رباب عبد الهادي: اللوبي الصهيوني ضخ 100 مليون دولار لإسقاط مرشحين بأمريكا
تاريخ النشر: 13th, March 2024 GMT
كشفت الأكاديمية الفلسطينية والمديرة التأسيسية للبرنامج الأكاديمي للدراسات العربية والمسلمة في المهجر، البروفيسورة رباب عبد الهادي، أن "اللوبي الصهيوني الأمريكي (إيباك) ضخّ 100 مليون دولار لإسقاط المرشحين التقدميين المؤيدين للقضية الفلسطينية في انتخابات الكونغرس المقبلة من أجل محاولة إسكات الأصوات التي ترفض الصمت حيال قتل أكثر من 30 ألف فلسطيني".
يُشار إلى أن انتخابات مجلس النواب الأمريكي تجرى كل عامين، وتشمل جميع المقاعد البالغ عددها 435 مقعدا، والحاصل على 218 مقعدا على الأقل يفوز بالأغلبية.
أما الانتخابات القادمة لمجلس الشيوخ (الغرفة الثانية للكونغرس) فلا تشمل سوى 35 مقعدا من إجمالي 100 مقعد فقط، وتبلغ عهدة (ولاية) السيناتور 6 سنوات.
وسيتجه الأمريكيون إلى صناديق الاقتراع في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل لانتخاب الرئيس القادم للبلاد واختيار أعضاء الكونغرس ــالهيئة التشريعية للحكومةــ.
وأضافت عبد الهادي، في مقابلة خاصة مع "عربي21": "هناك مجموعات مؤيدة للوبي الصهيوني في واشنطن تهاجمنا ليل نهار، ويزعمون أننا نقوم بأنشطة تتسم بالعنصرية ومعاداة السامية، وذلك من أجل تشجيع الجامعات الأمريكية على طرد كافة الأساتذة من مناصبهم ومعاقبة الطلاب الذين يقولون كلمة الحق".
بينما استدركت الأكاديمية الفلسطينية، قائلة: "لكننا صامدون، ونقاوم، وسنظل نرفع أصواتنا عاليا، ليعلو صوت الحق والعدالة لفلسطين، ولن نصمت أبدا".
وأوضحت أن "الإمارات والبحرين تتواطأن وتتعاونان مع اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة"، متابعة: "نحن لا نغفل أن الإمارات تُصدّر الغذاء والخضراوات لإسرائيل بعد الحصار الذي فرضته على اليمن، وأيضا هناك تعاون كبير بين اللوبي الصهيوني والسعودية عن طريق جاريد كوشنر الذي يعقد اجتماعات سرية مع بعض المسؤولين من أجل التطبيع مع الرياض".
وإلى نص المقابلة الخاصة مع "عربي21":
ما الجديد بخصوص قضية إلغاء المساق التدريسي الخاص بكم الذي يتحدث عن فلسطين في جامعة سان فرانسيسكو؟
لقد ألغت إدارة الجامعة المُتحالفة مع المؤسسات الصهيونية مساق فلسطين خلال الفصل الدراسي الماضي بدون ذريعة، ورفضت التراجع عن قرارها التعسفي رغم الحملة الواسعة التي أطلقناها، ولكننا نجحنا عبر هذه الحملة في استعادته خلال هذا الفصل، وأُدرّسه حاليا، والواضح أن تسجيل ومشاركة الطلاب قد ازداد بشكل ملحوظ لكافة مساقاتنا، ويبدو ذلك في ارتفاع أرقام تسجيل الطلاب الأمر الذي يؤكد مدى اهتمامهم بدراسة فلسطين والمواضيع الحيوية الأخرى التي نُدرّسها كمساقات أخرى حول الإسلاموفوبيا ومقارنة الحدود بين فلسطين والمكسيك، وهذا يدحض ذرائع ادعاءات الجامعة بأن إلغاء المساق كان بسبب عدم إقبال الطلاب عليه، وهي كلها ادعاءات غير صحيحة، وإن دلت على شيء فإنها تؤكد على تواطؤ إدارة الجامعة مع مؤسسات اللوبي الصهيوني بهدف محو الرواية الفلسطينية وتجريمها في المناهج الدراسية الرسمية.
هل هناك انتهاكات أخرى تتعرض لها الدكتورة رباب عبد الهادي؟
نعم، ما زلت أتعرض شخصيا لمجموعة من المضايقات؛ فعلى سبيل المثال أخوض حاليا تحكيم قانوني ضد إدارة الجامعة المتصهينة بسبب تضييقها على "البرنامج الأكاديمي لدراسات الجاليات العربية والمسلمة المهجر".
وللتوضيح، فقد اضطررت أن استأنف قرار الفيتو الذي استخدمته رئيسة الجامعة ضدي وضد برنامج AMED الأكاديمي الذي استقطبتني إدارة الجامعة لتأسيسه من منصبي السابق كمديرة لمركز الدراسات العربية الأمريكية في جامعة ميشيغان، ولكن محاولاتهم لتدمير البرنامج تصاعدت بحجم تعمّق تحالفها مع القوى والمؤسسات الصهيونية.
وقد حاولت طيلة 15 عاما إقناع إدارة الجامعة بالتراجع عن سياساتها العدائية لإسكات صوت فلسطين، ومنهاج فلسطين، والقضايا العربية والمسلمة، والالتزام بدل ذلك بالعقد الذي وظفتني بموجبه، ولكن كل محاولاتي للوصول لهذه النتيجة لم تجدي فقمت برفع شكوى عبر نقابة الأساتذة تستمد شرعيتها من أسس بنود الاتفاقية ما بين إدارة الجامعة والنقابة التي تحكم كافة الشؤون التعليمية والإدارية.
وعليه، تم تشكيل لجنة حيادية من الأساتذة المنتقاة أسمائهم بشكل عشوائي وتثبيتهم رسميا من قِبل النقابة والجامعة، وبعد استماع اللجنة للشكوى التي تقدمت بها ودفاع مسؤولي الجامعة الكبار (العمدة الأكاديمية، وعميد العمداء، وعميدة الكلية، وممثلي الجامعة القانونيين) عن أنفسهم واستنادا للإفادات والوثائق التي تقدم بها الطرفان فقد صوتت اللجنة بالإجماع لصالحي، وأصدرت لجنة الأساتذة قرارا حاسما يؤكد أن الجامعة قد خرقت عقدي للتوظيف، وحاولت بشتى السبل تدمير البرنامج، وقامت بعزلي أكاديميا.
لذا، فقد طالبت اللجنة إدارة الجامعة بتطبيق تعهدها ببناء البرنامج والتراجع عن خروقاتها بعدم توظيف أستاذين آخرين لمساعدتي ببناء البرنامج المناهج، كما نص عليه عقدي.
كما طلبت اللجنة من الجامعة بالاعتذار لي على ممارستها السيئة بحقي، ولكن استخدام رئيس الجامعة المتواطئة مع المؤسسات الصهيونية للفيتو لإلغاء نتائج التحقيق والتحكيم لم يترك أي خيار لدي سوى الاستئناف رغم الجهد والوقت والمال الذي تحتاجه هذه الخطوات في الوقت الذي تتطلب غزة كل اهتمامنا، ولكن المشكلة أننا لا نتحكم في توقيت جلسات التحكيم فعلينا خوض هذه المعركة والانتصار بها في نفس الوقت الذي نُسخّر فيه كافة طاقاتنا لوقف شلال الدم في غزة.
وستُعقد الجلسة الثانية للتحكيم اليوم الأربعاء، وتركز على مناورات الجامعة التي طعنت في حقي برفع الشكوى، وتحاول الجامعة أن تماطل في ذلك لاعتقادها أن الزمن في صالحها، ويبدو أن الإدارة حتى الآن لم تتعلم الدرس بأنني لن أتخلى، ولن استسلم، لسياساتهم المجحفة، ولن أقبل بإسكات صوت فلسطين لا في الجامعة ولا خارجها.
وفي نفس الوقت الذي تحاربني الجامعة في التحكيم القضائي فإنها تحاول القضاء على البرنامج بشكل أو بآخر فما زالت الإدارة تحاول سحب "بعثة إدوارد سعيد" من برنامج ِAMED وتسليمها لموظفين إداريين لا يفهمون من هو إدوارد سعيد؟، ولماذا بادرنا بالبعثة وشروطها وقيمتها، وهي بعثة تقتصر على الطلاب المتفوقين والذين يسيرون على خطى إدوارد سعيد في خدمة قضيتهم، وخدمة جاليتهم ومتخصصون بدراسات AMED.
وعلى مستوى قضية أمني الشخصي، وأمن طلابي وزملائي في الجامعة؛ فقد تعرّضنا لأكثر من 11 خرق أمني رئيسي، فضلا عن الحوادث اليومية لمضايقة الطالبات المحجبات وتعليقات بعض الأساتذة العنصرية والمعادية للعرب والمسلمين، ورغم تعهد الجامعة بالتحقيق فلم تجرٍ تحقيقات جادة إلى الآن، بل أنكرت حدوثها وشكّكت في مصداقيتنا؛ فعلى سبيل المثال ادعت شرطة الجامعة، ومسؤولي الخدمات الإلكترونية، بأنهم لا يستطيعون تقصي إيميلات أو رسائل التهديد، ورفضت الجامعة عن سابق إصرار التراجع عن الاتفاقية التي أبرمتها مع منظمات صهيونية، والتي تُعرّف الصهيونية بأنها حركة مشروعة لتقرير المصير، وأن مَن يعارضها يعتبر من دعاة الكراهية ومعاداة السامية، وقد اقتصر التقرير على اتهامي وبرنامج AMED الذي أديره.
وبالتأكيد نحن نحارب على كل الجبهات، ونقف لهم بالمرصاد، ونرفض تكميم الأفواه، وننظم مجموعة كبيرة من الندوات الرقمية التثقيفية للطلاب والمهتمين يحضرها الآلاف، ولكن تطبيق أهداف البرنامج يعرّضنا للهجمات المستمرة وبأشكال مختلفة.
ما أبعاد المضايقات على الأكاديميين والطلاب المتضامنين مع فلسطين في الجامعات الأمريكية والغربية؟
أولا من المهم التأكيد بأن هذه المضايقات والتي تبلغ درجة العقوبات تتصاعد كلما حققنا إنجازات على الصعيد التضامني مع القضية الفلسطينية وبات صوت فلسطين عاليا وفي الفترة الأخيرة، وبعد العدوان الصهيوني على غزة، قامت العديد من الجامعات الأمريكية والأوروبية بتجريم الحراك الطلابي لحركة «الطلاب من أجل العدالة في فلسطين» وحركة «الصوت اليهودي للسلام» المعادية للصهيونية، كما عاقبت بعض الجامعات الطلاب النشطاء وأصدرت قوانين جديدة أقل ما يمكن أن نصفها "بأنها قوانين قمعية وتعسفية وفاشية" كتلك التي تمنع الطلاب من مجرد التجمع، أو تنظيم التظاهرات والاحتجاجات السلمية.
فعلى سبيل المثال، قامت مجموعة من الجنود الإسرائيليين السابقين برش مادة كيماوية على الطلاب المؤيدين لفلسطين، وهي مادة يستعملها الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني رائحتها سيئة ولها آثار صحية ضارة، ولا تزال إحدى الطالبات تعاني من جروح أصابتها في عينيها حتى الآن نتيجة الواقعة.
ولم تكتفِ إدارة جامعة كولومبيا بالتهاون في التعاطي مع هذا الحادث الخطير حتى انكشفت فضيحتها في الصحف ووسائل الإعلام، وإنما أصدرت قرارا يمنع الطلاب من مجرد التعليق على العنف الصهيوني في وسائل التواصل الاجتماعي، وفي بعض الجامعات بلغ التضييق حد ضرب الطلاب واعتقالهم لقمع التظاهرات.
وقد قمنا بدعم والمساهمة في حملات مؤسسات طلابية وحقوقية وأكاديمية للاحتجاج على هذه الممارسات التعسفية والمطالبة بالتراجع عنها وتثقيف الأوساط الأكاديمية والرأي العام بخطورتها، ومن بين هذه المؤسسات "الطلاب من أجل العدالة في فلسطين"، و"حملة الحق بالتعليم في جامعة بيرزيت"، و"شبكة الشباب الفلسطيني". ويتضح من هذه التطورات أن الأمن في الجامعات الأمريكية يستخدم أساليبا قمعية تُماثل ممارسات جنود الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني.
ما مدى قوة وتأثير اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة، وهل يستهدف فئات بعينها، أو يستهدف شخصكم بشكل مباشر؟
لا شك أن اللوبي الصهيوني بكافة مؤسساته لديه إمكانيات قوية جدا في الولايات المتحدة، وخصوصا على صعيد النفوذ والمالي في الأوساط الرسمية، بخلاف الشارع؛ فقد أنفق اللوبي الرسمي (إيباك) مليارات الدولارات لإسقاط النواب الذين صوّتوا لصالح قرار وقف إطلاق النار والعدوان على غزة، وأولئك الذين لا يقدمون ولاء الطاعة لإسرائيل، ويستهدف اللوبي بالأساس المجموعة التي تُسمى بـ "سكواد"، وهم من النواب الملونين وأهل البلاد الأصليين أمثال: رشيدة طليب، وإلهان عمر، وجمال بومان، وسمر لي، وكوري بوش، وإيانا بريسلي. وغيرهم تخوفا من ازدياد تمثيلهم في مجلس النواب وقلب المعادلة التاريخية المؤيدة لإسرائيل.
من ناحية أخرى، هناك مجموعات مؤيدة للوبي الصهيوني في واشنطن تهاجمنا ليل نهار؛ فعلى سبيل المثال فقد نظمنا ندوة قبل عدة أسابيع تحدثت بها أسيرات محررات من السجون الإسرائيلية ومحامية تُمثلهم، وكانت إحداهن طالبة اُعتقلت "إداريا" دون أن توجّه لها أي تهم، وبدون محاكمة؛ فأثارت هذه الندوة، وغيرها، غضب الصهاينة الذين قاموا بحملة على وسائل التواصل الاجتماعي، وخاصة إكس (تويتر سابقا)، من أجل اتهامنا زورا بالعنصرية ومعاداة السامية، وذلك بهدف تشجيع الجامعة على طردي من عملي ومحاولة إلغاء برنامجنا الذي يُدرّس تاريخ فلسطين.
وبالإضافة لمحاولة تكميم الأفواه لكافة الأساتذة الذين يدرسون مواد عن فلسطين؛ فقد قامت بعض الجامعات بفصل مجموعة من الأساتذة بشكل تعسفي لمعاقبتهم وإخافة الآخرين؛ فهناك هجمة قوية جدا ضدنا، لكننا صامدون، ونقاوم ذلك ونصر على رفع أصواتنا عاليا، ليعلو صوت الحق والعدالة لفلسطين.
في المقابل، كإحدى الناشطات ما مدى فاعلية وتأثير حركات التضامن مع فلسطين في الغرب؟
استنادا لتجربتي في العمل التضامني والسياسي الفلسطيني في الولايات المتحدة أستطيع الجزم بأننا لم نشهد نشاطا وحراكا كما نشهده اليوم؛ فهناك نقلة نوعية وزخما كثيفا في الشارع، والمظاهرات مستمرة يوما بعد يوم لدرجة أنها شلّت الحركة في الشوارع والطرق، كما وقفت الحركة على الطريق المؤدي إلى مطار كينيدي، وهو أحد أكبر المطارات في أمريكا، وأوقفت حركة السير على أكبر الجسور في سان فرانسيسكو، بالإضافة إلى الاعتصامات داخل الكونغرس وتعرّض مجموعة كبيرة من المتظاهرين للاعتقال، وبعضهم من اليهود المُعادين للصهيونية، والمتضامنين مع الشعب الفلسطيني، وحتى بلغت درجة تأخير موكب الرئيس بايدن عن تقديم خطابه السنوي في الكونغرس، وقام المتظاهرون، الأحد الماضي، بتأخير وصول المدعوين إلى حفل جوائز الأوسكار في هوليوود.
كما سجّلت الحركة التضامنية إصدار قرارات في بلديات كبرى لوقف إطلاق النار، وهذه نتيجة مباشرة لجهود النشطاء في مدينة سان فرانسيسكو، وشيكاغو، حيث ناشدوا أعضاء المجالس البلدية بالتصويت لصالح قرار يطلب بوقف إطلاق النار، وفعلا نجحوا في ذلك، هذا تطور نوعي وجديد لم نشهده من قبل.
ومما نشاهده الآن هو تجاوز الخوف من الاعتقال وحتى الموت؛ فلا بد أن نوجّه التحية للشاب الشجاع «آرون بوشنال» الذي أضرم النار في جسده أمام السفارة الإسرائيلية في واشنطن، وظل يردد "فلسطين حرة، فلسطين حرة" حتى لفظ أنفاسه الأخيرة. وفي هذا كان يستكمل التقليد الذي تكرر خلال الحركة الواسعة المعارضة للحرب الأمريكية على فيتنام. ويلتحق بوشنال راشيل كوري الذي يصادف يوم السبت القادم ذكرى استشهادها، والمصور البريطاني توم اريندل والذي اُستشهد أيضا على أيدي الاحتلال.
وحركات التضامن مع فلسطين جزء من حركة عالمية أوسع تهدف إلى دعم الشعوب المُضطهدة وتغيير الظلم، ونركز خطابنا على ضرورة تحقيق العدالة للشعب الفلسطيني، ونجحنا في تحقيق نتائج إيجابية للغاية في رفع الوعي بالقضية الفلسطينية، وستستمر حركات التضامن مع فلسطين بشكل مختلف بعد انتهاء العدوان الإسرائيلي على غزة.
هل لحرب غزة انعكاسات على الانتخابات الرئاسية المرتقبة في أمريكا؟
نعم أعتقد ذلك؛ فالأشخاص الأكثر تقدمية، والأكثر التزاما بالعدالة والحركات الاجتماعية، غالبا ما يصوّتون للحزب الديمقراطي على مضض؛ لأنه لا يعكس موقف الحركات الشعبية الحقيقية، بل يعكس مواقف الفئات الحاكمة، كما يقوم بذلك الحزب الجمهوري الذين يدعمون الصناعات الحربية، ويستثمرون فيها أموالهم؛ فأولئك ليست لديهم مصلحة في التغيير الجذري، وما يقترحه الطرفان عاده ما هي "رتوش كمالية" لا تغير الواقع.
ولكن بين خيار بايدن وترامب صوّت التقدميون للحزب الديمقراطي، ونجح بايدن في الانتخابات الأخيرة ضد ترامب بعد أن صوّتت له مجموعة كبيرة من التقدميين العرب، ومن المسلمين، ومن اليهود المُعادين للصهيونية، ومن السود واللاتينيين، وفئات الشعب الغاضبة على الخصخصة وعلى مصالح الـ 1%.
لكن دعم الإدارة الأمريكية غير المشروط للمجزرة الإسرائيلية في غزة، والإبادة الجماعية التي تقوم بها حيث استخدموا قرار الفيتو في مجلس الأمن الدولي يدين «مجزرة الطحين» في غزة، التي راح ضحيتها فوق 100 شخص، وقرابة 1000 مصابا، كان ذنبهم الوحيد الحصول على المساعدات الغذائية لكن الجيش الإسرائيلي أطلق النار عليهم رغم أنه تعاون مع بعض التجار الفلسطينيين لإدخال هذه المساعدات لاستخدامها دعاية وإعلان للتغطية على شلال الدم.
وبناءً على مواقف بايدن المشاركة في العدوان الصهيوني؛ فقد قامت مجموعة كبيرة من العرب والمسلمين والفلسطينيين، والعديد من المؤسسات الرسمية الكبرى بالتصريح بأنها لن تصوّت لبايدن، وبرز ذلك واضحا في انتخابات ولاية ميشيغان التمهيدية لاختيار مرشح الحزب الديمقراطي؛ فقد صوّت 100 ألف ناخب بـ "غير ملتزم" بدلا من التصويت لبايدن، وهذا التطور بمثابة الزلزال الذي هزّ بايدن وحكومته وحملته التي كانت تستخف بالمعارضة وتعتقد بأن الناخبين سيصوّتون له رغم مواقفه الإجرامية.
وقد حاول بعض المؤيدين لبايدن اتهام هذه الشريحة الواسعة بأنها ستودي أمريكا إلى الهاوية، وستؤدي إلى نجاح ترامب مرة أخرى، ولكن الأصوات المعارضة للمجزرة الإسرائيلية تقدمية رفضت هذا الاتهام وأوضحت أنها تُحاسب بايدن على مواقفه الداعمة للإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني في غزة، ورفضه التوقف عن دعم إسرائيل، واستمراره في إمدادها بالسلاح والدعم الدبلوماسي. بايدن بات معزولا عن العالم؛ فحتى حلفائه صاروا ضده من الفرنسيين، وغيرهم.
وأعتقد أن الحرب على غزة لها ستكون انعكاسات واضحة على الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وأيضا على أعضاء الكونغرس الداعمين للقضية الفلسطينية، ومع عدالتها، ومع وقف إطلاق النار، بالإضافة إلى انعكاسها على اللوبي الصهيوني، والمؤسسات الداعمة لإسرائيل التي تضخ ملايين الدولارات لإسقاط المرشحين التقدميين المؤيدين لقضية فلسطين.
والمؤكد الآن أن قضية فلسطين لم تعد خارجية، أو ليس لها علاقة بالسياسة الداخلية الأمريكية، بل صارت جزءا لا يتجزأ من السياسة الداخلية والخارجية للولايات المتحدة، رغم أنف اللوبي الصهيوني، ومن المؤكد أنها ستؤثر على الانتخابات القادمة.
وقد أرسل يوم الاثنين الماضي ديمقراطيو العدالة (Justice Democrats)-وهم الجناح التقدمي في الحزب الديمقراطي- آلاف الرسائل الهاتفية (text messages) تدعو بصراحة لإنقاذ الأرواح الفلسطينية من اللوبي الصهيوني "إيباك" الذي ضخ 100 مليون دولار لإسقاط المرشحين لإسكات الأصوات التي ترفض الصمت حيال قتل أكثر من 30 ألف فلسطيني.
هل هناك جهات عربية ما تتواطأ أو تدعم أو تُمّول اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة؟
هناك مجموعات تتعامل مع اللوبي الصهيوني، ومواقفها أضعف، ولكن النقلة النوعية التي حدثت بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر هي ظهور مجموعات عربية وإسلامية وفلسطينية وملونة من جميع شرائح الشعب الأمريكي، والتي قرّرت عدم التصويت لبايدن، وأطلقوا عليه "المجرم بايدن"، وهو الآن يواجه هجوما كبيرا، وهو وإدارته يتخوفون من الانتخابات الرئاسية القادمة في تشرين الثاني/ نوفمبر القادم.
ورغم قيام مجموعة صغيرة ذات النفوس الضعيفة بالاجتماع مع أفراد حملته بشكل سري، إلا أن أغلبية المؤسسات العربية والفلسطينية والمسلمة والتقدمية رفضت الاجتماع بممثلي حملته الانتخابية، وكذلك مع موظفي الحكومة، وقام من مَن اجتمع بهم في ولاية «ميشيغان» مثلا بإبلاغه بشكل واضح وصريح أنهم لن يصوّتوا له، وقد قام ما يزيد عن 100 ألف ناخب في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي بالتصويت "غير ملتزم"، وتنتشر حمله ميشيغان الآن في ولايات أخرى، وهذا ما يُفسّر التصريحات والخطوات الشكلية التي قامت بها الحكومة الأمريكية مؤخرا كدعوة نائبة الرئيس كمالا هاريس بوقف إطلاق النار المؤقت، ولكن هذه المناورات لم تفلح حيث يُصرّ آلاف الأمريكيين على وقف الدعم العسكري لإسرائيل، والذي يمكنها من الاستمرار بعدوانها وحرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني في غزة.
ولا يخفى عليك أن هناك دولا عربية متواطئة مع الولايات المتحدة تشارك في الحملة الاستعمارية ضد الشعب اليمني لوقفه عن منع السفن التي تحمل السلاح والإمدادات للوصول إلى مرافئ العدو، وأعتقد أنه يمكننا تصنيف ذلك بالتزام اليمن بحملة المقاطعة بي دي اس.
لكن من الواضح أيضا أن بعض الدول العربية التي كانت مستعدة للتطبيع بدأت بالتراجع، أو تحاول أن تُطبّع سريّا؛ خوفا من نقمة الجماهير العربية المساندة لنضال الشعب الفلسطيني؛ فلم يعد الموقف الأمريكي والإسرائيلي يلقى تجاوبا كما كان بالسابق.
هناك بعض التقارير تشير إلى أن البحرين والإمارات على وجه الخصوص تتواطأن وتتعاونان مع اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة.. ما مدى دقة هذه التقارير؟
نعم هناك عدة تقارير تشير إلى هذه العلاقات، والتعاون بينهم واضح وملموس، وخاصة في مجال الصناعات الاستخبارية، وهناك تعاون مع شركات إسرائيلية وليس فقط مع اللوبي الصهيوني، ولا نغفل أن الإمارات تُصدّر الغذاء والخضراوات لإسرائيل في نفس الوقت الذي تفرض فيه الحصار الظالم على اليمن، وهناك أيضا تعاونا كبيرا بين مؤسسات اللوبي الصهيوني والسعودية عن طريق «جاريد كوشنر» الذي يستخدم هذه العلاقات التجارية للتطبيع، وتُعقد العديد من الاجتماعات خفية بعيدا عن أنظار الإعلام، ولا شك أن المقاومة في فلسطين والشعب الفلسطيني الصامد يفرض نفسه.
وبالمقابل هناك عددا من الدول مثل كوبا، وكولومبيا، وفنزويلا، وجنوب أفريقيا، وغيرها اتخذت مواقف متقدمة عن الدول العربية التي تكتفي ببيانات الشجب، ولكنها لا تستخدم سلاح النفط مثلا للضغط على الولايات المتحدة لوقف الدعم للعدوان الصهيوني على غزة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية مقابلات غزة الإسرائيليين بايدن إسرائيل امريكا غزة بايدن المزيد في سياسة مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی الولایات المتحدة الجامعات الأمریکیة الشعب الفلسطینی مجموعة کبیرة من إدارة الجامعة إطلاق النار الصهیونی فی الوقت الذی عبد الهادی مع فلسطین الطلاب من ضد الشعب على غزة فی غزة التی ت الذی ی من أجل
إقرأ أيضاً:
بنسلفانيا.. ماذا تعرف عن الولاية التي ستحسم الفائز في الانتخابات الأمريكية؟
ينظر إلى ولاية بنسلفانيا على أنها أهم الولايات المتأرجحة تأثيرا في نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية، حيث تمتلك 19 صوتا انتخابيا - وهو أكبر عدد من الأصوات في أي ولاية متأرجحة - والمسار للحصول على 270 صوتًا انتخابيًا للفوز بالانتخابات أكثر تعقيدًا بالنسبة للمرشح الذي لا يفوز بها.
وشهدت بنسلفانيا خلال الأسبوع الماضي، جولات متعددة من المتنافسين في الانتخابات الأمريكية 2024 الرئيس السابق والمرشح الجمهوري دونالد ترامب، والمرشحة الديمقراطية ونائبة الرئيس الحالي كامالا هاريس.
كرست هاريس اليوم الأخير من الحملة بالكامل لولاية بنسلفانيا، حيث توقفت في أربع محطات في الولاية.
وقالت صحيفة الجارديان البريطانية، إن ترامب وهاريس يقاتلان من أجل أصوات السكان اللاتينيين في بنسلفانيا، حيث يوجد أكثر من 500000 ناخب لاتيني في الولاية.
تم إنفاق مبلغ مذهل قدره 1.2 مليار دولار على الإعلانات السياسية في الولاية، وفقًا للإذاعة الوطنية الأمريكية، وهو أكبر مبلغ من أي ولاية متأرجحة.
وذكرت الإذاعة الوطنية الأمريكية أن هذه هي المرة الأولى التي يتجاوز فيها الإنفاق في ولاية أمريكية واحدة مليار دولار في دورة وتنتشر اللوحات الإعلانية لكلا المرشحين على الطرق السريعة في الولاية.
ويتم تقسيم لافتات الحدائق واللوحات الإعلانية بالتساوي تقريبًا، حيث تدعم المنازل المجاورة لبعضها البعض وعلى الجانب الآخر من الشارع مرشحين مختلفين، وعلى الرغم من كل هذا الإنفاق، تظهر استطلاعات الرأي أن السباق متعادل.