كشفت نتائج دراسة علمية جديدة أن البشر الأوائل الذين عاشوا في الأراضي الرطبة في شرق الأردن في نهاية العصر الجليدي الأخير قبل أكثر من 10 آلاف عام، خلقوا عن غير قصد ظروفا بيئية شجعت الطيور على الاستقرار في تلك المنطقة بدلا من الهجرة.

وتدحض هذه النتائج الفكرة السائدة حاليا في الوسط العلمي بأن تأثير الإنسان على البيئة تأثير سلبي بطبيعته، وتُظهر كيف يمكن للتفاعل البشري مع النظم البيئية أن يعزز التنوع البيولوجي من خلال تمكين الأنواع المختلفة من الازدهار معا.

منطقة الشبيكة شرق الأردن حيث تصب مجموعة من الأودية خلال الفيضانات الموسمية، كانت فيما مضى منطقة رطبة (جامعة كوبنهاغن) شرق الأردن الصحراوي.. كان منطقة رطبة

في شرق الأردن تقع منطقة الشبيكة الصحراوية المنخفضة ذات الصخور البازالتية والخالية من السكان، هناك تصب مجموعة من الأودية خلال الفيضانات الموسمية. وعلى الرغم من ندرة المياه في هذه المنطقة التي تتميز اليوم بطقسها الحار والجاف، فإن الكثير من الأدلة تشير إلى أنها كانت فيما مضى منطقة رطبة ذات غلاف نباتي كثيف تغطي المياه مساحات واسعة منها طوال الوقت. وتُعتبر هذه الظروف مناسبة جدا لوجود الطيور المائية والأنواع الأخرى هناك على مدار السنة، كما يقول معدو الدراسة الجديدة.

وعثر الباحثون على بقايا وفيرة للطيور المائية في منطقة الشبيكة، مما يدل على وجود الأراضي الرطبة على المدى الطويل خلال الحقبة الممتدة من 14700 إلى 12900 سنة مضت والتي تميزت بطقس رطب ودافئ نسبيا.

وما أثار انتباه العلماء هو أن هذه الفترة تزامنت مع ظهور تجمعات سكانية في منطقة الشام في بداية نشأة الحضارة النطوفية التي امتدت بين نحو 14 ألفا و10 آلاف سنة مضت، مما دفعهم إلى بحث تأثير النشاط البشري القديم في سلوك الطيور المهاجرة من خلال توفير بيئة مناسبة لاستقرارها في تلك المنطقة.

Birds have been adapting to human activity for millennia ???? https://t.co/FBs92bHPTz

— University of Copenhagen Research (@UCPH_Research) February 20, 2024

 

موائل بيئية مناسبة لاستقرار الطيور المهاجرة

وبحسب بيان نشر على موقع جامعة كوبنهاغن، فقد كشفت الدراسة الجديدة التي قام بها باحثون دانماركيون وأجريت في منطقة الشبيكة ونُشرت في دورية "أركيولوجيكال ميثود آند ثيوري" العلمية، أن تعامل شعوب العصر الحجري الحديث مع الأراضي الرطبة من خلال حصاد النباتات واستخدام موارد الطيور المائية، خلق موطنا لهذه الطيور على مدار العام.

وأظهرت نتائج تحليل قشر البيض وبقايا عظام الطيور التي عثر عليها العلماء في الموقع، أن طيور البط والإوز والبجع تكاثرت قرب منخفض الشبيكة خلال العصر النطوفي المبكر؛ مما يشير إلى توفر ظروف بيئية مناسبة لاستقرار هذه الأنواع.

وقالت عالمة الآثار بجامعة كوبنهاغن والمعدة الرئيسية للدراسة ليزا يومانس في البيان: "إن وجود قشر البيض وعظام البط والبجع الصغير في السجل الأثري يشير إلى أن هذه الطيور ظلت بالفعل طوال العام لتتكاثر في الأراضي الرطبة عوضا عن العودة إلى أوروبا".

وأضافت أن "السلالات الحديثة لهذه الطيور يمكنها البقاء والتكاثر في المنطقة، ولكن فقط إذا كانت البيئة مناسبة لها، لذلك نعتقد أن الإدارة البشرية للغطاء النباتي في الأراضي الرطبة وفرت لها بيئة مناسبة من خلال حصاد الغطاء النباتي".

العلاقة بين الطيور المائية والإنسان القديم والأراضي الرطبة ساهمت في ظهور الزراعة (شترستوك) الموائل المعدلة وظهور الزراعة

وتُمثل حقبة نهاية العصر الجليدي في منطقة الشبيكة ومنطقة الشام بصفة عامة، نقطة محورية في تاريخ البشرية، كما يقول أصحاب الدراسة، حيث كانت المجتمعات على وشك التحول إلى الزراعة. ومثل ظهور الحضارة النطوفية المرحلة التي فصلت بين مجتمعات التنقل والصيد والالتقاط ومجتمعات الاستقرار والزراعة وتدجين الحيوانات. لذلك يعتقد العلماء أن التعديلات على البيئات مثل تلك التي عُثر عليها في الأراضي الرطبة في الشبيكة يمكن أن تكون عاملا حاسما في تطوير الممارسات الزراعية.

وقالت عالمة الأنثروبولوجيا في جامعة كوبنهاغن والباحثة المشاركة في الدراسة كاميلا مازوكاتو: "نحن نعلم أن الزراعة تطورت في هذه المنطقة بعد فترة وجيزة من هذه الحقبة، ونقترح أن الإدارة المتعمدة للأراضي الرطبة كانت مرحلة مهمة في هذه العملية من حيث إنها أتاحت فرصا محسّنة للبحث عن الطعام".

ويقول الباحثون في الدراسة إن تشابك العلاقات بين الطيور المائية والإنسان القديم والأراضي الرطبة ساهم في بناء هذا المجال المشترك وزيادة إنتاجية البيئة من الغذاء، مع الحفاظ على التنوع في الأنواع الأخرى ومكافحة الآفات، فضلا عن المساهمة في رفاهية الإنسان من خلال تحفيز الابتكارات التي أدت في النهاية إلى ظهور الزراعة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 حريات فی الأراضی الرطبة شرق الأردن فی منطقة من خلال

إقرأ أيضاً:

دراسة علمية جديدة تسلط الضوء على الفساد في الأردن: الجذور والتطور والأثر والحلول

#سواليف

نشر الأستاذ الدكتور محمد تركي بني سلامة، أستاذ العلوم السياسية في جامعة اليرموك، #دراسة_علمية جديدة بعنوان ” #الفساد في #الأردن: الجذور والتطور والأسباب والآثار والحلول”، والتي تسلط الضوء على ظاهرة الفساد في الأردن من منظور تحليلي شامل.

تناقش الدراسة، التي تم نشرها عبر منصة ResearchGate، الأبعاد التاريخية والتطورات التي شهدتها قضايا الفساد في الأردن، كما تقدم تحليلاً معمقًا لأسباب الفساد وآثاره السياسية والاقتصادية والاجتماعية على الدولة والمجتمع. وتعتمد الدراسة على منهجية علمية تجمع بين التحليل النظري والدراسات الميدانية، مما يتيح فهمًا دقيقًا للعوامل التي تسهم في انتشار الفساد والتحديات التي تواجه جهود مكافحته.

كما تطرح الدراسة مجموعة من الحلول المقترحة لمكافحة الفساد، من بينها تعزيز الشفافية والمساءلة، وتطوير القوانين والتشريعات ذات الصلة، وتعزيز استقلالية مؤسسات الرقابة، إلى جانب دعم دور المجتمع المدني والإعلام في مراقبة الأداء الحكومي ومكافحة الفساد الإداري والمالي.

مقالات ذات صلة الزعبي في رابطة الكتاب فرع إربد يتحدّث عن تجربة السجن / صور 2025/02/05

عن الباحث

يعد الأستاذ الدكتور محمد تركي بني سلامة من أبرز الأكاديميين في مجال العلوم السياسية في الأردن، حيث شغل عدة مناصب أكاديمية، منها عمله سابقًا في كلية الدفاع الوطني في الإمارات، ويشغل حاليًا منصب أستاذ في جامعة اليرموك. وقد نشر العديد من الأبحاث العلمية المحكمة في مجالات الإصلاح السياسي، والديمقراطية، والأمن المائي، والعلاقات الدولية، مما يجعله من الشخصيات البارزة في الحقل الأكاديمي والبحثي في العالم العربي.

يمكن الاطلاع على الدراسة كاملة عبر الرابط التالي:
الفساد في الأردن: الجذور والتطور والأسباب والآثار والحلول … https://search.app/FFwJJuJJtAZLcJQJ8

مقالات مشابهة

  • دراسة رائدة تكشف سر تميز أدمغة البشر عن بقية الكائنات
  • دراسة: أوميغا 3 يبطئ معدل الشيخوخة البيولوجية لدى البشر
  • أمين البحوث الإسلامية يتفقد منطقة وعظ الأقصر للوقوف على برامج وجهود التوعية المجتمعية
  • وزير الدفاع الكويتي عقب توليه المنصب: نسعى لتوفير بيئة عمل مناسبة لرفع مستوى الأداء
  • وزير الري يبحث موقف دراسة إعادة تأهيل المناطق الزراعية في شمال الدلتا
  • القادري لـ سانا: تمكّن عدد كبير من المعلمين من العودة إلى أماكن عملهم التي هُجّروا منها بسبب النظام البائد، وهو ما يوفّر الاستقرار للمدارس في تلك المناطق
  • «الأرصاد» تكشف أماكن سقوط الأمطار اليوم.. متفاوتة الشدة على 20 منطقة
  • وزير التربية والتعليم نذير القادري لـ سانا: ضمن عملية التنظيم الإداري للواقع التربوي، وبعد دراسة واقع الكوادر التعليمية والإدارية بالمحافظات، أصدرنا عدة قرارات نقل للكوادر التعليمية إلى محافظاتهم التي تقدموا بطلبات النقل إليها خلال العطلة الانتصافية
  • وزير الري يتابع موقف إعادة تأهيل المناطق الزراعية المتأثرة في شمال الدلتا
  • دراسة علمية جديدة تسلط الضوء على الفساد في الأردن: الجذور والتطور والأثر والحلول