الحشرات تلهم باحثين بمستشعِر ذكي للتنبؤ بالحركة
تاريخ النشر: 13th, March 2024 GMT
عندما تحاول توجيه ضربة إلى ذبابة، ستدهشك قدرتها الفائقة على تفادي هذا الخطر، لامتلاكها بصر فائق المرونة يساعدها على الاكتشاف السريع للحركة، فهل يمكن تكرار هذه الميزة في "مستشعرات ذكية" يمكن توظيفها في العديد من التطبيقات المثيرة، من النقل إلى السلامة والأمن؟
انطلق فريق بحثي بالمعهد الكوري المتقدم للعلوم والتكنولوجيا من هذا السؤال، وعبر مجموعة من المحاولات، نجح في الوصول إلى تصميم لهذا المستشعر الذي يحاكي الحشرات، واستُخدم لتصميم نظام حوسبة عصبي يمكنه التنبؤ بمسار سيارة، وأظهرت النتائج استخدامه طاقة أقل بنسبة 92.
وتتعرف أنظمة الاستشعار الحالية -وخاصة تلك التي تعمل بالذكاء الاصطناعي- على الأشياء وسلوكها من إشارات الصور المستلمة باستخدام خوارزميات معقدة، ويمثل هذا الأسلوب تحديا للتطبيق على الأجهزة المحمولة أو أجهزة إنترنت الأشياء، نظرا لارتفاع حركة البيانات واستهلاك الطاقة المطلوبة، وهي المشكلة التي تحلها المستشعرات الجديدة المستوحاة من الحشرات، والتي أعلنت عنها دراسة جديدة نُشرت بدورية "أدفانسد ماتريلز".
وتبدو أنظمة الرؤية التقليدية كمن يحاول حل لغز يحتوي على الكثير من القطع، فهو يستغرق وقتا طويلا ويستهلك الكثير من التفكير للوصول إلى حلول. لكنْ مع المستشعر المستوحى من الحشرات، ستبدو وكأنك شخص فائق الذكاء بإمكانه إلقاء نظرة سريعة على اللغز ومعرفة ماهيته على الفور.
وتتمتع الحشرات بهذه القدرة الفائقة والسريعة على معالجة المعلومات المرئية بشكل فعال، لامتلاكها دائرة عصبية بصرية تسمى "كاشف الحركة الأولية"، مما يسمح لها باكتشاف الأشياء والتعرف على حركتها على مستوى متقدم، وكانت محاكاة هذا المسار باستخدام تقنية الدوائر المتكاملة السيليكونية التقليدية تحديا كبيرا، إذ يتطلب الأمر دوائر معقدة، وبالتالي كان تنفيذها في الأجهزة الفعلية محدودا، وهنا يأتي الاختراق الذي حققه الكوريون باستخدام "الميمريستورات".
المستشعِر المستوحى من الحشرات يعمل بدقة أعلى وطاقة أقل من التكنولوجيات الحالية ( آي ستوك) كلمة السر في "الميمريستورات "و"الميمريستورات" هي نوع من المكونات الإلكترونية التي يمكنها تغيير مقاومتها بناء على تاريخ الجهد أو التيار المطبق، أي أنها بعبارة أبسط تتذكر مقدار الشحنة الكهربائية التي مرت عبرها، مما يسمح لهم بالاحتفاظ بمعلومات عن التيارات أو الفولتية الماضية.
ولتقليد وظائف العصب البصري في الحشرات، استخدم الباحثون نوعين من "الميمرستورات" لإنشاء بنية بسيطة وفعالة لمستشعر الحركة الذكي، حيث كان أحدها مسؤولا عن تأخير الإشارة، بينما قام الآخر بدمجها وإشعالها، على غرار الطريقة التي يعالج بها العصب البصري للحشرات المعلومات البصرية.
وباستخدام خصائص "الميمريستورات"، نجح الباحثون في تكرار وظيفة كاشف الحركة الأولية للعصب البصري للحشرة، وذلك عبر الآتي:
حساسية الاتجاه: كاشف الحركة الأولية للعصب البصري للحشرة حساس لاتجاه الحركة، حيث تستجيب الخلايا العصبية المختلفة لاتجاهات محددة، وبالمثل استخدم الباحثون "الميمريستورات" لإنشاء هيكل يكون فيه نوع واحد من "الميمريستور" مسؤولا عن تأخير الإشارة، وتحاكي وظيفة التأخير حساسية اتجاه كاشف الحركة من خلال السماح للنظام بمعالجة الإشارات من اتجاهات مختلفة بشكل منفصل. الفصل المكاني: تقوم الحشرات بدمج المعلومات المرئية من الجوانب المجاورة لعيونها المركبة لاكتشاف الحركة عبر المجال البصري بأكمله، وحقق الباحثون تأثيرا مشابها من خلال دمج "ميمريستورات" متعددة في تصميم مستشعر الحركة الخاص بهم، ويسمح هذا الفصل المكاني للجهاز بالتقاط ومعالجة المعلومات من أجزاء مختلفة بالمجال البصري، على غرار كيفية عمل العصب البصري للحشرة. التكامل الزمني: تدمج الحشرة -من خلال كاشف الحركة الأولية للعصب البصري- الإشارات المرئية مع مرور الوقت لتعزيز اكتشاف الحركة، وباستخدام "الميمريستورات" لتأخير ودمج الإشارات، قام الباحثون بتكرار عملية التكامل الزمني، وتتيح وظيفة التأخير لأحد أنواع "الميمريستور" بالمستشعر مقارنة الإطارات المتعاقبة للمدخلات المرئية، على غرار الطريقة التي يحدد بها كاشف الحركة في الحشرات التغييرات في الموضع بمرور الوقت. تحسين التباين: يعمل كاشف الحركة الأولية للعصب البصري بالحشرات، على تحسين التباين بين الأجسام المتحركة والخلفية، مما يساعد في اكتشاف الحركة، وتساهم وظائف التأخير والتكامل لـ "الميمريستورات" في تعزيز التباين عن طريق تضخيم الإشارات المتعلقة بالأجسام المتحركة بشكل انتقائي. السيارات ذاتية القيادة أحد أبرز التطبيقات المحتملة للمستشعر الجديد (شترستوك) من المختبر إلى التطبيقوفي مختبر المعهد الكوري المتقدم للعلوم والتكنولوجيا، أعطى مستشعر الحركة المستوحى من كاشف الحركة الأولية للعصب البصري بالحشرات نتائج إيجابية، لكنّ الفريق كان بحاجة إلى اختباره على أرض الواقع لمعرفة مدى فعاليته.
ولتحقيق هذه الغاية، يشير بيان أصدره المعهد إلى أن الفريق البحثي استخدم كاشف الحركة الجديد المستوحى من الحشرات لإنشاء نظام حوسبة عصبي يمكنه التنبؤ بمسار مركبة متحركة، وكانت النتائج مذهلة، إذ وجدوا أنه يستخدم طاقة أقل بنسبة 92.9% من التكنولوجيا الحالية، ويمكنه إجراء تنبؤات بدقة أعلى بكثير.
ويقول الأستاذ بقسم علوم وهندسة المواد والباحث الرئيسي في الدراسة البروفيسور كيونج مين كيم، في البيان: "هذا البحث يمكن أن يساهم في تكامل أنظمة الرؤية الفعالة للتعرف على الحركة، لذلك نتوقع تطبيقه في مجالات مختلفة مثل المركبات ذاتية القيادة، وأنظمة نقل المركبات والروبوتات والرؤية الآلية".
تجارب موسعة.. أسئلة متعددةوتبقى التجربة التي أشار إليها البيان الصحفي محدودة بظروف معينة تخص وقت تنفيذها، لذلك فإن انتقال هذا المستشعر للاستخدام التجاري يحتاج إلى تجارب موسعة تجيب على أسئلة متعددة يشير إليها أستاذ "الميكاترونكس" بجامعة بني سويف المصرية محمود شندي في حديث هاتفي مع "الجزيرة نت".
يقول شندي: إنه "يجب تنفيذ أكثر من تجربة لمعرفة ما مدى قوة الجهاز وموثوقيته في ظل الظروف البيئية المختلفة، مثل التغيرات في الإضاءة أو الطقس أو التضاريس".
وإذا كان الجهاز أعطى دقة أعلى واستخدم طاقة أقل في التجربة المحدودة التي نُفذت، فهل سيحقق نفس النسبة مع مضي بعض الوقت على استخدامه؟ ومن ثم فإن أحد الأسئلة المهمة التي يرى شندي ضرورة معالجتها، هو: "ما مدى استقرار أدائه بعد فترات طويلة من الاستخدام؟".
ويبقى السؤال الأهم، وهو المتعلق بـ"التكلفة"، ويقول: "هناك حاجة أيضا إلى معرفة ما مدى فعالية التكنولوجيا الجديدة من حيث التكلفة، وما مدى إمكانية وصولها لمختلف الصناعات، وما مدى سهولة دمجها في الأنظمة والأجهزة الحالية؟".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 حريات المستوحى من من الحشرات
إقرأ أيضاً:
محافظ أسيوط يفتتح مركز الرعاية الصحية الأولية خامس بعد صيانتها ورفع كفاءتها
افتتح اللواء دكتور هشام أبو النصر محافظ، مركز الرعاية الصحية الأولية "خامس" بشارع الكنيسة المطرانية بحي غرب مدينة أسيوط بعد صيانتها ورفع كفاءتها بتكلفة 3 مليون و 700 ألف جنيهاً.
وذلك ضمن خطة الدولة للنهوض بالمنظومة الصحية وتنفيذاً لتكليفات الرئيس عبدالفتاح السيسي بتطوير القطاع الصحي ورفع كفاءة وإعادة تأهيل المراكز الصحية لدعم المنظومة الصحية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة ورؤية مصر ٢٠٣٠.
رافق المحافظ خلال الإفتتاح الدكتور مينا عماد نائب المحافظ، والمحاسب عدلي أبو عقيل السكرتير العام للمحافظة، وخالد عبد الرؤوف السكرتير العام المساعد للمحافظة، والدكتور محمد زين الدين حافظ وكيل وزارة الصحة بأسيوط، والدكتور أحمد سيد موسى، وكيل مديرية الصحة للطب الوقائي بأسيوط، والمهندس عصام عبد الظاهر مدير مديرية الإسكان والمرافق، والمهندس مصطفى عبد الفتاح مدير هيئة الأبنية التعليمية بأسيوط، وايهاب عبد الحميد مدير جهاز المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر بأسيوط، وأبو العيون إبراهيم رئيس حي غرب مدينة أسيوط.
عقب الإفتتاح وإزاحة الستار، تفقد المحافظ أقسام وغرف المركز بما في ذلك أقسام المعامل وعيادة تنظيم الأسرة، والكشف المبكر قبل الزواج، والسمعيات، والمواليد، صحة البيئة، والتطعيمات، وغرف المبادرات الصحية، واستمع إلى شرح تفصيلي عن أقسام المركز والأجهزة الطبية والخدمات المقدمة للمرضى، واطمأن على توافر الأدوية والتطعيمات والأمصال.
وأكد محافظ أسيوط ـ خلال كلمته ـ على إهتمام الدولة بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية بالنهوض بالمنظومة الصحية وهو ما يظهر جلياً في الجهود المبذولة لإنشاء وتطوير وإحلال وتجديد المستشفيات النموذجية والمركزية والعامة ومراكز رعاية الطفل والوحدات الصحية بالقرى التي يتم تنفيذها على أرض المحافظة.
ولفت إلى ضرورة توفير رعاية صحية متميزة للأمهات حتى يكونوا قادرين على رعاية أسرهم فضلاً عن الإهتمام بمواجهة ظاهرة الزيادة السكانية وسبل خفض معدلات النمو السكاني والعمل على رفع الوعي لدى المواطنين وتغيير السلوكيات السلبية والإستفادة من تنفيذ خطط وبرامج الدولة في هذا الشأن مشيراً إلى أهمية دور مؤسسات المجتمع المدني في دفع مسيرة التنمية والوقوف جنباً إلى جنب مع مؤسسات الدولة للوصول إلى تحقيق التنمية المستدامة تنفيذاً لرؤية مصر 2030، عن طريق المشروعات والمبادرات التي يجرى تنفيذها بالمحافظة للنهوض وتحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين في القطاعات المختلفة والتي من بينها القطاع الصحي.
من جانبه أوضح الدكتور محمد زين الدين وكيل وزارة الصحة بأسيوط أن المركز تم تطويره ضمن برنامج التنمية المجتمعية الممول من الإتحاد الأوروبي بمنحة مفوضة لبنك الإستثمار الأوروبي ويقدم خدمات صحية متنوعة للمواطنين تشمل رعاية الأمومة والطفولة، وتنظيم الأسرة، والتطعيمات، وتسجيل المواليد والوفيات، ومتابعة الحوامل، والخدمات المعملية، والعيادات الخارجية، والتثقيف الصحي، وفحص ما قبل الزواج، والمعامل الإكلينيكية لافتاً إلى الإهتمام الذي يوليه اللواء دكتور هشام أبو النصر محافظ أسيوط بالقطاع الصحي وتقديمه لكافة سبل الدعم الممكنة مشيراً إلى الجهود الكبيرة التي تبذلها الدولة للارتقاء بالمنظومة الصحية لتقديم رعاية طبية متميزة للمرضى من خلال أعمال التطوير ورفع كفاءة وإنشاء مستشفيات ووحدات صحية وطب أسرة فضلاً عن دعمها بأحدث الأجهزة الطبية وتدريب الأطباء والعاملين بالمجال الصحي على أحدث ما توصل إليه العلم وفقاً لأحدث أساليب العمل.