من قال إن أعمار النساء أسرارا لا يمكن البوح بها ؟ فكوني فخوره بنفسك ولا تنكري حقيقة عمرك.. ومن قال إن سن اليأس يأتي بعد الأربعين؟ فالحياة والشباب والزمن مجرد رموز لا علاقة لها بالسن، قد تصلين للسبعين ويظل في قلبك ثورة الشباب وشقاوة الأطفال ونضج الأيام والسنين، فالنساء لسن بضائع لها تاريخ صلاحية تقاس بمدى القدرة على الإنجاب.
أنت إمرأة.. أنت إنسانة، لا تعرفين التوقف عن الشغف والشوق للحياة، فإن أراد المرء أن يشعر بالكهولة ويعاني تراجيديتها فقد يعانيها وهو بسن العشرين.. فالحياة لا تقاس بالأرقام ولا بعدد السنين، بل تقاس بالرضى والثقة بالله أولا، ثم بالأمل والإبتسامة والتفاؤل.
عيشي حياتك كطفله تشتاق دوما لرؤية شمس النهار، وبعقل أنثى ناضجة، وبمشاعر فتاة تعيش أول قصة حب، فلا تسمحي يوما للأرقام أن تجعلك تنكسرين، فثقتك بالله ثم بقدراتك أكبر من أي رقم مدون في بطاقتك الشخصية.
أيتها المرأة العظيمة.. ما أجمل أن تكوني إنسانة بسيطة لا ترتدي وشاح الكمال.. لسنا ملائكة.. فنحن بشر.. نفرح.. نحزن.. نرقص حين نشعر بحاجتنا للرقص، ونصرخ مع أنغام الموسيقى أو حين تدق قلوبنا طربا، لأن لحظات السعادة لا تحتاج منا تصريحا قبل أن تأتي، فلندع قلوبنا تضحك، وأعيننا تغني وترقص.. ولنترك أرواحنا تنتشي.. لنكن شديدي البساطة ولو لبعض الوقت.. فأجمل الأوقات تلك التي نعود فيها أطفالا تسعدنا أبسط الأشياء، تضحكنا دعابة ساذجة أو جملة عابرة، أو لفتة عفوية، فبعض الأشياء البسيطة تجدد في قلوبنا الحياة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: النساء أعمار النساء سن اليأس الحياة والشباب الزمن ثورة الشباب الاطفال الإنجاب
إقرأ أيضاً:
«الإسراء والمعراج» .. واحتفالية الصراع
تأتي مناسبة «الإسراء والمعراج» كئيبة، حزينة، تعيد إلينا ذكرى مقدسة، فـي أرض مقدسة، فـي ليلة مباركة، ولكن كل ذلك بات مجرد احتفالية وعظية، تحاول التذكير برحلة كونية سماوية، عرج الرسول الأكرم فـيها إلى السماوات العلى، بينما فـي الجانب الآخر من الرحلة قدس مصلوبة، ومدينة مهوّدة، وبلاد أسيرة، تتكالب عليها الدول من كل حدب وصوب، تحاول أن تنهش لحمها، وتسفك دمها، وتهدر مقدراتها، ومقدساتها، وتمحو كل ماضيها، وتاريخها، وإرثها الديني، والحضاري.
لم تكن «الإسراء والمعراج» مجرد حادثة عابرة، ولم يكن اختيار المكان عبثيا، بل كان إشارة إلى بؤرة صراع تاريخي، وديني ممتد، وغير مستقر، فبعد الآية التي يبدأ بها الله سبحانه وتعالى فـي سورة «الإسراء»: «سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ..»، يأتي ذكر النبي موسى، ثم يأتي التصريح والتحذير المباشر لليهود «وَقَضَيْنَا إِلَىَ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنّ فِي الأرْضِ مَرّتَيْنِ وَلَتَعْلُنّ عُلُوّاً كَبِيراً»، وبذلك يشير القرآن الكريم إلى صراع أبدي بين المسلمين واليهود، فاليهود الذين يعتبرون القدس قدسهم، والأرض أرضهم، أتوا من مهاجر شتى، وتركوا وراءهم ديارهم الأصلية، لكي يستولوا على ديار ليست لهم، ويغتصبون أراضٍ لا تمت لهم بصلة، ويتحدثون لغة غريبة لا تنتمي لأي لغة حولهم، جاؤوا ليقاتلوا فـي أرض غير أرضهم، يبيدون شعبا عربيا ضاربا بجذوره فـي ترابٍ تخضب بدمائهم، وشهد على انتمائهم لأرضهم على مر العصور، ولكن المستعمر الأجنبي أبى إلا أن يترك بصمته على أرض احتلها، وورّثها لشعب مشرد فـي الآفاق، لا أرض له، ولا مستقبل.
ورغم مرور عقود على وعد بلفور فـي عام 1917م، ومحاور الغدر، ومؤامرات الشر، إلا أن العرب كانوا جزءا من هذه الأحداث، ولكنهم كانوا مشغولين بمصالحهم الشخصية، أكثر من انشغالهم بما يبيّت لهم من مكائد، وكان بإمكانهم رغم ذلك تغيير الواقع الذي فرضه الاستعمار، لو كانت لديهم -آنذاك- إرادة حقيقية، ورغبة صادقة، وقليل من التنظيم، ومع ذلك دخل العرب حروبا فوضوية، غير منظمة، ضد المستعمر الصهيوني الجديد، إلا أنها كلها باءت بالفشل، وفـي المعركة الوحيدة التي كسبها العرب، لم تكن المفاوضات حول فلسطين والقدس، ولكن كانت حول أراضٍ عربية استولت عليها الدولة اللقيطة، وبذلك ظلت القضية الجوهرية بعيدا عن أي إنجاز حربي، وسلمي.
والآن... وبعد أكثر من سبعين عاما لا يزال المسجد الأقصى، مسرى الرسول، ومعراجه إلى السماء، فـي قبضة عصابة تتحكم فـي مصير العرب، وتبتز مشاعر المسلمين فـي كل مكان، وتفتح أبواب الصلاة لسكانه الأصليين متى شاءت، وتغلقه متى شاءت، ولم تفلح الاحتفالات السنوية التي يقيمها المسلمون بمناسبة الإسراء والمعراج فـي زحزحة صخرة الكابوس الجاثم على صدر القدس، ولم تتمكن المهرجانات الكلامية من تفعيل الفعل اللازم لتخليص أقدس المقدسات من يد اليهود الغاصبين، ولم تستطع الخطب الرنانة من تحريك الراكد، ويبقى الوضع كما هو عليه من أكثر من سبعين عاما دون حراك، بل والأدهى من ذلك أن بعض الدول الإسلامية رأت فـي المحتل صديقا دائما، وفـي القضية الفلسطينية عبئا جاثما، ورأت فـي القدس مجرد مدينة تاريخية، وفـي المسجد الأقصى مجرد مبنى لا قيمة دينية، أو قدسية له، وصار الاحتفال بالإسراء والمعراج مجرد احتفال رمزي لا علاقة له بالجوهر الذي أنشئ من أجله، ويبقى الصراع «الفلسطيني ـ الإسلامي ـ الإسرائيلي» قائما، إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا.
مسعود الحمداني كاتب وشاعر عماني