زرموح يكشف عن عواقب فرض ضريبة بنسبة 27% على النقد الأجنبي
تاريخ النشر: 13th, March 2024 GMT
ليبيا – توقع أستاذ الاقتصاد بالأكاديمية الليبية عمر زرموح،ارتفاع سعر الدولار في حال فرض ضريبة بنسبة 27% على النقد الأجنبي.
زرموح وفي تصريحات خاصة لصحيفة “صدى الاقتصادية”، أوضح أن سعر الدولار الذي هو الآن 4.84 دينار سيصبح 6.15دينار بعد فرض الضريبة،مع ملاحظة أن هذا السعر غير ثابت حتى إذا كانت الضريبة ثابتة؛لأن الدينار مثبت بشكل مباشر بوحدات حقوق السحب الخاصة وليس بوحدات الدولار وإنما يرتبط الدينار بالدولار وببقية العملات بطريقة غير مباشرة.
وأضاف:”النقطة المهمة هُنا هي أن فرض هذه الضريبة أو الرسم لا يعد تغييراً في سعر الصرف الرسمي لكنه وهذا مكمن الخطر، من المرجح أن يقود إلى تغيير سعر الصرف الرسمي لتصبح قيمة الدينار أقل من 0.1555 وحدة حقوق سحب خاصة بعد أن كانت قيمته 0.5175 قبل 16 ديسمبر عام 2022.
وواصل زرموح حديثه:”إن القول بأن هذه الضريبة ستكون مؤقتة لا يمكن الاعتماد عليه ولا الوثوق فيه بناءً على مؤشرات الثقة السابقة التي كان آخرها قرار المصرف المركزي رقم 2 لعام 2024 بتاريخ الأول من فبراير 2024 بشأن ضوابط النقد الأجنبي (فتح الاعتمادات المستندية والتحويلات للأغراض الشخصية) التي لم يلتزم المصرف ذاته بما ورد من ضوابط في هذا القرار بل كان أول من نقضها.
وبحسب زرموح،ينتج عن هذه النقطة المهمة أنه في حالة حصول التخفيض الرسمي المشار إليه للدينار فإن عواقب ذلك سوف تتمثل في الآتي:
( أ ) تخفيض الدخول الحقيقة للأفراد والشركات والمؤسسات.
(ب) تخفيض المدخرات والثروات المالية ورؤوس الأموال الحقيقية، لكل من الأفراد والشركات والمؤسسات.
(جـ) تدهور مستوى ثقة المتعاملين (أي زبائن المصارف التجارية من أفراد وشركات ومؤسسات) في قيمة الدينار بسبب هذا التخفيض ومن ثم توقع استمرار التقلبات في قيمته تجاه العملات الأجنبية وخاصة أنه لا يوجد ما يضمن عدم تكرار هذا التخفيض مستقبلاً.
د.مشكلة تدهور مستوى الثقة في قيمة الدينار قد يؤدي، على الأرجح، إلى تحويل نسبة معتبرة مما لدى المتعاملين من دينارات إلى ملاذ آمن مثل الدولار أو اليورو أو الذهب فيزداد الطلب عليها وترتفع أسعارها في السوق المحلية.
هـ .ينجم عن كل ما تقدم فشل المصرف المركزي في تحقيق الاستقرار النقدي المنصوص عليه في المادة الخامسة من قانون المصارف رقم (1) لسنة 2005 وتعديلاته.
وأردف:”أن حقيقة إدراك المتعاملين لعواقب تخفيض قيمة الدينار التي يمهد لها المصرف المركزي، عن قصد أو عن غير قصد، سوف يزيد من حدة الأزمة ويفاقمها لتشمل المنظومة المصرفية برمتها، ولا أتوقع أن تحل هذه الأزمة وتعود الثقة إلا بإعادة تشكيل مجلس إدارة المصرف المركزي ومرور فترة كافية من الزمن لإثبات حسن إدارة المجلس الجديد للنظام النقدي الليبي، كما إن مجلس الإدارة الجديد يجب أن يتكون من أشخاص ذوي ثقة وأهل علم وخبره وإخلاص ووطنية وأصحاب التزام إداري وقانوني ولديهم رؤية وبعد نظر اقتصادي، وأن يكون المحافظ من المتخصصين في الاقتصاد تحديداً ولا ينبغي أن يقبل أي تخصص آخر، حتى يمكنه تطبيق النظريات الاقتصادية عن اقتناع واستخدام أدوات السياسة النقدية وتفهم سياسة سعر الصرف كسياسة تجارية وأدوات السياستين المالية والتجارية، وحتى نضمن ابتعاده عن سياسة ردود الأفعال التي يجري تنفيذها حالياً، فإذا تحقق ذلك فإنه سيكون في مقدور مجلس الإدارة الجديد إعادة الثقة في المنظومة المصرفية، كما سيكون في مقدوره الاستفادة من مختلف القواعد القانونية الرائعة الموجودة في مواد قانون المصارف رقم (1) لسنة 2005 وتعديلاته، ومن ثم خلق الاستقرار النقدي وترسيخه كهدف دائم من جهة أخرى، سيكون في مقدور مجلس الإدارة الجديد بمواصفاته المشار إليها آنفاً أن يمارس وظيفته كمستشار للدولة ومن ثم سيكون له الدور الكبير في مساعدة كل من الحكومة والسلطة التشريعية على اعتماد وتنفيذ الميزانية العامة للدولة بأهداف اقتصادية واضحة ومن ثم يتحقق ترشيد الإنفاق وتعمل السياسات الاقتصادية كمنظومة واحدة متسقة خالية من التضارب تحقق الأهداف الاقتصادية العامة في السيطرة على التضخم وتقليص البطالة ورفع معدلات النمو الاقتصادي وتحقيق التوازن الداخلي والخارجي في الاقتصاد”.
وأكمل :”أن الميزانية العامة للدولة يجب أن تعتمد بقانون من السلطة التشريعية، ولكن بالنظر إلى المشاكل السياسية القائمة، فإن البديل يجب أن يكون جهة أعلى من الحكومة مثل المجلس الرئاسي الذي كان خلال السنوات من 2017 إلى 2020 يعتمد الميزانية فيما يعرف شكلياً بالترتيبات المالية المنصوص عليها في الاتفاق السياسي، لكن لا يقبل أبداً أن تقوم الحكومة باعتماد المخصصات وبالتنفيذ معاً، وللتذكير فإن الترتيبات المالية المشار إليها تشترط توافق ثلاث جهات هي ديوان المحاسبة والمصرف المركزي والمجلس الرئاسي ثم يصدر قرار الاعتماد من المجلس الرئاسي.
وتابع بالقول:”إن الطبيعة الريعية للاقتصاد الليبي جعلت من قطاع النفط اللاعب الأكبر في هذا الاقتصاد بحكم دوره المزدوج، إن ارتفاع معدلات إنتاج يساهم من جهة في تحقيق موارد جيدة للميزانية العامة للدولة ويجنب الدولة مواجهة العجز في الميزانية، ومن جهة أخرى يساعد على تجنب العجز في ميزان المدفوعات، بل يساعد بالأحرى على تحقيق الفائض وتوفير النقد الأجنبي ومن ثم تعزيز قيمة الدينار. لذلك فإنه من الأهمية بمكان أن تعمل المؤسسة على زيادة معدلات الإنتاج إلى مليوني برميل في اليوم حسب الخطة التي أعلن عنها رئيس المؤسسة الوطنية للنفط وهي الخطة التي خصص لها خلال العامين الماضيين 2022-2023 مبلغ 51 مليار دينار، والجدير بالذكر أن من الأمور التي تدعو للأسف إن معدل إنتاج النفط خلال السنوات 2011-2022 كان في المتوسط 0.7 مليون برميل في اليوم بينما كان خلال السنوات 2004-2010 نحو 1.7 مليون برميل في اليوم مما يعني أن ليبيا كانت تخسر مليون برميل يومياً في كل يوم يمر طيلة 12 سنة (2011-2012) وهذا الفاقد يمكن تقدير قيمته بما لا يقل عن 250 مليار دولار كان من الممكن تحصيلها واستثمارها في الاقتصاد الليبي وتحقيق درجات من التقدم لا يستهان بها، لولا الحروب والمناكفات والانقسام السياسي والمؤسسي”.
وختم زرموح قائلاً:” مما تقدم وبالعودة إلى صلب الموضوع وهو مقترح المصرف المركزي بفرض رسم أو ضريبة على النقد الأجنبي وما يرجح أن ينجم عنه من تعديل في سعر الصرف بتخفيض قيمة الدينار فإنه يجب أن يشار إلى أن تخفيض قيمة العملة الوطنية يجب ألا تلجأ له الدولة إلا في ظل عجز مزمن في ميزان المدفوعات وأن العجز المؤقت لا ينبغي أن يقود إلى تخفيض قيمة العملة الوطنية. ولقد رأينا أن العجز في استخدامات النقد الأجنبي خلال العام 2023 كان في حدود مليار دولار فقط وهو أقل من 5% من استخدامات النقد الأجنبي خلال العام، كما أن محصلة السنوات 2021-2023 كانت فائضاً في ميزان المدفوعات وبالتالي فقد أضحى جلياً أنه لا يوجد أي مبرر اقتصادي للقيام بفرض رسم أو ضريبة أو تخفيض قيمة الدينار وأن المشكلة في جوهرها لا تعدو سوء إدارة للنقد الأجنبي خلال الأشهر الستة الماضية ناجمة عن عدم القدرة على تفهم النظريات الاقتصادية وتطبيقاتها في مثل هذه الأحوال التي تمر بها ليبيا أخذاً في الحسبان المستقبل المرتقب لزيادة إنتاج النفط الذي يدعو للتفاؤل والذي يفترض أن يقود العملية التنموية في القطاع غير النفطي”.
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
كلمات دلالية: النقد الأجنبی قیمة الدینار سعر الصرف
إقرأ أيضاً:
ما تداعيات استقالة حاكمة المركزي السوري؟ وماذا عن الليرة؟
قدّمت حاكمة مصرف سوريا المركزي، ميساء صابرين، استقالتها رسميا يوم الخميس الماضي، وذلك بعد أقل من 3 أشهر على تعيينها في المنصب.
وأكد مسؤول حكومي سوري ومصدر في القطاع المالي أن تعيين بديل لصابرين سيتم مباشرة بعد الانتهاء من تشكيل الحكومة الجديدة خلال الأيام المقبلة.
ورغم غياب الإعلان الرسمي حتى اللحظة، تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي أسماء مرشحين لخلافة صابرين، أبرزهم الدكتور عبد القادر حصرية، الخبير الاقتصادي السوري المتخصص في الإصلاح والسياسات العامة.
لكن، ما تداعيات هذه الاستقالة المفاجئة؟ وكيف يمكن تقييم أداء المصرف خلال فترة صابرين القصيرة؟ وما الخيارات المطروحة للحفاظ على الاستقرار الاقتصادي وسعر صرف الليرة في المرحلة المقبلة؟
تداعيات محدودة واستقالة في سياق هيكلةوأجمع خبراء سوريون على أن استقالة صابرين لن تحمل تداعيات سلبية كبرى على الاقتصاد السوري أو على سعر صرف الليرة.
ويقول الخبير الاقتصادي السوري أسامة القاضي إن "الانتقال السلس بين حاكم مؤقت وآخر جديد لن يكون له تأثير سلبي كبير"، وهو ما أيده الخبير زياد مرعش، معتبرا أن الاستقالة تأتي في إطار إعادة هيكلة المصرف ليؤدي دوره في المرحلة المقبلة.
وقال مرعش في حديث للجزيرة نت": "أرجّح ألا يكون هناك تأثيرات سلبية ملحوظة لهذه الاستقالة، فضلا عن أن السيدة ميساء لديها خبرة مصرفية كبيرة، وأعتقد أنها ستكون إضافة مهمة للمصرف في أي دور قادم لها".
إعلان أداء في ظل ظروف قاسيةوفي تقييمه لأداء المصرف خلال فترة تولّي صابرين، أوضح القاضي أن الأداء كان جيدا بشكل عام، رغم "ضعف الإمكانيات ونقص الكوادر، وشح السيولة بالعملتين الأجنبية والمحلية"، مضيفا أن المصرف كان "عرضة لعملية نهب من قبل الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد"، على حدّ تعبيره.
وأشار إلى أن الإدارة السورية الجديدة "بذلت جهودا حثيثة خلال الأشهر الأولى بعد التحرير، لإبقاء دور المصرف حيويا وفعالا".
من جانبه، رأى الخبير زياد عربش أن المصرف "كان تحت ضغوط كبيرة ولم يتمتع بالاستقلالية أو حرية الحركة"، مؤكدا أن هذا أمر "طبيعي في ظل المرحلة الانتقالية والعقوبات المفروضة".
وأضاف عربش أن المصرف كان في حالة "إدارة أزمة بإمكانيات ضعيفة"، لكنه يرى أنه كان بالإمكان تفعيل دوره بشكل أكبر في تحرير السيولة وتنشيط الأسواق والتدخل الإيجابي في سعر الصرف.
طباعة عملة جديدة من فئة الـ5 آلاف ليرةودعا الخبير الاقتصادي القاضي الحاكم القادم إلى طباعة عملة جديدة من فئة الـ5 آلاف ليرة كحل مؤقت، موضحا أن هذه الفئة هي "الأكثر تعرضا للتزوير وتُستخدم في غسيل الأموال".
وأضاف: "طباعة العملة مسألة ضرورية لضمان وجود سيولة كافية في المصارف، ويمكن التفاهم مع دول شقيقة لدفع التكاليف على أقساط تمتد 3 سنوات، أو إيجاد دولة عربية تغطي التكاليف السنوية. هذه الخطوة ضرورية لمنع جفاف السيولة وضبط التزوير".
كما شدد على أهمية مأسسة مراكز الصرافة، ومنع انتشار الصرافين في الشوارع، معتبرا أن هذه الفوضى تخلق مضاربات مؤثرة جدا على سعر الليرة.
وتضمنت التوصيات أيضا مخاطبة الدول الأوروبية وخاصة ألمانيا، لافتتاح بنك ألماني في سوريا، مما يمكّن البلاد من الانضمام إلى منظومة "سيبا" (SEPA)، الشبيهة بمنظومة سويفت، بما يسمح بتحويل الأموال باليورو بين أوروبا وسوريا بسهولة، وهذا قد يسهم في تحريك الاقتصاد تدريجيا.
إعلان خطة عمل للمركزي السوري في المرحلة القادمةبدوره، اقترح عربش مجموعة إجراءات يتوجب على المصرف المركزي تنفيذها، وهي:
إصدار أوراق نقدية جديدة من فئات تسهّل التعاملات. إدارة المعروض النقدي بفعالية. التدخل الإيجابي في تحديد سعر صرف الليرة مقابل العملات الأجنبية. تحديد أسعار الفائدة على الليرة والتدخل لتعديلها بما يناسب ظروف السوق. وضع سياسات للبنوك العامة والخاصة تمنع التنافس الضار، وتعزّز دورها في الإقراض ضمن رقابة حكومية فعالة. الاتصال والتعاون مع البنوك المركزية في الدول الشقيقة والصديقة.جدير بالذكر أن ميساء صابرين عُيّنت نهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي حاكمة لمصرف سوريا المركزي، لتصبح أول امرأة تتولى هذا المنصب في تاريخ المصرف الممتد لأكثر من 70 عاما.
وقد خلفت محمد عصام هزيمة، الذي عيّنه الرئيس السابق بشار الأسد حاكما للمصرف في عام 2021.