عودة النقاش حول العامية والفصحى في الدراما
تاريخ النشر: 13th, March 2024 GMT
مع بدء عرض المسلسل المصري “الحشاشين” في رمضان، الذي تدور أحداثه بين القرنين 11 و13 ميلادية، عاد النقاش حول أيهما الأفضل استخدامه في المسلسلات التاريخية، اللغة العربية الفصحى أم العامية المصرية.
ويعرض نقاد فنيون لموقع “سكاي نيوز عربية” ما وراء تفضيل فريق عمل المسلسل للعامية المصرية، وعلاقة ذلك بظروف العصر، وتأثير هذا الاختيار في تفاعل المشاهدين.
و”الحشاشون” طائفة شيعية إسماعيلية نزارية، أسسها حسن الصباح، واشتهرت ما بين القرنين 11 و13 ميلادي، الموافق لـ القرنين 5 و7 هجري، وبشكل خاص في إيران والشام، قامت على الاغتيالات والإرهاب، وتُعد مصدر إلهام في أساليبها للحركات الإرهابية حتى الآن.
تقوم الحركة على جذب أعضاء فيها بسلاح الدين، وتؤسسهم على الإقبال على العمليات الانتحارية، واغتالت بالفعل عدد من الخلفاء والوزراء والشخصيات المعادية لها خلال صداماتها الطويلة مع العبيديين (الفاطميين) والعباسيين والسلاجقة والخوارزميين والأيوبيين والصليبيين، وقضى عليها في فارس هولاكو قائد المغول، وفي الشام الظاهر بيبرس قائد المماليك.
المسلسل من تأليف عبد الرحيم كمال، وإخراج بيتر ميمي، ومن المشاركين في تمثيله كريم عبدالعزيز، ونيقولا معوض، وفتحي عبدالوهاب، استغرق تصويره عامين، وكان من المقرر عرضه في رمضان الماضي، لكن تأجل لهذا العام بسبب تصوير مشاهد من المسلسل في مالطا وكازاخستان.
حل درامي
تُرجع الناقدة الفنية ماجدة موريس، استخدام “اللهجة المصرية” في المسلسل إلى أن “تاريخ الحشاشين معقد ومتعدد الزوايا والأماكن؛ وبالتالي على صناع الدراما الاختيار بين استخدام لهجة مفهومة للقطاع الأوسع من المتابعين، أو استخدام لهجات قديمة متنوعة حسب الموقع الجغرافي، ووقع اختيارهم على العامية المصرية؛ لأن استخدام لهجات مختلفة كان أكثر صعوبة وهناك كلمات قد تكون غير متداولة حاليا”.
وتصف استخدام “اللهجة المصرية” التي هي الأكثر انتشارا بأنه “كان حلا دراميا؛ واستخدام اللغة العربية الفصحى ربما يجد فيه المتابعون صعوبة في فهم الحوار”.
الطريق السهل
بالنسبة للكاتب والناقد الفني، بهاء حجازي، فإن “اللهجة العامية المصرية” أسهل على المتلقي المصري والعربي، وأنه في الأونة الأخيرة بات مشاهدون يجدون صعوبة في تلقي العربية الفصحى.
كما يلفت حجازي إلى أن اللغة الفصحى المستخدمة في الدراما التاريخية بعيدة كل البعد عن اللغة العربية التاريخية؛ فهناك مصطلحات كثيرة اندثرت لقلة استخدامها، ومجاميع اللغة العربية تضيف سنويا كلمات للغة العربية، مشددا على أن المهم في اللغة الدرامية ألا تكون اللغة مبتذلة، وتؤدي الغرض منها، وهو إيصال رسالة العمل.
القدرة على تأدية الفصحى
حول قدرة الجيل الحالي من الفنانين على تأدية أدوار بالعربية الفصحى كما كانت تفعل الأجيال السابقة، يقول حجازي: “للأسف لا، حتى معاهد الدراما تهمل هذا الجانب حاليا، بجانب أن الكثير من الممثلين قادمون من دراسة بعيدة كل البعد عن اللغة العربية، ناهيك عن مشاهير السوشيال ميديا ممن لا يجيدون التحدث بالعربية ولا كتابتها”.
وعن الأجيال الماضية تقول ماجدة موريس إنه منذ تأسيس التلفزيون المصري اهتم بتقديم الأعمال التاريخية، منها مسلسلات “محمد رسول الله” وسلسلة أعمال عن الخلفاء الراشدين، وغير ذلك، وكان يقوم بها ممثلون قادمون من المسرح، ولديهم القدرة على التأدية بالعربية الفصحى، لكن أغلب الممثلين الحاليين لم يقدموا أعمالا مسرحية، ومنهم من درس في ورش التمثيل وليس لديهم القدرة على التأدية بالعربية الفصحى، كما أن إنتاج المسلسلات التاريخية بات قليلا جدا.
سكاي نيوز
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: العربیة الفصحى اللغة العربیة
إقرأ أيضاً:
الشاعر زين العابدين فؤاد: جماليات الكلمة وتنوع معانيها سبب تحولي من الفصحى للعامية في شعري
أكد الشاعر الكبير زين العابدين فؤاد أن اكتشافه جماليات الكلمة التي لها مليون معنى وظل وليس لها دلالة ثابتة من بين أسباب كثيرة جعلته يتحول من الكتابة باللغة العربية الفصحى، إلى العامية، حتى صار من أبرز مبدعيها.
وقال زين العابدين فؤاد ـ في حوار لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم /الاثنين/ ـ "كانت لدي أسبابي الشخصية للاتجاه إلى العامية، جزء منها فني؛ إذ اكتشفت جماليات في الكلمة وأن لها مليون معنى ومليون ظل ليس لها دلالة ثابتة، أما الجزء الثاني فكان تأثير كتاب "بلوتو لاند" للكاتب لويس عوض والذي كان له عظيم الأثر في تحولي إلى العامية، ثم توقفت عن الكتابة لمدة عامين وعدت إلى العامية ثم نشرت قصائدي الأولى بالعامية، منذ يناير 1962 وحتى الآن".
يعد زين العابدين من أبرز الشعراء المعاصرين، حيث أثرى المشهد الثقافي بأعماله التي تعبر عن قضايا الوطن والإنسان، كما أن له العديد من التجارب الخاصة التي ميزت مسيرته الإنسانية والشعرية، فعلى مدار عمره الذي يكمل الشهر المقبل فيه 83 عاما عرف بين الشباب بلقب "عم زين"، وبأشعاره الوطنية.
وأضاف "أن علاقتي بالشعر بدأت في اليوم الذي دخل فيه الراديو بيتنا عام 1947 فاجتذبتني أغنيات الأربعينيات شعرا وصورا، فكلما سمعت إحداها في الراديو أتأمل الكلمات وأحفظها، وفي الحقيقة أنا مدين لأشقائي الثلاثة بالفضل لأنهم علموني القراءة والكتابة وأنا عمري 3 سنوات وعندما ذهبت إلى المدرسة كنت أقرأ الجرنال والكتاب، وفي المدرسة اكتشفت المكتبة الكبيرة، بجانب مكتبة صغيرة في الفصل، وكانت هناك حصص مكتبية وأن القائمين عليها يتابعون الكتب والروايات التي نلخصها، وكنت أستعير كتابا يوميا وأنا فى السادسة والسابعة وصادفتني دواوين شعرية لشوقي وحافظ إبراهيم، وغيرهما".
وأوضح "حين قرأت علي محمود طه وإبراهيم ناجي، بدأت الكتابة ونشرت قصائدي في المجلات الموجودة التي كنت أراسلها، كما نشرت قصائد فصحى في سن مبكرة، وتعرفت لأول مرة على الشاعر عبد الحميد عبد العظيم الشقيق الأكبر لزميلي محمد عبد العظيم الذي عرض عليه قصيدة منشورة لي، وربطتنا صداقة رائعة وعمري 12 أو 13 عاما وهو في الأربعين وأهداني أول ديوانين لـ صلاح جاهين وفؤاد حداد".
وصدر للشاعر زين العابدين فؤاد عدد من الدواوين الشعرية مثل "وش مصر و"أغاني من بيروت" عام 1982، و"صفحة من كتاب النيل" الصادر عام 1992، "قهوة الصبحية" من الهيئة العامة للكتاب، و"الاختيار" وهو ديوان أشعار للأطفال صدر في صنعاء عام 2001، و"صباح الخير يا جدة" ديوان شعر للأطفال صدر عام 2005 عن المجلس القومي لثقافة الطفل بالقاهرة، بالإضافة الى مجموعة كتب، منها: "كتاب شعر الضفاف الأخرى"، و"قصائد مترجمة ودراسات عن الشعر الإفريقي".
وحول نشأته، قال زين "شبرا التي ولدت فيها منذ 83 عامًا تختلف عن شبرا الحالية، أتذكر أن شارع شبرا كان يضم ما يقرب من 20 دار عرض سينمائي على الأقل، وظل الأمر حتى بداية السبعينيات، وأتذكر صفوف السيدات المسلمات في سانت تريزا وهن يقدمن الشموع والنذور للسيدة مريم العذراء يوم الجمعة، ومشاعر الأيام التي تسبق شهر رمضان، حيث تقوم كل البيوت بتزيين شوارع شبرا"، لافتا إلى أن أسرته لا تنتمي لمحافظة أسوان، رغم أن هذا شيء يشرفه، لكن كل ما في الأمر أنني لدي أصدقاء من أسوان والنوبة، تجمعني بهم علاقة صداقة قوية، وهذه الصداقات جعلت البعض يتصور أن أسرتي تمتد جذورها إلى أسوان.
وحول ذكرياته مع الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، قال فؤاد "علاقاتي بياسر عرفات بدأت منذ أن كان رئيسا لاتحاد الطلاب الفلسطينيين في القاهرة في خمسينيات القرن الماضي، وتعرفت على أسرته في الستينيات، وعلى العموم علاقتي به كانت قوية للغاية".
وفيما يتعلق بشعر الأطفال، قال زين العابدين فؤاد "علاقتي بشعر الأطفال بدأت منذ العمل في مجلة "كروان" في سنة 1963 وهي أهم مجلة في تاريخ الطفل المصري وصدرت عن دار التحرير برئاسة الكاتب المسرحي نعمان عاشور وكانت المجلة بمثابة معمل خرج منه كل رسامي الأطفال إلى مختلف مجلات الأطفال العربية التي صدرت تباعا بعد توقف "كروان".
وعن تجربته الفنية في اليمن، قال زين العابدين "خضت تجربة إدخال مسرح العرائس إلى اليمن للمرة الأولى، حين ذهبت مرافقا لزوجتي الموظفة الأممية، حيث أتيح للفتيات اليمنيات المشاركة في أنشطة فنية، يمكن أن يقبلها المجتمع المحافظ، فمارست الفتاة اليمنية الفن، وفي اليمن- أيضاً- كتبت أغاني لعدد من المسرحيات، كما نظمنا العديد من ورش النحت".
وعن الفكرة الأساسية لتجربة "الفن يذهب إلى المدرسة" وأين طبقها، قال "هو مشروع هدفه إدخال التربية الفنية في مناهج التعليم اليمني، إذ تم طبع 20 ألف نسخة من هذا العنوان، ووزعت بالفعل على عدد من المدارس اليمنية، وقد برع عدد من التلاميذ في تقديم رسوماتهم في إطار هذه الحملة، وأرى أن الفن يذهب إلى المدرسة ليقيم عن طريق المساعدة بإنشاء كلية تربية فنية، أو المناهج، وقدمنا المشروع إلى وزارة التربية والتعليم هناك، وكيفية استخدام الفن في العملية التعليمية، وقدمت كتابا تضمن كيفية استخدام الفن في عملية التعليم نفسها".
وعن علاقته بكل من الراحلين عبد الرحمن الأبنودي وفؤاد حداد والشيخ إمام، قال زين العابدين "الأبنودي أحد أهم المواهب الشعرية التي مرّت على تاريخ مصر وفؤاد حداد "أسطى الشعر" ولم يحصل على حقه كاملا، وتجربته غير مسبوقة، أما الشيخ إمام فهو الامتداد الطبيعي للشيخ لجدنا سيد درويش، وقد عرفته قبل الغناء كمؤد لسيد درويش".