خالد البلولة
حينما سمعت الاعلامي عمر الجزلي يقرا هنا أمدرمان،اذاعة جمهورية السودان بصوت متحشرج من الفرحة الغامرة ارتعدت فرائصي واقشعر بدني،تلخبطت مشاعري،وانهمرت دموعي.
*استرجعت ذكرياتي في ردهات وممرات واستديوهات الاذاعة السودانية (كرومة والازهري وسرور)وصوت حمزة مصطفي الشفيع في حديث الذكريات وعمر الجزلي في أوتار الليل وحقيبة الفن مع عوض بابكر وإصوات عوض عمر ومحمد بابكر وصديق أحمد حمدون وهم يشنفون أذاننا بأيات من الذكر الحكيم عند افتتاح البرنامج العام كل صباح ومعتصم فضل في برنامجه الحان ينتخب الدرر من الغناء الجميل،وشهدت طالبا في المتوسطة تسجيل حلقة من برنامج الحان ضمن رحلة مدرسية،لذلك كان معتصم فضل محطة فارقة في حياتي الاذاعية.
وأسهمت الاذاعة السودانية في تشكيل وجداني المعرفي بانتاجها وبثها في رمضان لعدد من الاعمال الدرامية ظلت راسخة في وجداني الشعبي،فمنذ أن كنت طفلا كنت اتابع مسلسل الدهباية وشعارها مازال راكزا في ذاكرتي :-الاذاعة السودانية تقدم:/حاكم سلمان تحية زروق في الدهباية التاليف د.علي البدوي المبارك الاخراج محمود يس او تستمتع لشعار مسلسل المجنون بصوت حاكم سلمان ايضا(هاااا ناس انا حمدان ولدكم منكم وفيكم).والمجلة الاسلامية بصوت عاصم على، وصالة العرض لعلم الدين حامد وابراهيم البزعي وسعاد ابو عاقلة في بليلة مباشر ولا ضبيحة مكاشر كل جمعة،ولا انسي صالة فنون ومختارات الأحد لبخيت أحمد ابراهيم ويوميات سائق تاكسي لمحمد شريف على والدنيا الجديدة وحلم في حلم للطائف وانس عبد المحمود والقائمة تطول.
*تلخبطت مشاعري واشاهد جنديا من جنودنا البواسل يبث لإمراة وهو يناديها بحنين جارف ودقاق(ياأمي الاذاعة تحررت والمراة كاد أن يقتلها الشجن والحنين وتحجرت الدموع في مآقيها،يالله تمنيت لو كانت أمه حاضرة تلك اللحظة لاسترداد الاذاعة لتشهد صدق مشاعره وجسارته وتشهد معه فرحته.
وهناك باسل من بواسل القوات المسلحة احتبس صوته وعجز عن التعبير وتقرا في صفحاته وجهه العزم والثبات والصبر واليقين وفرحة لا تسعه لكن صوته فى تلك اللحظة الفارقة خذله عن التعبير عما يجيش بداخله ولم تخذله عيونه التي برقت بالاباء والكبرياء ولسانه حاله يقول :-
الناسُ حُسَّادُ المكانَ العالي
يرمونه بدسائسِ الأعمالِ
ولأنْتَ يا وطني العظيم منارةٌ
في راحتيْكَ حضارةُ الأجيالِ
لا ينْتمي لَكَ من يَخونُ ولاءَُ
إنَّ الولاءَ شهادةُ الأبطالِ
يا قِبْلةَ التاريخِ يا بلَدَ الهُدى
أقسمتُ أنَّك مضرَبُ الأمثال
فدار الاذاعة هي الرحم الكبير الذي خرجت منه فكرةالتلفزيون الابن الاصغر لهنا أمدرمان فاسترداد الاذاعة يعني استراد وعودة الحياة للحيشان التلاتة (الاذاعة والمسرح والتلفزيون).
فالاذاعة لم تكن يوما مجرد برامج واشرطة انما كانت وتظل مجتمعا أنسانيا مبدعا يقوم عمله على ترتيب موقوت ويعمل أفراده على اثراء وجدان الشعب السوداني الأبي بتقديم الجليل من الاعمال الابداعية.
التحية لكل مبدع عمل بالاذاعة والتلفزيون منذ تاسيسها الي لحظة ايقاف بثها بقوة السلاح في منتصف ابريل ٢٠٢٣م .
khalidoof2010@yahoo.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
يجب حظر الحركة الإسلامية السودانية
بعض الأقلام النابهة والوازنة صاحبة القدر المعتبر من الموثوقية وعمق الرؤية، بذلت اطروحات الحلول المحتملة لوقف الحرب وإعادة بناء الوطن، فهادنت وتسامحت على المستوى النظري مع الحركة الإسلامية الحاملة لوزر إشعال الحرب، والمسؤول الأول عن إزكاء نار خطاب الكراهية وخطيئة قصم ظهر الوطن، بجعل ذهاب الجنوب الحبيب لخيار الانفصال ممكناً، إذ ما تزال تؤجج نار الفرقة بين أبناء الوطن الواحد، هذا فضلاً عن سجلها الإجرامي الحافل بفظائع الإرهاب الدولي، وضلوعها في ارتكاب خطايا جنائية لا تعد ولا تحصى، لا تؤهلها لأن تكون جزءًا من المشهدين السياسي والأمني مستقبلاً، والمقارنة بينها وبين بيض جنوب افريقيا لا تجوز، لأن جرم نظام الفصل العنصري أقل بكثير من خطيئتها، فأنصار رئيس جنوب أفريقيا الأبيض "دي كليرك" سجنوا نلسون مانديلا ثلاثة عقود من الزمان، لكن لم يخرقوا رأسه بمسمار ولم يجلسوه على خازوق، ولم يقم الرجل الأبيض بتطهير عرقي ممنهج استخدم فيه الطائرات الحربية والقنابل المزوّدة بالمواد السامة تجاه السود، ولم يدفن آبار مياه الشرب وما دمر البنية التحتية، على العكس من ذلك، حينما كان الناشطون السود يتظاهرون ويقتلون بالسلاح (الخفيف) للبيض في الميادين، كان نفس هؤلاء البيض يبنون ويعمّرون، لذا بعد اكتمال مشروع التحرير الوطني قبل الزعيم الإفريقي بالحقيقة وصالح وصافح "دي كليرك".
إنّ الحركة الإسلامية السودانية يجب أن يكون مصيرها كمصير حزب البعث العراقي، الذي أحال العراق إلى ركام من الحجارة الأسمنتية والجماجم البشرية، فجاءت أنظمة حكم ما بعد الدمار وحظرته، وأمسى البعثيون في شوارع بغداد مثل كفار قريش بعد فتح مكة، نفس المآل يجب أن يلحق بهذه الشرذمة الغريبة الفكر، ولو كان هنالك دليل إدانة واحد يوجب حظرها، سيكون هو إشعالها للحرب التي قتلت مئات الآلاف من السودانيين، فلا يمكن بأي حال من الأحوال التسامح مع من حطم الوطن وأعدم المواطن، ورأينا الشعوب والحكومات الأمينة مع شعوبها من حولنا كيف حظرت التنظيمات الإرهابية، لعلمها التام بأنها جماعات تعمل من أجل التخريب ولا تؤمن بالوطن، فالبارحة صدر قرار حظر السلطات الأردنية لجماعة الإخوان المسلمين هناك، فالأجرب لا يُعاشر، ومن يهادن الأجرب يكتوي بالداء اللعين، على الكتاب والمفكرين السودانيين القيام بدورهم الغيور على الأرض والعرض، وأن لا يسمحوا لأقلامهم بأن تمنح أفراد هذا التنظيم المتطرف بارقة أمل العودة لمنصات الفعل السياسي، فسودان المستقبل يستحق ان يكون خالياً من كتائب داعش الناحرة لأعناق لناس، في المدن التي تسيطر عليها الحركة الإسلامية، وعلى التحالفات السياسية والعسكرية – صمود وتأسيس – (استتابة) كادر الحركة الإسلامية المختبئ تحت لوائيهما، وإقعاده على الكنبة الخلفية لعلّه يفقه مبادئ الديمقراطية وأساسيات الحكم المدني.
بعد الحرب وفقدان العزيز والنفيس، لم يعد هنالك كبير في ميدان العمل العام، ولا توجد ضرورة لتكرار صناعة الاصنام القديمة – الصادق المهدي وحسن الترابي ومحمد عثمان الميرغني ومحمد إبراهيم نقد، لأن غربال الحرب أسقط الكهنوت وآلهة العجوة، ورفع قدر كل أشعث أغبر أساء الظن به الحركيون الإسلاميون فصنّفوه خارجاً عن الملّة، إنّ صياغة دنيا السودان الجديد لن تتأتى إلّا بزوال الهدّامين من أفراد التنظيم الواجب حظره، والاعتماد على البنائين من قادة الحراك الوطني غير الملوثين بغلواء الحماس الديني، المبني على استثارة العواطف دون مخاطبة العقول، وليحذر الناشطون الأحرار من مغبة الوقوع في فخاخ هذه الحيّة الرقطاء، وأن يؤسسوا اطروحاتهم على الحقيقة لا المصالحة مع الشر المطلق المتمثل في الحركة الإسلامية، وليعتبروا بتجارب البلدان الافريقية والعربية وكفاحها ضد حركات الإسلام السياسي، مثل تونس ومصر والأردن وبعض الدول الخليجية، وكيف أوقفت هذه البلدان هذا الفكر التدميري، ومن خفة دم وزير خارجية إحدى دول مجلس التعاون الخليجي، تعليقه على الخلية الإخوانية التي تم القبض عليها في بلاده قبل سنوات بقوله:(هل يعقل أن يُصدّر الدين الإسلامي إلينا من إفريقيا وجدنا هو من نشر الإسلام في إفريقيا)، فبعد هذا القول المفحم من سعادة الوزير، لا تعليق، وكما يقول المثل (العربي) اللبيب بالإشارة يفهم، وإذا لم يستوعب اللبيب الافريقي (الحركة الإسلامية السودانية)، عليه الاطّلاع على هجاء أبي الطيب المتنبئ لكافور الإخشيدي.
إسماعيل عبد الله
ismeel1@hotmail.com