محللون: تقرير الاستخبارات الأميركية يكذّب نتنياهو ويعكس تغير نظرة واشنطن لحماس
تاريخ النشر: 13th, March 2024 GMT
يقول خبراء ومحللون إن التقرير الأخير الذي أصدره مجمع الاستخبارات الأميركية يعكس إدراك الولايات المتحدة ما ينطوي عليه الوضع في فلسطين من مخاطر، وإنه يعكس تغير النظرة الأميركية لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وربما يؤثر على تعامل الولايات المتحدة مع هذه القضية مستقبلا.
وقال التقرير إن الحرب الإسرائيلية تمثل تحولا دراماتيكيا مهما في المنطقة، مؤكدا أن حركة حماس ستكون قادرة على مواجهة إسرائيل لسنوات، وأن القضاء عليها لن يكون بالأمر السهل.
ووفقا للخبير في الشأن الإسرائيلي مهند مصطفى، فإن التقرير يتعارض مع أحاديث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي قال إن القضاء على حماس يتطلب أسابيع فقط.
وقال مصطفى خلال مشاركته في برنامج "غزة.. ماذا بعد؟" إن التقرير يمثل أول موقف أميركي حاد ضد إسرائيل، وهو أمر يزعج نتنياهو الذي يعتقد أن لدى واشنطن سياسة ممنهجة لإبعاده عن الحكم.
كما أن التقرير أزعج نتنياهو لأنه يظهره بمظهر الكاذب، في حين يسوّق نفسه على أنه القائد الوحيد الذي يمكنه مخاطبة العالم نيابة عن إسرائيل كما يقول مصطفى، مؤكدا أن هذا التقرير "ينزع الشرعية عن حكومة نتنياهو المتطرفة".
الحقائق كما هي
الرأي نفسه تقريبا ذهب إليه المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأميركية وليام لورانس بقوله إن مجتمع الاستخبارات يقدم الحقائق على عكس الساسة الذين يتخذون قراراتهم وفق أسس مختلفة، مؤكدا أن رجال الاستخبارات "يعرفون جيدا ما يقوم به نتنياهو من أمور سيئة تجاه الفلسطينيين".
وفي ما يتعلق بالضغوط الأميركية على نتنياهو، قال لورانس إن واشنطن غير سعيدة بنتنياهو، مؤكدا أنها "ترغب في استبداله دون التدخل مباشرة في السياسة الداخلية، لأن هذه ستكون أفضل طريقة لحل أزمة غزة".
أما المحلل السياسي محمد الأخرس فيرى أن التقرير الأخير يكتسب أهمية كبيرة داخل مجتمع السياسة الأميركية، لأنه يقرر المخاطر التي تحيط بمصالح الولايات المتحدة، مشيرا إلى أنها "المرة الأولى التي يتطرق فيها إلى فلسطين بهذا الشكل، بل ويتعرض لإسرائيل كبلد غير مستقر".
لذلك، فإن التقرير من حيث مضامينه وتعاطيه مع القضية الفلسطينية "يعكس تغير نظرة مجتمع الاستخبارات الأميركي لهذه القضية التي لم يتطرق إليها العام الماضي، ويؤكد فشل هذا المجتمع خلال السنوات الماضية في التنبؤ بما يمكن أن تصل إليه الأمور في قطاع غزة"، وفق الأخرس.
وفي ضوء ذلك يعتقد الأخرس أن التقرير "ستكون له انعكاسات على الموقف الأميركي من فلسطين خلال السنوات المقبلة".
على واشنطن أن تضغط أكثر
ومع ذلك، يقول مصطفى إن التقرير توقع سقوط حكومة نتنياهو "وهذا أمر يغاير الواقع، لأن رئيس الوزراء الإسرائيلي تمكن من تثبيت حكومته، فضلا عن أن 74% من الإسرائيليين لا يزالون يؤيدون الحرب على حماس".
وفي هذا الصدد، قال لورانس إن واشنطن لم تبذل الجهد المطلوب لوقف الحرب، وإنها لو زادت ضغوطها بنسبة 20% فقط لتحقق وقف إطلاق النار.
وأضاف "نتنياهو يتلاعب بالسياسة الأميركية، وإلقاء مساعدات من الجو وبناء ميناء مؤقت يعنيان أن واشنطن تبلغ إسرائيل بأن الأمور لن تحل بالقوة وأننا لا نرضى بكل ما تقومون به"، مشيرا إلى أن الرئيس الأميركي جو بايدن "منع دخول إسرائيل إلى رفح حتى الآن، لكن علينا أن ننتظر ونرى".
ووفقا للورانس، أدرك الأميركيون أن حماس لن يتم القضاء عليها بسهولة، وأنها ليست حركة إرهابية وإنما هي مقاومة مشروعة، فضلا عن أنها تزداد قوة في الضفة الغربية وأماكن أخرى، ومن ثم لا يمكن القضاء عليها.
وختم بأنه "من السخف الحديث عن القضاء على حماس"، وأن حديث نتنياهو عن الحاجة فقط لتفكيك 4 كتائب من حماس للقضاء عليها "ليس صحيحا ولا واقعيا".
أما الأخرس فأشار إلى أن التقييم الأميركي يتقاطع مع تقرير الاستخبارات الإسرائيلية الذي قال إنه لا يوجد أمل في الأفق للقضاء على حماس قريبا، مما يعني أنها ستواصل المقاومة حتى لو توقفت الحرب أو تراجعت قدراتها العسكرية، وفق قوله.
وخلص إلى أن التقرير الأميركي يتعامل مع مستقبل الصراع أكثر من تعامله مع الحرب الحالية، وأنه يريد من الإسرائيليين التوقف وإعادة الحسابات.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 حريات أن التقریر إن التقریر مؤکدا أن على حماس إلى أن
إقرأ أيضاً:
إسرائيل مأزومة للغاية من الداخل.. فما الذي يمنعها من الانهيار؟
يتّفق المحللون الإسرائيليون على أنّ المذكرةَ التي قدّمها رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) رونين بار إلى المحكمة العليا، (أعلى سلطة قضائية)، وما تضمّنته من اتهامات لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ستعمّق الأزمة الداخلية في إسرائيل، وتنعكس مباشرة على مسار مفاوضات وقف الحرب في قطاع غزّة.
لا جدال حول ما يعيشه نتنياهو اليوم من لحظة تقييم حقيقية، بعد أن حصل في السابق على تفويض غير مشروط لتصعيد الحرب من أجل استعادة الأسرى، وتحقيق أهداف عسكرية، دون أن ينجح فعليًا في أي منها.
لم تهدأ الساحة الداخلية الإسرائيلية، ولم تستكن تلك الاحتجاجات الملونة في دعواتها، التي تبدأ بالدفع بالحكومة نحو إبرام صفقة الأسرى مع حركة حماس ووقف النار، ولا تنتهي عند حالات التمرّد داخل المؤسسات العسكرية، والتي شكّلت حالة "توترية" مستحدثة سببتها تلك الرسالة العلنية التي نشرها نحو ألف من أفراد سلاح الجو الإسرائيلي في 10 أبريل/ نيسان الجاري، والتي تدعو إلى إعادة الأسرى ووقف الحرب.
لا شكّ أن الداخل الإسرائيلي يشهد على اهتزازات، لم تعهدها الدولة العبرية في تاريخها، حيث وصلت الحال بزعيم المعارضة الإسرائيلي، يائير لبيد، في تصريحات أطلقها، الأحد 20 أبريل/ نيسان الجاري، إلى حدّ التحذير من أن هناك كارثة ستبدأ من الداخل الإسرائيلي "نتيجة التحريض المستمر"، محملًا رئيسَ جهاز الأمن المسؤولية عن "الفشل في التعامل مع هذه التحديات".
إعلانكما أضاف لبيد، أنه "وفقًا لمعلومات استخباراتية، نحن مقبلون على كارثة وهذه المرة ستكون من الداخل". ما دام أن جميع المعطيات تتقاطع حول موضوع الانهيار الداخلي الإسرائيلي، فلمَ لم يحصل إذًا؟
عقبات كثيرة تقف عائقًا أمام استمرارية حكومة نتنياهو، وإشكاليات تطرح عليها من الداخل والخارج، وهذا ما برزَ بعد استئناف حربه على قطاع غزة، حيث تناولت وسائل إعلام إسرائيلية تصاعد الضغوط داخل الحكومة على رئيسها، لاتخاذ قرار باحتلال كامل قطاع غزة، في ظلّ مخاوف رئيس الأركان الجديد إيال زامير من الثمن العسكري لمثل هذه الخطوة.
يشير أغلب التقارير إلى أن إطالة أمد الحرب في المنطقة، يصبّ في صالح توفير الحماية لنتنياهو، الذي تحيط به ملفات مشبوهة. هو الذي مثَلَ في مارس/ آذار الماضي أمام المحكمة المركزية في تل أبيب، للردّ على اتهامه بالتورط في فساد وتلقّي رِشا.
كُشفت نوايا نتنياهو من خلال إفشال مسارات التفاوض، ومن الذهاب إلى الخيار العسكري، ولكن الذي ما يزال غامضًا، هو الموقف الأميركي (اللين) تجاه نتنياهو، ورفضه المقترحات التي قدّمها الأميركي لحلّ الأزمة في المنطقة.
هذا (التراخي) الأميركي تجاه نتنياهو، قابله صرامة وصلت إلى حدّ "البهدلة" بالنسبة إلى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض عقب لقائه مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في 28 فبراير/شباط الماضي.
لا يوفّر ترامب مناسبة إلا ويتهجم فيها على زيلينسكي، لا بل ذهب بعيدًا في مواقفه، عندما عرض عليه الأربعاء 23 أبريل/ نيسان الجاري، ورقة "الذل" لإنهاء الحرب، طالبًا منه الموافقة على التخلي عن شبه جزيرة القرم، من خلال أخذ كييف إلى الاعتراف بملكيتها لروسيا. لا يتوقف الموضوع عند فرض الاستسلام على كييف، بل ذهب بعيدًا في المطالبة بالاستيلاء على الموارد النادرة في أوكرانيا. رغم أن ترامب أطلق في حملاته الانتخابية مواقف حاسمة تتعلق بإنهاء حالة الحرب في كل من القطاع وأوكرانيا.
إعلانلا مصالح لأميركا في الحرب الدائرة في أوكرانيا، بل على العكس هناك مكاسب لها تستطيع أن تستغلها لصالح سياساتها في الشرق الأوسط. يفتّش ترامب عن صادقات مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، كيف لا وهو يجد في أوكرانيا تسوية كبرى ترتبط بمنطقة الشرق الأوسط.
إنّ جلّ ما يريده الرئيس الأميركي من روسيا ممارسة المزيد من الضغط على حليفتها إيران للتوصل إلى تسويات في المنطقة، بهدف إبعاد شبح الحرب معها.
أفصح نتنياهو عن "تهديد وجودي" يداهم إسرائيل من خطورة التسوية التي تقودها أميركا مع إيران، ورفع من مستوى خطابه تجاه إيران. فعبّر قائلًا الأربعاء 23 أبريل/ نيسان، إن "إيران تمثل تهديدًا وجوديًا لإسرائيل وخطرًا على مستقبلها"، مؤكدًا عزم حكومته على مواصلة التصدي لما وصفه بـ"الخطر الإيراني" حتى لو اضطرت إسرائيل للتحرك بمفردها".
هذا السقف العالي من التهديدات تحتاجه إدارة ترامب، كي تستغلّه لفرض شروطها في المفاوضات مع الجانب الإيراني. وبهذا يتبلور ما تخطط له واشنطن في المنطقة، بعيدًا عن التوجّسات الإسرائيلية، مستغلة تهديدات نتنياهو تجاه إيران.
إنّ زيارة وزير الطاقة الأميركي، كريس رايت، إلى الرياض، السبت 19 أبريل/ نيسان الجاري، وإعلانه عن "طريق مشتركة" لاتفاق نووي مدني مع السعودية، دليل واضح على ما تراه الإدارة الأميركية للمرحلة القادمة في المنطقة، ودليل إضافي على أن النظرة الأميركية تختلف كل الاختلاف عن نظرة نتنياهو.
في السبعينيات، قام نيكسون ووزير خارجيته في حينها "هنري كيسنجر" ببلورة مبادئ ما سُمي "سياسة الركيزتين" ووقتها الخطة استهدفت ضمان استقرار إقليمي، ووفرة النفط ومساعدة متبادلة ضد النفوذ السوفياتي، بينما اليوم تتوجه ضد النفوذ الصيني.
وقعت المملكة مع الولايات المتحدة على اتفاقية المادة 123 التي تطرق إليها قانون الطاقة النووية الأميركية من العام 1954، والذي يسمح لواشنطن بنقل التكنولوجيا النووية إلى دول أخرى. قد تهدف واشنطن من هذا الاتفاق إلى خلق تقاربات إقليمية تعتمد على ركائز متنافسة، بدل اللجوء إلى خيار الحروب المباشرة، التي يحتاجها نتنياهو.
إعلانليس صحيحًا أن يد نتنياهو مطلقة التصرف، بل الأصح هو أن لواشنطن حساباتها في المنطقة، وأن نتنياهو أصبح أداة تدار من قبل الإدارة الأميركية، التي تتصرف بما ينسجم مع مصالحها.
فنتنياهو يدمر غزة لأجل تحقيق الممر الاقتصادي الهندي، وبناء "ريفيرا الشرق"؛ تمهيدًا لفتح الاستثمارات الأميركية تحديدًا الخدماتية والسياحية.
لهذا لن يتخلَّى ترامب في المدى المنظور عن نتنياهو، ولن يُسمح للداخل الإسرائيلي بالتهور وأخذ الأمور نحو الانهيار، ما دام لم تُرسم المنطقة بحسب مع تريده واشنطن، ولم يزل النظام الدولي يرسم أطره العامة.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline