الشيخ المحلاوي.. رحيل داعية أفقد الرئيس السادات صوابه
تاريخ النشر: 13th, March 2024 GMT
رحل الداعية الأزهري الشهير الشيخ أحمد المحلاوي إمام وخطيب مسجد القائد إبراهيم السكندري، يوم الأحد الماضي، عن عالمنا، بعد حياة حافلة بالمواقف والأحداث، استمرّت 99 عامًا (1925- 2024)، منذ ميلاده بمحافظة كفر الشيخ وحتى وفاته بعد أن توارى عن الأنظار؛ ولزم داره منذ عام 2017، متأثرًا بأمراض الشيخوخة.
فقهاء السلطانالشيخ المحلاوي، يُعدّ مثالًا للعلاقة المُلتبسة بين الحاكم، ورجل الدين.
للشيخ المحلاوي قصة بالغة الإثارة والدهشة مع الرئيس الثالث لمصر في العهد الجمهوري (من 1952 حتى اليوم)، محمد أنور السادات (المولود عام 1918)، الذي جاء خلفًا للرئيس جمال عبد الناصر، وحكم مصر لمدة 11 عامًا (1970- 1981). القصة انتهت باعتقال المحلاوي فجر يوم 3 سبتمبر/ أيلول عام 1981.. ثم اغتيال السادات نفسه، بعد شهر واحد، يوم 6 أكتوبر/ تشرين الأول عام 1981، أثناء العرض العسكري؛ احتفالًا بذكرى يوم النصر على إسرائيل، وهزيمتها في حرب أكتوبر/تشرين الأول عام 1973م.
لم تكن قصة المحلاوي، ومعركته مع السادات هي الأزمة الوحيدة خلال رحلته الدعوية الثرية التي بدأت من منبر مسجد سيدي جابر السكندري، فقد عانى الإقصاء عن منبر مسجد سيدي جابر الذي بدأ منه خطيبًا، وعن مسجده الأثير (القائد إبراهيم)، الكائن بمحطة الرمل، وسط مدينة الإسكندرية على الكورنيش. المحلاوي داعية وخطيب مفوّه، لا يخشى في الحق لومة لائم، ما جلب له غضب حُكام مصر في العهد الجمهوري كله.
كيد السادات لليساريين والناصريينجاءت فترة حكم "السادات"، بمثابة العصر الذهبي لحركات وجماعات الإسلام السياسي. فأطلق العنان، وحرية الحركة لهذه الجماعات في المؤسسات التعليمية من مدارس وجامعات، ودور ثقافية، شبابية. رعاية السادات جماعات التيار الإسلامي، كانت نكايةً وكيدًا لليساريين والناصريين؛ الموالين لسلفه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر (1956- 1970)، وتهميشًا لهم.. لا سيما، أنهم أشعلوا انتفاضة الخُبز (18، و19 يناير/كانون الثاني عام 1977)؛ احتجاجًا على غلاء الأسعار. كان السادات دائمًا ما يرميهم بالشيوعية، وارتداء قميص عبد الناصر.
معارضة شرسة لمعاهدة السلامارتفع نجمه وعلا في عهد "السادات"، فكان مؤيدًا وداعمًا له في سنوات حُكمه الأولى؛ لإطلاقه حرية الحركة والدعوة للتيار الإسلامي، ويُصدر البيانات عن اتحاد علماء المسلمين بالإسكندرية تأييدًا للسادات. سُرعان ما انقلب الشيخ المحلاوي معارضًا شرسًا لـ "السادات"، على خلفية زيارته دولةَ الاحتلال، وإلقاء خطبته في الكنيست الإسرائيلي (20 نوفمبر/ تشرين الثاني عام 1977)، وما تلاها من توقيعه على اتفاقية كامب ديفيد (1978)، ومعاهدة السلام (1979) مع إسرائيل برعاية أميركية.
المحلاوي، في خطبه ومؤتمراته ندد بـ "معاهدة السلام"، فور توقيع السادات عليها، ووصفها بأنها خيانة للعرب وللقضية الفلسطينية، وأنها تنتقص من دور مصر وقيادتها للأمة العربية. وهذا ما جعل السادات يستشيط غضبًا من المحلاوي إمام مسجد القائد إبراهيم.
اعتقالات سبتمبر 1981فجر يوم 3 سبتمبر/ أيلول عام 1981، نفذت قوات الأمن قرارات، أصدرها الرئيس السادات، باعتقال ألف و536 من صفوة الساسة والفكر والثقافة والصحافة وقادة الأحزاب السياسية المعارضين للرئيس، بينهم الشيخ أحمد المحلاوي. السادات، كان قد ضاق ذرعًا بالرفض الشديد لمعاهدة السلام مع إسرائيل، والهجوم عليه بسببها.
في خطاب شهير، وطويل له، قبل اغتياله بشهر واحد (5 سبتمبر/ أيلول).. خرج "السادات"، عن صوابه؛ منفعلًا، مُتخليًا عن اللياقة، وقيود منصبه الرفيع.. اختصّ الداعية المحلاوي (المُعتقل)، بقسم كبير من خطابه.. صبّ عليه جام غضبه، واصفًا إياه بأنه "مرمي زي الكلب في السجن"، وأنه "لن يرحمه".
التنديد بعدوان إسرائيلخرج المحلاوي من السجن، ضمن قرارات الإفراج عن معتقلي السادات التي أصدرها الرئيس السابق محمد حسني مبارك (المولود عام 1928)، عقب توليه الحُكم (من 1981-2011)، ليعود إلى مسجد القائد إبراهيم إمامًا وظل حتى تم إبعاده عن الخطابة عام 1996. في كثير من المناسبات، منها التنديد بالعدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، وفعاليات ثورة 25 يناير.. كانت ساحة المسجد هي نقطة التجمع والانطلاق، لكل هذه التحركات. كذلك الحال، يوم جمعة الرحيل (4 فبراير/ شباط 2011)، عاد الشيخ المحلاوي، واعتلى منبر المسجد (القائد إبراهيم)، داعيًا، ومُحفزًا للثوار، ومطالبًا معهم برحيل مبارك، ليرحل في الجمعة التالية لها.
حرب فلسطيناشتهر جامع القائد إبراهيم بمئذنته المتميزة ارتفاعًا ورشاقة، وساعة تعلوها، وجاذبيته للمصلين من أرجاء الإسكندرية خاصة في شهر رمضان المبارك، لصلاة التراويح والتهجد. أقيم جامع القائد إبراهيم عام 1948 في عهد الملك فاروق (1936- 1952م).. تزامنًا مع حرب فلسطين، بُغية تخليد ذكرى مؤسس العسكرية المصرية، القائد إبراهيم باشا، نجل الوالي محمد علي الذي حكم مصر 43 عامًا (1805- 1848م). المسجد من تصميم مهندس إيطالي هو ماريو روسي، عمل مهندسًا بوزارة الأوقاف.
رحم الله الشيخ الجليل أحمد المحلاوي، فقد كان عابرًا، للجماعات والحركات الإسلامية، وإن احتضنهم جميعًا، دون التحزب لأي منها. من تلامذته الدكتور عبد العزيز الرنتيسي (1947- 2004)، الذي قاد حركة حماس لأسابيع قليلة خلفًا لمؤسسها الشيخ أحمد ياسين (1936- 2004).
ظلّ المحلاوي وفيًا لمبادئه، حتى وفاته.. لا ينطق إلا بما يمليه عليه ضميره وقناعاته، فلم يكن منافقًا، ولا متملقًا، ولا ساعيًا إلى جاهٍ، أو قُربٍ من السلطان.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 حريات القائد إبراهیم الشیخ أحمد
إقرأ أيضاً:
عاجل:- الرئيس السيسي يضع إكليل الزهور على النصب التذكاري لشهداء القوات المسلحة ويزور قبر السادات في ذكرى تحرير سيناء الـ43
أحيا السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة، صباح اليوم الخميس، الذكرى الثالثة والأربعين لتحرير سيناء، وذلك من خلال وضع إكليل من الزهور على النصب التذكاري لشهداء القوات المسلحة بمنطقة مدينة نصر، في تقليد سنوي يعكس التقدير والامتنان لتضحيات أبطال القوات المسلحة في سبيل الوطن.
وكان في استقبال السيد الرئيس لدى وصوله إلى النصب التذكاري كل من الفريق أول عبد المجيد صقر القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي، والفريق أحمد خليفة رئيس أركان حرب القوات المسلحة، إلى جانب عدد من كبار رجال الدولة وقادة المؤسسة العسكرية.
عاجل| الرئيس السيسي يضع إكليل من الزهور على النصب التذكاري لشهداء القوات المسلحة نقيب الإعلاميين مهنئًا الرئيس السيسي بذكرى تحرير سيناء: يمثل في وجدان كل مصري رمزًا عظيمًاوتأتي هذه المناسبة في إطار احتفالات الدولة المصرية والقوات المسلحة بيوم 25 أبريل، الذي يمثل علامة فارقة في تاريخ مصر الحديث، حيث استُكملت فيه استعادة الأراضي المصرية في شبه جزيرة سيناء بالكامل، بعد سنوات من الاحتلال الإسرائيلي، لتظل هذه الذكرى رمزًا للفداء والنصر والإرادة المصرية الصلبة.
وفي سياق متصل، صرح المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، أن الرئيس عبد الفتاح السيسي توجه عقب مراسم إحياء الذكرى إلى ضريح الرئيس الراحل محمد أنور السادات، أحد أبرز رموز الدولة المصرية في العصر الحديث وصاحب قرار الحرب والسلام، حيث قام بوضع إكليل من الزهور على قبره، وقرأ الفاتحة ترحمًا على روحه الطاهرة، في لمسة وفاء لزعيم صنع تاريخًا لا يُنسى لمصر وللأمة العربية بأسرها.
وتجسد هذه الزيارة السنوية للرئيس السيسي إلى النصب التذكاري وقبر الرئيس السادات اهتمام الدولة المصرية بقيادتها السياسية والعسكرية بتخليد ذكرى شهدائها وزعمائها، الذين أسهموا في حماية تراب الوطن وصناعة مجده واستقلاله.
خلفية تاريخيةيُعد يوم 25 أبريل من كل عام عيدًا قوميًا لمحافظة شمال سيناء، وهو أيضًا يوم تحرير سيناء الذي تحتفل به مصر رسميًا منذ عام 1982، عندما رفع العلم المصري على طابا، آخر نقطة في الأرض التي استردتها مصر عبر المسار الدبلوماسي والتحكيم الدولي بعد معركة عسكرية ناجحة عام 1973، تلاها اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل عام 1979.
ويواصل الشعب المصري والقوات المسلحة في كل عام إحياء هذه الذكرى بكل فخر واعتزاز، تأكيدًا على أهمية الحفاظ على كل شبر من تراب الوطن، واستمرارًا لنهج الوفاء لتاريخ وتضحيات أبناء مصر من رجال الجيش البواسل.