“إصلاح ذات البين صدقة”، وهناك لجان خاصة لذلك تعرف عليها
تاريخ النشر: 13th, March 2024 GMT
مسقط-أثير
تُعد لجان التوفيق والمصالحة ركيزة أساسية لتحقيق الصُلح والعدل بين أفراد المجتمع العُماني، فهي تعكس روح الإخاء التي دعاء إليها الإسلام، استنادًا إلى قوله تعالى: “إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم”.
وعن هذا الشأن أوضح د. إبراهيم بن سليمان العميري مدير دائرة التوفيق والمصالحة بمسقط أن الدائرة تشرف على أربعة لجان للتوفيق والمصالحة في كلًأ من السيب وبوشر والعامرات وقريات حيث تتمتع بالعديد من المزايا كسرعة إنجاز المعاملات لكونها مقيدة حسب القانون بمدة محددة، حيث نصت المادة الحادية عشر بإلزام اللجنة إنهاء إجراءات التسوية خلال ستين يومًا على الأكثر من تاريخ تقديم الطلب، ويجوز تمديدها لثلاثين يومًا مما يعني وجوب إنهاء التسوية في المدة المحددة، وبهذا لا تتراكم الطلبات أمام اللجنة.
كما أن التسجيل فيها لا يتطلب دفع رسوم ولا يلزم وجود محام فيه، ودون التقيد بأحكام قانون الإجراءات المدنية والتجارية أو قانون المحاماة، والذي أتاح للجنة مساحة كافية من الإجراءات الميسرة لإتمام الطلب وإعلان الأطراف ومواعيد الجلسات ومكان انعقادها حيث يتم تقديم الطلب من ذوي الشأن، ويحدد على أثره موعد للجلسة ويتم التواصل مع المتصالح معه بالطريقة التي يراها رئيس اللجنة الأنسب لإعلان المتصالح معه. كما تضمِن اللجان السرية والخصوصية، وسهولة تنفيذ محاضر الصلح عن طريق تذييلها بالصيغة التنفيذية.
وأضاف شهدت لجان التوفيق والمصالحة نجاحًا ملحوظًا في تخفيف العبء عن النظام القضائي، ووفق الإحصائيات الصادرة عن لجان التوفيق والمصالحة بمختلف ولايات محافظة مسقط لعام 2023م، فقد تمت تسوية ما نسبة 94.6٪ من إجمالي 1294 نزاع بلجنة مسقط (وتشمل ولايات مسقط ومطرح وبوشر). وفي ولاية العامرات، بلغت نسبة التسوية 89.4٪ من إجمالي النزاعات المنظورة والتي بلغ عددها921. أما في ولاية السيب، فقد تم تسوية 88.1٪ من أصل1731 نزاع منظور، وعلى صعيد قريات، تم تقديم 169 نزاعًا وتم تسوية 97٪ منها.
ونوه العميري إلى أن الصلح لا يستقيم إلا بثلاثة أركان وهي: الرضا، ويقصد به رضا أطراف الصلح. والمحل، والمقصود به موضوع الالتزام الناشئ عن محضر الصلح. والسبب، وهو الباعث المباشر لمحضر الصلح، وهناك عدة شروط يجب توافرها في مقدمي طلب الصلح. أولًا، يجب على مقدم الصلح أن تكون له صفة قانونية تؤهله لتقديم الطلب، ثانيًا، يجب أن تكون هناك مصلحة مشروعة متوخاة من تقديم الطلب، ثالثًا، بأن يكون مقدم الطلب صاحب أهلية قانونية لتقديم طلبه.
وأشار أيضًا إلى أن لجان التوفيق والمصالحة تجتمع في جو هادئ وبسيط، حيث يقدم كل طرف مطالبه دون تعقيد، وتستمع اللجنة بصدر رحب وتتحاور بعدالة، وتقترح الحلول المناسبة وتجري مفاوضات قد تؤدي إلى التنازل عن بعض المطالب، وإذا وافق الطرفان، يحرر الاتفاق بينهما ويوقع عليه الأطراف والحاضرو، ويمكن تأجيل الجلسة لموعد آخر لاستكمال المفاوضات، ولكن عادة ما يستغرق الأمر أسبوعًا أو أسبوعين على الأكثر.
وأوضح العميري أن لجان التوفيق والمصالحة لا تنظر في الطلبات الجزائية المتعلقة بإساءة الأمانة والسب والشتم، والطلب المتعلق بدعوى إدارية، كالطلبات المتعلقة بالنزاع الإداري مثل النقل التعسفي والفصل والعقوبات التأديبية، والطلب الصوري وهو ما كان في ظاهره الخصومة وفي باطنه اتفاق بين الطرفين لتحقيق هدف ليس من اختصاصات اللجنة، وتستبعد اللجنة أيضًا الطلبات الكيدية، وهي التي يقوم فيها الفرد باللجوء إلى اللجنة بهدف تحقيق مصلحة شخصية بطرق غير مشروعة وبالتالي تعمد الإضرار بالطرف الآخر.
واختتم العميري قائلًا : تعمل لجان التوفيق والمصالحة على تعزيز ثقافة الحوار والمصالحة بين الأفراد دون اللجوء إلى المحاكم. فهي توفر بيئة آمنة ومحايدة للأطراف المتنازعة للجلوس معًا وبحث الحلول التي تلبي احتياجاتهم وتطمئن قلوبهم. حيث تعد التسوية الودية والمصالحة بديلاً فعالًا للمسار القضائي التقليدي لفض بعض النزاعات، وتُشكل هذه اللجان نموذجًا يحتذى به للتعامل مع بعض القضايا وتحقيق التوافق والوئام بين أبناء المجتمع.
المصدر: صحيفة أثير
كلمات دلالية: تقدیم الطلب
إقرأ أيضاً:
آداب ينبغي التحلى بها الحاج في تأدية المناسك.. تعرف عليها
ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (ما هي الآداب التي ينبغي أن يتحلى بها الحاج أثناء تأديته مناسك الحج؟
وقالت دار الإفتاء إن الله تعالى يقول في سورة البقرة: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ﴾ [البقرة: 197]. أي: أوقات الحج أشهر معلومات، فمَن نوى وأوجب على نفسه فيهن الحج وأحرم به فعليه أن يجتنب كلّ قول أو فعل يكون خارجًا عن آداب الإسلام ومؤديًا إلى التنازع بين الرفقاء والإخوان؛ فإنَّ الجميع قد اجتمعوا على مائدة الرحمن، وهذا يقتضي منهم أن يتعاونوا على البر والتقوى لا على الإثم والعدوان.
وأخرج الشيخان البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ حَجَّ للهِ فلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ».
وعبَّر سبحانه عن أشهر الحج بأنها معلومات؛ لأنَّ العرب في الجاهلية كانوا يعرفونها، وهي: شهر شوال وذو القعدة والأيام العشرة الأُوَل من شهر ذي الحجة، وقد جاءت شريعة الإسلام مقررة لما عرفوه، ثم حضهم سبحانه على فعل الخير بعد نهيهم عن اجتراح الشر فقال: ﴿وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ﴾ [البقرة: 197].
أي: اتركوا أيها المسلمون كل قول أو فعل لا يرضي الله تعالى، وسارعوا إلى الأعمال الصالحة خصوصًا في تلك الأزمنة والأمكنة المفضلة، واعلموا أنه سبحانه لا يخفى عليه شيء من تصرفاتكم، وتزودوا بالزاد المعنوي المتمثل في تقوى الله وخشيته، وبالزاد المادي الذي يغنيكم عن سؤال الناس، وأخلصوا لي قلوبكم ونواياكم يا أصحاب العقول السليمة والمدارك الواعية.
وسائل الكسب المشروعة في الحجوتابعت دار الإفتاء: ثم بيَّن سبحانه أنَّ التزوّد بالزاد الروحي لا يتنافى مع التزود بالزاد المادي متى توافرت التقوى فقال: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ﴾ [البقرة: 197]. أي: لا حرج ولا إثم عليكم في أن تطلبوا رزقًا حلالًا ومالًا طيبًا عن طريق التجارة أو غيرها من وسائل الكسب المشروعة في موسم الحج، وما دام ذلك لا يحول بينكم وبين المناسك، وقد نزلت هذه الآية حين تحرَّج أقوام عن مباشرة البيع والشراء في أيام الحج فأباح لهم ذلك ما داموا في حاجة إلى هذه المبادلات التجارية حتى يصونوا أنفسهم عن ذلّ السؤال.
ثم أرشدهم سبحانه إلى ما يجب عليهم عند الاندفاع من عرفات إلى غيرها فقال: ﴿فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ﴾ [البقرة: 198]. أي: فإذا ما انتهيتم من الوقوف بعرفات واندفعتم منها بسرعة وتزاحمتم إلى المزدلفة فأكثروا من ذكر الله تعالى ومن طاعته عن طريق التلبية والتهليل والتسبيح والتكبير والدعاء؛ ﴿وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ﴾ [البقرة: 198].
أي: واذكروا الله تعالى ذكرًا دائمًا حسنًا مماثلًا لهدايته لكم؛ فإنكم لولا هذه الهداية منه سبحانه لكم لكنتم من الباقين على جهلهم وضلالهم؛ ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [البقرة: 199]. أي: واعلموا أيها المسلمون أنَّ من الواجب عليكم أن تجعلوا إفاضتكم من عرفات لا من المزدلفة.
وأضافت دار الإفتاء أن هذا هو المكان الذي اختاره الله تعالى لعباده للإفاضة، واستغفروا الله سبحانه من كل ذنب؛ فإنه عز وجل هو الكثير الغفران والواسع الرحمة، ثم بيَّن سبحانه السلوك السوي الذي يجب عليهم أن يسلكوه بعد فراغهم من أعمال الحج؛ فقال: ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا﴾ [البقرة: 200].
أي: فإذا ما انتهيتم من عبادتكم وأديتم أعمال حجكم فأكثروا من ذكر الله وطاعته كما كنتم تكثرون من مفاخر آبائكم، بل عليكم أن تجعلوا ذكركم لخالقكم سبحانه أشدّ وأعظم من ذكر مفاخر الآباء بعد انتهائهم من أفعال الحج، فالمقصود منها التحريض على الإكثار من ذكر الله تعالى والزجر عن التفاخر بالأحساب والأنساب.