أثناء لقائه مؤخرا مع الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، قال الرئيس الكازاخستاني قاسم جومارت توكاييف: "كان شعب كازاخستان سعيدا جدا بالنصر التاريخي الذي حققته أذربيجان في قره باغ.

يبدو أن النخبة الحاكمة في كازاخستان قد حددت مسارا للابتعاد عن علاقات التحالف مع روسيا، والانتقال إلى المعسكر الأمريكي. ومع ذلك، فمن الخطورة بمكان أن تكون كازاخستان مؤيدة للولايات المتحدة الأمريكية على نحو علني ونشط للغاية، حيث أنها محصورة بين روسيا والصين، وقد تكرر مصير أوكرانيا.

فالتحالف مع الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة لا يؤثر فقط على ضمان الحفاظ على السيادة، بل قد يتسبب كذلك في محوها.

إقرأ المزيد الأنغلوساكسون يستعدون لتفجير قنبلتين قرب روسيا قبل الانتخابات الرئاسية

 ولهذا السبب أيضا تطالب كازاخستان بإنشاء محور "كازاخستان-أذربيجان-تركيا (+ ربما إسرائيل)"، وهو المحور الذي لن يؤدي بشكل غير مباشر إلى تقريب كازاخستان من الولايات المتحدة فحسب، بل إنه في حد ذاته سيعزز أمن البلاد أيضا. فإسرائيل شريك تجاري مهم للدول الثلاث (بما في ذلك تركيا على الرغم من خطاب أردوغان) ومورد للأسلحة، وهي في هذه القائمة ليست دخيلة. لكن المحرك الرئيسي وجوهر هذا التحالف هو بالطبع تركيا.

إن تركيا كضامن لسيادة كازاخستان، على الأقل ضد روسيا، هو سيناريو واقعي تماما، وتحرك فعال، نظرا للأهمية الحيوية لمضيق البحر الأسود بالنسبة لروسيا، وكذلك لدور تركيا بشكل عام في عدد من المجالات، من سوريا إلى الالتفاف على العقوبات الغربية. في المقابل، تحصل تركيا على إمكانية الوصول إلى أغنى الموارد الطبيعية في كازاخستان، وفي المستقبل، النفط والغاز واليورانيوم والذهب وغيرها من المعادن من آسيا الوسطى. إنها الموارد التي تفتقر إليها الصناعة المتنامية في تركيا على وجه التحديد، وامتلاكها لها يجعل من الممكن إنشاء نظام اقتصادي إقليمي مكتف ذاتيا نسبيا.

وقد أصبحت الظروف أكثر ملاءمة من أي وقت مضى لتنفيذ رغبة رجب طيب أردوغان في إعادة خلق عظمة تركيا، حيث تتراجع الهيمنة الأمريكية، وتنشغل روسيا بالحرب في أوكرانيا، وإيران تشن بالفعل حربا بالوكالة مع احتمالات التورط المباشر فيها. وبشكل عام، يبدو أن العالم ينتقل من نظام أحادي القطب إلى عالم الإمبراطوريات الإقليمية أو القوى الإقليمية المحاطة بمناطق نفوذها.

علاوة على ذلك، فإن تحالف تركيا مع أذربيجان وكازاخستان سيؤدي حتما إلى إشراك دول تيوركية أخرى في آسيا الوسطى (تركمانستان وأوزبكستان وقرغيزستان)، مع احتمال التأثير، على أقل تقدير، على الجيوب التيوركية الأخرى في روسيا وأفغانستان وإيران والصين وأفق مزيد من التوسع في ظل ظروف مواتية. وبعد إنشاء الإمبراطورية التيوركية الكبرى، سيكون من الممكن أيضا التفكير في التوسع نحو الشرق الأوسط والبلقان، وربما مناطق أخرى، مثل شبه جزيرة القرم وشمال إفريقيا، التي كانت ذات يوم جزءا من الإمبراطورية العثمانية أو في منطقة نفوذها.

إقرأ المزيد هل تتمكن الولايات المتحدة من تجميد صراع أوكرانيا وبدء حرب كبيرة في الشرق الأوسط في العام 2024؟

وهذا احتمال حقيقي للغاية، وفرصة سانحة لتركيا لتصبح إمبراطورية عظيمة مرة أخرى بالمثابرة اللازمة وبعض من الحظ. إلا أن العقبة الوحيدة المهمة في المرحلة الأولى من التوسع هي الافتقار إلى الاتصال الإقليمي بين تركيا وآسيا الوسطى. وهذه العقبة، هي أرمينيا بأكملها، أو على الأقل ما يسمى بممر زانغيزور على الأراضي الأرمنية، وهو أقصر طريق بين الأراضي الرئيسية لأذربيجان وجيب ناختشيفان الأذربيجاني، الذي يقع على الحدود مع تركيا.

في الوقت نفسه، حدد رئيس الوزراء الأرمني نيكول باشينيان مسارا لمغادرة منظمة الأمن الجماعي والابتعاد عن روسيا، أملا في حصوله على حماية الغرب، أو فرنسا على وجه التحديد. وفي الأسابيع الأخيرة، اتخذت أرمينيا خطوات لإنهاء الوجود العسكري الروسي في البلاد بالتزامن مع استعداد باشينيان، فيما يبدو، لمحاولة الانتقام، حيث تجري عمليات شراء ضخمة للأسلحة من فرنسا والهند، وتبادل للقصف على الحدود الأرمنية الأذربيجانية.

وأذربيجان بدورها مستعدة أيضا لمواصلة لنجاحها وتصعيدها، فقد طرحت منذ بضعة أيام مطلبا قاطعا بنقل ملكية أربع قرى تحتلها أرمينيا، من وجهة نظرها، والتي يمر عبرها أحد الطرق القليلة التي تربط أرمينيا مع جورجيا.

لذلك فالوضع بين أرمينيا وأربيجان قابل للانفجار، في ظل نشأة مزيج، معقد للغاية ومتناقض في كثير من الأحيان، من المصالح، ما يدفع المنطقة نحو مزيد من الحرب. فكل اللاعبين المعنيين تقريبا مهتمون بإخراج روسيا من أرمينيا، لكن الأنغلوساكسون يفضلون ألا يحدث هذا قبل الحرب الجديدة في أرمينيا، وإنما كنتيجة لها، مع تورط روسيا المؤسف في صراع آخر، وهو ما يمكن أن يدفع نحو تسريع وتيرة اندلاع الأعمال العدائية بشكل كبير.

في رأيي ان أفضل وقت لبدء حرب بين أرمينيا وأذربيجان هو بعد توريط إيران بشكل مباشر في أي من الصراعات الأخرى، والأفضل مع إسرائيل، وهو ما سيقلل بالتأكيد أو يحيد احتمال تورط إيران في حرب مع أذربيجان إلى جانب أرمينيا. وهذه العلاقة هي ما يضيف إلى قضية التنسيق بين تركيا وأذربيجان وإسرائيل.

على أية حال، أعتقد أن نشوب حرب جديدة في القوقاز خلال السنوات القليلة المقبلة يقترب من 100%.

المحلل السياسي/ ألكسندر نازاروف

رابط قناة "تليغرام" الخاصة بالكاتب

المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب

المصدر: RT Arabic

كلمات دلالية: ألكسندر نازاروف أخبار إيران أخبار تركيا ألكسندر نازاروف إلهام علييف الأزمة الأوكرانية الاتحاد الأوروبي الجيش الروسي العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا الكرملين حلف الناتو رجب طيب أردوغان فلاديمير بوتين قره باغ نيكول باشينيان هجمات إسرائيلية وزارة الدفاع الروسية

إقرأ أيضاً:

روسيا تحذر من التصعيد في أوكرانيا.. ما قصة صواريخ "تاوروس"؟

حذّرت روسيا من خطر التصعيد في النزاع في أوكرانيا إذا ما قرّرت ألمانيا تزويد كييف بصواريخ "تاوروس".
يأتي ذلك بعدما أعرب المستشار الألماني، فريدريش ميرتس عن انفتاحه على الفكرة في حال موافقة الاتحاد الأوروبي عليها.تداعيات الحرب الروسية الأوكرانيةوقال الناطق باسم الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف، خلال الإحاطة الدورية إن ميرتس "يؤيّد تدابير مختلفة ستؤدّي على الأرجح أو حتما إلى تصعيد جديد في الوضع في أوكرانيا".
أخبار متعلقة إصابة فلسطيني برصاص الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربيةترامب: بايدن وزيلينسكي السبب في اندلاع الحرب بأوكرانياوندّد بيسكوف بتأييد ميرتس "اشتداد النزاع" في موقف "سُجّل أيضا في عواصم أوروبية أخرى".
وهو قال "من المؤسف فعلا أن عواصم أوروبية لا تسعى إلى إيجاد سبل للتوصّل إلى محادثات سلام، لكنها تميل بالأحرى إلى الدفع باتجاه استمرار الحرب".
وقد أعرب فريدريش ميرتس الذي فاز حزبه المحافظ بالانتخابات التشريعية المبكرة في ألمانيا في أواخر فبراير عن عزم راسخ على مواصلة الدعم العسكري لأوكرانيا.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } صواريخ "تاوروس" - موقع dwمساعدات ألمانيا العسكرية لأوكرانياوفي حين رفض المستشار الألماني المنتهية ولايته أولاف شولتس تزويد كييف بصواريخ "تاوروس" القادرة على استهداف العمق الروسي، خشية تصعيد النزاع، أعرب ميرتس الأحد مجددًا عن انفتاحه على هذه الفكرة لكن بشروط.
وقال مساء الأحد ردّا على سؤال في هذا الخصوص: "لطالما قلت إنني لن أقوم بذلك إلا بالاتفاق مع الشركاء الأوروبيين"، وأضاف "لا بدّ من أن يجري التنسيق وإذا ما حصل ذلك، فإن ألمانيا ستشارك".
وتعدّ ألمانيا ثاني أكبر مزوّد عسكري بعد الولايات المتحدة لأوكرانيا في حربها على روسيا منذ فبراير 2022.
وأدلى ميرتس بتصريحاته بعد بضع ساعات من هجوم روسي مزدوج على مدينة سومي الأوكرانية يعدّ من الأعنف منذ اندلاع الحرب وقد أسفر عن مقتل أكثر من 30 شخصًا.

مقالات مشابهة

  • سفيرة مصر لدى أرمينيا تلتقى نائب وزير الاقتصاد الجورجى
  • روسيا تطلب من أميركا السماح بشراء طائرات بوينغ بأصولها المجمدة
  • زيلينسكي: السلام الدائم مع روسيا لا يمكن تحقيقه سوى بموقف حاسم
  • مجرد التفكير في جعل الجنجويد يقاتلون بشرف يبدو وكأنه حلم
  • كالاس: يجب ممارسة أقصى الضغوط على روسيا لإنهاء حرب أوكرانيا
  • كازاخستان تصدر 300 ألف طن من القمح إلى المغرب وشمال إفريقيا
  • روسيا تحذر من التصعيد في أوكرانيا.. ما قصة صواريخ "تاوروس"؟
  • ترامب: حرب روسيا وأوكرانيا ليست حربي
  • العليمي يبحث مع السفير الاماراتي جهود استعادة الدولة والدعم الاقتصادي للحكومة
  • حرب لم تُبقِ ولم تذر.. كيف يبدو مستقبل السودان؟