لبنان ٢٤:
2025-01-24@06:04:23 GMT

كلاس رعى مؤتمر الشرق الأوسط للدراسات المعاصرة

تاريخ النشر: 13th, March 2024 GMT

كلاس رعى مؤتمر الشرق الأوسط للدراسات المعاصرة

رعى وزير الشباب والرياضة الدكتور جورج كلاس مؤتمر الشرق الأوسط للدراسات المعاصرة، الذي دعت اليه الجامعة الاسلامية في لبنان بالتشارك مع معهد التنمية الاجتماعية في تركيا وجامعة عجلون الأردنية و شبكة الحوكمة و التحول الرقمي و باحثون عرب.   واستهلّ كلاس كلمته بنقل تمنيات دولة رئيس مجلس الوزراء الاستاذ نجيب ميقاتي بنجاح أعمال المؤتمر، متمنيا للجامعة الاسلامية في لبنان والدول والمنظمات المشاركة كل التوفيق.



وقال وزير الشباب والرياضة الدكتور جورج كلّاس في كلمته: "فاتحة الكلام انقل اليكم تمنيات دولة  رئيس مجلس الوزراء الاستاذ نجيب ميقاتي الداعم لمسيرة  الجامعات و راعي شؤون الشباب  بنجاح مؤتمركم العلمي 

و معالي رئيس الجامعة الاسلامية 
الدكتور حسن اللقيس و مجلس الأمناء و العمداء
ايها الكرام
أعتزُّ شرفاً بتلبية دعوة الجامعة الاسلامية في لبنان لرعاية هذا المؤتمر العلمي الرائد و الاستباقي ، و المشاركة بأعماله بمداخلة تساؤلية ، تعكس إنشغالات المرحلة  و تقوِّمُ بعض المفاهيم حول أستخدامات الذكاء بأنماطه الفطرية و الاصطناعية و الإفتراضية ، علَّ  أعمال مناقشات و مداخلات مؤتمركم البحثي ، تصل إلى توضيحاتٍ و تقدم تحديدات و تزيل إلتباسات حادة حول مدى مواءمة الذكاء الاصطناعي لخدمة الإنسانية ..! 
في مداخلتي اطرح قضية ؛  { { الذكاء الاصطناعي و سؤال الإبداعية }}..!

 تنفتح اعمال هذا المؤتمر على اضمامة من المواضيع العلمية الساخنة ، التي تتطلَّبُ قدراتٍ مجهودةً لمقاربة كيفية الإفادة من (( الذكاء الاصطناعي في التعليم  و تشجيع الابتكار )) ، مع  الحرص على الإبداعية  الملازمة للإنسان ، خلقاً و إختراعاً و تفنّنا و مبادرات ، إنطلاقاً من معادلة ، أن الذكاء الاصطناعي ، يستجيبُ  لأسئلة ، لكنه لا يقدم مبادرات !
فهل هذا الذكاء المُصَنَّع قادرٌ على ان يبادر ؟

 نهتم ان نسأل معاً ؛ كيف ننمّي  الذكاء الفطريّ و الذكاء الطبيعي و نمكِّنُ هذين الموهبتين لأن يتكاملا مع الذكاء الاصطناعي كعنصر مساعد لهما و ليس كبديل عن العقل البشري ؟
 في تناول امكانات الذكاء و تحديات التخصصات الاكاديمية ، و  صعوبات  التمايز  و التألُّق و تقوية  القدرات التنافسية بين المتخصصين ، يحضر السؤال : أي دورٍ للذكاء الاصطناعي في تعزيز مستقبل الإنسانية ؟ و في تحصين  التمايزٍات  و الفوارق بين الذكاء الطبيعي و الذكاء الافتراضي و الاصطناعي ؟   

 يتركز (الهدف الأساسي ) من التعليم  ، على تنشئة أجيال قادرة على  القيام بأعمال جديدة  و متمكنين من  ان يطوروا و يُحدِّثوا و يزيدوا على ما عرفوه  ، لا ان يقدموا تكرارات لما  أنتجته الأجيال السابقة .
الهدف هو بناء اجيال شبابية قادرة ان تبدع  و تبتكر و تكتشف… و  ان يخترع المستقبل . انه الذكاء الخلاق .

 ( الهدف الثاني ) من التعليم هو { تكوين العقول } ، و تغذية القدرآت الذهنية لتصبح عقولًا  مالكةً القدرةَ على النقدِ و التذوّق و التقويم و التحقّق من كل ما تسمع و ترى و تقرأ و تقترح و تبادر   ، لا ان تكون  وسائط للنقل المعرفي  و وسائل للتداول العلمي .

   فهل يسبّب الذكاء الاصطناعي  ( الإدمانية ) على الاستعانة ، و  (الاتكالية ) على المعلومات المجهزة و يؤدي إلى  التكاسل ؟ و  يخفّف ذلك من الاندفاعية نحو الإبداع و الابتكار ،  او  يبقينا في وقوفية موصوفة  ،و دائرة زمنيّة مغلقة ؟
 هل يرقى الذكاء  إلى المستوى الإبداعي الادبي و الوجداني ، شعوراً و تفكيرا و وضع حلول ؟
  فمنْ يقودُ منْ ؟ الذكاء الاصطناعي ام الفطري ؟ 
و ما هي مسببات فورة انطلاق الذكاء الاصطناعي و شيوع الاحتفاليات حوله باندفاع و تسابق ؟
و هل يحل الذكاء الاصطناعي محل الذكاء الفطريّ و الطبيعي ، و في أي مجال ؟

 تنسلُّ عن هذه التساؤلات ، عناوينٌ بحثية ، ركيزتها ؛
الذكاء الاصطناعي و  النوعية !
الذكاء الاصطناعي و القيم الأخلاقية !
الذكاء الاصطناعي و التعاليم الروحي
الذكاء والتقاليد الاجتماعية

الذكاء و قضية الإنتماء و الإلتزام!
الذكاء كمشاع مفتوح . 
ثم إلى اي مدى يشكل عنصرا مساعد للإنسان ؟
أم انه يحمل اخطاراً على البشرية ؟
اي دورٍ للذكاء الاصطناعي في تفعيل الذكاء الطبيعي و تنميته   ، من حيث انه عملية تطورية و لحظية واسعة و دائمة النمو ؟ 
 ماذا بعد الذكاء الاصطناعي.. ؟ البشرية إلى أين ؟
و ما هي التأثيرات السلبية للذكاء الاصطناعي على الاقتصاد و البطالة و فرص العمل .. ؟
و السؤال الذي يلحُّ  اكثر  هو : كيف تتم عملية ردم الهوة بين عدد الوظائف و التخصصات التي ستختفي ، او سيتم الاستغناء عنها بسبب ظاهرة او عصر الذكاء الاصطناعي  ،مقارنة بالوظائف الجديدة التي ستنشأ مع هذا  تقعيد هذا النمط من الذكاء ؟  و هل من خوف ان يحلَّ جيل الروبوتات جزئياً محل المجتمع البشري ؟

تطرحُ ايضاً مشكلة غياب  (ميزة التمايز )  ،التي هي شبيهة بالبصمات الانسانية. فمع تصنيع الذكاء لن يعود هناك فرادة . بمعنى ان أيَّ جوابٍ اصطناعي على اسئلة افتراضية او واقعية قد يكون طبق الأصل  . عندها ستفتقد النوعية الإبداعية و يموت الفكر .
ثم ماذا عن البطالة التخصصية ؟
هل ان تنامي موجة الذكاء الاصطناعي ستفرض نفسها بقوة على المقررات و البرامج المدرسية و ننتقل الى أنماط و رؤى جديدة من المناهج ؟ 
و  هل ستضعف  إختصاصات لتحل مكانها  اختصاصات جديدة ؟  هل سيتم الاعتراف بمفاعيله الاكاديمية و الاعتماديّة رسمياً ؟
مَنْ يراقب { معايير  الجودة } في تعليم و نتاجات الذكاء الاصطناعي ؟ً
هل من قيم يهددها ؟
التحدي الأكبر هو ؛ كيف نستخدمه للخير العام و تقدم البشرية و رفاهيتها ؟
هل هو ذكاء مادي لا مكان للعاطفة و الشعور فيه ؟  
هل  مؤسساتنا التعليمية و الجامعية مؤهلة لاستخدام الذكاء الاصطناعي و لتعليمه ؟ و هل من جهاز  أكاديمي مؤهل لذلك ، و كيف تتأهل لهذا العصر ؟
هل الجامعات ستتقدم بطلبات إعتماد لادخال الذكاء الاصطناعي الى برامجها و مناهجها التخصصية ؟
ما هو موقف النقابات المنظمة بقانون.  من إنشاء اختصاصات  دقيقة تعتمد الذكاء الاصطناعي  ضمن الاختصاص العام ، للجامعات رأيها الصلب في تحديث و تغيير مناهج التخصص التي تسمح بالحصول على اذن مزاولة المهنة ؟

هل الجامعات تدرس إمكان تأسيس اختصاص اكاديمي عنوانه ( الذكاء الاصطناعي) و يتفرع منه إختصاصات تحاكي الاختصاصات التقليدية ؟
 
الانسانية ستتحول من منتج للذكاء الطبيعي إلى مستهلكٍ لمنتوجات هذا الذكاء ، و منها إلى إدارة الذكاء ؟ هل يمكن إدارة منتجات الذكاء كمثل إدارة المعلومات ؟ 
أخطر التساؤلات الواقعية حول الاشكالية الافتراضية  التي يطرحها عنوان هذا الموتمر العلمي ، هي ( منْ يحمي مستهلك الذكاء الاصطناعي ) ؟ تماثلاً مع حماية المستهلك الغذائي ؟
 كلُّ نشاط ذهني يبقى من دون تطوير و إدخالات و اضافات  ، يصبح من التراث .

في هذا الصرح نسأل ما هي ظروف و معايير  و محاذير  توظيف هذا النمط من  الذكاء في ؛
التشريع  ؛ فهل بإمكان هذا الذكاء مثلا ان يقترح او يضع مشاريع قوانين و يناقشها ؟ هل ممكن تقديم مشروع موازنة معدة ببرنامج  ذكاء و إفتراض نقاشات حولها من نواب افتراضيين ؟ 
و منه  إلى  القانون و الدستور و الاجتهاد
التعليم و الإختصاص و إستخداماته في القطاعات الصحية 
و  الزراعية و الصناعية  و الاقتصادية و  البحوث العلمية ..! 
و اي رؤية للدولة من إعتماد  الذكاء الاصطناعي في  الادارة ؟

في بلد تكاملي الصيغة، و هذا مصطلح قعَّده دولة الرئيس نبيه بري ، للدلالة إلى لبنان الذي يتكامل بأبنائه و بما يمثله من قيم حضارية وانسانية و تراثية متفاعلة ، نطرح : كيف يخدم الذكاء الاصطناعي ارادة الحوار و  الرغبة التلاقي و وضع  استراتيجية لبناء  الأفكار و الجسور بين الجماعات؟. 
 
هذا المؤتمر ، بتبنيه و مشاركيه و عناوينه ، يشكل تحدياً بحثياً ، يؤصّل و يقارن و يوازن ، و يحمل تطلعات جادة لبناء مستقبل علمي ينفتح على انشغالات تخصصية واسعة . و الجامعة الاسلامية هي الصرح الاكاديمي المؤهل ، بالتشارك مع المحاضرين الثقة لمواكبة كل مستجد علمي و الانتهاء إلى خلاصات بحثية تثري و تفيد ، و تقدم خدمة للأجيال  و الخير العام و الانسانية  . و هذا ما يُحرِّضُ على التفكير  بمستقبل الانسانية و ماذا بعد الذكاء الاصطناعي  ؟

كل التمني للجامعة بالنجاح في هذه المهمة الحضارية الحاملة التحدي .
معاً نؤكد اننا  دائمو الاستعداد لأن  نتابع مسيرة التألق و  ان قادرون على إستئناف الحضارة ..!
حمى الله شبابنا و  رحم الشهداء الذين يرسِّمونَ كرامة لبنان بدمائهم ، و يفتدون سيادتنا بأرواحهم ، ليبقى لنا وطن..!"
   

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی الجامعة الاسلامیة الاصطناعی فی

إقرأ أيضاً:

كيف سيعيد ترامب تشكيل الشرق الأوسط ؟

خلال حملته الانتخابية، وعد دونالد ترامب، الرئيس المنتخب للولايات المتحدة الآن، بأن «الشرق الأوسط سوف يُحَل»، لكنه لم يقدم سوى القليل من التفاصيل حول الكيفية التي قد يحقق بها مثل هذه النتيجة. مع عودته إلى البيت الأبيض، ستواجه أجندته التي ترفع شعار «أمريكا أولا» اختبارًا حقيقيًا في ظل تورط الولايات المتحدة في حرب إسرائيل في غزة، والأزمة الإنسانية المتفاقمة هناك.

على مدار العام الماضي، شهدت المنطقة تصعيدًا مباشرًا في الهجمات المتبادلة بين إيران وإسرائيل، في وقت واصلت فيه إسرائيل عدوانها على حماس وحزب الله. بالتزامن مع ذلك، انهار نظام الأسد في سوريا، أحد أبرز حلفاء إيران، بعد نصف قرن من الحكم، خلال أسابيع قليلة.

تراجعت مكانة واشنطن في الشرق الأوسط إلى أدنى مستوياتها، حيث لم يمر تواطؤها في العدوان الإسرائيلي دون أن يلحظه الأعداء أو الحلفاء. تقلص نفوذ الولايات المتحدة لدى الحكومات والشعوب العربية مع كل شحنة أسلحة تُرسلها إلى إسرائيل وكل فيتو تستخدمه لحمايتها في الأمم المتحدة.

أخفقت إدارة بايدن في الدفاع عن أبسط حقوق الفلسطينيين في الغذاء والماء والدواء والمأوى، فيما يفتقر الفلسطينيون إلى أي أمل في أن يتخذ ترامب موقفًا مغايرًا. سجله الحافل بدعم إسرائيل، إلى جانب إحاطته نفسه بمستشارين مؤيدين لها بشدة، يجعل من المستبعد أن يوقف الدعم الأمريكي الثابت لإسرائيل، حتى في ظل الاتهامات الدولية التي تواجهها بارتكاب جرائم حرب والإبادة الجماعية.

ولكن كما هو معروف، يظل ترامب ورقة رابحة في المشهد السياسي، فهو لا يحمل عبء المساهمة المباشرة في الحرب الإسرائيلية الحالية، ويفتخر بكونه صانع صفقات. يبدو أنه يتمتع بنفوذ أكبر على القادة الإسرائيليين مقارنة بالرئيس الأمريكي جو بايدن.

فوق كل ذلك، ستعتمد السياسة الأمريكية على توازن القوى المتقلب في الشرق الأوسط، الذي بات أكثر تغيرًا وتعقيدًا مما كان عليه منذ عقود. وعلى الرغم من أن الفلسطينيين لا يتوهمون أن ترامب حليف لهم، فإن البعض لا يزال يأمل في أن يتمكن رئيس غير متوقع، في ظل بيئة إقليمية متغيرة بسرعة، من إحداث تغيير يُنتظر بفارغ الصبر. (تجدر الإشارة إلى أن اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة «حماس» لمدة 42 يومًا في غزة، بوساطة من قطر ومصر والولايات المتحدة، دخل حيز التنفيذ يوم الأحد 19 يناير).

يصعب التنبؤ بمستقبل الشرق الأوسط ويزداد صعوبة عندما نضع في الحسبان سلوك ترامب المتقلب. تقدم لنا ولايته الأولى في منصبه أدلة حول الكيفية التي قد يتعامل بها مع الشرق الأوسط اليوم: على الرغم من أنه صرح في البداية بأنه لا يفضل حل الدولتين أو حل الدولة الواحدة، إلا أنه اعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وقطع المساعدات عن الأونروا والفلسطينيين، وأعلن أن المستوطنات الإسرائيلية - التي اعتبرتها واشنطن والمنظمات الدولية دائمًا غير قانونية - كانت فوق الشبهات.

بلغت سياسته في الشرق الأوسط ذروتها في اتفاقيات إبراهيم عام 2020، وهي سلسلة من الاتفاقيات الثنائية التي قامت بموجبها عدة دول عربية بتطبيع العلاقات مع إسرائيل. كانت معظم الدول العربية قد وعدت سابقًا، من خلال التوقيع على مبادرة السلام العربية لعام 2002، باستعادة العلاقات الكاملة مع إسرائيل فقط في مقابل تحقيق حل الدولتين. ومع ذلك، كانت الاتفاقيات مبنية على فكرة مفادها أن السلام الإسرائيلي الفلسطيني يمكن فرضه من الخارج بمجرد إقامة العلاقات العربية الإسرائيلية - وهو عكس الحكمة التقليدية. فصلت الاتفاقيات إلى حد كبير التطبيع العربي الإسرائيلي عن مصير فلسطين. يأمل ترامب أن يقترن اتفاق إبراهيم بما أسماه «صفقة القرن»: وهي خطة للسلام الإسرائيلي الفلسطيني تميل لصالح إسرائيل بشدة. ستسمح هذه الخطة لإسرائيل بضم جزء كبير من الضفة الغربية رسميًا ورفض عودة اللاجئين الفلسطينيين، في مقابل الاستثمار الإقليمي والوعود بإقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح، وتفتقر إلى السيادة بأي معنى. رفضت منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل المعترف به للشعب الفلسطيني، الصفقة لأسباب مفهومة؛ كانت لتمنع احتمال قيام دولة حقيقية وتتنازل عن الأراضي والحقوق الفلسطينية المشروعة. رغم أن ترامب تخلى عن الخطة بحلول نهاية ولايته الأولى، فهناك سبب وجيه للاعتقاد بأنه سيحاول إزالة الغبار عنها. كان ترامب مترددًا بشكل عام بشأن الدولة الفلسطينية، ولم تؤكد تخفيضاته للمساعدات المقدمة للفلسطينيين إلا افتقاره إلى الاهتمام برفاهتهم. ومع ذلك، يبدو أنه يعتقد أن الاتفاقيات السياسية يمكن أن تخضع للمصالح المالية والاقتصادية المشتركة (أو تنمو في نهاية المطاف من خلالها)، وبالتالي فإن أي «صفقة قرن» جديدة ستقوم على مقايضة بين الحقوق السيادية الفلسطينية والازدهار الاقتصادي، وسوف تتوقف أيضًا على إقناع الفلسطينيين بأنه لا يمكن التوصل إلى اتفاق آخر. أدت الحرب الكارثية التي شنتها إسرائيل على غزة إلى إضعاف الجماعات السياسية الفلسطينية، فلم تعد حماس موجودة كحركة عسكرية منظمة أو حكومة في غزة... وفي الضفة الغربية، ألحقت الحملات العسكرية الإسرائيلية أضرارًا جانبيةً بحماس ـ في حين حاولت قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية استعادة السيطرة في جنين. والآن أصبح الرئيس الفلسطيني محمود عباس وحركته فتح أقل شعبية من أي وقت مضى لعدم رغبتهما الملحوظة في التدخل في حرب إسرائيل، وعجزهما عن تخفيف المعاناة في غزة.

إذا طرح ترامب نسخة من خطته لعام 2020، فلن تكون هناك وحدة سياسية فلسطينية لمقاومتها بشكل فعال. ومن المرجح أن يكون هناك القليل من المقاومة من جانب الحكومات الأخرى في المنطقة أيضًا، وخاصة الآن بعد أن تم إخراج «محور المقاومة» من الخدمة. ونظرًا لأن الدول العربية استجابت بشكل ضعيف لحرب إسرائيل، فإذا حانت اللحظة، فمن المرجح أن يكون القادة العرب على استعداد لممارسة أي ضغط مطلوب للإصرار على توقيع الفلسطينيين على اتفاق مع إسرائيل بشروط ترامب، ويمكنهم الحصول على تنازلات في المقابل، مثل: الضمانات الأمنية أو المساعدات الاقتصادية أو العسكرية.

قدم المانحون والمستشارون والمرشحون لترامب مؤشرات حول الكيفية التي قد يتعامل بها ترامب مع الشرق الأوسط. تبرعت ميريام أديلسون، المليارديرة المؤيدة لإسرائيل، بأكثر من 100 مليون دولار لحملة ترامب. وقال مايك هاكابي، السفير المعين لترامب في إسرائيل: إنه «لا يوجد شيء اسمه الضفة الغربية - إنها يهودا والسامرة»، مما يعني أن المنطقة تنتمي إلى إسرائيل. ويؤكد بيت هيجسيث، مرشح ترامب لمنصب وزير الدفاع، أنه «إذا كنت تحب أمريكا، فيجب أن تحب إسرائيل» ورفض فكرة حل الدولتين باعتبارها مجرد «كلام بلا معنى». وقال مايك والتز، المرشح لمنصب مستشار الأمن القومي: إن الإدارة ستدعم هجومًا إسرائيليًا آخر على غزة إذا لم يصمد وقف إطلاق النار، الذي أُعلن عنه في 15 يناير.

منذ هجوم حماس، نجح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في إبقاء إسرائيل معلقة في وضع الانتقام الأعمى. ووفقا لاستطلاع رأي أجرته مؤسسة جالوب، يعارض 64% من الإسرائيليين الآن حل الدولتين، ارتفاعا من 30% في عام 2012. وتحرص حكومة إسرائيل على تفكيك أي تظاهر بوجود دولة فلسطينية ومؤسسات وحكومة. والواقع أن بعض الإسرائيليين عازمون على ما هو أسوأ من صفقة القرن التي طرحها ترامب. فقد اقترح أعضاء في الحكومة، مثل وزير المالية بتسلئيل سموتريش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، استعادة المستوطنات الإسرائيلية في غزة، ونقل مئات الآلاف من الفلسطينيين من غزة، وضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة، وانهيار السلطة الفلسطينية، ومن الواضح أن الفلسطينيين لا يستطيعون بمفردهم منع مثل هذا الهجوم. ولكن في الوقت نفسه، تتسع الانقسامات في المجتمع الإسرائيلي وداخل الشتات اليهودي ــ بين الإسرائيليين العلمانيين والمتدينين، وبين أولئك الذين يطالبون بالمساءلة عن أحداث السابع من أكتوبر وأولئك الذين يحاولون تحويل اللوم أو ببساطة المضي قدمًا، وبين الإسرائيليين الذين يبدو أنهم على استعداد للتوصل إلى تسوية مع الفلسطينيين وأولئك الذين لا يفعلون ذلك، وبين مصالح حركة الاستيطان ودولة إسرائيل، وبين الناس الذين يعطون الأولوية ليهودية الدولة وأولئك الذين يعتقدون أن الديمقراطية ينبغي أن تكون القوة المرشدة لإسرائيل. وفي مرحلة ما من عام 2025، سوف يضطر نتنياهو وحكومته إلى مواجهة الحساب مع شعبهما بشأن هذه التوترات. وتتضاءل احتمالات قدرته على الاستمرار في تجنب المساءلة والحفاظ على تماسك ائتلافه اليميني الضعيف مع إغلاق كل جبهة حرب.

رغم قتامة المستقبل القريب بالنسبة للفلسطينيين، فإن هناك أمورًا أخرى مجهولة ستؤثر على ما يفعله ترامب في الشرق الأوسط. ومن بين هذه الأمور تغيير الديناميكيات الإقليمية، فقد أصبحت طهران في موقف دفاعي، ودخل الصراع على سوريا مرحلة جديدة مع تسابق القوى الإقليمية على النفوذ. واستغلت إسرائيل الفراغ باحتلال الأراضي السورية وقصف مخازن الأسلحة والمنشآت العسكرية في مختلف أنحاء البلاد. هناك عامل آخر يتمثل في غرور ترامب: فهو يتوق إلى تأمين صفقة كبرى بين الإسرائيليين والفلسطينيين وربما تعلم من ولايته الأولى أن الصفقة لا يمكن أن تتم دون موافقة فلسطينية وقبول عربي.

بعد كل المعاناة التي عاشها الفلسطينيون، فإن مستقبلهم الأكثر ترجيحًا هو مستقبل «لا حرب ولا سلام»: مقاومة وقمع على مستوى منخفض، ومواجهات مع المستوطنات الإسرائيلية المتعدية، وإغاثة إنسانية محدودة، وواقع الدولة الواحدة الذي يشبه نظام الفصل العنصري. ويبدو أن تداعيات السابع من أكتوبر قد استنفدت الإمكانات والتبريرات اللازمة للنضال المسلح الذي كانت منظمة التحرير الفلسطينية تدعو إليه ذات يوم، والآن حماس.

يتطلب النضال من أجل مستقبل أفضل للفلسطينيين الوحدة حول هدف مشترك وتجديد وسائل المقاومة لتحقيق تقرير المصير الوطني. ينبغي تأسيس مؤسسات فلسطينية جديدة تعبر عن السيادة الوطنية وتخفف من معاناة غزة، مع التركيز على السلام العادل بدلًا من التفاصيل الفنية.

رجا الخالدي باحث تنموي اقتصادي متخصص في الأوضاع الفلسطينية في لبنان والاراضي المحتلة 1967 وداخل إسرائيل.

نشر المقال في oreign Affairs

مقالات مشابهة

  • جامعة حلوان تستضيف مؤتمر توظيف أدوات الذكاء الاصطناعي في البحث العلمي
  • لا سلام فى الشرق الأوسط بعيدًا عن مصر
  • عميد طب قصر العيني: سياسة جديدة لاستخدام الذكاء الاصطناعي
  • كيف سيعيد ترامب تشكيل الشرق الأوسط ؟
  • رئيس العربي للدراسات: الولايات المتحدة لن تتخلى عن دعمها لإسرائيل
  • ترامب يسحب الحماية من بولتون ويؤكد: غبي فجر الشرق الأوسط
  • توماس فريدمان يوجه رسالة إلى ترامب: هكذا يمكنك التعامل مع الشرق الأوسط
  • "منتدى الشرق الأوسط للرفع الاصطناعي " يبحث في مسقط تحسين كفاءة إنتاج الحقول النفطية وإطالة عمرها
  • منتدى الشرق الأوسط للرفع الاصطناعي يستعرض التقنيات الحديثة لتحسين الكفاءة التشغيلية
  • غوتيريش: الشرق الأوسط يشهد "تحولاً عميقاً" يتطلب السلام