عبرية الأحد الماضي بأن إسرائيل تعتزم البدء خلال أسبوع بتنفيذ خطة تصعيدية ضد غزة، تشمل قطع الكهرباء والمياه، وتنفيذ عمليات اغتيال، وإعادة تهجير الفلسطينيين من شمال القطاع إلى جنوبه، واستئناف الحرب.

وأوقف الاحتلال الإسرائيلي إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، الأحد الماضي، وسط تحذيرات محلية وحقوقية من عودة الفلسطينيين إلى مربع المجاعة.


وقال نتنياهو الاثنين الماضي: "قررنا وقف دخول البضائع والإمدادات إلى القطاع"، متوعدًا حماس بأن "العواقب ستكون لا يمكن تخيلها" إذا لم تفرج عن الأسرى الإسرائيليين.

ومطلع آذار/ مارس الجاري، انتهت المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار بغزة رسميًا بعد 42 يومًا، دون موافقة الاحتلال الإسرائيلي على الدخول في المرحلة الثانية وإنهاء الحرب.

ويريد نتنياهو تمديد المرحلة الأولى من صفقة التبادل للإفراج عن أكبر عدد ممكن من الأسرى الإسرائيليين في غزة، دون تقديم أي مقابل أو استكمال الاستحقاقات العسكرية والإنسانية المتفق عليها.

من جانبها، ترفض حركة حماس ذلك، وتطالب بإلزام الاحتلال بما نص عليه اتفاق وقف إطلاق النار، مع دعوة الوسطاء للبدء فورًا بمفاوضات المرحلة الثانية، التي تشمل انسحابًا إسرائيليًا كاملاً من القطاع ووقف الحرب بشكل نهائي.

يذكر أن الاحتلال الإسرائيلي، ارتكب بدعم أمريكي، بين 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 و19 كانون الثاني/ يناير الماضي إبادة جماعية في غزة، خلفت أكثر من 160 ألف بين شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم من الأطفال والنساء، بالإضافة إلى أكثر من 14 ألف مفقود.


 وفي 19 كانون الثاني/ يناير الماضي، بدأ سريان اتفاق وقف إطلاق النار بين الاحتلال الإسرائيلي وحركة حماس، الذي يتضمن ثلاث مراحل تمتد كل منها 42 يومًا، بوساطة مصر وقطر ودعم الولايات المتحدة.

وحوّل الاحتلال غزة إلى أكبر سجن في العالم، حيث تحاصر القطاع منذ منتصف عام 2006، وأجبرت حرب الإبادة نحو مليوني فلسطيني من أصل 2.4 مليون على النزوح في أوضاع مأساوية، مع شح متعمد في الغذاء والماء والدواء.

مقالات مشابهة

  • عن الأسير الخامس الذي لم يتسلمه لبنان.. هذا ما أعلنته رئاسة الجمهورية
  • رابطة العالم الإسلامي تدين قطع حكومة الاحتلال الإسرائيلي الكهرباء عن قطاع غزة
  • رابطة العالم الإسلامي تُدين قرارَ حكومة الاحتلال الإسرائيلي قطع الكهرباء عن قطاع غزة
  • الأمم المتحدة تؤكد أن قطع الكهرباء عن غزة يعد إبادة جماعية
  • أهالي عائلات الأسرى الإسرائيليين يمهلون نتنياهو 24 ساعة لإعادة الكهرباء لغزة
  • إسرائيل تصعّد حصارها على غزة بقطع الكهرباء وسط تفاقم الأزمة الإنسانية
  • رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق: معظم الإسرائيليين يؤيدون إنهاء الحرب مع حماس
  • حماس تدين "الابتزاز" الإسرائيلي بعد قطع الكهرباء عن غزة
  • الاحتلال الإسرائيلي يعترف بخروج أكثر من 10 آلاف جندي عن الخدمة منذ 7 من أكتوبر 2023م
  • بعد تهديدات «ترامب».. إسرائيل تقطع الكهرباء عن قطاع غزة المحاصر