لفت تقرير صدر عن البنك الدولي، خاص بلبنان عن المناخ والتنمية، خلال ندوة اقيمت في مكاتب البنك الدولي في بيروت إلى أن هناك حاجة ملحة إلى "استثمارات لا ندم عليها في قطاعات الخدمات الرئيسية مثل الطاقة، والمياه، والنقل، والنفايات الصلبة" لتحقيق التعافي على المدى القصير وللتخفيف من آثار تغير المناخ على مسار التنمية.

واشار الى انه على الرغم من الضغوط على المالية العامة والمؤسسات في لبنان، "فإن تكلفة التقاعس باهظة"، مشددا على انه "يمكن أن تساعد الاستثمارات الحيوية، المحدودة الأثر على الاقتصاد الكلي والمالية العامة، في تحفيز النمو". 

ويحدد التقرير الإجراءات والاستثمارات اللازمة على مستوى السياسات في ظل سيناريوهين للاقتصاد الكلي: الاول سيناريو "المراوحة " الذي يفترض استمرار التأخر في تنفيذ الإصلاحات، وضيق المساحة المتاحة للإنفاق من المالية العامة، ونقص التمويل من القطاع الخاص، والسيناريو الثاني "التعافي" الذي يفترض تبني إصلاحات على مستوى الاقتصاد الكلي والمالية العامة للتخفيف التدريجي من قيود التمويل وزيادة الحيز المتاح في المالية العامة للإنفاق.

وجاء في التقرير الذي عرضه مدير برنامج التنمية المستدامة سليم روحانا، ما يلي: "يُعتبر لبنان من بين أقل البلدان استعداداً لمواجهة تغير المناخ، إذ يأتي في المرتبة الثانية بعد اليمن في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ويحتل المركز 161 من بين 192 بلداً على مستوى العالم في الجهوزية لمواجهة تغير المناخ. يعود ذلك إلى محدودية قدرته على التكيف،  التي تفاقمت  بسبب الأزمة الاقتصادية والمالية الحالية. وقد أضعفت هذه الأزمة بشكل حاد رأس المال البشري، والطبيعي، والمادي للبنان. كما ألحقت أضراراً جسيمة بالمالية العامة، وأعاقت القدرة على الاستثمار في تدابير التخفيف ومنع تدهور الخدمات العامة في قطاعات مثل الطاقة، وإدارة النفايات الصلبة، ومعالجة مياه الصرف الصحي، وأدى ذلك إلى تسريع وتيرة التدهور البيئي.

وسيؤدي تغيُّر المناخ في لبنان إلى زيادة تواتر الظواهر المناخية البالغة الشدة. ومن المتوقع أن تؤثر الصدمات المناخية على إجمالي الناتج المحلي ورصيد المالية العامة، فضلاً عن زيادة نسبة الدين إلى إجمالي الناتج المحلي. وبشكل عام، من المتوقع أن تؤدي آثار تغير المناخ على النحو الوارد في تقرير المناخ والتنمية الخاص بلبنان إلى تقليص إمكانات النمو في لبنان بنسبة تبلغ 2% سنوياً بحلول عام 2040، وإعاقة تقديم الخدمات، لا سيما في قطاع المياه. ومن المتوقع أن يزيد تغير المناخ من شح المياه بنسبة تصل إلى 9% بحلول عام 2040 (بنسبة قد تصل إلى 50% خلال موسم الجفاف) وخسائر كبيرة في القطاعات الرئيسية المحركة للتعافي، خاصة الزراعة والسياحة، حيث من المتوقع أن تبلغ الخسائر السنوية 250 مليون دولار أميركي و75 مليون دولار أميركي على التوالي، مما يهدد سبل كسب العيش لشريحة كبيرة من السكان. 

ووفقاً لهذا التقرير، فإن الحد من الانبعاثات الكربونية في قطاع الكهرباء في لبنان يحقق عائداً ثلاثي الأبعاد: خفض التكاليف الاقتصادية بنسبة 41%، وخفض الانبعاثات بنسبة 43%، وتحسين نواتج الاقتصاد الكلي والمالية العامة عبر خفض كلفة استيراد الوقود والمحروقات. ولن يؤدي التوسع في استخدام الطاقة المتجددة إلى خفض التكاليف وتلبية الطلب المتزايد فحسب، بل سيؤدي أيضاً إلى إبطاء توليد الانبعاثات وخلق المزيد من فرص العمل. وفي قطاع المياه، من الضروري بناء القدرة على التكيف مع تغير المناخ لتعزيز الأمن المائي عبر زيادة سعة التخزين، وكفاءة استخدام المياه، واستعادة خدماتها التي تتسم بالمرونة والصمود في مواجهة الأزمات. وبعيداً عن قطاعي المياه والكهرباء، فإن استخدام وسائل النقل العام التي تعتمد على الكهرباء وتحسين إدارة النفايات الصلبة يوفِّران فرصاً للنهوض بأجندتي التنمية والمناخ في آن واحد. 

تعتمد زيادة قدرة لبنان على التكيُّف مع الصدمات المناخية على مدى سرعة تعافيه من أزمته الحالية والاستثمار في تدابير التكيُّف، لا سيما في قطاعات المياه والزراعة والسياحة والنقل. ويقيّم التقرير أثر محفظة تمويل عاجل بقيمة 770 مليون دولار أميركي لتلبية بعض الاحتياجات الضرورية على المدى القصير (2024-2026) في القطاعات الأربعة المذكورة في إطار أي من السيناريوهين المعروضين في التقرير. وقد أظهرت نمذجة حزم الاستثمارات ذات الأولوية على مستوى الاقتصاد الكلي أنها لن تضع الدين على مسار لا يسمح بالاستمرار في تحمُّل أعبائه. كما يمكن لتخصيص القطاع الخاص للتمويل أن يعزز ديناميكيات المالية العامة والديون، مما يقلص نسبة مساهمة الحكومة في إجمالي الإنفاق الاستثماري.

وعلى المدى الأطول، تشير التقديرات الواردة في التقرير أيضاً إلى أن لبنان سيحتاج إلى استثمارات بقيمة تبلغ نحو 7.6 مليارات دولار أميركي في السنوات 2024 ــ 2030 في القطاعات الرئيسية الأربعة لإحداث مواءمة بين تحقيق التعافي، والعمل المناخي الفعّال من حيث التكلفة. ويتطلب قطاع الطاقة وحده، والذي يعتبر كثيف الاستخدام لرأس المال، استثمارات بقيمة نحو 4 مليارات دولارأميركي لتنويع مزيج توليد الكهرباء من مصادر للطاقة المتجددة أنظف وميسورة التكلفة والتحوُّل من الوقود السائل إلى الغاز الطبيعي. 

ويشدد التقرير أيضاً على أهمية دعم القطاع الخاص في لبنان، وتحسين الحوكمة، واعتماد نهج يشمل المجتمع بأكمله في التصدي لتغيُّر المناخ، باعتبارها  عناصر في غاية الأهمية لتحقيق التعافي الأخضر في لبنان".(الوكالة الوطنية) المصدر: الوكالة الوطنية

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: المالیة العامة الاقتصاد الکلی من المتوقع أن دولار أمیرکی تغیر المناخ على مستوى فی لبنان فی قطاع

إقرأ أيضاً:

مؤسسة البنك التجاري الدولي تواصل دعم حملة «شتاء أدفى» لكساء 100 ألف طفل

في إطار التزام مؤسسة البنك التجاري الدولي - مصر بدورها الريادي في المسؤولية المجتمعية والتنمية المستدامة، تواصل المؤسسة شراكتها الاستراتيجية مع مؤسسة بنك الكساء المصري من خلال تقديم الدعم المالي بنحو 30 مليون جنيه لحملة «شتاء أدفى» تحت مظلة مبادرة «لمصر».

تستهدف الحملة توزيع الدفء على 100 ألف طفل مستحق في محافظات الفيوم والغربية وكفر الشيخ، حيث تم توقيع بروتوكول التعاون في يوم 26 فبراير بفندق الفور سيزونز الجيزة، بحضور الدكتور معز الشهدي رئيس مجلس أمناء بنك الكساء المصري والمهندسة منال صالح الرئيس التنفيذي لمؤسسة بنك الكساء المصري، وأمين الصندوق مؤسسة البنك التجاري الدولي لؤي أمين، ونادية حسني، أمين عام مجلس أمناء مؤسسة البنك التجاري الدولي، والمهندس شريف السعيد، مدير مؤسسة البنك التجاري الدولي، لوجين حسين، مخطط أول برامج بمؤسسة البنك التجاري الدولي تأكيدًا على التزام المؤسستين بتقديم الدعم والمساندة للأطفال الأكثر احتياجًا.

وتمثل هذه الحملة استكمالًا لمسيرة طويلة من العطاء والتعاون المثمر بين مؤسسة البنك التجاري الدولي - مصر، ومؤسسة بنك الكساء المصري، حيث يتم الاحتفال هذا العام بمرور أكثر من عشرة أعوام على الشراكة بين المؤسستين، والتي أثمرت عن توفير الدفء والرعاية لحوالي 700 ألف طفل في مختلف محافظات مصر: قنا، الجيزة، بني سويف، البحر الأحمر، أسوان، مرسى مطروح، المنيا، الوادي الجديد، القاهرة، الشرقية، الأقصر، شمال سيناء، سوهاج، أسيوط، المنوفية، الدقهلية، جنوب سيناء، البحيرة، والإسكندرية.

وفي ظل قسوة فصل الشتاء وبرودة الطقس القاسية التي تعاني منها العديد من المحافظات المصرية، يواجه الأطفال المستحقون تحديات صحية خطيرة قد تؤثر على حياتهم بشكل مباشر، خاصة في المناطق الأكثر احتياجًا التي تفتقر إلى وسائل التدفئة الكافية، حيث يعاني هؤلاء الأطفال من التعرض المستمر للبرد القارس، بما يزيد من احتمالية إصابتهم بأمراض الجهاز التنفسي مثل الالتهابات الرئوية، والإنفلونزا الحادة، والتهابات الشعب الهوائية، بالإضافة إلى تفاقم الحالات المزمنة لدى الأطفال الذين يعانون من الحساسية الصدرية أو ضعف الجهاز المناعي.

وبسبب ضعف الإمكانيات لدى العديد من الأسر، فإن الأطفال غالبًا ما يضطرون لمواجهة الشتاء بملابس خفيفة لا توفر لهم الدفء الكافي، بما يجعلهم أكثر عرضة للإصابة بالأمراض التي قد تؤثر على نموهم وصحتهم العامة، ومن هنا تأتي أهمية حملة «شتاء أدفى»، التي أطلقتها مؤسسة البنك التجاري الدولي - مصر بالتعاون مع مؤسسة بنك الكساء المصري، كاستجابة حقيقية لهذه المخاطر، حيث تساهم بشكل مباشر في الحد من انتشار الأمراض الناتجة عن سوء التدفئة بين الأطفال المستحقين من خلال توفير الأطقم الشتوية المصنوعة من خامات قطنية صحية والتي يمكن تشبيهها باللقاح الذي يقي الأطفال من الأمراض الموسمية التي تزداد في ظل انخفاض درجات الحرارة، حيث إن الدفء ليس رفاهية، بل هو خط الدفاع الأول لحماية صحة الأطفال، لإن برودة الجسم المستمرة تضعف جهاز المناعة وتجعل الطفل أكثر عرضة للعدوى، ويؤدي ذلك إلى فترات مرض متكررة قد تعيق نموه الطبيعي وتعرضه لمضاعفات خطيرة قد تصل إلى الوفاة، ومن هنا تبرز أهمية توفير الملابس الشتوية، حيث تسهم بشكل كبير في تقليل حالات الوفيات بين الأطفال الناجمة عن الأمراض المرتبطة بالبرد القارس.

أظهرت الدراسات وقياس الأثر الاجتماعي للحملة نتائج ملموسة تعكس أهميتها، حيث ساهمت في تقليل نسبة إصابة الأطفال بالأمراض الصدرية بنسبة 40%، كما ساعدت في رفع معدلات انتظام الطلاب في الدراسة بنسبة 25%، وهو ما يعكس التأثير الإيجابي لهذه المبادرة ليس فقط على صحة الأطفال، بل أيضًا على مسيرتهم التعليمية.

تعكس الحملة حرص المؤسستين على توفير حلول عملية ومستدامة لتحسين حياة الأطفال المستحقين من خلال تصنيع وتوزيع الطقم الشتوي المقدم للأطفال بتصميم خاص لمؤسسة البنك التجاري الدولي - مصر، من خامات معاد تدويرها وقطن 100%، بما يسهم في تقليل الأثر البيئي وتعزيز مفهوم الاستدامة، كما أن هذه المبادرة تشمل تمكين السيدات المعيلات في مصر، حيث يتم تصنيع الأطقم الشتوية داخل المشاغل تحت إشراف بنك الكساء المصري، بإشراف وتدريب متخصص لهؤلاء السيدات على أعمال الخياطة والتصنيع وإعادة التدوير.

وفي هذا السياق، أعرب رئيس مجلس أمناء مؤسسة بنك الكساء المصري الدكتور معز الشهدي بأن هذه الحملة تمثل نموذجًا متميزًا للشراكات المؤثرة بين مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص، حيث تجمع بين البعد الإنساني والاستدامة البيئية والتمكين الاقتصادي، مما يخلق منظومة متكاملة للتنمية المجتمعية.

وأكد المهندس شريف السعيد، مدير مؤسسة البنك التجاري الدولي - مصر، أن حملة «شتاء أدفى» ليست مجرد مبادرة إنسانية، بل هي بمثابة مصل شتوي يقي الأطفال من برد قاسٍ قد يعصف بصحتهم، وهي تجسيد حقيقي لكيفية تحويل المبادرات المجتمعية إلى أدوات فعالة لحماية الأطفال ومنحهم فرصة للعيش بصحة وأمان، وهذا هو الدور الحقيقي للمؤسسات المجتمعية، أن تكون مصدر حماية ودعم لهؤلاء الأطفال المستحقين.

اقرأ أيضاًبنك مصر يصدر شهادة ادخار «يوماتي» بعائد متغير 27% سنويا

مواعيد عمل البنك الأهلي المصري في رمضان 2025

عائد سنوي 27%.. شهادات الادخار بأجل سنة في بنكي «مصر والأهلي»

مقالات مشابهة

  • الصّدي عقد لقاءات مع البنك الدولي ومؤسسات دولية
  • مكي عرض مع وفد البنك الدولي لاستراتيجية التحول الرقمي
  • تكلفة المعيشة في إسطنبول ترتفع 54% خلال عام
  • وزارة الخدمة المدنية تستعرض التقرير النهائي للجنة الشركات المنسحبة والمتعثرة
  • مؤسسة البنك التجاري الدولي تواصل دعم حملة «شتاء أدفى» لكساء 100 ألف طفل
  • تغير المناخ يهدد إنتاج القهوة.. هل يقدم جنوب السودان حلا؟
  • البنك المركزي: نمو حجم القروض والسلف للقطاع المصرفي العراقي بنسبة (5.4%)
  • وزير لبناني: البنك الدولي يعمل على تأسيس صندوق بقيمة مليار دولار للبنان ومهمتنا إنجاز الإصلاحات
  • دراسة: تغير المناخ قد يسرّع الشيخوخة أكثر من التدخين
  • البنك المركزي العراقي: نمو احتياطيات الذهب بنسبة 45.1%