مرتضى الغالي
مولد الحردلو كان في (ريرة)..وعدما تقع الأسماع على ريرة تتذكر كيف أن المناهج القديمة في المراحل الدراسية الأولى أرادت أن تجعل التلميذ يتعرّف على مناطق بلاده المختلفة وسبل كسب العيش فيها...هكذا فعلت بخت الرضا..وهكذا وضع المربي الكبير عبدالرحمن على طه مثل هذا الأرجوزة :
ودعته والأهل والعشيره
ثم قصدتُ من هناك ريره
نزلتها والقرشي مضيفي
وكان ذاك في أوان الصيفِ
وجدته يسقي جموع الإبلِ
من ماء بئر جرّه بالعجلٍ
تقع ريرة في جنوب شرق البلاد، وكان والد الشاعر الحردلو كما سبقت الإشارة هوزعيم الشكرية احمد أبو سن؛ وهي قبيلة وعشيرة كانت تحتل موقعاً مرموقاً خلال الحكم التركي.

.وكانت زعامته تمتد لتشمل مسؤوليته عن كل القبائل التي تقيم في المنطقة بين النيل الأبيض وحدود إثيوبيا..وهو أيضا أول حكمدار أو مدير سوداني لمديرية الخرطوم؛ وهي الوظيفة التي شغلها بالتقريب بين 1860 و1870.
خلال طفولة الحردلو الإبن وجزءاً ليس باليسير من مراهقته، عاش الحردلو مرحلة دعة و خلو بال (carefree life) وشعره يحتشد بحكاوي ووقائع غزواته النسائية..! وهذا قد يكون غريباً عندما تتم محاكمته الآن بمقاييس العصر الحاضر..! وعى كل حال فان قراءة ذلك في سياقه التاريخي يجعله مشفوعاً بالمعهود من الممارسات القبلية في ذلك الوقت...!
على كل حال فإن الحردلو يُعد من روّاد الشعر البدوي وقد لعب دوراً محورياً ورائداً في تطوّر وارتقاء الشعر السوداني الإبداعي والغنائي وفي خلق مذاق متفرّد للشعر والجمال..والنظر إلى الأبعاد والقيم الجمالية (Aesthetic Values)..ذلك أن شعر الحردلو الغزلي وشعر الطبيعة مما يستحق إلقاء الضوء عليه وإبرازه.
كثيرٌ من شعراء البادية برزوا من خلال اللقاءات العفوية الخاصة عندما يتجمّع الأصدقاء والرفقاء للأنس والاستمتاع بوقتهم، وقضاء جانباً من الليل يتسامرون ويتحدثون عن ذكرياتهم وأوقاتهم السعيدة..وينشأ من هذه الجلسات الاسترواحية ميلاد قصائد تفاعلية رائعة.. فيلقي احدهم مربوعاً شعرياً (وحي الخاطر) أو كما يقولون (قطع أخدر) فيجاوبه أحد الحاضرين بمربوع آخر..!!
وتُلقى هذه المربوعات على السليقة..ولا تدخل هذه البادرات الشعرية في نطاق المقارنة من حيث الجودة والقيمة بأشعارهم الجيّدة المعتمدة لديهم..إنما هي مقاطع ومربوعات خفيفة يتداولونها وهم ملء الحيوية وبمزاج رائق في مناخ من المرح والأنس والسمر..! ولكنها مع ذلك تكشف عن طبيعة الحياة في البطانة في ذلك الوقت..وتوفر مصدر معلومات لا غنى عنه لتطور الشعر البدوي..!
**
الحردلو يعطي مرجعاً واضحاً لهذه الدائرة من الأصدقاء وخاصة أخوه (عِبدله) "الشاعر أيضاً" وهو كذلك بمثابة صديقه. و(مسدارالمطيرق أحد أشكال هذا النوع من الشعر التفاعلي المُتبادل الذي يتم إنشاؤه خلال تجمّعات الأنس التلقائية. والمطيرق (تصغير مُطرَق) وهو عصا رفيعة متوسطة الطول من شجيرات السَلم يحملها رجال البادية للزينة و(تكملة الإهاب) وإبراز وضعهم بين الآخرين؛ ويتم استخدامها كـ(حداثة) وكجزء يكمل لغة الجسد خلال تبادل الحديث للتأكيد على مقالة أو توصيف حالة؛ ويؤشر بها المتحدث ويرسم بها خطوطاً على التراب خلال حديثه..كما يُستعان بها للتأثير على المستمعين .وربما لهم فيها مأرب أخرى..!
موضوع هذا المسدار هو (المطيرق) الذي افتقده الحردلو (في ظروف غامضة) وتم لاحقاً اكتشاف أن الذي أخذه لم يكن إلا عشيقة الحردلو نفسها..! وكما تمضي الحكاية كان من المفترض أن تأتي تلك الفتاة في ليلة ما إلى حيث مكان الشاعر..ولكن اتفق أن ضيفاً للحردلو في تلك الليلة أطال الجلوس أكثر من المُعتاد..! وعندما جاءت الفتاة للموعد كان الحردلو قد أسلم نفسه للنعاس فأخذت الفتاة المطيرق دليلاً على وفائها بوعد الحضور..افتقد الحردلو مطيرقه عند الصباح واعتقد أن لصاً أخذها..ولكن كان (تخمين أخيه عِبدله) صادقاً...وهكذا فإن مجمل المسدار يدور حول هذه الحكاية..(إن ضياع المطيرق لأمر جلل)...!!
ذِكرتي بالبنات لاعِن مصوّع فاحت
ضايق غلبهن من شينتن بتّاحت (إتّاحت ابتعد وتجافى عن الشيء)
جديع ودعتن بالليم عليّ ما طاحت
هبَرت كفتي وعُقب المطيرق راحت...!!
**
وعندما يتذكر لاحقاً أيام الثراء واللهو يقول:
يا حليلك قبيل حين (بانقيّر) عندي
جُمالي مشنكتات ويِخِدْمَن الفي شندي
بعد ما بقيت مفلس وعادم "الجرقندي"
يا معشوقه يا متين نتقلد في "الهندي"
(متى ننام متعانقين تحت ثوب واحد)..!!
**
ثم يعترف ويقول:
كم شلع لكيب دوتي وخَرَبْ كجّيرو
كم كسّر نهيداً حالي في عِصّيرو
سري الخاتو عندو حفيظ علي ستّيرو
حربو معاي افضل من "اياتيب" غيرو
"أياتيب" قيل أنها مفردة نوبية بجاوية معناها الأفضال والبر والاحسان..!
ثم
واحدات منهن قالن ولوفنا تراهو
قت ليهن: نعم محسوبكم أياهو
الصبا والجمال لي الدايرو واليبراهو
ترى ها الهرّد قلبو وقسّمها كِلاهو..!
ثم:
زينب في البنات مي داب سماحة زي
شن تشبه بلا اللدتو أمو ودي
فيها تلات خصال قط ما حواهن حي:
الصبا والجمال عُقب اللهيج الني..

murtadamore@yahoo.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

هل تعانين من قشرة الشعر وحب الشباب.. أسباب وحلول المشاكل الجلدية

تواجه النساء عادة العديد من مشاكل البشرة والشعر كما أن تُفاقم العوامل البيئية، كالتلوث، هذا الضغط، مُؤثّرةً سلبًا على صحة البشرة والشعر. وفي خضمّ البحث عن حلول سريعة، ينتهي الأمر بالكثيرين إلى استخدام منتجات مُتعددة دون فهم السبب الجذري.

مكون واحد يخلصك من جفاف البشرة في رمضانبديل تنظيف البشرة.. ماسك التمر لنضارة البشرة الصيام

مشاكل الشعر والبشرة الشائعة هذه بالإضافة إلى تفصيل عن المحفزات الأساسية لها:

مشاكل البشرةحب الشباب والبثور


لم يعد حب الشباب مشكلةً مقتصرةً على المراهقين، بل يزداد انتشاره بين البالغين نتيجةً لاختلال التوازن الهرموني والتوتر والملوثات البيئية. كما أن كثرة استخدام الشاشات ووضع المكياج لساعات طويلة قد يؤدي إلى انسداد المسام، مما يزيد من تفاقم البثور.

2. التصبغ وعدم تناسق لون البشرة


البقع الداكنة، والكلف، وعدم توحد لون البشرة من الأمور الشائعة نتيجة التعرض لأشعة الشمس لفترات طويلة، والتقلبات الهرمونية (خاصةً أثناء الحمل)، وعلامات ما بعد الالتهاب التي يتركها حب الشباب. وبدون حماية مناسبة من الشمس، تتفاقم هذه المشاكل مع مرور الوقت.

3. اختلال توازن البشرة الجافة أو الدهنية


تعاني العديد من النساء من جفاف مفرط أو دهنية مفرطة. يمكن للجفاف، ومنتجات العناية بالبشرة القاسية، والتغيرات الموسمية أن تجرد البشرة من رطوبتها الطبيعية، مما يؤدي إلى تقشرها. من ناحية أخرى، يؤدي فرط نشاط الغدد الدهنية، الذي غالبًا ما يكون ناتجًا عن تقلبات هرمونية، إلى تراكم الدهون وانسداد المسام.

الشيخوخة المبكرة 

تظهر الخطوط الدقيقة والتجاعيد وترهل الجلد بشكل مبكر نتيجة التعرض المفرط لأشعة الشمس والتلوث وأنماط الحياة غير الصحية كالتدخين أو اتباع نظام غذائي غير صحي. كما أن قلة الترطيب والعناية بالبشرة غير السليمة تُسرّع شيخوخة الجلد.

مشاكل الشعر 


يُعدّ التوتر، واختلال التوازن الهرموني (مثل متلازمة تكيس المبايض أو مشاكل الغدة الدرقية)، وسوء التغذية، والتصفيف المفرط بالحرارة، من الأسباب الرئيسية لتساقط الشعر. ويُعد تساقط الشعر بعد الولادة مشكلة شائعة أخرى بين الأمهات الجدد، حيث يخضع الجسم لتغيرات هرمونية.

قشرة الشعر 


فروة الرأس المتقشرة، والحكة، والإفراز المفرط للزيوت هي علامات على وجود قشرة الرأس أو التهاب الجلد الدهني. غالبًا ما تنجم هذه الحالات عن عدوى فطرية، أو إجهاد، أو سوء العناية بالشعر. كما أن استخدام الشامبو غير المناسب أو غسل الشعر بكثرة قد يزيد الأمر سوءًا.

3. التجعد والتكسر وتلف الشعر
الاستخدام المتكرر لأدوات تصفيف الشعر بالحرارة، وصبغات الشعر، والعلاجات الكيميائية قد يُضعف خصلات الشعر، مما يؤدي إلى تجعده وتقصف أطرافه وتكسره. كما أن نقص التغذية، بالإضافة إلى الرطوبة، يُفاقم من صعوبة تسريح الشعر.

مقالات مشابهة

  • «أرياف» و«ساداتي» و«صائد» و«رغيب» تخطف الأضواء بجبل علي
  • طقس متقلب في اليمن…أمطار ورياح قوية خلال الساعات القادمة
  • طبيبة تحذر: التوتر العاطفي يؤدى إلى تساقط الشعر
  • لهم فضْلُ القديمِ وسابقاته.. عن لغة الشعر النبطي
  • المائدة الرمضانية في درعا… تنوع يجمع بين الأصالة والنكهة
  • «داراميثوس» يتحدى «صائد» و«كنج أوتومان» في جبل علي
  • مبادرات متنوعة في شهر الخير تعين الفقراء:الأسر اليمنية… تكافل وبذل وطقوس روحانية أصيلة
  • علاج جديد واعد لمشكلة الصلع
  • هل تعانين من قشرة الشعر وحب الشباب.. أسباب وحلول المشاكل الجلدية
  • أسامة الجندي: مفهوم التوبة في الإسلام يرتكز على التوازن بين صفات الجمال والجلال لله